<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->عندما تحلّ الغيرة في بيت الزوجية يحلّ الخلاف المتفجر بين الزوجين، وبعض هذا الخلاف قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من خراب البيوت وتشتت الأسرة، والعياذ بالله.
ولكن رغم هذا يكاد الأزواج أن يجمعوا على أن الغيرة الخفيفة ضرورية للحياة الزوجية، وأن حياة الزوجين بدون غيرة كل منهما على الآخر هي أشبه بالطعام الذي ينقصه اللمح، لا يستسيغه المرء.
إذن كيف نوفق بين هاتين الحقيقتين؟ وكيف تكون الغيرة من النوع الخفيف غير المدمر؟ ...
المرأة وحدها تعرف الطريق إلى هذه المعجزة، هذا هو الواقع، أليس بيدها زمام الأسرة ووسائل إسعادها أو إشقائها؟ ... إذن فالغيرة قد تكون وسيلة إلى السعادة إذا أرادت الزوجة ذلك، وقد تكون أداة هدم للأسرة وخراباً للبيت.
بحكمة حواء الخالدة تستطيع الزوجة أن تتحكم بأعصابها إذا تجاذبتها نوازع الغيرة على زوجها من امرأة أخرى فتضغط على شعورها قبل أن تبدأ بسيول المعاتبة، ولو للحظات فقط، عند ذلك تكون لحظة التوتر قد زالت ويكون العقل قد تدخل وقال كلمته في موضوع الغيرة التي هي دائماً تحتل أعلى مراتب السخف والتفاهة.
تثبت المرأة تعقلها وحكمتها عندما تنتصر على لحظات الخطر وتجتاز فترة التوتر الذي ينذر بالانفجار. عند ذلك يفتح لها العقل أبواباً من المعرفة والإدراك ويخاطبها بوضوح وصفاء بأن الخير هو في ما صنعت وأنها كفؤ لبناء الأسرة السعيدة وأن الغيرة ليست إلا معنىً مرادفاً للتفاهة وخراب البيوت إذا اشتدت وقويت.
الزوجة وحدها هي التي تجعل من الغيرة ملحاً للحياة الزوجية يزيد من لذة طعمها إذا استعملتها برقة ولطف وبالتلميح أكثر من التصريح وبلهجة هي بين الجد والمزح وبدون تجهم وعبوس، بل بابتسامة وصوت هادئ يشعر الزوج بحرصها عليه وحبها له، ولكن بدون تلك الأسلحة النارية من الصياح والانفجارات التي تطوح بشعور الكثيرات ساعة غيرتهن على أزواجهن فينعكس المعنى المطلوب من الغيرة، ولا تعود ملحاً يكمل لذة الطعام بل يصبح كالفلفل الحارق أو كالسم القاتل الذي يبدد كل المعاني الجميلة البناءة في الحياة الزوجية.
ـ ليس الزوج سلعة:
الزوجة التي تظن أن زوجها سلعة بيدها تتصرف به كيف تشاء وكما توحي إليها أنانيتها أو جهلها، إنها امرأة خطرة ولا شك، ليس على زوجها فقط بل على الحياة الاجتماعية وعلى مستقبل النشء. فالحياة الاجتماعية لا يمكن أن تستقيم وتثمر بأسر مشتعلة بنار الخلاف بفعل زوجة جاهلة يسيطر عليها التحكم والغباء.
والعكس هو الصحيح، لو أدركت الزوجة هذا، وبقليل من الروية تدرك أيضاً كم تسبب لزوجها من تعاسة وهي تحاسبه على حركاته وسكناته ونظرته إلى الجارة وكلمته للقريبة أو الزائرة للأسرة وتأخره عن الرجوع إلى البيت متهمة إياه بأنه كان على ميعاد مع امرأة أخرى. وما أشقى هذه الأسرة إذ ترمي الزوجة زوجها بارتيابها بصديقة لها تتردد على البيت أو لسماعها واستجابتها لدسّ جارة لها تتهم زوجها المسكين كما يصور لها خيالها المريض أو نفسها المجرمة. وإن من الواجب أن تضع المرأة أمام عينيها خطأ حدسها، متصورة نفسها مكان زوجها البريء، فهل كانت ستحتمل هذا الجحيم من المناقشات والتهم؟ ... إن الإنصاف يفرض عليها محاكمة نفسها بهذا الشكل.
بعض الجاهلات يذهبن إلى أكثر من هذا، إنهن يحاسبن أزواجهن حتى على ماضيه بل وأكثر من ذلك حتى علا أحلامه وهو نائم أيضاً، فتجد الزوجة الجاهلة فرصة للإمساك بخناق زوجها تسأله بهياج وثورة عن المرأة التي سمعته يذكر اسمها وهو نائم.
هذا النوع من النساء موجود بكثرة وهن يأبين الاستماع لصوت العقل والمنطق. فلقد طمست الغيرة العمياء كل معالم العقل عندهن وأصبن مخلوقات خطرات على المجتمع وعلى أنفسهن بالدرجة الأولى، إذ أن الرجل لن يصبر عليهن طويلاً.
ولابدّ لنا ونحن نتكلم عن الغيرة التي تدخل حياة الزوجة وتحتل نفسها، لابد أن نمر بغيرة الزوج، التي هي أكثر خطراً على الحياة الأسرية فيما لو وقعت بشكلها الخطر، أن الرجل لا يستسلم للوساوس والترهات كما تفعل المرأة، فإنه يعمل عقله دائماً بعمق ودقة في هذه الحال، بخلاف المرأة العاطفية، كما أن حياته بين عمله والمجتمعات التي يندمج فيها تمنع أي وسواس من دخول نفسه إطلاقاً بخلاف المرأة العاطفية التي يصور لها خوفها أنه سيطير من حياتها، فتخاف على أسرتها من أن تضيع بغير هذا الأب الغالي.
ولا بأس من أن أعطيك بعض الأمثلة على هذا قبل أن نعود إلى محاسبة الزوج على ذنوب يرتكبها في مجال الغيرة.
ـ المتهمات البريئات:
هذه النساء الفاضلات البريئات الغافلات اللواتي يحلو للزوجة المهووسة بوهم الغيرة أن تدمرهن دون أن يدرين من أين نزل بهن هذا البلاء. فترى صديقة الطفولة للزوجة قد فاجأتها هذه الزوجة بمقاطعتها ومنعها من دخول بيتها بعد ذلك، هكذا بغير سبب غير قيام شيطان الغيرة فجأة بدوره في مخيلتها أو إحدى الجارات لهذه الزوجة لغرض في نفسها.
وكذلك ترى هذه الزوجة قد قاطعت رفيقاتها في العمل والكثيرات من معارفها، بل وحتى أخواتها إذا لفت نظرها بعض ما يثير شيطان غيرتها ووساوسها من جمال شكل أو شخصية، بل أن هناك من الزوجات مَن يُثرن بغيرتهن حتى من العجائز إذا مدح أزواجهن بعض خصالهن.
ـ ولكن الرجل يخطئ في ...
وإذا عدنا إلى محاسبة الرجل أيضاً على ذنوب يرتكبها عن قصد أو عن غير قصد، أي ببراءة تامة بقصد المزاح والضحك. فنراه أحياناً وقد حلا له أن يثير غيرة زوجته بكلمات يتصور أنها بريئة فيمزح مع صديقة زوجته قائلاً أمامها بأن (تدبر له عروساً) وأن زوجته ترضى بذلك. يقول هذا ضاحكاً ليؤكد نيته في المزاح.
وتذهل الزوجة، وتضحك مجاملة، ولكن براءة هذا الطفل الكبير تأبى إلا الاسترسال بالمزاح حتى تنفجر الزوجة بكلمة كان يجب أن لا تقولها مهما اشتدت بها الغيرة ذلك أفضل لمعنوياتها، والكلمة هي (وأنا أيضاً دبري لي عريساً) عند ذلك نرى الرجل الطفل قد انقلب إلى رجل كبير ناضج حذر، يعاقب هذه الزوجة بكلمات قاسية لاذعة، تستمر أياماً بل أسابيع.
إذن فلماذا تثير زوجتك بهذه الكلمات الطائشة وأنت لا تستطيع احتمال واحدة منها؟ ...
وهنا يحق لي أن أطالب الرجل بالكفّ عن هذا المزاح الخطر الذي يؤدي إلى إيلام الزوجة التي مهما سكتت وتسامحت لا يمكنها أن تمنع شيطان الغيرة ووساوسه من أن تستبد بها وتخرب علاقاتها بالناس الأبرياء.
ومجمل القول الذي يجب أن تعرفه كل زوجة، بل وأن تحفظه عن ظهر قلب هو، أن مكانها على خريطة الحياة الأسرية ليس في مكان أحد القطبين، وهما منطقتا ثلج وفناء، بل إن مكانها في الوسط وعلى خط الاستواء حيث الحرارة التي تبعث الدفء وتوقد الحياة

المصدر: سلوى الحوماني

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,396,571