بعض شركات الملابس بلغت درجة من التطور المعلوماتي, سمحت لها بأن تعرض لزائري مواقعها علي الإنترنت التشكيلة الكاملة من منتجاتها, فلو كانت الشركة تنتج البدل الجاهزة مثلا, فهي تعرض جميع الموديلات من جميع المقاسات, بكل الألوان علي شكل صور ملونة كبيرة, ثم تطلب من الزائر الراغب في الشراء ان يختار الموديل والمقاس واللون الذي يروقه, ثم يضع مقاسات جسمه المختلفة ـ كالطول وعرض الأكتاف ومقاس وسط الجسم وغيرها ـ في خانات استمارة إلكترونية مخصصة لذلك تظهر له علي الشاشة, وعلي الفور يقوم نظام المعلومات الذي يدير الموقع بتكوين جسم شخص علي الشاشة بالمقاسات التي ادخلها الزائر, ويكون هذا الشخص مرتديا قطعة الملابس التي اختارها الزائر سواء كانت بدلة او قميص, وتظهر صورة الشخص في شكل ثلاثي الأبعاد, ويمكن للزائر ان يحرك الصورة للأمام والخلف ولليمين واليسار, ليشاهد بالتفصيل كيف سيبدو مظهره وهو مرتديا البدلة التي اختارها, ولو وافق علي هذا الاختبار, ما عليه سوي إصدار أمر شراء لهذه البدلة عبر الموقع, ويدفع ثمنها إلكترونيا ببطاقة الائتمان الخاصة به, ليتم خصم ثمنها من رصيده في البنك, ويحصل من الموقع علي بيانات تثبت حقه في البدلة, وبعض مواقع الشركات تلتزم بتسليم البدلة في48 ساعة فقط, بنفس المواصفات التي حددها الزائر, ووفقا لهذا السيناريو يكون المشتري او زائر الموقع قد اجري سلسلة من العمليات التي كانت تستهلك منه وقتا طويلا تشمل البحث عن البدلة المناسبة,لونا ومقاسا وسعرا وموديلا, ثم اختبارها عمليا, ثم شراؤها وتسلمها في منزله, ومعني هذا كله ان الشركة لديها في الخلفية نظام إنتاجي تمتزج فيه المعلوماتية بخطوط الإنتاج, فاصبح كفءا للغاية وسريع الاستجابة لمختلف الطلبات في هذا الوقت القصير.
هذه الموجة من التطور تدق ابواب سوق الملابس عالميا بعنف الآن, ولا شك ان صناعة الملابس المصرية ستصطدم بعنف أيضا ـ ان لم تكن بدأت تصطدم بالفعل ـ بهذه الموجة, التي صنعت مستوي من المنافسة والتحديات لا يمكن لصناعة الملابس المحلية مجابهته سوي بالانغماس الشديد في تكنولوجيا المعلومات, وتطوير بنيتها الأساسية لتعتمد علي المعلوماتية والميكنة, من المستوي القاعدي في التصميم وخطوط الإنتاج إلي القمة في المبيعات والتسويق الإدارة العليا ومتخذي القرار, فالموجة الجديدة جعلت الصناعة المحلية في مواجهة بيئة تنافسية, قائمة علي الوصول السريع للأسواق, بموديلات متجددة في تصميماتها, عالية في جودتها ومبنية علي دراسات ومعلومات دقيقة عن أذواق وقدرات المستهلكين, وبأسعار تنافسية للغاية, وبمعدل استجابة فائق السرعة لا يوجد في قاموس من يقوم به أي عوائق او أعذار من أي نوع, فإلي أين وصل التداخل والاعتماد علي تكنولوجيا المعلومات داخل صناعة الملابس المحلية؟
بشكل عام تقوم صناعة النسيج والملابس علي المعلومة السريعة المتغيرة في جميع مراحلها, بدءا بالمعلومات الخاصة بأذواق وقدرات المستهلكين, وأنشطة ومنتجات المنافسين, وانتهاء بالمعلومات الخاصة بالسلسلة الطويلة لعملية التصنيع التي تشمل الغزل والنسيج والتجهيز وتصنيع الملابس, وكل حلقة من هذه الحلقات تتنوع احتياجاتها من المعلوماتية بأفرعها المختلفة, ما بين نظم التحكم الآلي في الماكينات وخطوط الإنتاج, والتحكم في السرعات واختيار الألوان,وتنسيق وضبط عمليات الطباعة علي القماش, والتعرف علي نوعية كل قماش, واختيار الخيوط, و تصميم الملابس, وتنفيذ التصميم بنظم تتداخل فيها الحاسبات مع آلات القص وتشكيل القماش, وبعد ذلك نظم معلومات البيع والتسويق والمخازن والعمليات المالية والإدارية المختلفة.
وبالطبع فان صناعة الملابس المصرية لم تصل للمستوي الذي يسمح بدخول مصنع الملابس مرحلة الأعمال الإلكترونية الكاملة, ويربط نظام الإنتاج داخل أفرعه المختلفة مع شركاء العمل والموردين والمتعاملين معه, ثم مع الزبائن والمشترين عبر الإنترنت, لكن خبراء تكنولوجيا المعلومات في مصر يسجلون لصناعة الملابس إنها من الصناعات الأسرع في تداخلها وإقبالها علي الميكنة الآلية وتكنولوجيا المعلومات, فكما يقول مدحت خليل رئيس مجلس إدارة مجموعة راية القابضة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ان النسبة الغالبة من مصانع الملابس المصرية تعتمد بدرجة او بأخري علي تكنولوجيا المعلومات حاليا, والبعض منها وصل اعتماده وتداخله إلي مستوي عال من الكثافة, بدأ يجني معه قدرات تنافسية اكبر, داخل السوق المليئة بالتحديات العاتية والمنافسة الشرسة.
وطبقا للإحصاءات التي يقولها مدحت خليل فانه يوجد حاليا حوالي90 مصنعا من مصانع الملابس في مصر يستخدم الكمبيوتر ونظم المعلومات في عمليات التصميم وضبط وتنفيذ رسوم) الباترونات( والموديلات والمقاسات المختلفة وتعديلها وتطويرها مع الوقت, وإنجازها في وقت قصير جدا مقارنة بالنظم التقليدية, ومن بين التسعين مصنعا هناك حوالي12 مصنعا آخرين حققوا خطوات اعمق في الاعتماد علي تكنولوجيا المعلومات, أضافوا إلي نظم التصميم وتنفيذ الرسومات والباترونات, نظم معلومات وتحكم آلي في فرد بكرات القماش التي تخرج من مصانع النسيج, وقصها آليا طبقا للتصميمات المنتجة بواسطة الكمبيوتر.
هذه المرحلة من الميكنة شاهدنا تجربة عملية لها بأحد مصانع الأصواف والملابس الجاهزة بمدينة العاشر من رمضان الأسبوع الماضي, وهو نظام معلومات وميكنة متقدم نفذته إحدي شركات راية القابضة داخل المصنع, ويتكامل مع نظام التصميم باستخدام الحاسب, وطبقا لدورة العمل داخل المصنع, فان الرسوم التفصيلية للبدلة او التصميم يأتي من أحد بيوت التصميم الفرنسية, ويتلقاه قسم التصميم علي شكل رسومات علي الورق, ويقوم بتحويله إلي شكل إلكتروني علي الحاسب, باستخدام أداة تأشير علي الشاشة ـ ماوس ـ مصنعة بمواصفات خاصة, تجعلها قادرة علي نقل الرسوم المطبوعة علي الورق إلي شكل رقمي قابل للتخزين علي الحاسب,وبعد ذلك يدخل الرسم او التصميم برنامج التصميم علي الحاسب, لتجري عليه عمليات ضبط وتحسين وتحديد وتدقيق لمسافاته, وإجراء عمليات تداخل و) تعشيق( للأجزاء المختلفة للبدلة مع بعضها البعض, بما يؤدي لتخفيض الفاقد في القماش أثناء التصنيع إلي ادني مستوي ممكن.
عقب ذلك يتم نقل هذا التصميم إلي نظام القص والقطع الآلي بالكمبيوتر, إما عن طريق وسائط التخزين العادية كالأقراص المرنة عالية السعة, او عن طريق شبكة معلومات داخلية بالمصنع, ويقوم الحاسب الملحق بماكينة القص بترجمة التصميم والرسومات إلي لغة تفهمها الماكينة وتقوم بتنفيذها علي القماش بكل دقة, ويتحكم في هذه العملية برنامج معلومات متخصص يعمل علي الحاسبات الشخصية من فئة محطات العمل, وتحت نظام تشغيل ويندوز ان تي العادي, وحينما تبدأ عملية قص وقطع أثواب القماش تقوم الماكينة أولا بعملية تفريغ للهواء من اسفل المنضدة التي يتم عليها فرد أثواب القماش وهي بمساحاتها الكبيرة, وتضغط كمية كبيرة من الأقمشة معا مكونة مجموعة مضغوطة من طبقات القماش, قد تحتوي بداخلها علي مالا يقل عن40 طبقة, ثم تسحب فوقها غلاف رقيق من البلاستيك لمزيد من الأحكام, وعن طريق الأوامر التي يحددها مهندس التشغيل اعتمادا علي برنامج المعلومات, يقوم الكمبيوتر بمخاطبة الماكينة وسكين القطع ويغذيه بالمعلومات الخاصة بتصميم البدلة, فيتحرك السكين فوق الكمية المضغوطة من طبقات القماش, بخفة وسرعة, ويقوم بقص وقطع القماش طبقا لما هو محدد في التصميم.
في تلك الأثناء يقوم الحاسب والبرنامج المحمل عليه بتزويد المهندس وطاقم التشغيل بصورة حية لما يحدث بالضبط فوق سطح القماش, إذ يظهر تصميم البدلة بالكامل علي الشاشة, ويكون الجزء غير المقصوص بلون معين, الأصفر مثلا, والجزء الجاري قصه بلون آخر, والجزء الذي انتهي بلون ثالث, ويمكن لمهندس التشغيل متابعة حركة سكين القطع بدقة شديدة من خلال مؤشر لوني علي الشاشة, ويقوم البرنامج تلقائيا بإظهار أي خطأ او انحراف في قص القماش عن التصميم الأصلي, ولو كان يساوي جزء من الملليمتر.
هذا النظام المعلوماتي وحدة احدث تخفيضا قدره50% في فاقد القماش الذي يحدث أثناء عملية القص, كما رفع إنتاجية هذه المرحلة من الإنتاج في المصنع بنسبة300%, ورفع مستوي الدقة في قص قماش الملابس بمعدلات غير مسبوقة, وهو ما انعكس علي المصنع ككل في ثلاثة مزايا هي تخفيض تكلفة الإنتاج, ورفع كمية المنتج, ومضاعفة مستوي جودة السلعة, وهذه العوامل الثلاثة تعد من الوسائل المهمة في المنافسة علي الأسواق, ويطمح المصنع مستقبلا في إضافة نظام معلومات ثالث يقوم بتحريك القطع او مكونات البدلة التي تم قصها بواسطة هذا النظام بشكل أوتوماتيكي إلي خطوط ماكينات الحياكة والتجميع, لتقوم الماكينة او عامل التشغيل بتسلمها آليا, واستكمال عملية الإنتاج, ومع هذه الخطوة سيحدث وفر إضافي كبير في الوقت والجهد والعمالة وتكاليف الإنتاج, وهذا النظام غير موجود في مصانع الملابس بمصر حتي الآن.
يجسد ما تم تنفيذه في هذا المصنع نموذجا حيا لما يمكن ان تقدمه تكنولوجيا المعلومات من دفعة قوية للموقف التنافسي لصناعة الملابس المصرية داخليا وخارجيا, ولا شك ان هذه البداية الطموحة من جانب المصانع تتطلب مزيدا من الجهد والتفتح علي الوسائل الجديدة في ميدان المنافسة,وأهمها التفكير في الميكنة الكاملة, ثم الانتقال إلي تطبيق مفاهيم الأعمال الإلكترونية المتكاملة داخل المصانع, التي تشمل كما سبق القول ربط خطوط الإنتاج بالأقسام الإدارية والمالية والتسويقية والبيعية, ثم فتح واجهة فعالة وسريعة الاستجابة لهذه البنية ككل علي الإنترنت, لاستكشاف فرص جديدة للعمل والبيع والتصدير للخارج, والوصول الأسرع للأسواق, والأمر يحتاج جدية ووعي في التنفيذ ونظرة استراتيجية للأمام, حتي تكون المعلوماتية بحق هي بوابة نجاح صناعة الملابس المصرية محليا وعالميا.
نشرت فى 29 ديسمبر 2011
بواسطة almanarcentar
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
احمد السعيد نوار
سنتر المنار للملابس الجاهزه يوجد بالسنتر جميع الأقسام رجالي,حريمي,اطفالي ويوجد بالسنتر كل ماهو جديد في عالم الموضه والصيحات العالميه ويوجد لدينا احدث الصحيات العالميه فس البدل وفساتين الزفاف ويوجد لدينا كل ما هو جديد دائما. لسنا الوحيدون لكننا المتميزون »
عدد زيارات الموقع
2,633
ساحة النقاش