في صيف 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان، وصرخت الشعوب، وكافة القوى الديمقراطية والوطنية والاشتراكية، وأرسلت بعض الدول معوناتها إلى الشعب المنكوب وصرخ الشعراء بضراوة، وكتب الناثرون بدمائهم قصصاً وروايات ومقالات، وارتدى سعدي يوسف الشاعر العراقي بذلة الحرب، وصعد شعراء عرب آخرون على ظهر دبابة، وكانت بيروت آنذاك تزدحم بمثقفين عرب من كل حدب وصوب، تحت دعاوى كثيرة، لكن الأصول في هذه الدعاوى أن بيروت كانت واحة كبيرة يتنفس فيها وفى فضائها كل مثقف مضطهد في بلاده، وكل مطرود من أى عاصمة عربية.. كان هناك محمود درويش
وأدو نيس وغالب هلسا وسعدي يوسف وسمير عبد الباقي وعدلي فخري وعبد القادر يس وسلوى بكر وحلمي سالم ورءوف مسعد وأحمد بهاء الدين شعبان وجميل حتمل وأمجد ناصر
ونورى الجراح.. وغيرهم الكثيرون ممن صنعوا ظاهرة ثقافية صاخبة، وصنعت منهم بيروت نجوماً ظلت تلمع فى سماء الثقافة العربية، إلا من ضل فهوي!! وفى ظل هذا الصخب العنيف، والقصف المدوي لمقاتلات إسرائيلية، وشهداء أبرياء بالمئات، كان الشعراء اللبنانيون يقاتلون في الجنوب بضراوة أقلامهم، ووجع قلوبهم.. شعراء الجنوب والشمال والوسط، عباس بيضون وشوقي بزيغ ومحمد على شمس الدين ومحمد العبد الله، كتبوا بقدر ما تنزف الدماء، وتعلموا كيف يحولون الألم إلى مصابيح تضيء الروح، وتقوى الوجدان، حتى الشاعر اللبناني جداً والشهير بفينيقيته كرس لمقولته المعروفة: من قبل الكون.. كنا هون، وهو بذلك يؤكد أن لبنان لن ينمحي في ظل هذه الحروب المتلاحقة التي أنهكت قلب بيروت، وروح بيروت، وجسد بيروت، ومثقفي بيروت، والكتاب العرب الذين رحلوا تحت القصف الذي أطاح بأرواح الملذات.. عدا من نعرفهم، مثل السيدة بلقيس الراوي زوجة الشاعر نزار قباني التي لقيت مصرعها تحت أنقاض السفارة العراقية بعد انهيارها على أثر انفجار سيارة ملغومة، والصحفي المصري اليساري إبراهيم عامر مات محترقاً داخل المطبعة وهو يؤدى واجبه، والناشر والمثقف الدكتور عبد الوهاب الكيالي مات فى مكتبه برصاص أطلقه مجهولون فى وضح النهار.. كل هذا كان تحت مقصلة الحرب الطائفية التى نصبت فى لبنان الأمن الذى لم يعد آمنا منذ عام 1975، ثم كانت حرب 1982 والتى كانت حربا لمحو ولإلغاء للقوات الفلسطينية التى جاءت ورابطت فى لبنان..
وفى القاهرة وقفت الراحلة النبيلة سناء المصري، وهى تصرخ بجنون أمام أعضاء لجنة الدفاع عن الثقافة القومية فى حضور رئيسة اللجنة لطيفة الزيات، ولفيف من المثقفين والأدباء على رأسهم عبد العظيم أنيس وحلمي شعراوي وسيد البحراوي، وصلاح عيسى الذي رأس تحرير أول عدد لمجلة المواجهة مع لجنة مستشارين منهم بثينة كامل الإذاعية، وماجدة أباظة.. وغيرهم.. وقفت سناء المصري وهى تكاد تنتحب وتطالب الحاضرين جميعا بأن يذهبوا الى مجلس الشعب، ويعتصموا أمامه، رافعين لافتات الإدانة للحرب الهمجية، حرب البرابرة الجدد على الشعوب البريئة وأثارت سناء جواً انفعالياً عاليا.. وفى 25 يونيو 1982، وبعد مرور أسبوعين على اقتحام إسرائيل للبنان، وعبورها نهر الليطاني، سحب الشاعر الكبير خليل حاوي صاحب دواوين الناي والريح، ونهر الرماد، وبيادر الجوع، مسدسه، وأطلق على رأسه الرصاص، ليموت محتجاً وغاضباً ومتمردا على العجز العربي شبه الكامل، العجز الذي طال الأمة من أساسها لرأسها.. مات الشاعر الذى كتب عام 1964:
بينما أمسح عن وجهى
تراب القبو، ذكراه،
تلفتُّ، انحنيت
فوق عينيها، رأيت
وجه طفل
غص بالدمعة في مقهى المطار،
وهى تحكى ماحكته لي مرارا،
وكأن العمر ما فات على زهو
للصبايا وحكايات الصغار
مات خليل حاوي، بل قتل نفسه ليظل مذكراً لنا بأن هناك خللاً في ضمير الكون قائما، ويتسع هذا الخلل للإجهاز على هذا الضمير تماماً، هل انتحر خليل حاوي ليظل شوكة في القلب تنبهنا بأن ننهض، وندعو كل شعراء العالم ليصرخوا، ويتحدوا، ويزأروا من أجل إنقاذ لبنان..؟ هل نجمع الشعراء جميعاً، ونسير صفوفا.. صفوفاً.. ونحن نحمل نعشاً خشبيا كبيرا بحجم الكارثة، ونكتب عليه هنا يرقد ضمير العالم كما قالت لي صديقة وهنا تنام البشرية على نفسها وهى غافلة، أو متعمدة الغفلة عما يحدث؟ متى يفيق الشعراء، ومتى يفيق المثقفون؟ ويخرجون من أزمتهم، تاركين الذات هناك، أو حاملين الماء الصافي لرفاقنا فى بيروت، ولأطفالنا الذين ينكسرون قبل أن تعتدل أعوادهم، الشعراء.. هل تقوم لهم قائمة؟ هل ستنصلح قصيدة التفعيلة، أو قصيدة النثر لرأب هذا الصدع الذي يشق سماء العالم.. لابد أن نبحث عن شكل آخر لمواجهة هذه الموسيقى الوحشية، لنسف هذه المارشات العسكرية البشعة التي تمخر في الوجدان، ونمحو أثر صفارات الإنذار الرسمية.
نشرت فى 16 يونيو 2014
بواسطة almsbah7
حال الدنيا
حال الناس
عجبا للناس كيف باتوا وكيف أصبحوا.
ماذا جرى لهم ؟
وما آل إليه أمرهم والى أي منحدرا ينحدرون،
أصبح الأخ يأكل لحم أخيه ولا يبالي ،انعدمت القيم والأخلاق
والمبادئ، من الذي تغير نحن أم الحياة.إننا وان تكلمنا
بصدق لا نساوي شيئا ،فالكذبأصبح زادنا وزوادنا، ،إن الإنسان في العصر الحجريرغم بساطته فَكّرَ وصَنَع فالحاجة أم الاختراع، أما نحن نريد كل شيء جاهزا، أجساد بلا روح تأتي ريح الشرق فتدفعنا وتأتي ريح الغرب فتأخذنا إننا أحيانا نتحرك من دون إرادتنا كحجار الشطرنج أنائمون نحن أم متجاهلون ما يدور حولنا أم أعمتنا المادة .كلنا تائه في طريق ممتلئه بالأشواك، أشواك مغطاة بالقطن الأبيض نسير عليها مخدوعين بمظهرها بدون
انتباه وبين الحين والأخر يسعى الحاقدون لقتل واحد
منا، فيزول القطن الأبيض ولا يبقى إلا الشوك،
فنستغرب لحالنا، لان عيوننا لا ترى إلا الأشياء البراقة
اللامعة والمظاهر الخادعة أما الجوهر المسكين فَقَدَ
قيمته لم يعد إلا شعارات رنانة نعزي بها أنفسنا بين
الحين والأخر،
هكذا أصبح حال الناس هذه الأيام.
ـــــــــــــــ
حسين خلف موسى
دنياالوطن
عجبا للناس كيف باتوا وكيف أصبحوا.
ماذا جرى لهم ؟
وما آل إليه أمرهم والى أي منحدرا ينحدرون،
أصبح الأخ يأكل لحم أخيه ولا يبالي ،انعدمت القيم والأخلاق
والمبادئ، من الذي تغير نحن أم الحياة.إننا وان تكلمنا
بصدق لا نساوي شيئا ،فالكذبأصبح زادنا وزوادنا، ،إن الإنسان في العصر الحجريرغم بساطته فَكّرَ وصَنَع فالحاجة أم الاختراع، أما نحن نريد كل شيء جاهزا، أجساد بلا روح تأتي ريح الشرق فتدفعنا وتأتي ريح الغرب فتأخذنا إننا أحيانا نتحرك من دون إرادتنا كحجار الشطرنج أنائمون نحن أم متجاهلون ما يدور حولنا أم أعمتنا المادة .كلنا تائه في طريق ممتلئه بالأشواك، أشواك مغطاة بالقطن الأبيض نسير عليها مخدوعين بمظهرها بدون
انتباه وبين الحين والأخر يسعى الحاقدون لقتل واحد
منا، فيزول القطن الأبيض ولا يبقى إلا الشوك،
فنستغرب لحالنا، لان عيوننا لا ترى إلا الأشياء البراقة
اللامعة والمظاهر الخادعة أما الجوهر المسكين فَقَدَ
قيمته لم يعد إلا شعارات رنانة نعزي بها أنفسنا بين
الحين والأخر،
هكذا أصبح حال الناس هذه الأيام.
ـــــــــــــــ
حسين خلف موسى
دنياالوطن