أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

 رأيت الرسول (ص) واسراراً أخرى

(تحت الطبع)

المقدمة

    من يقابل ممثلا أو نجما سينمائيا أو لاعبا كرويا يأخذ يتشرف به ويتفاخر، ويتواصى بين من يعرفهم ومن لا يعرفهم مفاخرا متباهيا أنه قابل هذا النجم أو تلك الممثلة أو رآها دون حتى أن تقصده لشخصه ، ويظل فى التباهي أمدا بعيدا ، وينفق من وقته وقدراته فى التواصي بذلك ، ولا يلومه أحد فى تباهيه هذا وتفاخره بل يفرحون له ويحسدونه على أنه حصل على ما لم يحصلوا هم عليه ، وكأنه عرج إلى السماء وأمسك بالقمر وقبّله والتقط صورا معه وحفه بهدية عظيمة ، فتوسع رزقه وتيسر حاله وحصل على البركة التى زادته بسطة فى صحته وكيانه ورفعته إلى مراتب عليا لم يكن يحلم بها. فما بال من يرى رسول الله محمدا (ص) خير خلق الله كلهم من خلقت الدنيا من أجله ، وقد رآه فى المنام العظيم ،  ألا يحق له التفاخر والتباهي والتشريف والتواصي بين الناس والإنفاق فيه عمرا ؟! إنه سؤال استنكاري أعلم علم اليقين أن واحدا لا يمكن أن يخالف ما سبق أو ينكره إلا إذا كان لا يعرف قدر المصطفى صلى الله عليه وسلم عند ربه وعند الناس وبين الرسل والأنبياء والمرسلين ، ولا قدر ووزن رؤياه الكريمة. ربما تكون من المرات القلائل التى يفرد فيها لرؤياه صلى الله عليه وسلم كتاب ينشر على الناس ، فماذا سيقول لهم فى هذا الكتاب ؟ وهل الرؤيا ووصفها بكل تفاصيلها تملأ دفتي كتاب ؟ بالطبع ليس الأمر متوقفا على الرؤيا المنامية فقط ، بل ما تحويه لماهيتها وكينونتها ومراميها ومقاصدها ، وكيف تحققت ولماذا ، وما الذي حققها ، ولماذا كانت ، وماذا كانت تدل عليه ؟ فهل كانت بالمصادفة ومنحة من الله لهذا الإنسان ؟ أم هو الذى طلبها ؟ وإن كان طلبها فهل طلبها تفاخرا ؟ أم طلبها من أجل هدف عظيم وحسم لمسألة كانت تؤرقه ؟ وهل هو كان يثق فى نفسه هذه الثقة التى تخوّل له الطمع فى رؤيا رسول الله ؟ وماذا استفاد منها وما أنجز؟ وهل تغير حاله وحظ حياته بين ما قبلها وما بعدها ؟ كما هو الحال فى بناء القصة أو الرواية أو الملحمة المحزنة المفرحة  من تحقق التغير الحتمي فى حظ حياة بطلها من الشقاء والفشل إلى السعادة والنجاح حال النفس المطمئنة أو اللوامة التى تحكم تصرفات وأفعال وأعمال البطل، الذى لا نستطيع أن نحشره فى أصحاب النفس المطمئنة التى اختص بها الأنبياء والرسل والصالحين ، ولكن نحشره ونظنه من أصحاب النفس اللوامة التى يحبها الله ولذلك أقسم بها ، وهى النفس التى تلوم نفسها ، وإن اجتهدت فى الإحسان وتعاتب نفسها وتحاسبها حال الزلات والمعاصي . ونحسبنا نحن من أصحاب النفس اللوامة ، والتغير حدث من الفشل إلى النجاح ، ومن الشك إلى اليقين ، ومن الجهل إلى العلم .

بالطبع الرؤيا وحدها لا تملأ دفتي كتاب مع أن التفاخر يستأهل أكثر من ذلك بكثير لهذا الحدث الجلل العظيم غير المنعم به على الكثير من العباد والركّع السجود  ، ولكن هنالك من الأسرار التى سنرويها ونحكيها تهمّ باعا كبيرا من الناس سواء من العوام أو أصحاب العلم والمعرفة والكبراء والوجهاء ، لتكون أملا غير بعيد ومتيسر لمن يطمح فى رؤياه حتى وإن كان بلا مؤهلات يراها فى نفسه ، مما يعنى أنه غير أهل لرؤياه ويستكثر على نفسه ذلك فهو اعتقاد خاطئ لا ريب ، فكل هذه حسابات ليست كلها صوابا على الأرجح ، لأن رحمة الله واسعة وكرمه كبير وعظيم ونعمه لا تعد ولا تحصى ، كما الإصابة فى القول والعمل لا يشترط فيها الإيمان ولا والتقوى ، حيث يمنحهم الله لمن يشاء من خلقه المسلم والكافر وغيره لحكمة لا يعلمها إلا هو ، والدليل على ذلك المخترعات والمبتكرات وخلاصة العلم والمعرفة ينتجها الغرب الذى منهم من لا يعرف الله وتخدم أفكارهم وعلمهم البشرية جميعا ، فإن أنكرت منحته لهم فى الإصابة فيما قالوه أو فعلوه ، فأنت بذلك تذكى أنهم هم الذين جاءوا بالعلم وأن هذا من خلاصة فكرهم العقلي المادي المجرد ولم يكن للقدرة والمشيئة الإلهية دخل بهم ، وهذا بالطبع مالا يجوز لنا أن ننكره أو نوصفه بهم ، فالمنحة من الله فى القول والعمل يمنحها من يشاء من خلقه لعلة وحده يعلمها .

    رؤيا الرسول الكريم  عليه الصلاة والسلام  ليست بعيدة المنال عن أي واحد منا، عندما تتحقق النية الصادقة والأماني الحقيقية والعشم الكبير والعزم الأكيد والثقة العظيمة بأنك ستفوز برؤيته صلى الله عليه وسلم ، وأن تجعل الحديث القدسي أمام عينيك والذي يقول: أنا عند ظن عبدي بي ، فيجب أن نطمع فى كرم الله وإحسانه ، مهما كان عظيم هدفنا وكبير مطلبنا ورجاؤنا ، ولا نستكثر على أنفسنا ذلك أبدا ، ثق فى الله وجدّ فى طلبك وألحح عليه وتبتل وتذلل وأظهر ضعفك وحاجتك واجتهد فى العبودية والاعتراف بوحدانيته وقوته وجبروته وسماحته وكرمه ، سيمنّ عليك حتى لو تأخرت الإجابة ، ثق فى نفسك أنك أهل لهذا الطلب وهذا هو المهم وبيت القصيد، فإن لم تكن تثق فى نفسك فمن تريد أن يثق فيك! نعم إن الله يعلم الغيب وما تخفي الصدور ولكن يجب التضرع والطلب والإلحاح فيه  مع اليقين الكامل أنه سيحصل ويستجيب لك الله ؛ لأن الله عند ظن عبده كما

جاء فى الحديث الشريف.

 

التمهيد

    كانت هالة النور التى تشملني تبدد ظلمة الجهل وسوء الظن وضيق العقل تفك عقاله لينطلق بلا خوف إلى آفاق عليا ، ليحلق فى الآيات والسور يخرج منها جواهرها ولآلئها فى عالم القصة التى كتبتها فى كتاب باسم " أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم" . وكتاب " أسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم "  ولكن سحب الخوف تتمدد باتساع سماء تلك الهالة النورانية الواصلة ما بين الأرض والسماء ، المميزة عن ضياء الشمس ونور القمر ، فنورها مزيج منهما وقبس من نور الله ، آية ذلك أنه يخترق جدار العقل فينير غرفه ويبدد ظلمته ، بتوصيل التيار إلى ماكيناته المتربة وملفاته المعطلة ، لتعود تؤدي دورها بفاعلية تجلي صدأ ملفاتها ، وتضيف إليه ملفات أخرى بورق شفاف ممغنط يتلقى أسرع من البرق ذبذبات القلب التى يجمعها من بؤرة الفؤاد وعدسة العين وبوق الأذن التي تدرك الآيات ويرسلها القلب ، ويستقبلها عقل المخ على أجنحته الورقية اللينة ويضعها تحت المنظار  ويسلط عليها ضوئه الخارق الفاعل يطرح عليها مادته السرية ، بمعايير كيميائية عظيمة ، ثم يقلبها ويفتتها ويطحنها وهو يرصد التفاعلات فيما بينها بدقة متناهية ، ثم يكتب هذه التفاعلات الحاصلة حين إضافة مادته ليخرج بمنتوج جديد مبهر ، سرعان ما يرسل به إلى عقل القلب رئيسه وسيده وهو مطمئن ليراجعها وليصدر عليها حكمه . لكن عقل القلب يقرؤها ويراجعها ثم يضاهيها بما لديه نماذج من علم يقين مستقر من عقيدة سماوية ، فلا يجد لها نماذج لاختلافها بما عنده ، فينتابه الشك ولا يستطيع الحسم وتقديم النتيجة النهائية والرد الصحيح الحسن الجميل ، وينتابه القلق والحرج خوفا أن يشك فيه عقل المخ من أنه ليس أهلا لأن يحكم على ما أنتجه بسبب تقصيره وعدم الإلمام بكل ما يخرجه من فكر. فيلجأ إلى عقول قلوب آخرين من المفسرين والعلماء وأهل الحل والعقد ، علّه يجد عندهم نموذج الإجابة لتعينه فيصدر أحكامه السليمة الصحيحة . وعقل المخ ينتظره قلقا حيرانا يتململ يعد نفسه أن ينقلب عليه بحجة أنه تأخر عليه فى الرد ، مما يعني أنه غير قادر على الحكم ، وهي منقصة كبرى لا تليق بجلال عظمة لما استأمنه الله عليه ، لكن عقل القلب لم يهتد بنفسه ولا بهدي الآخرين الذين استعان بهم فيؤثر السلامة خائفا من ربه ويحكم بخطأ استنتاجات عقل المخ . ويبدأ الصراع بينهما ، ومن ثم يتولد الخوف الشديد أن يصرع أحدهما الآخر مما يؤثر بالسلب على المنتج كله ، وتتدخل الروح التى تحكمهم جميعا إن تهادنوا وتعاونوا وتدبروا ، ولحرص عقل المخ على رضا وموافقة عقل القلب حتى يطمئن على سلامة منتجه أنه لا يخالف الشرائع الإلهية ، فيمنحه فرصة للمراجعة  ويرد عليه عقل القلب أنه يستشعر حلاوة وجمال وروعة منتجه ؛ لأن الأدلة والمقدمات التى اعتمد عليها من القرآن الذي لا يشك فيه أحد ونتائجه يجب أن تكون كذلك ، ولكن أنا عاجز عن إصدار حكم بمفردي ، ولذلك سألجأ إلى واضع العقيدة الصحيحة السليمة فيه أطلب منه العون والمساعدة ، أنتظر إشارة منه أو علامة تقودني إلى سلامة الحكم ، فيطيعه عقل المخ ويمنحه الفرصة والفسحة التى يطلبها حتى يعود إلى ربه يطلب منه المساعدة والهداية إلى الصواب . ويسارع عقل القلب يلجأ إلى الله يعرض عليه ما أنتجه عقل المخ من علم يريد الحكم عليه وأنا ليس لدي المرجع الذى أطمئن إليه، ولذلك يا ربّ أطلب منك أن تعينني على الحكم، وذلك بأن ترسل لي علامة أو إشارة أعرف منها إن كان على صواب فأصرح له بنشر ومواصلة طرحه حتى يخرجه للناس ، أو خطأ فلا أوافق له على النشر ، ويشترط على الله من أن تكون الإشارة أو العلامة رؤية محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      هذا الصراع والاختلاف كان بداخلي بين عقل مخي وعقل قلبي ، وهذا ما خلصت إليه بعد أن قطعت شوطا طويلا فى عالم القصص القرآني مستخرجا علم القصة بتفاسير ونظريات وأسس وقواعد وأصول ومعايير ومكونات وقوانين وشروط وأهداف لم يتطرق فى مجملها كبار المفسرين والعلماء وحتى الأدباء والنقاد وأيضا عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ، ولا الشيخ سيد قطب من اقترب وكتب فى مثل هذا العلم فى كتابه "التصوير الفني في القرآن" مما كان يعزز بداخلي الشك والخوف والقلق ، وكنت أسأل نفسي من أنا حتى أجد فى القصص القرآني ما لم يجده غيري من المفسرين والأدباء فيما هو ديني وما هو أدبي وقلت:

aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 71/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 276 مشاهدة
نشرت فى 14 أغسطس 2010 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

123,922