اضطرابات النوم أثناء الإجازة الصيفية تؤدي إلى قلة التمتع بها
يستقبل الناس موسم الصيف بعد عام حافل بالعمل والدراسة، ويتطلع أكثرهم إلى استغلال أوقاتهم في التمتع والاستجمام، إلا أن البعض يظل معتقدا أنه ليس إلا وقت فراغ فحسب، ويغفل أن الإجازة تجديد للنشاط، وكسر للروتين، يعود بعدها إلى عمله أو دراسته وهو أكثر حيوية وإنتاجا. وفي خضم التجهيزات لارتباطات اجتماعية وترفيهية، يقع كثير من الناس في فخ السهر المفرط، واختلال مواعيد النوم والاستيقاظ بشكل مبالغ فيه، يمكن أن يؤدي إلى عدد من اضطرابات النوم والساعة الحيوية، وينعكس سلبا على متعة الإجازة الصيفية. حول هذا السلوك الخاطئ الذي يقع فيه الكثيرون، من الجنسين، وأيضا من كافة الفئات العمرية، تحدَّث إلى «صحتك» الدكتور أيمن بدر كريّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم رئيس قسم الأمراض الصدرية مدير مركز اضطرابات النّوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة ـ الشؤون الصحية بالحرس الوطني، فأكد على أن معاندة الفطرة السليمة، والتحرر من النوم خلال الليل، والسهر حتى ساعات الصباح، ومن ثَمّ الخلود للنوم أثناء النهار، سلوك يحرم البدن والعقل من التمتع بالنوم الهادئ بصفته أساس الصحة السليمة، كما دلت كثير من الدراسات. وأضاف أن الأمر لا يقف عند هذا الحد في معظم الأحيان، بل يتعداه إلى حرمان أحدهم نفسه من النوم لعدة أيام، حتى أثناء النهار، حرصا منه على عدم تفويت متعة التسلية أثناء الإجازة. ولا شك علميا أن ذلك يضع أعضاء الجسم المختلفة تحت ضغط هرموني كبير، نظرا لاختزال ساعات النوم العميق أثناء الليل، ونقص التعرض لهرمون النمو الذي يصون وظائفها ويجدد أنسجتها وخلاياها المستهلكة.. فعلى سبيل المثال، يمكن للحرمان من النوم أثناء الليل أن يُظهر البشرة بشكل جاف ومتشقق، ويؤثر سلبا على نضارة العينين، ويجعل من الصعب التخلص من الهالات السوداء المحيطة بهما.
* نتائج سلبية
* أشار الدكتور كريّم إلى أنه ينتج عن تلك السلوكيات، عدد من اضطرابات النوم والاستيقاظ، مما يعرف طبيا بالحرمان الحاد والمزمن من النوم، وهو أخطرها وأكثرها انتشارا، واضطرابات الساعة الحيوية كمتلازمة تأخر مرحلة النوم، واختلال أوقات النوم والاستيقاظ بشكل معاكس. وقد تحدّ هذه الاضطرابات من التمتع الكامل بنشاطات الإجازة الصيفية، بسبب فرط النعاس والخمول والصداع، وتعكر المزاج، وكثرة التململ أثناء النوم خلال النهار، وارتفاع خطر الإصابة بالزكام والإنفلونزا، إضافة إلى أعراض ارتجاع أحماض المعدة، واضطرابات القولون، بسبب الأكل والشرب بشكل مفرط في أوقات غير منتظمة. ولعل شدة حرارة الطقس من أهم العوامل التي تلعب دورا مهما في تفضيل كثير من الناس النوم خلال النهار، تجنبا للهيب الشمس، وتأجيل نشاطاتهم الترفيهية واجتماعاتهم إلى ما بعد المغيب. ويقاوم صغار السن الأثر السلبي لاختلال ساعات النوم وتغيير نمطه بصورة أفضل من المتقدمين في العمر والمصابين بأمراض مزمنة، لكنهم في نفس الوقت أكثر عرضة لمشاكل النوم من غيرهم، حيث إن معظم حالات الأرق السلوكي المزمن وانعكاس نمط النوم ومتلازمة تأخير مرحلة النوم، تبدأ في سن مبكرة، نتيجة لغياب ثقافة النوم الصحي لدى المراهقين والأهل على حد سواء.
* الوقاية
* للوقاية من اضطرابات النوم واضطرابات الساعة الحيوية أثناء فترة الإجازة، ينصح الدكتور أيمن كريّم بنشر ثقافة النوم الصحي، ويعتبرها أولى المهام، ثم ضرورة مقاومة إغراءات الأنشطة الاجتماعية بعد منتصف الليل، وتغيير ثقافة ارتباط الترفيه الاجتماعي بالتدخين والإفراط في السهر وتناول المنبهات، إضافة إلى الحرص على انتظام ساعات النوم والاستيقاظ، وأخذ القسط الكافي من عدد ساعات النوم أثناء الليل. أما مَنْ أصيب باختلال مواعيد النوم والاستيقاظ خلال فترة الإجازة فيجب ألا يترك العنان لهذه المشكلة، حتى لا يصعب حلها، بل يُنصح بمحاولة ضبط مواعيد نومه بالتدريج، كتقديم موعد نومه بمقدار نصف ساعة يوميا، والتعرض لضوء الشمس أثناء ساعات الصباح، لحث الجسم على التنبه والشعور بالنشاط، ومحاولة تجنب القيلولة وتناول المنبهات، كما يمكنه زيارة طبيب اضطرابات النوم، لعرض المشكلة وعلاجها عند معاناته من عدم استطاعته العودة إلى النسق السليم للنوم الصحي
ساحة النقاش