البائة قبل الزواج .

بقلم :

د. أحمد السيد كردي

خبير تنمية بشرية وتطوير إداري

 

وقبل الإختيار والتخطيط لبداية حياة زوجية ناجحة, يجب التنوية إلى أهمية توافر عنصر الإستطاعة والبائة لدى الشباب المقبل على الزواج والأخذ بالأسباب المادية المشروعة والمعقولة, حتى لا يقع الشاب بعد الزواج في المشاكل والخلافات المتعلقة بالإمكانيات المختلفة كالمادية من مؤن الزواج والصحية والعقلية والقدرة على مواجهه أعباء الزواج وما يترتب عليه من توفير المسكن والملبس وتكاليف المعيشة والأخذ بالأسباب لإستمرارالحياة الزوجية وغيرها من المتطلبات المتنوعة لمفهوم البائة والإستطاعة بالقدر المعقول حسب إمكانية كل فرد.

 كما بين ذلك الحبيب المصطفى عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:« يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ". (رواه البخاري). ومعنى وجاء: أي وقاية من الوقوع في الزنا والمعصية والإنغماس وراء شهوات الفرج, ومن ذلك فإن توافر عنصر الإستطاعة للبائة أولي الخطوات قبل التفكير لبناء الأسرة والإستعداد للزواج ولو بأقل القليل وليس العدم, حتى لا يظلم المرء نفسه بتكليفها فوق طاقتها ويظلم من يعول, فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. (رواه النسائي)

إن موضوع الأخذ بالأسباب والإجتهاد مع التوكل على الله وطلب العون من الحق سبحانه وتعالى أمر ضروري وهام في الزواج وفي كل نواحي الحياة, قال تعالى:« هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " (سورة الملك: أية 15), وقال صلى الله عليه وسلم:« ثلاثة حق على الله عونهم, وذكر منهم: والناكح الذي يريد العفاف "(رواه الترمذي وحسنه الألباني), لذا فعدم الأخذ بالأسباب والإتكالية معصية لأمر الله ولرسول الله ولا يرضى به الناس.

ومن الأحكام التي شرعها الله صيانة لعقد النكاح والمرتبطة بتوفر الإستطاعة المادية عند الزواج, وجوب إعطاء الزوج للزوجة قدرًا من المال، يسمى مهرًا أو صداقًا، وكأن في هذه التسمية الأخيرة إشعارًا ببعض الحكمة من تشريعه، حيث إن ذلك يُدل على صدق رغبته في نكاح هذه المرأة بما يقدمه لها, ولم يُخْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحًا من صداق، ولو قلّ.

 ويصبح هذا الصداق دينا في رقبة الزوج طوال الحياة ويسئل عنه يوم القيامة, ولايسقط عنه إلا بتنازل الزوجة عنه برضاها, ومن الصداق ما هو مقدم يدفع أثناء العقد ومنه المؤخر الذى هو الدين على الزوج واجب السداد, وهذا ما هو متعارف عليه وأقرته الشريعة الإسلامية.

فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! جئت أهَبُ لك نفسي. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَعَّد النظر فيها وصَوَّبه [أي رفع نظره فيها وخفضه ليتأملها]، ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – رأسه، فلما رأت المرأةُ أنه لم يقض فيها شيئًا جلسَتْ، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجنيها، فقال:« فهل عندك من شيء؟ »، فقال: لا والله يا رسول الله!

فقال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجدُ شيئًا؟ »، فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« انظر ولو خاتمًا من حديد! »، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتمًا من حديد!، ولكنْ هذا إزاري - قال سهل: ما له رداء - فلها نصفه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما تصنع بإزارك؟ إن لبِسْتَه لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسَتْه لم يكن عليك منه شيء».

فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليًا، فأمر به فدُعِي، فلما جاء قال:« ماذا معك من القرآن؟ »، قال معي سورة كذا وسورة كذا – عَدَّدَها، فقال:« تقرؤهُن عن ظهر قلبك؟ » [أي غَيبًا من حفظك؟]، قال: نعم، قال: «اذهب فقد ملَّكْتُكَها [أي زوَّجتُكَها] بما معك من القرآن! »، (رواه البخاري ومسلم).

كما أن عدم الزواج مع الباءة والإستطاعة معصية لله ولرسوله, فالزواج سنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمرسلين عليهم السلام فلا رهبانية في الدين, حيث قال:« ثلاث من سنن المرسلين النكاح والتعطر وحسن الخلق }, وقال صلى الله عليه وسلم النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني أي: ليس على طريقتي } وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه:« هلاَّ بكرًا تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك. [متفق عليه] كما رغب كافة أبناء الأمة الإسلامية, فقال صلى الله عليه وسلم: { تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة }.

كما ينبغي التعفف من الشباب الذين ليس ليهم الإستطاعة على الزواج, وعدم خوض أي علاقة جنسية محرمة وشاذة, وقيامهم بالأساليب المحرمة لفض الشهوة, عن طريق الزنا واللواط أو الزواج العرفي أو ممارسة العادة السرية, قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ".

كما ينبغي عدم تشدد أولي الأمر على المطالب المادية من تجهيزات الزواج والتحميل فوق الطاقة والذي يترك الأثر السيء لدى الزوجين والأهل ويزيد من حدة الإختلاف قبل وبعد الزواج وتصبح المشكلة الأساسية من سيفوز بالعفش في النهاية, قال صلى الله عليه وسلم أقلهن مهراً أكثرهن بركة.

فسعادة الزوجين ليست بكثرة الأمتعة والمفروشات والتجهيزات فهي وسيلة لا غاية, ولا يضمن حق الزوجة ويجعلها مستقرة ويؤمن مستقبلها في الدنيا والأخرة غير الزوج الصالح الذي إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.

alielrome

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 25 مارس 2012 بواسطة alielrome

ساحة النقاش

على الرومى 0533264023

alielrome
على الرومى 0533264023 »

ابحث

عدد زيارات الموقع

9,180