كيف نبني علاقات صداقة جيدة مع الآخرين؟
هل من أحد يعارض مقولة ان الانسان كائن اجتماعي؟ أو هل من الممكن أن يعيش الانسان في عزلة تامة أو يعتمد فقط على علاقات القرابة؟ لن نضع أجوبة عن هذين السؤالين لأنها معروفة. اذن، ماهي الصداقة؟ الجواب ضروري هنا لأن هناك مفاهيم عدة للصداقة تختلف من شخص لآخر. يمكننا القول وبشكل عام بأن الصداقة هي الأداة والوسيلة التي تساعد الانسان على بناء هوية في الحياة. ولكن يجب أن نعلم بأن المعنى هنا غير مرتبط بعدد الصداقات وانما بنوعيتها. المعارف كثر ولكن الصداقات أقل بكثير لأن بناءها يتطلب سنوات طويلة بينما يمكنك أن تتعرف على مائة شخص في يوم واحد.
لماذا أصبح من الصعب بناء صداقات حقيقية في هذه الأيام؟
الدكتورة مارسيا توستا دياس /38 عاما/ رئيسة قسم العلوم الانسانية في جامعة /ماناوس/ عاصمة ولاية الأمازون البرازيلية التي تقع فيها أضخم وأشهر غابة استوائية في العالم قالت ردا على هذا السؤال بأن انشغال الناس بشكل مفرط في عصرنا الحالي قد وضع صعوبات كثيرة في طريق بناء صداقات حقيقية ويبدو بأن مفهوم الصداقة بدأ يستعاض عنه بألفاظ وتعابير أخرى ليس لها صلة بالموضوع. وأوضحت بأن الناس بدأوا يتحدثون عن المعارف ويتباهون بمعرفتهم لمئات بل وآلاف الأشخاص، وبدأ بعضهم يخلط بالفعل بين الصداقات والمعارف، أو يرتبك حول الفارق الكبير بين الأصدقاء والمعارف.
هل للمنافسة في الحياة العصرية علاقة؟
أكدت الدكتورة / مارسيا/ بأن المنافسة في الحياة العصرية، ان كانت اجتماعية أو مهنية تضع عائقا آخر أمام بناء الصداقات وقالت ان أهم ماهو سيء في المنافسة غير العقلانية هو انعدام عنصر الثقة الذي يعتبر الأساس القوي لبناء الصداقات. وأضافت بأن المنافسة بمعناها السلبي تجعل الصداقة سطحية للغاية ان وجدت في الأصل. واستشهدت بقول الكاتب الاجتماعي البرازيلي /ميلتون ناسيمينتو/ الذي قال "ان للصداقة الحقيقية سبعة مفاتيح في عمق القلب". وبحسب رأي / مارسيا/ أن قول /ميلتون/ ماهو الا تفسير آخر للصداقة وهو أن الصداقة السطحية تتعب أكثر من أن تريح الناس.
وأشارت الى أن أن المنافسة التي نتحدث عنها هي التي توجد في بعض الأحيان الصداقات السطحية التي قد يتوفر فيها كل شيء باستثناء الثقة والمحبة وقابلية الاعتماد على الآخر في أوقات الحاجة.
ماذا نفعل لنبني علاقات صداقة جيدة؟
قالت /مارسيا/ انه في ضوء ماسبق فمن الضروري أن نعرف بأن الناس بدأ يبتعدون عن بعضهم دون أن يدركوا ذلك لأن الاقتراب من بعض الناس في أيامنا هذه يعني للكثيرين اقتران ذلك بمصالح شخصية. ولكن وبرغم كل سلبيات العصر الحديث فانه بالامكان بناء علاقات صداقة مع الآخرين وان كانت قليلة وأضافت بأن هذه النقطة تطرح موضوع النوعية في علاقات الصداقة وليس الكم. ولكي نبني هذه العلاقات هناك خطوات أساسية يبنغي اتباعها.
الخطوة الأولى: اذا تعرفت على أحد ما فماهي الفكرة الأولى التي تخطر على بالك؟ انه سؤال ضروري يجب أن يطرحه الشخص على نفسه. هل الاندفاع نحو هذا الشخص مرتبط بمصلحة مهنية ؟ أم أن الاقتراب منه جاء لملاحظة وجود أوجه شبه بين الأذواق أو للاحساس بأنه من الممكن أن يكون هذا الشخص جدير بالثقة.
وقالت الدكتورة / مارسيا/ ان كل هذه التساؤلات تعتبر في غاية الأهمية لمعرفة سبب الاندفاع نحو شخص لمحاولة بناء صداقة معه أو معها. وان لم يعرف الفرد الاجابة عليها فان الصورة تكون مرتبكة وربما يتحول الأمر الى مجرد حب معرفة الآخرين.
الخطوة الثانية: يمكن أيضا وضعها على شكل تساؤل، ماهي أهمية الصداقة في حياتك؟ الاجابات عن هذا السؤال تتفاوت. فمنهم من يقول بأنه من الضروري أن يملك الانسان أصدقاء جيدين ومنهم من يتظاهر أمام الآخرين بأنه يملك أصدقاء كثر، وهناك أيضا من سيقول بأنه لم يعد يؤمن بالصداقة. وهنا من الضروري، بحسب رأي / مارسيا/ أن يحدد المرء موقفه من الصداقة. فان كان بحاجة للصداقة يجب عليه أن لايتوانى عن محاولة السعي وراء بناء صداقات.
الخطوة الثالثة: صداقات الطفولة، كما تقول الدكتورة مارسيا، يمكن أن تكون ملاذا لبعض الناس. ولذلك يسعى بعض الناس الى البحث عن أصدقاء الطفولة الذين ابعدتهم الظروف عن بعضهم. ويقال بهذا الخصوص بأن صديق الطفولة له مكانة خاصة في قلب كل الناس. وأضافت بأنه من المهم ، اذا كان ممكنا، أن يبحث الانسان عن أصدقاء طفولة كانوا أعزاء على قلبه.
الخطوة الرابعة: عندما يصل شخص ما الى حفلة أو مناسبة فيها الكثير من المدعوين فان احتمال بناء علاقة صداقة جيدة ربما تكون واردة. ولكن قبل ذلك يتوجب عليه البحث عن من هو مستعد لتبادل الحديث الجيد الذي ينم عن رغبة في بناء علاقة صداقة. وفي هذا الصدد أعربت / مارسيا/ عن اعتقادها بأن معظم الذين يتبادلون الأحاديث في المناسبات انما يريدون فقط معرفة أناس جدد وليس بهدف بناء علاقة صداقة. ولكن اذا كان البعض يريد الصداقة فمن الضروري أن يعطي أهمية لمن ارتاح له في الحديث معه في المناسبة وأن يبقى على اتصال مع ذلك الشخص فيما بعد.
الخطوة الخامسة: هل تجيد فن الاستماع للآخر؟ سؤال في غاية الأهمية طبقا للدكتورة / مارسيا/ لأنه يمكن أن يضع حجر الأساس لبناء علاقة صداقة. وأضافت بأن الناس يحبون أن يستمع اليهم الآخرون، ولكن هل جربوا أن يستمعوا هم للآخرين؟ وأشارت الى أنه عبر الاستماع للآخرين بحرص وانتباه يمكن كسب قلوبهم لأن الاستماع للآخر يعني بأنك تعطي أهمية له ولشخصيته.
المصدر: محمد داوود
نشرت فى 22 إبريل 2011
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,398,240
ساحة النقاش