<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
مقابلة العمل تجربة متكررة يمر بها الكثيرون في رحلة البحث عن وظيفة، وبطبيعة الحال تختلف نتائج هذه المقابلات من شخص لآخر حسب درجة استعدادهم لها، فالبعض يتخطاها بنجاح ويحقق هدفه ويفوز بالوظيفة، والبعض الأخر يخفقون فيها فتضيع الفرصة وتتبخر الوظيفة أمام أعينهم خلال الدقائق التي تستغرقها هذه المقابلة المصيرية، والسؤال هنا لماذا يكون التوفيق من حظ البعض فيجتازون مقابلات العمل بنجاح، في حين يخفق آخرون ويخرجون منها بخفي حنين كما يقال؟
الإجابة عن هذا التساؤل تحتاج معرفة مقومات الحصول على وظيفة ما، فهل كافياً أن يتوجه المتقدم حاملاً المؤهلات وشهادات الخبرة حتى تكون الوظيفة من نصيبه، أم أنه هناك تفاصيل أخرى تستدعيها مقابلات العمل وهي تلعب دوراً حاسماً في نتيجتها، في حين لا يلتفت لها البعض من الباحثين عن الوظائف، مع العلم أنها السبب الرئيسي في ضياع الكثير من فرص العمل المناسبة عليهم.
يجب على هذا التساؤل أحمد عادل، وهو موظف بالموارد البشرية بشركة رينيسانس كوم العقارية، من واقع ملاحظاته في عدد من مقابلات العمل التي أجراها لعدد ممن تقدموا للعمل بالشركة التي يعمل بها قائلاً:
للأسف غالبية الأشخاص لا يستعدون لمقابلات العمل بالشكل المطلوب واللائق، وتفسيري لهذا الأمر أنّ الغالبية يعتمدون على فكرة الحظ، فالشخص عندما تحدد له مقابلة عمل يضع في اعتقاده أنّ المسألة "نصيب ورزق" بمعنى أنه سيحصل على الوظيفة إذا كان مقدراً له هذا، وهذا أمر صحيح بالتأكيد من جانب لأن كل شيء بيد الله، ولكن هذا لا يتعارض مع ضرورة الاستعداد السليم، فالمفروض في من يتقدم لوظيفة أن يجهز نفسه لها، ويستعد جيِّداً ثمّ يترك الأمر على الله، لا أن يعتمد كلّياً على الحظ ويتقدم للوظيفة بهذا المنطق فقط كما يفعل الكثيرون، كما لا يشغلون أنفسهم بمحاولة الاستعداد لهذا الموقف الفاصل، لعكس صورة إيجابية أثناء المقابلة ليس فقط بالمظهر ولكن أيضاً بمعرفة معلومات كافية عن نشاط الشركة، وطبيعة المطلوب منه إذا حصل على الوظيفة، وطبعاً النتيجة محسومة وهي الرفض لعدم اقتناع من يجرون المقابلة بأنه الشخص المناسب وتضيع الفرصة، ورأيي الشخصي ومن واقع التجربة أن مقابلات العمل هي امتحانٌ مصيري، ولكن الكثيرون يتهاونون في الاستعداد له بالشكل المطلوب.
محمد كمال مهندس استشاري بشركة ناشيونال إنفيستمنت للإنشاءات، لا يعتبر نفسه واحداً من هؤلاء، ويؤكد إدراكه لأهمية مقابلات العمل، مشيراً إلى أن هذا الأمر وراء عدم إخفاقه في أي مقابلة عمل تقدم لها حتى الآن قائلاً؟
رغبتي في الحصول على وظيفة معينة، هي التي تجعلني أستعد للمقابلة بشكل جيِّد جدّاً من كل النواحي، وحتى الآن لم يحدث أني تقدمت لمقابلة عمل وتم رفضي والحمد لله، وهذا التوفيق يرجع في جزء كبير منه إلى أني أجهز نفسي لمقابلات العمل جيِّداً فكنت أفوز بالفرصة، ليس لأني كنت أفضل المتقدمين خبرة أو شهادات، فغالبية من دخلت معهم كانوا يحملون شهادات مساوية لشهاداتي، ولكن أعتقد أنّ النقطة التي كانت في صالحي هي أنني أستعد جيِّداً بالمعلومات الممكنة خاصة عن المؤسسة التي أتقدم لها، وأحاول أن أتوقع الأسئلة التي يمكن أن توجه لي وأجهز الإجابات الملائمة والتي تظهر مهاراتي، وهذا ينعكس تأثيره أثناء المقابلة ويترك انطباعاً جيِّداً يوفقني المقابلة بنجاح.
في حين يتحدث محمد أحمد مبرمج حاسب آلي بشركة مودرن إيدج مشيراً إلى موقفه من مقابلات العمل قائلاً:
حالياً أصبحت أدرك أهمية الاستعداد لمقابلة العمل، بعد أن صادفني الإخفاق فيما سبق أكثر من مرة، ليس لأني لا أملك المهارة الكافية ولكن لأني لم أحسن تقديم نفسي بشكل جيِّد خلالها بسبب عدم الاستعداد الكافي، لقناعة معينة كانت لدي هي أن عملي بشكل أساسي هو عمل تقني وأنا أمتلك المهارة الكافية التي تقنع أي شركة أتقدم للعمل بها، ولكني اكتشفت أنها ليست قاعدة تضمن لي الفوز بالوظيفة خاصة في ظل المنافسة، لهذا جربت الإخفاق، وأدركت بالتجربة أن هناك جانب شخصي له تأثير على مجرى المقابلة يجب أن أنتبه له، فأي شركة يهمها أن تستشف في من يتقدم للعمل لديها أن لديه قدر من المعلومات عن نشاطها ومنتجاتها، واكتشفت فيما بعد أن لهذا الأمر تأثيراً كبيراً، كما أن رزانة الشخصية والهدوء الذي يوحي بالثقة والاتزان من الأمور التي تترك انطباعاً مهماً ولها أثرٌ في التقييم، هذه التفاصيل البسيطة لم ألتفت لها، ولكني تعلمت من أخطائي حتى صادفني التوفيق وحصلت على العمل الذي أطمح له.
سحر موافي سكرتيرة تنفيذية بشركة لديها قناعة أكيدة بأنّ النجاح في مقابلات العمل فيه نسبة من الحظ ولكنها ليست حاسمة، لهذا لا يجب الاعتماد عليها وتقول:
الحظ بدون شك يلعب دوراً في غالبية المواقف التي نتعرض لها في حياتنا، وفي مقابلات العمل أعتبر أنه يتمثل في شكل المقابلة والأشخاص الذين يجرونها، فأحياناً يكون شخصاً لطيفاً متفهماً يستطيع أن يستشف الجوانب الجيِّدة ويقدرها، وأحياناً يكون من يقوم بالمقابلة شخصاً صعب المزاج أو حاد الطباع، وهذا يجب الاستعداد الجيِّد له لأنّ الأمر معه لا يحتمل الهفوات، لهذا يجب الاستعداد في كل الحالات وعدم الاعتماد على حسن الحظ، وعن نفسي أحب القراءة في هذه الجوانب لهذا لدي معلومات عن قواعد الاستعداد لمقابلات العمل استفدت فيها في حياتي الشخصية، وأهم شيء التركيز في الإجابة وعدم التسرع حتى أترك انطباعاً جيِّداً في المقابلة، فهذا من الأشياء المؤثرة جدّاً وتفرق من شخص لشخص.
ويبدأ أسامة محمد مراجع مالي بشركة العرين لتداول الأوراق المالية حديثه قائلاً:
الحصول على فرصة عمل من أهم الأمور في حياتنا، فلا أقل من أن نستعد للمقابلة التي سيكون الحكم فيها هو الفيصل في الحصول على الفرصة التي نطمح لها من عدمه، لهذا فهذه المقابلة تغير مجرى حياة الإنسان، وأنا شخصياً أدرك أهمية الاستعداد لها، وأعمل لها ألف حساب لأني جربت أن أكون في الجانب الآخر حينما كلفت عدة مرات بالشركة التي كنت أعمل بها بإجراء مقابلات عمل لأشخاص تقدموا لوظائف، وهذه التجربة جعلتني ألامس عملياً التفاصيل التي تؤثر في مجرى المقابلة، وما يترك انطباعاً إيجابياً أو سلبياً، وهذه الخبرة ساعدتني في مقابلات العمل التي مررت بها بعد ذلك، لأني أدركت أن كل تفصيلة لها تأثير سواء في المظهر المطلوب، أو طريقة الرد وسرعة البديهة والمعلومات الكافية، هذا طبعاً إضافة للشهادات والخبرات المطلوبة.
وتؤكد حنان مراد سكرتيرة بشركة هاي واي للسياحة أنّ الجدية والرغبة في الحصول على الوظيفة تمثل دافعاً قوياً في قدر الاستعداد لمقابلة العمل، فتقول:
تجربتي الشخصية مثال عملي على أنّ الشخص الجاد الذي يرغب في الفوز بوظيفة معينة يبذل أقصى جهد لينالها، ومقابلة العمل هي الحدُ الفاصل خاصة وأنها فرصة واحدة إذا ضاعت لا تتكرر، والوظيفة التي أعمل بها حالياً أرجع الفضل في حصولي عليها بنسبة كبيرة إلى أني بذلت جهداً في الاستعداد لمقابلة العمل، لهذا فزت بها رغم أنه تقدم لها معي العشرات ولكني تميزت بشيء هو أني انتبهت إلى أهمية الاستعداد بالمعلومات عن مجال عمل الشركة وهو مجال السياحة وأنا خريجة تجارة، فلم أكتفي بمعلوماتي الدراسية وإنما قمت باستغلال الأيام السابقة لمقابلة العمل بالقراءة المتخصصة عن مجال التسويق السياحي وطرق الدعاية له، وهذا الأمر جعلني أثناء المقابلة أبدوا مدركة لطبيعة العمل وخلفياته مما ترك انطباعاً جيِّداً عني.
وإذا كان عدم توفر المهارات أو الخبرة المطلوبة من الأسباب الأساسية لعدم النجاح في المقابلة والحصول على الوظيفة، فإنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون خطأ بسيطاً وراء ضياع الفرصة، كما حدث مع نوران ياسين مهندسة ديكور بشركة مودرن هاوس كونسالتينج وهي أنها استمعت لنصيحة من صديقة، واتبعتها في مقابلة العمل، ولكنها للأسف لم تكن في محلها، فكانت وراء ضياع الفرصة، وتروي الموقف قائلة:
تحددت لي مقابلة عمل فذهبت مصطحبة معي صديقتي، وأثناء الانتظار نصحتني نصيحة وهي أن أجيب على الأسئلة التي توجه لي فقط ولا أحاول طرح أي أسئلة أو استفسارات وأن هذا سيكون له انطباعاً جيِّداً، ونفذت نصيحتها ولكن النتيجة جاءت بالعكس خاصة أن طبيعة العمل بالعلاقات العامة، فقبلوا الأشخاص اللذين أداروا حواراً وأثبتوا قدرتهم ولباقتهم، وهذا ما أكده لي متخصص في التنمية البشرية من أنّ المشاركة والاستفسارات تعطي انطباعاً إيجابياً، وهذا ما حرصت عليه في أوّل مقابلة بعدها، فكنت أكثر حيوية وبدأت أسألهم وأستفسر وأشارك في الحوار ولم أجلس فقط كالتلميذة أرد على الأسئلة، والنتيجة أني قبلت رغم أن هناك من قدموا شهادات خبرة أكثر مني، وبعدها بفترة علمت أن أحد أسباب اقتناعهم بي أنهم استشفوا أني فاهمة طبيعة العمل وواثقة من نفسي، وكانت هذه مواصفات تتطلبها الوظيفة، وأُدرك الآن أنّ الاستعداد الجيِّد يكون باستشارة أهل الخبرة وليس أي أحد.
وتقدم سهاد مطاوع مديرة علاقات عامة بشركة الغرير التجارية انطباعاً عاماً عن تعامل الغالبية مع مقابلات العمل من وجهة نظرها قائلة:
ما ألاحظه أنّ الغالبية بشكل ما يهتمون بالاستعداد لمقابلة العمل من الناحية الشكلية فقط، وأقصد المظهر يعنيالرجل كل تركيزه يكون في ارتداء القميص التقليدي والكرافات وحلاقة ذقنه، والمرأة بالملابس الكلاسيكية وهندمة نفسها ويعتبرون أنفسهم بهذا قد استعدوا على خير ما يرام، فهذه هي ثقافة الاستعداد لمقابلة العمل لدى الغالبية خاصة الشباب ومن ليست لديهم خبرة، والنتيجة أن كثيرون يخفقون في مقابلات العمل على عكس توقعهم، لأنهم لم يستطيعوا أن يقنعوا من يجري لهم المقابلة أنهم مؤهلين فعلاً لأداء الوظيفة المطلوبة منهم، وكم من العشرات تقدموا لوظائف أعلنت عنها الشركة ولم يقبلوا رغم أنهم يحملون شهادات عليا، ونضطر لعمل إعلانات متتالية للحصول على الشخص المطلوب الذي يأتي مستعداً ومستوعباً لما هو مطلوب منه.
وتتحدث ملك جابر مديرة الشؤون الإدارية بشركة أدفنس ميديكال موضحة أن عدم توافر الخبرة أو المؤهلات ليست هي الأسباب الوحيدة في الإخفاق بمقابلة العمل قائلة:
الخبرة والشهادات أمور مهمة بالتأكيد لأنها من المتطلبات الأساسية والضرورية للقيام بالعمل ولكنها ليست المعيار الوحيد، فحتى أحكم على شخص بأنّه مناسبٌ للوظيفة يجب أن تتوفر فيه أمورٌ أخرى وضع نظر ويكون لها تأثير، وأجملها في فكرة أن كل من يتوجه لمقابلة عمل يجب أن يدرك أنه جاء ليسوّق نفسه، لهذا يجب أن يكون قادراً على تقديم نفسه بشكلٍ جيِّد، فمن واقع خبرتي يأتي البعض ولديهم المعلومة، ولكن لأنهم لم يستعدوا للموقف لا يستطيعون تقديم الإجابات بطريقة مرتبة أو مقنعة وهذا يؤثر بالتأكيد.
- نصائح من ذهب:
يتحدث وائل عادل مدير قسم الموارد البشرية بشركة العصراوي للاستشارات الهندسية عن أهمية مقابلة العمل التي تمثل الحد الفاصل بين القبول وعدم القبول ويقدم نصائحه كصاحب خبرة لكل من يتقدم لمقابلة عمل قائلاً:
مقابلة العمل نقطة فارقة بين الحصول على الوظيفة أو خسرانها، لهذا يجب التعامل معها من هذا المنطلق إنها فرصة يجب العمل على أن لا نخسرها، والاستعداد لمقابلة العمل يبدأ من أول خطوة وهو عمل السيرة الذاتية، حتى آخر مرحلة وهي الجلوس أمام مَن يجري المقابلة، وبالنسبة للسيرة الذاتية يجب ترتيبها بشكل يساعد من يقرئها على أن يجد بسهولة المهارات والإمكانيات التي يريدها، وهذا بجعل الخبرات المناسبة لطبيعة العمل في المقدمة، وطبعاً مرفوض تماماً الكذب في السيرة الذاتية، ويجب مراجعة المعلومات المطلوب أن تتوفر أثناء المقابلة، حتى لو احتاج الأمر لدورات تدريبية لإنعاشها فهذا مهم، ومن المفيد جمع ما يمكن من المعلومات عن الشركة المتقدم لها، فهذا أمر مهم جدّاً ويترك انطباعاً جيِّداً، ومن الأمور الجيِّدة الاستعداد للأسئلة المتوقعة، وتحضير إجابات مختصرة ومقنعة، ولديّ نصيحة لكل شخص يتقدم لعمل أن لا يقع أثناء مقابلة العمل في خطأ شائع يقع فيه كثيرون وهو الإساءة لجهة العمل السابقة لأن هذا يترك انطباعاً سيِّئاً جدّاً ويقلل فرصة قبوله في العمل الجديد.
ويستطرد قائلاً: هناك تفاصيل أخرى بسيطة ولكن يكون لها تأثير في الانطباع الكلي، فمثلاً طريقة دخول المتقدم غرفة المقابلة، واختياره لطريقة جلوسه تمثل الانطباع الأوّل في تكوين رأي عن شخصيته، وفي تحديد مصير المقابلة إما ناجحة أو فاشلة وبالتالي قبوله أو رفضه، لهذا يجب الحرص أثناء المقابلة على الهدوء والاتزان في الحركات والانفعالات وطريقة الرد، ولكن في نفس الوقت بثقة وحيوية، فكلها أمور تؤثر بنسبة لا تقل عن 30% بينما النسبة الباقية تعتمد على الشهادات والخبرات والمهارات التي تتوفر بطبيعة الحال في كل المتقدمين، لكن يمكن أن تكون هذه التفاصيل كفة ترجيح للنجاح في المقابلة، وطبعاً المظهر أمر هام ومؤثر في غالبية المقابلات، ولكن يجب أن لا يكون فيه مبالغة لأنه قد يستفز البعض ممن يجرون مقابلات العمل.
ساحة النقاش