ذكرني من فضلك

الانسحاب إلى مربع الطوارئ

جمال قاسم الجعفري

مدير مركز التدريب

[email protected]

أنجز حرٌ ما وعد ... الإنجاز في موعده من أهم صفات العاملين الجادين .. بل نستطيع القول بأن ذلك من مكونات الشخصية السوية المتكاملة .. وهنا يختلف الناس ويتمايزون بالتزامهم في الإنجاز ، ولعلك ترى أو تتعامل مع شخص ما وتتفق معه على إنجاز معين تقول له أريد منك تسليم التقرير الشهري غداً التاسعة صباحاً (هذا على سبيل المثال أو أية معاملة أخرى مرتبطة به وما أكثر الأمثلة) فيرد عليك ويقول: ذكرني من فضلك ، فإذا حان الوقت وجئت تطالبه بما اتفقتم عليه ربما يعيد الخطأ إليك ويقول لك أنت لم تذكرني!!  وإذا ذكرته يقول لك: اعذرني والله انشغلت باجتماعات ومعاملات ، ولعله يضرب لك موعدا ًآخر(!) ربما يفي به أو يضرب لك موعداً ثالثاً...

وهذا يتسبب في ضياع الكثير من الوقت والجهد والمال ، وتظهر الحاجة لتعيين أحد الموظفين للمتابعات الإدارية كعلاج آني ، لكن العلاج الحقيقي هو أن تتغير قناعة الأشخاص المعنيين بالإنجاز ، وأحياناً تشعر أنك بحاجة لتعيين موظف ليتابع موظف معين بإنجاز المطلوب منه وهو ما يعني في الحقيقة أن الموظف الأساسي المعني بالإنجاز فقد مبرر وجوده أصلاً ، أو أخل إخلالاً كبيراً بالتزاماته ، هذا بالإضافة إلى الإيذاء النفسي وشعور الإحباط للشخص الذي ينتظر منك الوفاء بالإنجاز ، ومشكلة المشاكل أن يضيف له ذلك نوع من الشعور بالأهمية حينما يكون مشغول على طول الخط وقد يكون الانشغال حقيقي وفي أغلب الأحيان يكون انشغال وهمي أو قل سوء ترتيب وتنظيم وتخطيط وضعف تقدير الأولويات ، حيث تتجمع أعماله في مربع الطوارئ ، ولا يدفعه إلى الإنجاز إلا الضغط الذي يأتيه من المتابع ، وهنا يختلف الناس في متابعة أعمالهم فمنهم من يتابع ويتابع ويتابع حتى يصل إلى ما يريد ، وهناك من يتابع ومع المماطلة يترك المعاملة وحقه في ذلك ، وربما يقول أمره إلى الله ، ولعل هناك من يترك المعاملة مؤقتاً بحجة انشغاله ثم يأتي ليتابع الإنجاز بعد شهر أو أكثر من ذلك ، وهنا تظهر الصورة المشوهة والتي ينقصها العدل والإنصاف فمن يتابع يأخذ حقه ، ومن لا يتابع لا يأخذ الحق ، وعلى كل حال فإن هذه ظاهرة غير صحية عند بعض العاملين ، وما أجمل أن يكون الإنجاز مخطط له ، وأن يحترم كل واحد منا مواعيده والتزاماته ، ولماذا نطلب من الآخرين أن يذكروننا بالتزاماتنا تجاههم ؟ لماذا لا نذكر أنفسنا ونكتب كل ما نريد إنجازه في الوقت المحدد في الأجندة الخاصة أو في ورقة معينة؟ وبذلك نحترم أنفسنا ليحترمنا الآخرون ،  وأجمل من ذلك أن يتم الإنجاز قبل الوقت المطلوب وإعلام الطرف الآخر قبل أن يأتي إليك للمتابعة.

ما أفضل أن يكون في المؤسسات نظم ولوائح تضمن الانجاز دون تأخير ووضع حد لهذه الظاهرة السيئة ، ما أروع أن يكون من أساسيات ثقافتنا احترام مواعيدنا والتزاماتنا أمام الآخرين فذلك أمر لازم في سبيل تحقيق التنمية الحقيقة الشاملة.

لقد كانت العرب تكبر الوفاء وتعده من مواصفات الإنسان الحر فيقولون : أنجز حرٌ ما وعد ، وفي الثراث الإسلامي الشيء الكثير مما يؤكد على ضرورة التزام الوفاء بالمواعيد بل يعد ذلك من لوازم الإيمان ، والإخلال به صفة شائنة حذر منها الدين الإسلامي أيما تحذير.

 

المصدر: مقال
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2011 بواسطة aljafary

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

10,548