<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
كما يقال أن لكل شيء آفة وآفة العبادة أن تتحول إلى مجرد روتين تؤدي من قبل صاحبها دون أن تترك وراءها أثراً فعلياً على شخصية المتعبد، وهذه الآفة ينبغي الانتباه إليها انطلاقاً من أنّ العبادات التي أرادها الله سبحانه وتعالى تشكل جوهراً يظهر على شخصية المتعبد وسلوكياته العاملة، ولا يمكن الفصل بين مؤديات العبادة وبين الجوانب السلوكية والشخصية.
فالصلاة حينما تتحول إلى مجرد ركعات وسجدات وحركات ديناميكية فإنها تتحول إلى ممارسة رياضية حري بتصنيفها ضمن التمارين السويدية، ولا خير في صلاة لا تنهي عن الفحشاء والمنكر، كما قال الباري عزّ وجلّ "إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
ونحن في هذا الشهر المبارك الذي افترض الله فيه عبادة الصيام التي هي من أرفع العبادات وأعضمها وهي خالصة لله تعالى خلافاً لسائر العبادات الأخرى، وكما جاء في الحديث "كل عمل ابن آدم هو له غير الصيام هو لي وأنا أجزي به".
ولكي ترفع هذه العبادة إلى الله تعالى خالصة لوجهه ينبغي أن تؤدى على أحسن وجه وكما أرادها.
- لماذا الصوم؟
حينما نعتزم الصيام وننويه علينا أن نستحضر مجموعة الأهداف المرجوة من وراء هذا الصيام والتي يمكن سردها مختصرة في التالي:
1- إيجاد وحدة المشاعر والأحاسيس وتذويب النزعات الطبقية، حيث يشترك الكل في ساعات لا أكل فيها ولا شراب، فلا الغني قادراً على أن يتلذذ بغناه في ساعات نهار رمضان، تماماً كحال الفقير المدقع.
2- تقوية إرادة الإنسان وتحكيم العقل في مجموعة الغرائز والشهوات المغرورة في الكيان البشري.
3- محطة محاسبة وتزداد بزاد التقوى والخشوع والخضوع، حيث تنبعث حالة من الضعف والمسكنة في قلب الصائم حينما يجد نفسه ضعيفاً منهار القوى فيشعر بحاجة وضرورة تعلقه بالله سبحانه وتعالى.
4- تعطي الإنسان صمام تحكم في رغباته ونزواته وفلتات لسانه، وبذلك فهي تشكل قوة رادعة عن التمادي في ارتكاب المعاصي، وغيبة الناس وسائر السلوكيات الخاطئة.
ومن الملفت للنظر أن هناك عدداً لا بأس به من الصائمين يمتنعون عن تناول المفطرات من أكل وشرب إلا أن مظهرهم الخارجي وتصرفاتهم لا تنم عن وضعية الصائم التي يفترض أن يتصف بها في هذا الشهر الفضيل، وكما جاء في الحديث "لا تجعل يوم صومك كيوم فطرك" وإليك صوراً مختلفة منهم:
· صائم أضاع وقته في مشاهدة بل متابعة كل برامج التلفزيون من محطة إلى أخرى متناسياً أن هذا الشهر هو شهر الله وشهر القرآن والتضرع والعبادة.
· صائم يقضي لياليه متلبساً بالرذيلة والفحشاء ظناً منه أن صيامه شافعاً له عند الله.
· متبرجة تزرع الشوارع والأسواق وقد زاد الصيام في اضمرار خصرها ورشاقتها، ولا أدري هل هذه تحتسب ثواباً أم أنها تكتفي بتحصيل النحافة والرشاقة.
ومن الجميل أن نستشهد بموقف ينقل عن أحد المحاضرين في إحدى الجامعات. أنّه طلب من اللواتي يرتدين لباساً محتشماً أن يجلسن في مقدمة القاعة، واللواتي كشفن عن سيقانهنّ وزينتهنّ رغم انهنّ صائمات. أن يجلسن في الصفوف المتأخرة من القاعة.
أما عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ضياع جوهر الصيام وتحوله إلى مجرد إمساك عن الطعام وكفى، وأفرزت مثل تلك النماذج.. فيمكن إيجازها في التالي:
1- عطاء المحيط الاجتماعي الاهتمام البالغ، ومحاولة تقليد الآخرين حتى في أخطائهم بحجة مسايرة المجتمع.
2- تحول الصيام إلى عادة وعرف مقدس لا فريضة عبادية يستلزم الاتيان بها كيفية معينة، فإذا اختلت هذه الكيفية اختل الصوم كله.
3- عدم استحضار نية القربى إلى الله. فإذا كان الصائم لا ينوي من صيامه ثواباً ولا يخشى عقاباً فمن الطبيعي أنه سيتعامل في يوم صومه بحالة من التسيب.
4- الجهل بحقيقة الصيام وهذا يستلزم تبني مسؤولية التوجيه، فكم من الفتيات اللواتي كن لا يلتزمن بقايا الدين ولكن بمجرد التحدث معهنّ يستجبن.
وسيما ونحن في هذا الشهر المبارك يجدر أن يتوجه المخلصون من المؤمنين إلى تبني مسؤولية التوجيه وهداية الناس وكشف حجب الجهل والضلال.
ساحة النقاش