قد تكونين أماً يسيطر عليها القلق، كلّما سافر طفلها في رحلة مدرسية، خوفاً من أن يصيبه مكروه. وقد تكونين امرأة يشلها القلق من الفشل، وهي ذاهبة إلى مقابلة للتوظيف. إنّها مخاوف تسيطر عليك، على الرغم من عدم وجود مؤشر إلى حدوثها. إذا أردت أن تعرفي كيف تتخلّصين من قلقك هذا، ألقي نظرة على السطور الآتية:
للقلق المرضي مظاهر عدة تفضحه وتبين الحالة التي يعيشها الشخص المصاب به، التي تكون لها انعكاسات سلبية على حياته اليومية. فالشخص القَلِق يشعر بالخوف تجاه أي حدث يمكن أن يحصل في حياته اليومية، ويخشى دائماً، لا بل إنّه يترقب حدوث كارثة. وحتى لو كانت الأمور تسير على ما يرام، فإنّه يقول لنفسه إنها لن تستمر كذلك طويلاً، وأن مصيبة ستحدث لا قدّر الله. المصاب بالقلق المرضي يشعر كثيراً بأنّه متعَب ومتوتر وبأنّه غير قادر على التركيز ولا على التغلب على الأوضاع الصعبة التي قد يجد نفسه فيها. وأحياناً يحبس الشخص القلِق نفسه في البيت أو ينعزل، لخوفه من أنّه غير قادر على التحكم في الأخطار التي تحيط به من كل جانب، حسب إعتقاده، وهذا ما يسمى القلق الإجتماعي. إذا كنتِ ممّن يعانون القلق المبالغ فيه، فإليك بعض النصائح.
1- وساوس:
إذا كنتِ على موعد مقابلة للتوظيف، توقفي عن توبيخ نفسك واستباق الأمور بأن تقولي: "لن أجد (تاكسي)، أو لن أجد مكاناً أضع فيه سيارتي وسأتأخر عن الموعد"، بل على العكس، هنئي نفسك على أن صاحب العمل اختارك من بين كل المرشحين، الذين بعثوا بطلباتهم، لكي تصلي إلى مرحلة المقابلة. ولا تبحثي عن كيفية التحكم في كل الظروف وتوقعها مسبقاً. اعترفي بينك وبين نفسك بأنّه إذا صادفك خطر أو فشل، فإنّه لن يرقى بالضرورة إلى درجة الكارثة، وإنّما سيكون حادثاً عَرضياً يمكن أن يحصل لأي شخص.
ولكي تتخلّصي من مخاوفك، وتهدّئي من روعك، تنصحك المتخصصة النفسية مارييل خيمينيس ديستيفانيس بما يلي: "أشعلي شمعة وثبتيها أمامك جيِّداً، حدقي إليها واستجمعي مخاوفك كلها، ثمّ انفخي تجاه لهيبها وأطفئيها، وستنطفئ مخاوفك كلها معها". هناك حيلة أخرى، وهي أن تقرئي كتاباً أو أن تشاهدي فيلماً، وتركزي تركيزاً شديداً على إحدى الشخصيات، ثمّ تُغرغي فيها كل مخاوفك، وستشعرين ببعض الراحة النفسية".
2- كوني إيجابية:
كثيراً ما تفكر الواحدة منّا في أنها ليست كاملة، صحيح، وماذا بعد؟ لا أحد كاملاً، فالكمال للخالق سبحانه وتعالى وحده، أما أنتِ، فمثلك مثلنا جميعاً. لك الحق في أن تخطئي، لا بل إنّ الخطأ وجد لكي نتعلّم منه، وكونك مخطئة لا يقلل من قيمتكِ، فلا تخلطي بين من أنت وما تفعلينه. لتتخلّصي من هذا الشعور بالنقص وجهي تركيزك نحو العالم الخارجي وليس على داخلك أنت. ومن جهة أخرى، فكِّري في الأيام وحتى اللحظات التي كنتِ فيها ناجحة وسعيدة، ذكِّري نفسك بإنجازاتك مهما تكن صغيرة، استشعري هذه السعادة نفسياً وحتى جسدياً "جسدك يحتفظ بذاكرة للأحاسيس الإيجابية، فلماذا لا تستعملينها؟". هذا ما تقوله الدكتورة خيمينيس.
قد يحدث أن يصاب طفلك بنوبة برد عادية، لكن لمجرّد أنّه يسعل، بدات تجتاحك التخيلات أن صغيرك مستلقٍ على سرير في المستشفى. هل يُعقل أن كل من يسعل سينتهي به الأمر نزيلاً في مستشفى؟ طبعاً لا. لهذا، "لا تجعلي من الحبة قبة". كما يقال، واعلمي أنّ القلق الشديد هو وسيلة ذاتية لتسميم النفس بالمخاوف عن طريق ترقب أحداث سيِّئة. فلا تترقبي حدوث أخطار صغيرة، كما لو كانت كوارث كبيرة من قبيل "هل ستنهار حياتي لو رسبت في الامتحان؟".
3- ابحثي عن القدوة:
اُنظري حولك، اتّخذي مثلاً لك، الأشخاص الأقل قلقاً منك، راقبي كيف يتصرَّفون عندما يوضعون في المواقف التي تسبب لك القلق، واستلهمي منهم كيف تتصرّفين أنتِ أيضاً، فليكونوا قدوتك حينما تسألين نفسك: "ماذا كانت أُمّي ستفعل لو كانت مكاني الآن؟" مثلاً.
اكتبي عن الأشياء التي تؤرقك، فهذا يخفف عنك كثيراً، وإن لم تكوني ممن يكتبون مذكراتهم، على الأقل حاولي أن تكتبي عن مخاوفك كل يوم قبل أن تخلدي إلى النوم، وفكِّري في أنك إن أخرجت كل ما يثقل صدرك وأغلقت الباب وراء همومك فإنّها لن تعود إلى إزعاجك.
4- عبّري عن مخاوفك:
الحوار هو واحد من الأشياء التي ستساعدك بلا شك على التخفيف من قلقك، تحدثي عن مخاوفك إلى شخص تثقين به، تحدثي عما يسبب لك القلق وعدم التركيز والتعاسة، هذا أفضل من أن تُجري حوارات مع نفسك، فيها أسئلة وليست فيها أجوبة، التي من شأنها أن تزيد أزماتك تعقيداً.
تعلّمي كيف تتحكّمين في أنفاسك، فإن مَنْ يجيد ذلك يتحكّم بشكل أفضل في أحاسيسه. ركِّزي تفكيرك حول عملية التنفس لديك، راقبي الشهيق والزفير، تقول الدكتورة خيمينيس: "ثبتي قدميك على الأرض وافردي ظهرك بشكل مستقيم وأغلقي عينيك وخذي نفساً عميقاً. تخيلي أنّ الهواء النقي يدخل إلى رئتيك، كما يدخل الهواء شرايين شجرة عظيمة تمتد جذورها في الأرض، احبسي الهواء داخل صدرك للحظات ثمّ أخرجيه كلياً، قومي بذلك مرّات عدة في اليوم وستشعرين بنوع من الراحة لأنّك تخلصت من كل ما يقلقك".
اُنظري إلى النصف المليء من الكأس، وبدلاً من أن تركزي على ما قد يفسد حياتك، فكِّري في الأشياء التي تحلّي حياتك. مثلاً إن كانت الأسرة ستسافر كلها في رحلة للإستجمام، فإن كل تفكيرك كامرأة قلقة سينصب على إحكام غلق الأبواب وقطع التيار الكهربائي، والتأكّد من ذلك مرّات عدة، وسيفسد عطلتك تفكيرك المستمر في لصوص قد يهاجمون البيت، أو حريق قد يشتعل فيه في غيابك، بينما الآخرون يستمتعون. إذن، مادمت قد قمت بكل الاحتياطات لتأمين بيتك، لماذا تفكرين في هذه الأشياء التي قد لا تحصل أبداً؟ توقفي، وقولي لنفسك "كفى" حتى لو قلتها بصوت عالٍ، قوليها كلّما اشتد عليك القلق.
5- نامي جيِّداً:
من أعراض القلق المرضي، الأرق والمعاناة من قلة النوم، إنّه حقاً أمر مرهق، فعدا عن أنّ النوم هو الذي يمكّن الإنسان من تجديد طاقته وحيويته، فإن قلة النوم تزيد من حسّاسية تجاه كل ما يحيط به. لهذا، حاولي أن تهيئي لنفسك عندما تُقبلين على النوم غرفة مظلمة هادئة وأن تخلدي إلى النوم بعيداً عن تناول أي منومات.
ومن الأشياء التي أثبتت نجاعتها في التخلّص من القلق والتخفيف من التوتر، تبنّي حيوان أليف في البيت. نعم، فقد أثبتت الدراسات أن مرافقة كلب أو قط في البيت، تقلِّل إلى النصف من حدة نوبات الضغط والتوتر. البعض يشعر بأنّه على الأقل، هناك كائن حي في البيت يمكن أن يتكلّم معه، ويتجاوب معه، ولو بنظرة عين أو نباح أو مواء، فيكون ذلك بمثابة صدى لصوته وهو يبوح بقلقه ومخاوفه
المصدر: سناء ثابت
نشرت فى 9 نوفمبر 2011
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,408,141
ساحة النقاش