في سنواته الأولى، يتعلّم الطفل أشياء كثيرة، ويكتسب مهارات كان يجهلها من قبل.. ويبدو للآخرين في بعض الوقت أن ما يتعلّمه يفوق قدرة أي شخص على الإستيعاب. فكل ضحكة أو تكشيرة وكل لعبة يلعبها، تدخل في مهمة تحفيز نموه وتطوّره، حيث تعمل على وضع الأساس لما سيكون عليه في المستقبل.
وما يتمتّع به الطفل من ذكاء وموهبة وقدرة على تكوين صداقات مع الآخرين.. تعتمد على هذه الفترة المبكرة من العمر.
ومازال العلماء يؤكدون على الحقيقة المعروفة، وهي حاجة الطفل للكثير من الإهتمام والإنتباه وقضاء الكثير من الوقت مع والديه والأشخاص البالغين في محيط عيشه.
هذا لا يعني أن ينفق الوالدان الكثير من الأموال لشراء أحدث الألعاب له، وإنّما أن يستغلوا فضول الطفل الطبيعي، فهو الآن يتعلّم ميكانيكية حدوث الأشياء، وكل شيء يثيره: الظلال المنكسرة على الجدار، نباح كلب من بعيد، الأصوات الصادرة عن التلفزيون.. فإذا شارك الوالدان في إكتشاف الطفل لعالمه الخارجي، فإنّه سيكبر وهو يشعر بأن إدراكه وردود أفعاله مهمة وأنّ الآخرين يستمعون إليه بكل تأكيد.
كثيراً ما يدور في الأذهان سؤال عن دور الوراثة في تنشئة الطفل وبناء شخصيته وتحديد معالمها منذ الطفولة.
لقد إكتشف الباحثون أنّ البيئة التي يعيش فيها الطفل تحدد معالم شخصيته وتطبعه بطابعها سلباً أم إيجاباً، خصوصاً في السنوات الثلاث الأولى من عمره.
فالحركات البسيطة مثل الحضن أو الهز مثلاً تحث الطفل على النمو بينما التنشئة غير الملائمة التي يمر بها الطفل يكون لها تأثير مدمر على المدى البعيد، ولقد وجد أنّ الأطفال الذين يعانون من نقص شديد في تلبية حاجاتهم الضرورية، مثل الأطفال الذين يربون في دور الأيتام، تبقى مناطق مهمة جدّاً في أدمغتهم من دون تطوّر.
ويقول علماء النفس إنّ تطوّر اللغة يبدأ في وقت مبكر، حيث يبدأ الطفل بتعلم الكلمات التي يحتاجها للتعامل في حياته اليومية والتفاهم مع والديه والمحيطين به.
ونستنتج مما سبق أنّ شخصية الطفل تتحدد معالهما في السنة الأولى من عمره. فالأطفال الذين يشعرون بحب وإهتمام والديهما ويتلقون الكثير من العطف، يكثر إحتمال نموهم، وهم يشعرون بالثقة في أنفسهم وبالتفاؤل كثيرا...
وما يعني أنّ الصفات الوراثية تزودنا بالمادة الخام، والحياة تطوع النفس والجوهر.
وقد أظهرت الدراسات كذلك أنّ العلاقات الأسرية تلعب دوراً في تطور حياة الطفل الإجتماعية.
إذن، لكي نأمل من أطفالنا أن يكونوا رجالاً ونساءً، أشداء مستقبلا خالين من الإنحرافات والمشكلات علينا أن نجيد تربيتهم التربية السليمة التي أساسها العطف والحنان وعدم المبالغة في الثواب والعقاب على حد سواء.
وعلينا أيضاً الإستماع إليهم جيِّداً والإجابة عن أسئلتهم ومساعدتهم على حل ما يعترضهم من عقاب فتوفير البيئة الجيِّدة الصالحة لأطفالنا سيتيح لهم أن يترعرعوا ويشبوا أصحاء ما ينعكس إيجاباً على المجتمع ككل

المصدر: مجلة الطاهرة العدد (177)

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,281,839