الروابي الخضراء

الإستفادة والإفادة :لعل الكلمة التي تنفعني لم أقرأها بعد

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

إن الإنسان "سابق نفسه"، بمعنى أن وجوده، كجوهر أصلي، سابق لتجسده كفرد يعيش في هذه الحياة. فالإنسان في الأصل كان فكرة هائمة في الضباب أو كلمة صامتة بين شفتي الحياة المرتعشتين. وعندما اشتاقت الفكرةُ إلى الحياة، وتلَّفظتْ الحياةُ بكلمتها، بَرَزَ الإنسانُ إلى الوجود، وقلبُه خافق بتذكارات الأمس والحنين إلى الغد. وما أمس الإنسان سوى انتصاره الدائم على الموت؛ وما غده سوى انتظار الميلاد الجديد، الذي يخلِّصه من الحياة السابقة ليفتح أمامه أبواب حياة جديدة. فالإنسان بداية متجددة، وسيبقى بداية إلى الأبد. فالظل الذي ينبسط أمامه عند شروق الشمس سيتقلَّص تحت قدميه عند الظهيرة؛ وسيعقب هذا الشروق شروقٌ آخر، فيُحدِث ظلاً ثانيًا، سيتقلَّص بدوره في ظهيرة أخرى. ووجود الإنسان على هذه الأرض مثل ذلك الظلِّ، الذي ما أن ينبسط حتى يتقلَّص، ريثما تشرق شمس ولادة ثانية تعيده إلى الحياة من جديد

 

 

 

ونفهم من نصِّ "المحبة" أن هذه "الذات الجبارة" هي نقيضة "الذات الضعيفة". فالذات الضعيفة هي التي تجوع وتعطش وتستهويها الرغائب؛ وهي التي تموت وتفنى في كلِّ دورة من دورات الحياة. أما "الذات الجبارة" فهي الخالدة، لأنها لا تشرب إلا من قدح ملأتْه المحبة، أو كأس باركتْها. وإذا كانت الذات الضعيفة تملأ الإنسان بفقاقيع الغرور (نص "الملك الناسك")، فإن الذات الجبارة تحثه على أن يستبدل بالمملكة الزائلة غابةً تترنَّم فيها الفصول، ليفهم أسرار الغبراء، وينظر إلى الحقِّ عاريًا، ويتأمل الجمال سافرًا. فالذات الجبارة تجعل من المولود ملكًا دون مملكة، ومن الرجل المسود بجسمه سائدًا بروحه؛ إنها الذات التي تطل من أعماقنا (كما في نصِّ "الذات العظمى") لتذكِّرنا بتفاهة المكاسب التي نحقِّقها في حياتنا المادية. فلو كان الملك أنبل وأشد بأسًا وأوفر حكمة، لما اختار أن يكون ملكًا في حياة لن يلبث أن يغادرها سريعًا إلى حياة أخرى

 

!

"ذات الإنسان الفُضلى" تزداد كبرًا كلما ارتقت من حال إلى حال: ففي كلِّ دورة حياتية تكتسب المزيد من المعرفة الجامعة القديرة التي تجعلها تتحرَّر من قيود اللحم والعظم، وتنبثق محلِّقة في عالم اللاحدود، حتى ترتسم على أديم السماء. أما في نصِّ "وراء وحدتي"، فنجد ذات الإنسان السجينة في الجسد الذي حلَّتْ فيه في إحدى حيواتها تعي أن وراء وحدتها في هذه الحياة وحدة أبعد وأقصى. وهي تتوق إلى تلك الوحدة العلوية المقدسة، وتدرك أن لا سبيل إلى ذلك إلا بالتسامي على أشياء الواقع المادية وتجاوُز رغائبه المتعاقبة. كما لا يمكن للفرد بلوغ ذاته الحرة الطليقة قبل أن يصير جميعُ الناس أحرارًا طلقاء. فلا بدَّ أن تذوي الجذور التي تتشبَّث بظلام الأرض قبل أن تطير الأوراق مترنمة في الريح؛ ولا بدَّ للفراخ من أن تغادر عشَّها قبل أن يحلِّق نَسْرُ الروح أمام جوهر الشمس – وجه الحقيقة المطلقة أو وجه الروح الكلِّي الخالد  

 

 

الجمال

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

سرّ تفهمه أرواحنا" ولا تدركه عقولنا لأنّه لا يقاس بمقولات العقل والكيف والكمّ. أمام الجمال يعجز الإنسان عن الوصف. أمامه، يرتعش المرء ويرتبك، ولا سبيل للتفسير والبرهان، لذا يصبح مبدأ السبب الكافي غير كاف في التحديد. هذا الجمال ليس مفهومًا من المفاهيم الفلسفيّة أو الفنيّة أو الجماليّة القابلة للتحديد؛ فهو لا يحدّ كما أنّه لا يدرك بالعقل النظري. إنّه روحي، متجلٍّ في عمق أعماق النفس وليس في الشكل الخارجي.

 

 

 

في النبي يعتبر جبران أن الجمال يتعارض مع الحاجة غير المكمّلة التي يتمسّك بها الناس. كلّ يتغنّى بما ينقصه ويعتبره جميلاً؛ ففي الربيع ننتظر الخريف وفي التعب ننتظر الراحة. يذكّرنا هذا المفهوم العام بتحديد ديفيد هيوم: "ليس الجمال صفة وثيقة بالأشياء ذاتها، فهو لا يوجد إلاّ في ذهن من يتأمّله، وكلّ ذهن يدرك جميلاً مختلفًا". فالجمال يختلف بين البشر بحسب الحاجة أو الذوق. ما يبدو جميلاً للبعض يمكن أن يبدو قبيحًا للبعض الآخر، وما يبدو جميلاً لي اليوم يمكن أن يبدو لي قبيحًا غدًا وبخاصة حين أملكه. جبران أقرب إلى مفهوم كانط للجمال: فهو إشباع من دون غرض أو منفعة. يقول كانط: "الجمال هو ما يعجب كونيًّا وبدون مفهوم". فالجمال ليس المنفعة بل هو لا يُملك ولا يأتي بمصلحة شخصيّة تنفع الواحد دون الآخر. ليس الجمال عند جبران ما يُؤخذ بل "ما تراه وتودّ أن تعطي لا أن تأخذ". هو شكل من أشكال تخطّي الموت. أمامه ينسى الإنسان أنّه كائن سيموت في يوم من الأيّام، وذلك لأنّه يقف أمام "بستان تزيّنه الأزهار إلى الأبد، وجوقة من الملائكة ترفرف بأجنحتها إلى منتهى الدهور". أمام أبديّة الجمال، أمام لانهايته ولامحدوديّته يتغلّب الإنسان على الموت الذي يرى فيه جبران جمالاً إذ تبلغ الروح قمّة الجبل وتسبح في فضاء الحريّة والانعتاق، ويمتزج الجسد بتراب الأرض والطبيعة وتتهلّل النفس بجمال "تسبيحة البقاء والخلود"، والجمال خلود.

 

المصدر: منتدى معـــابر
alnawrs

لا أحد له الحق في الخلود إلا خالق الخلــود..أما البقية فهـــــي دائما مجــــرد عـــد، لشـــيء أسمـــه الرحيل

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 134 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2011 بواسطة alnawrs

ساحة النقاش

salmanzenaldin

alnawrs
التواصل الفكري مع الأسرة البشرية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,428