أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

 

كيف تكتب الرواية ؟
ونبدأ
ما الرواية ؟
الرواية قصة طويلة
وما القصة؟
القصة حكاية مسلية
وما الحكاية ؟

حدوتة ممتعة

وما الحدوتة الممتعة؟

كلام مشوق جذاب مثير ،

وما الكلام المشوق الجذاب المثير ؟

 قول سهل ميسر مترابط ، يدور حول ذات خيالية أو حقيقية بصفات وخصائص أفضل وأعظم بكثير من المستوى العام الذى عليه الناس جميعا ، وبقدرات اكبر من أى ذات هى منها سواء كانت عاقلة أو غير عاقلة ، حدث لها واقعة من جراء حاجة تريد أن تحصل عليها وهدف كانت تريد تحقيق  فأحدثت هى الواقعة باشتباك آخرين لهم نفس الحاجة والهدف أو يختلفون ، فتلبستها ورطة عظيمة ، تريد أن تخرج منها ، فتجد صعوبات كبيرة ، وموانع عظيمة ، وطرق صعبة ، ومصارعين أقوياء ، فتفعل قدراتها وتفكيرها وذكائها ، وتقاوم وتجابه بكل قوة وبسالة ، حتى تتغلب على من يصارعونها ، وتتفوق عليهم ، وتحصل على ما كنت تريد الحصول عليه ، وتحقق ما كانت تريد تحقيقه .

حدث أو حادثة عظيمة ألمت بذات فأثرت فيها وورطتها فى قضية تصعب عليها الخروج منها سالمة ، فأخذت تفعل المستحيل وتتعدى المانع وراء الأخر حتى تخرج بسلام منتصره . أو أحدثتها ذات فجلبت لها المصاعب والمتاعب التى صارت تريد الخروج منها بسلام تحقق ما كانت من اجله فعلت وأحدثت فحققت هدفها .

ومن الأفضل ان تكون تلك الذات واعية أى إنسان ؛ لأن الإنسان عن غيره من المخلوقات أو الدواب هو الذى يعقل وله عقل فى القلب وعقل فى المخ ، وبهما يختار ويقرر ويكون له وجهة نظر ليس مجبرا عليها بل باختياره وفكره نظرا لما تقتضيه حاجته وهدفه .

ولا قصة أو حتى حدوته بدون حاجة للبطل وهدف له ، فلا شيئ يتحرك أو يعمل بدون غرض مهما كان هذا الغرض ،

فإذا ما حددنا الحاجة والهدف سهل علينا أن يمتحن البطل فيهما حتى نقف على حقيقته ومدى جديته فى تحصيل حاجته وتحقيق هدفه ، والامتحان يكون بسلبه أو خسارته احد اسباب قوته ، او احد أدوات سعادته ، بمعنى كارثة تنزل به تغير من تكتيك خططه وتحول دون حاجته وهدفه الى حاجة وهدف آخر مجبر عليه ، ومنها نعرف هل سيظل يتمسك بحاجته وهدفه أم سيصرف نظر ، وفى الحقيقة حتى تستمر القصة وتتوالى الاحداث لابد أن يتمسك بحاجته وهدفه ، ولذلك يعمل بطل قوة على تخطى الامتحان الصعب الذى هو فيه ولابد له ان ينجح بكل الوسائل .

ومن خلال محاولته النجاح فى الامتحان وتخطى تلك العقبة المهولة يخطأ فى حساباته وتصرفاته نتيجة تسرعه أو لصعوبة ما يواجهه ، وهذه الغلطة تجلب له متاعبا كبيرة حيث يعانى ويعانى ويتحمل آلاما كبيرة تجعلنا نشفق عليه ؛ لانه فى حقيقة الامر لا يستحقها ، ولا يستحق الشقاء الذى هو فيه نتيجة لهذه الغلطة التى لم يكن يقصدها .

ثم تتعقد امامه كل الطرق تعقيدا تاما ولا يجد ناصرا ولا معينا غير ان يلجأ إلى القوة العليا التى هى الله لكى يساعده ويخرجه مما هو فيه لانه بقدراته التى هو عليها لا يستطيع بها كسب معركته .

تيسر له القوة العليا التى لجأ اليها فى الخروج من التعقيد الذى يقابله ، وذلك بأن يقع حادث بعيدا عنه ، ولكن له علاقة ما به ، بمعنى أن يكون حل هذا الحادث او الحادثة او القضية او المشكلة بتدخل منه بما يمتاز فيه ويتفوق فيه ومن صفاته الجوهرية ، ولذلك يحتاجون إليه ليساعدهم ، فيسارع الى المساعدة لهم ومن ثم يساعد نفسه فى الخروج مما يقابله ويكونوا هم ايضا عونا له ، ومن ثم يستطيع الحصول على حاجته .

ولكنه لم يحقق هدفه بعد وعليه ان يستمر فى المجابهة لان الآخرين لن يتركونه ينتصر ويتفوق لان بحصوله على حاجته منعهم حاجتهم ، فيستمرون فى مجابهته ويدخل معهم فى مواجهة حتمية يكاد يخسر فيها أة يقدم على ارتكاب غلطة كبيرة بأن يقتل واحدا تربطه به صلة دم ولكنه لا يعرف ذلك ، حتى يوشك ان يصرعه ولكن يخرج واحد فى اللحظة المناسبة يكشف لهما حقيقة بعضهما ، فيحدث الانقلاب والتحول من العداء إلى الحب ومن ثم يكون نصيرا له يساعده فى بلوغ هدفه وتكون النهاية.

يحكيها ناقلا أو سامعا أو مشاهدا لها إلى آخرين ، أو خالق لها من فكره وخياله ، بغرض أن تسلى وتعظ وتمتع من يسمعها أو يقرؤها .

وهو نسج من خيال واسع لواقعة مؤثرة ، أو لحادثة حقيقية ، أو لخرافة خيالية  ،

 أو لقبسة من الهام من الله تجاه شخص يستطيع صياغتها وحبكها.وهذا ما يميز خالقها وصانعها ومبدعها من يملك الموهبة ، من نطلق عليه الأديب.

 
نستخلص مما سبق
-
حدث أو حادثة
-
بطل ذات واعية إنسان ، أو غير ذلك حيوان أو نبات أو غيره.

- حاجة وهدف

- شخصيات ، مكان ، زمان

- امتحان صعب لهذه الحاجة وذلك الهدف حتى نقف على حقيقة البطل

- غلطة من البطل غير مقصودة أو مقصودة تعطله وتجبر على غير ما يريد لتنسج وتوجه الأحداث إلى غير ما كانت عليه إلى قبلة جديدة بمكان جديد .
-
عقدة أى مشكلة تواجه هذه الذات
-
ماذا تفعل الذات تجاه هذه المشكلة التى تواجها

- انفراجة باستغلال البطل كل أدواته التى يمتاز بها

- كسب أخرين يساعدونه فى بلوغ هدفه من جراء عظمه ونبله ، وإما انقلاب واحد من المصارعين له تتضح حاجته أنها تتحقق باتحاده معه فيساعده ويكونا قوة كبيرة

- الانتصار والتفوق والنجاح
- السياق الذى تسير فيه من بداية إلى ابتلاء إلى زلة إلى عقدة إلى انفراجة إلى تعرف إلى نهاية  .
- المضمون ما حقيقة الذات ، وماذا كانت تريد وما تهدف إليه ، وكيفية السبل إليه. وبأى الطرق ، وما حقيقتها هل هى نبيلة وفاضلة أم وضيعة متردية ، وما يكشف ذلك هو الزلة بقصد (متردى) أو بغير قصد (نبيل)

- ما الهدف منها ?
- ما المكان التى كانت تدور فيه رحى الأحداث؟
- ما الزمان ؟
- كم من الشخوص شملتهم الحادثة ؟ وماذا كان دورهم ؟ وماذا كانوا يفعلون ؟ والعلة من وجودهم ؟
- هل كانت متوافقة مع الواقع ام مختلة عنه ، ام متشابهة ، أم لا تمت له بصلة ؟

قد وضعنا أيدينا على الكثير من الخيوط التى تبنى جسد القصة
- وجود راو يروى لنا الحكاية
- الحكاية نفسها
- مروى لهم سواء كان سامع أو قارئ لها
- روابط تربط بين الراوى والحكاية والمروى لهم
- خالق الحكاية
- كيفية خلق الحكاية
- ولماذا تكون لتروى وتحكى؟
- شخصيات
- بداية
- مكان
- زمان
- قضية
- حاجه
- هدف
- سياق
- مضمون
- موانع وعقبات وأسباب ونتائج
- رابط يربط بين كل هؤلاء وهى الحبكة والنسج والتربيط
- نهاية


ونصل إلى ملخص مبسط:
البداية شخصية (ذات ما ) فى مكان ما وزمان ما ، تقوم بعمل ما ، من اجل حاجة وهدف ، تواجه عقبة ما ، من شخوص آخرين أو ذوات آخرين تتفق حاجاتهم وأهدافهم مع حاجتها وهدفها أو تختلف ، حيث يكونوا هم حجر عثرة فى طريق حاجتها وهدفها ، أو هى مانعة لحاجاتهم وأهدافهم ، فينشأ الصراع والعقبات التى تعمل الذات على تخطيها وهذا هو السياق ، وتجتاز المانع وراء الأخر بعمل جبار وعزيمة قوية وفكر راشد وهذا هو المضمون ، حتى تحصل على حاجتها وتحقق هدفها وتكون النهاية.
ـــــــــــ
قلنا أصل الرواية التى هى فى حقيقتها قصة تروى حدوتة .
والحدوتة نسج من خيال متناقل ،
أو مخلوق مبدع من مؤلف لها وهذا ما يهمنا ومناط عنايتنا
فكيف يخلقها ؟
تلقى إلى مبدع بقوى ناعمة من قبل الإلهام
وما الإلهام ؟
وحى غير مباشر من الله
ما كينونتها؟
مجرد قلب قضية أو إشكالية أو حدث أو حادثة غير كامل الملامح ، لكنه نواة صغيرة ، فتبنى عليها وتوسع أحداثها وشخوصها ، وسرعان ما تكبر وتتفرع ، وتصبح دنيا كمثل التى تعيش فيها .

مثال:
شاب ابن شيخ قبيلة فى الواحات يريد الزواج من ابنة العمدة ، فيرفضوالده للعرف والتقاليد التى لا تبيح ذلك ، فيخرج عليه ويهرب بها ، وتحمل له ، ولكنقلبها لا يتحمل الإنجاب ، فتموت وهى تلد ، وتتركه له رضيعا وهو فى بلد غريب ، فلايستطيع العودة خوفا من انتقام العمدة وعقاب والده ، فيظل هاربا ، يكبر ولده ، يدخلالجامعة ، يحب طالبة يتضح أنها ابنة اخو العمدة ، ويريد الزواج بها ، فيرفض له طلبه، فيهرب بها إلى الواحات.
نتأمل قلب القصة التى القى بها الإلهام
- شيخ قبيلة وهذا يعنى البدو وهو كبيرهم وحاكما لهم ، والصحراء والإبل والمراعى وحياة التقشف والعادات والتقاليد الصارمة ، وعدم الاختلاط ، والاعتماد على الرعى وندرةالمياة . وهذه بيئة لها خصائصها وملامحها التى لا تغيب عن احد.
- العمدة وهذا يعنى القرويون وهو كبيرهم وحاكما لهم ، الخضرة والزراعة وغيرها ، بما يعنى بيئة لهاخصائصها وملامحها وعاداتها وتقاليدها.
- عالمان مختلفان تماما رغم وجود التقارب المكانى والرابط الزمانى بينهما.
- هذا  الاختلاف  من شأنه أن يخلق الصراع الذى هو عماد القصة والرابط لمتابعيها.
- الحب الذى يجمع بين طرفى هذين البيئتين ،فيولد الحاجة والهدف اللذان يخلقان بدورهما الشخصية الرئيسية وهو البطل ، وبدوره تتحدد الحاجة التى يريد أن يحصل عليها وهى أن يوافقه أبوه ليرتبط بهذه الفتاة ،والهدف الزواج بها لأنه يحبها .

- العادات والتقاليد التى يحكم بها شيخ العربلا تبيح الزواج من القرويين ، وهنا تكون العقبة الأولى والمانع الأول ، فيتولدالصراع ، بخلق أو عقبة كبرى من طبيعة البيئات المختلفة لشخوص القصة ، وهنا يتضح قيمة ومسرحة الأحداث لتكون عاملا مساعدا لتوليد الصراع وضبط الحبكة القوية بمايتماشى مع المنطق ويتوافق مع العقل ، ويكون سندا للبناء الصحيح .
- علينا أن نحدد الأسماء التى تناسب كل بيئة ونفلسف الاسم بما نجعله يكشف عن مضمون القصةوخصائص وصفات البطل ، ليكن اسم البطل ( نعمان ) فهل الاسم مناسب ؟ كيف يكون نعمانمن النعم وهو يخرج على أبيه ولا يطيعه وهذا مخالف للعقيدة ؟ بوسعنا عندما نوسعالأحداث أن نكشف انه كان نعمة لأبيه لأنه كان يعده لشياخة العرب لاستقامته وأخلاقهوعلمه ، ثم يصير نقمة ، ثم ينقلب بعد ذلك ليعود إلى الأصل نعمة كبرى لأبيه عندمايتقهقر العرب ويكون هو المنقذ لهم بعد رحلة الهروب الطويلة .
- بوسعنا بعد ذلك أن نوسع الأحداث ونخلق العقبات ، حدث وراء حدث ومانعا وراء مانع .
- ولكن نعودإلى البطل مرة أخرى حيث نخلق له حياة داخلية حتى نعرفه تماما ، بمعنى أن نعرفالكثير عنه قبل بدء أحداث القصة أى عندما طلب الزواج من ابنة العمدة ، فنحن لا نعرفقبلها كيف تعرف عليها ؟ وفى أى مكان كان يقابلها ؟ ولماذا خلق الحب بينهما
ـــــــــــــــــــــ
وصلنا إلى تحديد أسم البطل ( نعمان ) والفلسفة من اسمه
وهذا فرض علينا أن نعرف أكثر عن حياته قبل بدء الأحداث التى بدأت بأنه يحب ابنةالعمدة ويريد الزواج بها وقد رفض أبوه ،
لابد أن نعرف حياته قبل ذلك حتى تمدنابما يجب علينا السير فيما يجد عن حياته يكون ظاهرا للقراء ولذلك سنعود نشرح أكثر عنكيفية خلق شخصية البطل أو الشخوص.
ونبدأ

ما الشخصية؟
هى مجمل صفات الشخص وهويته ، التى نعرف منها أهو ذكر أم أنثى ؟ أهو شابأم عجوز؟ متعلم أم جاهل ؟ أهو وجيه أم وضيع ؟ تافه أم جاد ؟ إلخ

والشخص هوأداة الحدث أى الذي يقوم بالفعل ويحدث الحدث ، ويقع عليه أو به الحدث.
والشخصية لا تحدد إلا من خلال الأفعال والتصرفات والسلوك والأقوال والفكر.
أى يكون لكل شخصية وجهة نظر وحاجة وهدف وهو مناط الحكم عليها.
وبذلك تكون لدينا شخصية بصفات معروفة نعيها من خلال دورها فى القصة ونحكم عليها.


الشخصية هى إنسان بصفاتما وخصائص ما ، يعيش فى الحياة بما فيها من سعادة وشقاء وسعادة الإنسان وشقاؤهينبعان من أفعاله وتصرفاته وأعماله التى يقوم بها نظرا لحاجته ؛ لأن غاية ما نسعىإليه فى الحياة من أفعال وأعمال نقوم بها لتوصلنا إلى ما نريد وما نصبو
شخصية الإنسان تكسبه:
خصائص :أن يكون نبيلا وطاهرا وعفيفا وصادقا وإما عكسها تماما
صفات :أن يكون طويلا نحيفا قمحي اللون وإما عكسها تماما .
وإما ما بين هذا وذاك
ولكن الخصائص والصفات لا تكسب الإنسان نتائج ليكون سعيدا أو شقيا ، ولكن الذي يحقق ذلك هى الأفعال والأعمال .

الشخصية لها حياتان:

1- حياة داخلية
أى غير معروفة لنا منذ مولدها حتى بدءأحداث القصة ، وهى تمدك – أيها المؤلف - بالكثير عن صفات وأخلاق ونهج وسلوك الشخصيات ، مما تيسرعليك رسم الخطوط الدقيقة لحياة الشخوص ، وبذلك تصبح شخوصك أكثرواقعية ومواءمة واتساقا مع ما يتأخر من أفعال وتصرفات مقنعة مقبولة.
فى العادة تحتفظ بهذه الصفات فى مخيلتك أو من الأفضل أن تكتبها على الورق منذ بداية التفكيرفى شخوص القصة.

2- حياة خارجية
منذ بدء أحداثالقصة حتى نهايتها ،
ونعرف فيها :
- إن كانت الشخصية ذكرا أم أنثى
- وعمرها عند بدء الأحداث ،
- وأين تعيش ؟
أكان يعيش بين والديه ؟ أم يتيمأحدهما أو واحد منهما؟
أله إخوة وأخوات أم لا ؟ فإن كان له إخوة وأخوات فكم عددهم ؟ وكيف كانت مكانته بينهم محبوب أم مكروه ؟
مطيع أم معاند ؟ منطو على نفسه أم منفتح على الآخرين ؟ هل هو جاد فى تحقيق حاجته ويصارع من أجلها أم كسولم تقاعس من أجل حاجته؟
كيف يتعامل مع الشخصيات الأخرى بسلوك ودي أم بسلوك معاد ؟أم بين هذا وذاك؟
كيف يتعامل مع نفسه ؟ هل هو جبان متخاذل يخاف من أى شىء أمشجاع مقدام ؟
متحرر لا تهمه العقيدة أم محافظ ويتمسك بها؟
ماذا يعمل أم أنه لا يعمل؟
ما طريقة تصرفه فى أى موقف ؟ أهو ذو موقف ويظهر فيه نبله وتفاؤله ، أمهو سلبي يظهر فيه تدنيه وتشاؤمه؟
متحمس للحياة أم لا؟
إن عنوان الشخصيةوتاجها هو الاسم ، فلا شخصية من غير اسم ، وجوهرها الفعل فلا شخصية بلا فعل ،وقلبها الخصائص والصفات.

لنطبق على ما ضربناه من مثال سابقليكن رواية نسميها
( رعاة الإبل )
وسنقف عند العنوان فى مرحلة لاحقة بعد خلق شخصية البطل
فلنتعرف على حياة نعمان الداخلية أى قبل أحداث القصة والتى عرفنا أنه كان يحب ابنة العمدة ولذلك يريد الزواج بها فرفض والده .
من الأسباب أنه متعلم يكتب الشعر ويلقيه ، ويتناقله الشباب والكبار .
كيف وصل شعره لابنة العمدة وهى من القرويين وهو من العرب ؟
لابد من خلق مكان يكون رابطك بينهماونقطة تلاقى غير مباشرة أو مباشرة
ما النقطة الوحيدة التى تجمع بين العرب والقروييين ؟
لنقل التجارة
وهذا يحتم بما إن نعمان بدوى إذن لديهم قطعان من الابل والكباش وغيرها
والقرويون ليس لديهم سوقا للابل والكباش
إذن تباع لحوم الابل للقرويين
وهذا يحتم متجرا للجزارة
يعمل نعمان فى هذا المتجر ،ومنه تعرف على ابنة العمدة ، ونشأت قصة الحب بينهما.
تضح شيئا فشيئا حياة البطل الداخلية حتى تساعدنا فى خلقها خارجيا فى طريقة تصرفه وافعاله واقواله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لن اطيل فى خلق حياة و الشخصية الداخلية والتى عرفناها أنها تكون قبل بدء احداث الرواية ، وعادة تكون من مولده حتى السن الذى يظهر به مع بداية الاحداث .

قلنا البداية حدث مثير مشوق ممتع جذاب غامض
فكيف تكون البداية ؟
نبحث فى الحدوتة التى نريد توسيع أحداثها عن بداية تنطبق عليها تعريف البداية
فلو قلنا كما جاء فى قلب الحدوتة من الإلهام أن نعمان يحب ابنة العمدة نعمات ويريد الزواج بها فيرفض والده شيخ العرب .
ونريد من هذا القلب أن نجعل منه بداية مثيرة مشوقة ممتعة غامضة تكشف طرفى الصراع وتخلق الخوف والقلق وهو من موجبات التشويق والإثارة.


نبحث سويا ونقول:
تسرى إشاعة فى كل أنحاءالقرية من أن أشعار نعمان اللنشامى ابن شيخ عرب الواحات قد سحرت نعمات ابنة العمدة مما جعلها تهرب معه إلى مكان غير معلوم ، وما يؤكد الإشاعة أن نعمات لم تعود إلى بيتها بعد انتهاء عملها ، وجن جنون العمدة الذى اخذ كل رجال وسادة القرية يبحثون عنها ، فلم يجدوها فتوجه العمدة برجاله إلى ديار العرب يريدون أن يفتشوا فيها ،ويقف لهم العرب وعلى رأسهم اللنشامى شيخهم ويواجهه العمدة من أن ولده نعمان قد هرب بابنته أو أخفاها ، وهى شرفهم وينكر اللنشامى الواقعة ويدعى أن ولده نعمان فى متجره بقلب القرية ، ولكن العمدة يؤكد له انه ليس موجودا ولم يفتح المتجر مما يؤكدالإشاعة ، فلا يجد اللنشامى مفرا من أن يسمح لهم بالبحث عنه بل وبمشاركة فرسان هوسادة القبيلة ، ولكنهم لا يجدونه ، فيحاصره العمدة من أن ولده جاء بفعل عظيم لايمحوه إلا الدم ، وانه يعلنها حربا شعواء تجرف الأخضر واليابس ولن تبقى ولن تزر على أى عافية للعرب
.
أوجدنا فى هذه البداية الكثير والكثير وسعنا من مدخلات الرواية بشخوص كثيرين ، وخلق سياق وبقلبه خلق من نفسه المضمون ، وظهر الصراع ، وعرفنا طرفيه بين عمدة القرويون ورجاله ، وشيخ العرب ورجاله ، ويقف وراء كلا منهما عادات وتقاليد تزيد من أوار الصراع وتشعل نارالحبكة لما بين الفريقين من تفاوت واختلاف ، فخلقنا ما يربط بينهما لم يكن له أن يوجد حتى يظل كل فريق فى مكانه وعالمه ، وهنا مكمن الحبكة الجيدة أن تفجر الصراع بفعل قوى يتجلى فى حب العربى للقروية ، وهذا الحب مكتوب عليه الفشل ؛ لان العرب لايتزاوجون من القرويين .
لماذا خلقنا التفاوت والحب المستحيل ؟
حتى يكون هنالك حدث ينطلق وقضية تناقش

ــــــــــــــــــــــــــ
عرفنا كيف تكتب البداية
ونحدد شخصية البطل الشخصية الرئيس فى الرواية
وعرفنا الكثير عن حياته الداخلية غير الظاهرة ولا المعروفة قبل الأحداث الفعلية للرواية
وعرفنا وحددنا حاجة البطل وهدف
ونبدأ هنا :
من البداية بتحديد حاجة البطل التى يريد الحصول عليها ، والهدف الذى يريد تحقيقه.
فعلينا أن نذهب ونفكر فى النهاية قبل أن نستمر نكمل البداية حتى المنتهى والخاتمة
لأنك لن تستطيع أن تصل إلى الخاتمة بدون أن منذ البداية
فليس بوسع احد أن يستقل قطارا دون أن يعرف إلى أى المدن أو القرى يذهب ولماذا
فقبل أن تفكر فى وسيلة الركوب لابد أن تكون فكرة لماذا تذهب إلى هذا المكان
وماذا ستفعل فيه ؟
عندما تحدد المكان تحدد حاجتك ، ومنه تفكر فى الوسيلة التى توصلك لهذا المكان
المكان القرية أو المدينة التى تريد الذهاب إليها هى بمثابة الخاتمة التى فيها ستحصل على حاجتك وتحقق هدفك
أما القطار فهوالأحداث ، ينتقل من محطة إلى محطة ، أى من حدث إلى حدث ، وهو السياق
أما الركاب فى القطار فهم شخوص الحدث وأداته ومكمن فاعليته ، وما يدور بينهم من صراع أو حوارأو غيره فهو ما نسميه المضمون .

مثال من رعاة الإبل
قلنا أن نعمان يريد الزواج من نعمات ولم يوافق أبيه ، فخرج عن طوعه وهرب بها من الواحات إلى القاهرة .
والقاعدة تقول كما تدين تدان وهى فلسفة الرواية
فكيف تكون النهاية التى نريد تحديدها ؟!
أن يحدث لنعمان ما حدث لأبيه ، ويقف نعمان نفس الموقف بأن يخرج عليه ولده ، ويهرب منه يعود إلى الواحات بنفس السبب
ولماذا يهرب منه ولده وهو الذى يؤمن بالحب ، وقد ترك كل شيء من اجله فلماذا لا يوافق ولده على حبه ؟!
من المؤكد أن من يحبها ولده تمثل خطرا كبيرا على حياته وأمانه
ولن يتأتى ذلك إلا إذا كانت هذه الفتاة لها صلة ما أو معرفة بمن له ثأرا عند نعمان ولا يكون غير العمدة الذى يريد أن ينتقم منه لأنه هرب بابنته وفضحه ، ولذلك نعمان يخاف منها أن تقول لأهلها حتى لا يأتوا ينتقموا منه . ولذلك هو يرفض حب ولده لها ، وعليه يقرر ولده الهروب مع من يحب إلى الواحات ويخرج على أبيه.

وتلك تكون العظة وهى من اهداف القص الحسن ومن شروط الأدب

ويتبقى هدف عظيم من اهداف وشروط القص الحسن الا وهو التعلم الذى ينبع من نبل البطل والذى حتما يكلفه الكثير ويجب ان ينجح فيه

ولا يكون ذلك إلا بان البطل لا يرضى لولده نفس مصيره مدام قد خرج عليه فانه حتما سيواجه أن يخرج عليه ولده ايضا ،

والبطل يريد بعد ان وعى الدرس تماما من محنه الكثير التى سيقابلها الا يعيشها ولده

ولذلك يقرر أن يسافر لولده ليبارك له حبه والواج بمن احبها ، وهو بذلك يواجه الموت ويتحداه ؛ لأن من هرب اليهم ولده هم من يريدون الانتقام منه ، وتلك المواجهة غير الحتمية هى التى تفرز نبل وعظم البطل .

نعم حتى النهاية وانت تضع عقبات كبيرة فى طريق البطل ويجب عليه تخطيها والنجاح فيها ، رغم أن النجاح لا يكون حتمى بل يبنى على أن يكون محتملا مما يجعل وتيرة التشويق لا تنقطع ولا الخوف ولا الشفقة وهى من الدوات التى تربط بين ابطال الرواية وبيننا نحن الجمهور من القراء.

هناك الكثيروالكثير الذى نود ان نقوله فى فن كتابة الرواية إذ نحن إلى الآن فى الأس الأول وهو البداية من أسس بناء الرواية السبع

حيث الأسس السبع:

البداية - الابتلاء- الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

وسنكمل عما قريب بإذن الله

كيف تكتب الرواية 2

بعد أن فرغنا من إعطاء نظرة سريعة وفاحصة عن البداية التى ترتبط بحتمية معرفة النهاية أو على الأقل الإجابة التامة عن حاجة البطل وهدفه ، إذا أنهما من أهم ما يجب على المؤلف معرفته تحديد البطل واسمه وعمله ومكانته ، ومن ثم حاجته التى يريد أن يحصل عليها والهدف الذى يريد أن يحققه ، وهو ما سيفجر القضية التى ستتناولها ، فمن المؤكد أن الحاجة والهدف تحقيقهما ليس بالأمر الهين ولا السهل ولا يجب أن يكونا كذلك وإلا ما كان هناك رواية ولا قصة ولا أحداث تسرد وتروى وتكتمل الرواية وتتصاعد الاحداث.

مثال

شاب يحب فتاة وهذه الفتاة تحبه وهما يريدان الزواج .

 إنه شيء سهل ميسر وقضية بسيطة تبدو كذلك ، ولكنها توضح بجلاء حاجة البطل وهدفه إذا يحتاج

فماذا يريد

يريد الذهاب إلى والدها لخطبها

والهدف الزواج بها  

منذ عقد النية على الذهاب إلى والدها تلك تكون البداية الطبيعية

حتى الزواج بها تلك تكون النهاية

وما بين الخطبة حتى الزواج يتكون جسد الرواية وطولها وأحداثها

فقد حددنا البداية وحددنا النهاية

مع أنى لم اقل ولم اشرح كل النهاية ولم ألزم أحدا كيف تكون هل يتم الزواج بها ، أو لا يتم ، أو تموت الفتاة ؟ أم ستتزوج غيره ؟ كل هذا وارد فى النهاية ولكننا حددنا الإطار العام لها كما حددنا الإطار العام للبداية .

ويجب عليك أن تضع فى مخيلتك هل ستوصلهما إلى الزواج فعلا لم لن تجعلهما لا يتزوجان ؟ لان ذلك من شأنه أن ييسر عليك رسم الخطوط والشخصيات والأحداث فى مسارها الصحيح حسب القبلة التى حددتها من البداية ومستقرة فى ضميرك من الزواج من عدمه.

الفصل الثاني من كتابة الرواية الابتلاء

الابتلاء باختصار نقطة ارتداد

بمعنى حدث أو حادثة تقع للبطل تعطله عن تحقيق هدفه وتصعب عليه حاجته

وذلك بخلق حاجة جديدة وهدف جديد وتحول جهده وطاقته إليهما رغم فقدانه الكثير من قدراته التى كانت تعينه فى مسيرته سواء فى قوته الجسدية أو المادية أو العملية أو العلمية أو غير ذلك من قوة كانت لديه تساعده فى بلوغ هدفه.

مثال

إذا كان البطل سيحقق حاجته وهدفه فى الإسكندرية كأن يقضى أسبوعا فى المصيف هناك وهو يصطحب أسرته فى سيارته يستعدون للاستمتاع بالبحر واكل السمك وسهر الليل ومزارات الإسكندرية ، فإنه ما يكاد يصل إليها يرن هاتفه ويخبرونه بأن فندقه العائم العامل بين الأقصر وأسوان قد شبت فيه النيران وعلى متنه السائحين الأجانب .

هذا هو الابتلاء بلية عظيمة تحيق بالبطل تجبره على تغير خط سيره الصحيح نحو حاجته وهدفه إلى حاجة وهدف آخر لم يكن فى الحسبان ويبعده كل البعد عن حاجته وهدفه الذين كان يعمل من اجليهما ويسير فى طريقه السليم الصحيح.

هذا الحدث يقع فيجبره على أن يتوقف بسيارته ويحول خط سيره بأن يتجه إلى الأقصر حتى يقف على حقيقة ما حدث لفندقه وما سينتج عنه من مصيبة كبيرة تطال السياح والفندق نفسه ، ويسافر إلى هناك .

مواجهته لما حدث من حريق لفندقه يخلق حاجتا وهدفا جديدا ، يتمثل فى تخطى هذه الكارثة من تفادى موت الأجانب إلى كيفية معالجة خسارته فيما طالته النيران من الفندق ومن ثمة محاولة تشغليه وإصلاحه بأقصى سرعة ممكنة حتى يعود الفندق للعمل لكى يستطيع من خلال إيراداته أن يسدد الأقساط المستوجبة عليه للبنوك .

بهذا الابتلاء الذى حدث وغير مجرى الأحداث ونسجها فى اتجاه أخر مجبر البطل عليه قد عطله تماما حاجته الرئيسية وهدفه الرئيس من السفر إلى الإسكندرية لقضاء وقت بها ، وحتى يحقق ذلك لابد له من تحقيق حاجته وهدفه الصغيرين الذين خلقا من الابتلاء ، أى عليه أن يتغلب على ما حاق به من حرق الفندق حتى إعادته للعمل مرة أخرى والتخلص من كل القضايا التى لحقت به والخسائر حتى يستطيع آن يعود إلى الإسكندرية مرة أخرى .

وسأعود إلى مثال الشاب والفتاة وأمر الحب والزواج حتى ينسجم الطرح

قد قلنا أن الشاب يحب الفتاة وحاجته تتمثل فى انه يريد خطبتها وقد ذهب إلى والدها ونال استحسانه وموافقته على خطبته لابنته لعلمه وأخلاقه وسمعته ، والاتفاق على كل ما يتعلق بالزواج من شقة إلى غير ذلك بعد أن التحق الشاب بعمل معقول ليس فى تخصصه ولكن ما تيسر أمامه من فرصة .

يقع الابتلاء

وهو يخرج مع حبيبته فى نزهة وبينما يتنسمان رحيق الحب يخرج عليهما من يريد خطف حبيبته واغتصابها ، ويحاول مقاومتهم بكل ما أوتى من قوة والفتاة تحاول أن تدافع عن نفسها وشرفها ولكن يشهرون فى وجهيهما الأسلحة البيضاء ومن يقوم بتكتيفه وضرة وسحب الفتاة من بين يديه وهى تصرخ وتصرخ ، ويستطيع الإفلات ممن يمسكون به ويقيدون وثاقه ويوسعهم ضربا ويجرى ليخلص حبيبته من أنياب من يريدون الفتك بها واغتصابها ويحاربهم محاربة عظيمة ، ولكن المغتصبون يتجمعون عليه ويسددون له لكمات وضربات قوية نحو ساقه حتى كسرها وعلى زراعه حتى كسروها وافقدوه الحركة تماما ، وحبيبته تصرخ وهم يحاولون اغتصابها بعد أن قطعوا ملابسها وخدشوا حيائها أمام ناظريه وهو يسحف على الأرض يحاول أن ينقذها ، وهم يحاولون حتى يسمع بعض المارة صراخ الفتاة فيتدخلون يقاومون المغتصبون الذين يلوذون بالفرار.

الابتلاء بلية عظيمة إصابة الشاب وأقعدته عن العمل بعد ما لحقه من تكسير عظامه ، ورؤيته لحبيبته يخدش حياءها . فخلق الابتلاء له حاجة جدية وهدفا جديدا ، يتمثل فى الشفاء التام والبحث عن عمل جديد فقد سرح من عمله نتيجة ما أصابه ، والهدف المقدرة على تحصيل المال من اجل المقدرة على تأسيس بيت للزوجية ، وهذا بخلاف مقدرته النفسية على تجاوز ما أصاب حبيبته التى نشرت الصحف ما تعرضت له من محاولة اغتصاب بعد القبض على الجناة ، مما يوسع من دائرة الحرج له ويزيد من أوار الصراع النفسى الداخلى من حبه لها وما أصاب الصورة الجميلة لحبيبته العفيفة ، وهل باستطاعته تجاوز كل ذلك والتمسك بحبه وأمله ومعاودة الحاجة للزواج بها .

الى اللقاء فى الفصل الثالث

 

 

aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 88/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
28 تصويتات / 717 مشاهدة
نشرت فى 4 نوفمبر 2010 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

128,932