<!--<!--<!--[if gte mso 10]>
<style>
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
</style>
<![endif]-->هناك عدد من الصياغات المعرفية المفترضة للرهاب الاجتماعي تركز على كيفية المعالجة المعرفية للمعلومات في المواقف أو المناسبات الاجتماعية وكذلك على أثر التحيزات المعرفية في معالجة تلك المعلومات على الاستجابات الانفعالية والسلوكية لمريض الرهاب الاجتماعي، كما تبين تلك الصياغات أو النماذج التوضيحية كيف تساعد التحيزات المعرفية على إحداث وإدامة حالات القلق الاجتماعي.
التصور العقلي للشكل الخارجي (نموذج رابي وهيمبيرج):
حسب صياغة أو نموذج رابي وهيمبيرج فإن الشخص القلق اجتماعيا يكون تصورا عقليا لشكله الخارجي وسلوكياته الاجتماعية أو للكيفية التي يبدو بها كما يفترض أن يراه الآخرون، ويعكس هذا التصور العقلي خليطا من الصور الموجودة في ذاكرته لخبراته السابقة في مواقف مشابهة ومن تقييمه الحالي لحالته الجسدية وكذلك من تقييمه لإشارات أو ردود أفعال الآخرين السلبية أو الغامضة، إضافة إلى ذلك فإن المصاب بالرهاب الاجتماعي يقارن بين تصوره العقلي لنفسه كما يراه الجمهور (الآخرون) وتخمينه لتوقعات الآخرين لمظهره أو سلوكه في موقف اجتماعي ما، وبقدر ما يكون عدم التطابق بين إدراك المريض لتقييم الآخرين لأدائه (مظهره و/أو سلوكه) وإدراكه لمعايير الآخرين في تقييم مظهره و/أو سلوكه بقدر ما يكون إدراكه لاحتمالية التقييم السلبي وعواقبه الاجتماعية.
ويؤدي التنبؤ بالتقييم السلبي إلى أفكار تلقائية سلبية بخصوص الأداء الاجتماعي وإلى أعراض قلق جسدية (كالتعرق واحمرار الوجه،...........إلخ)، وإلى سلوكيات ثانوية للقلق (مثل الانسحاب الاجتماعي ومثل تحاشي التقاء العيون....إلخ).
ومن المفاهيم المهمة في نموذج رابي وهيمبرج اعتقاد الشخص بأن الآخرين في المواقف الاجتماعية عادة يميلون للانتقاد والتقييم السلبي، وبالتالي فإن المصابين بالرهاب الاجتماعي يعتنقون أفكارا تلقائية واعتقادات وتفسيرات وتنبؤات تزيد من قلقهم الاجتماعي، وهناك في مرضى الرهاب الاجتماعي عدة تحيزات في معالجة المعلومات في المواقف الاجتماعية، وتتعلق تلك التحيزات بالانتباه والتفسير والحكم على الأمور وربما تلعب دورا في إحداث وإدامة الرهاب الاجتماعي.
التحيزات في معالجة المعلومات:
أولا: التحيزات في الانتباه:
تحيز الانتباه لمؤشرات الخطر الاجتماعي:
يبدو مرضى الرهاب الاجتماعي وكأنهم يتخيرون الانتباه إلى علامات الخطر والتهديد في بيئتهم، وقد بينت دراسة أجريت في سنة 2003 قورن فيها بين ثلاث مجموعات من الأفراد اثنتان من مرضى الرهاب الاجتماعي (المصحوب باكتئاب أو غير المصحوب باكتئاب) وواحدة من غير مرضى الرهاب كعينة ضابطة، حيث قدمت لكل من الأفراد مجموعات ثنائية من الكلمات تتكون كل مجموعة من كلمة متعادلة وكلمة تحمل تهديدا وقد بينت نتائج تلك الدراسة أن مرضى الرهاب الاجتماعي يظهرون تحيزا انتباهيا لمؤشرات التهديد الاجتماعي مقارنة بغير المرضى الذين يميلون إلى تحاشي مؤشرات التهديد الاجتماعي. ومن الواضح أن توجيه كل طاقة التركيز إلى مؤشرات التهديد وليس مؤشرات القبول الإيجابية يساهم أيضا في زيادة القلق.
توجيه الانتباه للذات:
وفي المواقف الاجتماعية يتسم مرضى الرهاب الاجتماعي بزيادة الانتباه للذات وصولا إلى درجة الانتباه الموجه للذات كلية فبدلا من التركيز على المهام الاجتماعية الخارجية التي يفترض أن يقوم بها الشخص نجد مرضى الرهاب الاجتماعي يركزون على أنفسهم ومشاعرهم الداخلية (المضطربة بسبب الموقف) ثم هم تلقائيا يفترضون أن الصورة التي يرونها لأنفسهم واضحة بشكل أو بآخر للآخرين وسوف يرونها وتؤثر على تقييمهم الاجتماعي.
رؤية الذات من منظور المراقب:
يرى مرضى الرهاب الاجتماعي أنفسهم وكأنما ينظرون لها من الخارج (Spurr & Stopa, 2003 ) و(Wells & Papageorgiou, 1999)، فهم يوجدون في أذهانهم انطباعا سلبيا عن كيفية ظهورهم للآخرين (Rapee & Heimberg, 1997) ، وعادة ما يكون هذا الانطباع عبارة عن صورة للذات من منظور المراقب، وقد ثبت أن رؤية الذات من منظور المراقب هي سمة معرفية مصاحبة للقلق الاجتماعي فحسب دراسة شملت ثلاثة مجموعات من المرضى (مرضى رهاب اجتماعي ومرضى رهاب ساحة ومرضى رهاب الدم/ الحقن/ الإصابة) وأجريت فيها مقارنة بين وصف المواقف الاجتماعية الصعبة (المقلقة) من الذاكرة من كل فرد من المجموعات الثلاثة أن المرضى ذوي المخاوف الاجتماعية خاصة (أي مرضى الرهاب الاجتماعي ومرضى رهاب الساحة) هم الذين قدموا وصفا من منظور المراقب، ولمعرفة تأثير رؤية الذات من منظور المراقب على التفكير والقلق والسلوك والأداء في الموقف الاجتماعي أجريت دراسة قام بها إسبر وإستوبا وبينت نتائجها أن رؤية الذات من منظور المراقب تؤدي إلى أفكار سلبية أكثر وسلوكيات أمان (احتياطات أمان) أكثر وتقييم أسوأ لأداء الذات (Spurr & Stopa, 2003).
ثانيا التحيزات في التفسير والتقييم:
افترض كل من بيك وإيميري وجود تحيزين تفسيريين على الأقل في مرضى الرهاب الاجتماعي مسئولين عن إدامته وهما أولا الميل لتفسير الأحداث الغامضة في الموقف الاجتماعي تفسيرا سلبيا، وثانيا أنهم قد يفسرون الأحداث السلبية التافهة في الموقف الاجتماعي (مثل النقد البسيط من أحد الحاضرين) بطريقة كارثية أو مبالغ فيها بإفراط (Beck and Emery, 1985)، وجاءت نتائج دراسة اختبر فيها هذان الفرضان داعمة لهما (Stopa and Clark, 2000).
ويعتبر الميل لتفسير الأحداث في المواقف الاجتماعية تفسيرا كارثيا أحد أهم أسباب الرهاب الاجتماعي، وقد أظهرت دراسة قام بها ويلسون ورابي سنة 2005 أن مرضى الرهاب الاجتماعي مقارنة بغيرهم يميلون أكثر للاعتقاد بأن الآخرين يقيمونهم سلبيا بعد الأحداث الاجتماعية السلبية وللاعتقاد بأن تلك الأحداث راجعة لصفاتٍ فيهم وليست لأسباب خارجية وبأنها ستتسبب في أضرار طويلة الأمد في علاقاتهم بالآخرين أو فرصهم في النجاح الاجتماعي (Wilson and Rapee, 2005) .
وكما في الاكتئاب فإننا نجد تحيزات تفسيرية مثل التعميمُ المفرط مِنْ تجربةِ سلبيةِ وحيدةِ، ومثل أن تُرى الخبرات المحايدة سلبيةً؛ بينما تُرى الخبرات السلبية سلبيةً جداً، كذلك تنسب الأحداثُ السلبيةُ لثوابت في الشخصية وعوامل داخلية (Wilson and Rapee, 2005)؛ ويرى لها نتائجُ ومعاني متضمنة دائمةُ مجحفة لقيمة النفسِ، بينما تنسب الأشياء الإيجابيةُ إلى العواملِ الخارجيةِ والمعيّنةِ والمؤقتةِ؛ ولا يرُى لها نتائجَ ولا معاني دائمةَ، كذلك كثيرا ما يبرر مرضى الرهاب الاجتماعي تحاشيهم للمناسبات الاجتماعية بأنهم يرون النتائج السلبية أكيدة الوقوع مهما حاولوا منعها، وهم لا يقتنعون أبدا أنهم يستطيعون السيطرة على النتائج بجهد أقل كثيرا مما يتوقعون (Roth et al., 2005).
وتعبر كل هذه التحيزات المعرفية في مرضى الرهاب الاجتماعي عن مشكلات في إدراك الذات وتقييمها من قبل المريض وكثيرون منهم لديهم أفكار سلبية تماما عن قيمتهم وتأثيرهم الاجتماعي (Clark & Wells, 1995) حيث يميلون للتهوين والتقليل من قدراتهم ثم يتوقعون النتائج السيئة لأدائهم الاجتماعي (Rapee & Lin, 1992).
وحسب النظريات المعرفية فإن هناك عدة حلقات مفرغة تعتبر مسئولة عن إدامة الرهاب الاجتماعي:
-1- شعور المريض بالتهديد بوقوع الخطر في موقف اجتماعي ما يؤدي إلى ”استجابة القلق“ وهذه الأخيرة تصبح مصدرا لتزايد الشعور بالتهديد بالخطر.
-2- يلجأ المريض لاحتياطات (سلوكيات) الأمان بقصد تقليل القلق لكنها تزيد القلق.
-3- معالجة الذات Self-processing تعظم القلق والشعور بالخطر.
وهناك كذلك تحيزات ”تحريفات“ معرفية في معالجة الذات ومعالجة استجابات الآخرين مسئولة أيضًا عن إدامة الرهاب الاجتماعي:
1- الانشغال بالاستجابات الجسدية والتقييم السلبي تقليل الوعي بالمعلومات الموضوعية في الموقف.
2- افتراض أن الآخرين يرونه على الصورة التي يتخيلها هو لنفسه وهي صورة مشوهة للذات.
ويمكننا استنتاج عدة عمليات معرفية سلوكية في مرضى الرهاب الاجتماعي تعتبر مسئولة عن استمرار المشكلة وهي:
1- الانتباه المركز على الذات Self-focused attention : ويعني تركيز المريض على المراقبة والتفحص المفصل للذات مع قلة الانتباه للمحيط الخارجي.
2- المعالجة المعرفية المحرفة لما قبل وبعد الحدث: وتتميز بأنها سلبية واجترارية Negative & Ruminative كما أنها تركز على المشاعر والصور العقلية الذاتية للشكل الاجتماعي المتخيل مع تذكر انتقائي لمواقف الفشل الاجتماعي الماضية.
3- التحاشي (التجنب): ومن أهم عيوبه ونتائجه السلبية أنه يمنع نفي القناعات Prevent Disconfirmation المغلوطة فيما يتعلق بوجود خطر اجتماعي وذلك لأن القناعات لا تختبر، كذلك يمنع التحاشي حدوث التعلم من الموقف.
4- احتياطات الأمان Safety Behaviors: ومن بين عيوب اللجوء لاحتياطات الأمان أنها تمنع نفي القناعات الخاطئة لأن عدم وقوع ما يخشاه المريض بعد التعرض للموقف يعزى إلى فاعلية تلك الاحتياطات، كذلك تزيد احتياطات الأمان من مراقبة وتفحص الذات، وتقلل الانتباه للمحيط الخارجي فيبدو الشخص أقل تفاعلا مع الآخرين.... وإضافة لذلك ربما تتسبب احتياطات الأمان في جذب انتباه الآخرين، وربما تتسبب احتياطات الأمان في وقوع الحدث المخشي منه عبر زيادة الأعراض فمثلا خوفا من ظهور العرق يضم الشخص طرفيه العلويين إلى جسده فيزيد العرق!
5- نقائص الأداء الناتجة عن القلق مثل الرعشة وتهدج الصوت وجفاف الحلق إلخ.
وحسب نظرية كلارك ووليس (Clark & Wells, 1995) تستمر أعراض الرهاب الاجتماعي رغم التعرض المتكرر للمواقف الاجتماعية للأسباب التالية:
1- تحويل بؤرة الانتباه من الخارج لتركز على الداخل.
2- استخدام المعلومات الداخلية لاستنتاج كيف يبدو الشكل الخارجي ومستوى الأداء الاجتماعي للشخص في عيون الآخرين.
3- اللجوء لاحتياطات الأمان.
إذن عند التعرض للموقف الاجتماعي يمتلئ وعي مريض/مريضة الرهاب الاجتماعي بأفكاره السلبية عن نفسه في المواقف الاجتماعية حيث يرى صورة لنفسه من منظور الرائي (المراقب الخارجي) وهي الصورة التي تنتج من تركيز الانتباه على الذات (حيث توجه كل طاقة انتباه الشخص إلى أفكاره ومشاعره وجسده بدلا من توجيهها إلى الأشياء في العالم الاجتماعي الخارجي) وتبدو في هذه الصورة أعراض القلق والفشل في الأداء الاجتماعي واضحة جدا للمريض... ويتسبب هذا الوعي المفرط والمركز على صورة الذات الاجتماعية (والمبنية أصلا على معالجة معلومات من داخل الشخص نفسه لا من البيئة الاجتماعية الحقيقية) في زيادة القلق خاصة وأن تلك المعلومات الداخلية دائما ما تكون مشوهة بسبب القلق...
بالتالي تؤدي هذه المعالجة الذاتية للنفس من منظور المراقب الخارجي واستنادا إلى المعلومات الداخلية المشوهة إلى تعاظم الشعور بالقلق... إضافة إلى أنها تفقد المريض الانتباه إلى أو القدرة على أو الفرصة لاختبار أفكاره وتصوراته واقعيا... وباختصار تؤدي معالجة الذات إلى:
1- تشتيت الانتباه وزيادة أعراض القلق بسبب الانشغال بالاستجابات الجسدية والتقييم السلبي.
2- يفقد المريض الفرصة لرؤية -أو لا ينتبه إلى أو يتجاهل- دلائل عدم صحة افتراضاته.
3- يستخدم المريض رؤيته الداخلية المضطربة كدليل على تقييم الآخرين السلبي له.
وفي نفس الوقت يلجأ مريض الرهاب الاجتماعي إلى استخدام سلوكيات معينة بمثابة احتياطات الأمان التي يمكن أن تساعده على مجابهة المواقف الاجتماعية فيراها لازمة لمنع حدوث ما يخاف منه من حرج اجتماعي أو أعراض ارتباك حين يتعرض للموقف الاجتماعي المعين.... وتكون نتيجة ذلك هي أن قناعة الشخص بأنه سيخفق في الأداء الاجتماعي بشكلٍ أو بآخر تبقى بلا اختبار تقريبا لأن عدم حدوث ما يخشى منه الشخص دائما ما يعزى إلى احتياطات الأمان المتبعة وليس إلى إمكانية خطأ قناعات المريض أي أن المريض يفشل رغم تعرضه للمواقف الاجتماعية في إثبات أنها ليست خطيرة أو إثبات أنه يمكن ألا يخفق اجتماعيا دون استخدام احتياطات الأمان.... وإضافة لذلك تزيد احتياطات الأمان من معالجة الذات ومراقبتها وتفحصها وبالتالي فإن هذا الاستغراق في العالم الداخلي للشخص يقلل الانتباه للعالم المحيط (الخارجي)...
وأحيانا تتسبب احتياطات الأمان في جذب انتباه الآخرين....(مثلا الحديث ببطء أو بسرعة)... وأحيانا تتسبب في وقوع الحدث المخشي منه عبر زيادة الأعراض فمثلا خوفا من ظهور العرق يضم الشخص طرفيه العلويين إلى جسده فيزيد العرق!
وأما بعيدا عن الموقف الاجتماعي فإن مرضى الرهاب الاجتماعي يميلون إلى المعالجة المعرفية القلقة للحدث الاجتماعي قبل وبعد الحدث الاجتماعي وبطريقة تعزِّزُ من تقييماتهم السلبية لأنفسهم.. وقد علمتنا الخبرة مع المرضى أن التقييم الاجتراري لما بعد الحدث من طرف المريض غالبا ما يكون عادة مؤلمة لا يستطيع المريض التخلص منها بسهولة.
المصدر: الكاتب: أ.د. وائل أبو هندي
نشرت فى 19 يونيو 2012
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,408,508
ساحة النقاش