«ما تشهده صناعة الألبان فى مصر هو سلسلة من التعثرات والاستحواذات، ودخول كيانات كبيرة سيحسن من أداء القطاع، إلا أن تدخل الدولة لتنظيم القطاع غير الرسمى هو المدخل الحقيقى لإحداث الطفرة المطلوبة»، هكذا لخص وضع الصناعة صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة شركة جهينة، أكبر الشركات المصنعة للألبان فى السوق المصرية، بعد الاستحواذ على شركتى بيتى وإنجوى، المصنعتين للألبان والعصائر، من قبل مجموعتين من أكبر مصنعى الأغذية فى المنطقة، هما على التوالى المراعى السعودية وجذور التابعة لمجموعة القلعة للاستثمارات المالية.
ويتراوح حجم الألبان المصنعة فى السوق المصرية ما بين 10 و20% من إجمالى الألبان التى يتم تداولها، بينما تبلغ نسبة اللبن «السريح»، الذى يتم تداوله بشكل غير منظم بواسطة الأفراد، ويصل للمواطن «على باب البيت»، من 80 إلى 90% من الألبان، وهى نسب يراها محمد طايل، المدير السابق لشركة إنجوى، التى استحوذت عليها أخيرا مجموعة القلعة، السبب فى وجود رغبة لدى كيانات اقتصادية محلية وعربية فى دخول سوق الألبان فى مصر.
ويوضح طايل أن «صناعة الألبان مازالت أمامها فرصة للنمو، لأن نسبة صغيرة فقط من المصريين تشرب اللبن المصنع، نحو 20%، ففى حين تستهلك دولة مثل السعودية، عدد سكانها 20 مليونا، نحو 3 مليارات عبوة من الألبان والعصائر سنويا، يصل حجم الاستهلاك فى مصر، التى يقارب سكانها 80 مليونا، إلى أقل من مليار عبوة».
وكانت الأيام الماضية شهدت صفقتين مؤثرتين على مستقبل قطاع الألبان، أحدهما صفقة إنجوى، التى بلغت قيمتها 80 مليون جنيه. وتعد شركة إنجوى من شركات التصنيع الغذائى الكبيرة العاملة فى السوق المحلية، تتركز منتجاتها فى الألبان والعصائر. وتحقق الشركة تحقق تكاملا مع الشركات الغذائية الأخرى المملوكة لمجموعة القلعة مثل مزارع دينا، التى تعد أكبر المزارع المنتجة للألبان، تنتج نحو 200 طن يوميا، ومع شركة المصريين، المصنعة للجبن، وهو ما اعتبره العضو المنتدب للقلعة، هشام الخازندار، فى تصريحات سابقة لـ«الشروق» تكاملا فى المنظومة العاملة فى قطاع الغذاء يساعدنا على تنويع المنتجات بسعر تنافسى وجودة مرتفعة»، موضحا أن هذا التكامل يساعد على رفع الجودة النهائية نتيجة لضمان جودة كل مرحلة من مراحل الإنتاج.
أما الصفقة الثانية، والأكبر من حيث القيمة المالية، فهى صفقة بيتى التى استحوذت عليها المراعى السعودية، التى تعد أكبر شركة لمنتجات الألبان على مستوى العالم من حيث حجم قطعان الماشية المملوكة لها، كما أنها صاحبة أضخم حصة سوقية فى دول الخليج العربى. وبلغت قيمة الصفقة 645 مليون جنيه، تشمل شراء 180 فدانا بجوار مصنع الشركة مخصصة للزارعة، سوف تستغلها المراعى فى تربية قطعان الماشية، تبعا لتصريحات صحفية منشورة.
وتنقسم سوق تصنيع الألبان فى مصر ما بين جهينة، وهى الأكبر فى هذا المجال، نظرا لامتلاكها شبكة توزيع قوية لا تمتلك مثلها باقى الشركات، كما يرى محمد طايل، ثم تأتى شركات بيتى، وإنجوى، جرين لاند.
وتعتبر بيتى من أكثر الشركات نموا فى هذا المجال فى السنوات الأخيرة، ويقول حاتم صالح، العضو المنتدب للشركة، إنها بدأت الإنتاج فى السوق منذ 7 سنوات، ونجحت فى السنوات الأربع الماضية فى زيادة حجم مبيعاتها بنحو 600%، حيث ارتفع حجم المبيعات من 50 مليون جنيه، إلى 300 مليون، وهو الرقم المتوقع لمبيعات الشركة فى نهاية العام المالى فى نهاية يونيو».
وبذلك تسيطر بيتى على نحو 20% من حجم الألبان المصنعة فى السوق، و20% من إنتاج العصائر، تبعا لصالح. وتمتلك الشركة فروعا لمصانعها فى الإسكندرية، والدلتا، والصعيد وسيناء، لدى المراعى خطة لزيادة هذه المصانع».
ولا يرى صفوان ثابت فى دخول كينات كبيرة للمجال تهديدا، «فالسوق يتحمل 10 منتجين جدد على الأقل»، بل على عكس الكيانات الكبيرة قد تحسن أداء القطاع فى رأيه. لكن يبقى على الدول أن تنظم القطاع غير المنظم، «الذى ينتج 90% من الإنتاج دون رقابة صحية، ودون تكاليف إنتاجية، مما يسكون النهاية للشركات المصنعة فى التعثر، «كما حدث مع معظم الشركات العاملة فى المجال، مما يؤدى إلى تكرار الاستحواذات من حين لآخر».
ويتوقع محمد طايل أن يرتفع حجم اللبن المصنع إلى 25 % من إجمالى إنتاج الألبان فى مصر، بعد صفقات الاستحواذ التى حدثت فى هذا القطاع مؤخرا، لأن «قدرة الشركات الجديدة على التوسع ستكون اكبر لارتفاع قدراتها التمويلية مقارنة بالشركات العاملة فى السوق، وهو ما سيتيح لها أيضا إمكانيات أعلى لتوزيع المنتجات، مؤكدا أن «الخريطة ستتغير لصالح الأقوى، من ناحية التسعير الجيد بأسعار تنافسية، والقدرة على التوزيع على نطاق واسع».
إلا أنه يرى زيادة حجم الألبان المصنعة فى السوق من جانب هذه الشركات يتوقف على الدعاية المنظمة، من جانبها وقدرتها على أن تجذب بائعى الألبان، للانتقال من البيع المتجول إلى المصانع، بالإضافة لقدرتها على توزيع الألبان المصنعة إلى «أكبر شريحة ممكنة فى السوق».
ساحة النقاش