أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

معايير عظم القصة

 

1- الحاجة العظيمة

 الحاجة العظيمة الكاملة التامة للبطل ، لا الصغيرة أو المتواضعة أو الضعيفة. والحاجة العظيمة وبما أنها عظيمة تتحقق من حاجات صغيرة – لابد منها - تصنع وتخلق من العقبات التى تواجه البطل ، فلا بطولة بدون عقبات ، وهذه العقبات تخلق بطبيعتها حاجات تتلخص فى تخطى تلك العقبات والتغلب عليها حتى يصل البطل  إلى حاجته العظيمة الكبرى التى تصبح تامة وكاملة.

 

2- الهدف النبيل

 الهدف النبيل الكبير التام الكامل للبطل ، لا الهدف المتواضع الضعيف الهزيل ، والهدف النبيل يتحقق من أهداف متواضعة -لابد منها- تكون نتيجة خلق العقبات والعثرات التى تواجه البطل نحو هدفه الأعظم النبيل ؛ لأن العقبات يلزمها هدف صغير لحلها والتغلب عليها ، ليتحقق الهدف النبيل العظيم الذي يصبح تاما وكاملا.

الهدف النبيل هو الذي يصنع الحاجة العظيمة . والحاجة العظيمة هى التى تحقق الهدف النبيل.

 

3- الصــراع

 هو النزاع أو المحاربة أو المشاحنة أو المجابهة ، والنزاع ينشب بين قوتين متكافئتين ، وهو قدر مقدر من الله على جميع خلقه من يعقل منها ومن لا يعقل ،  الحى منها والجماد ، منذ بدء الخلق ، ومن أسباب الصراع الفساد والقتل بأنواعه.

والصراع هنا يخص حتى الملائكة فى السماء.

 وقد يكون الصراع بين قوتين غير متكافئتين وهو الأفضل ؛ ليخلق بداخلنا خوفا وشفقة على الطرف الأضعف فيهما وعادة تكون الشخصية الرئيسية أى البطل ؛ لأن كل قصة لابد أن يكون لها بطل ، والبطولة لا تتأتى إلا من خلال شخص يمتلك قوة أضعف ضد قوة أقوى وأكبر  ومع ذلك ينازع ويصارع بها حتى يتغلب على القوى المصارعة الأقوى منه وينتصر عليها لأن هناك بطلا له حاجة يريد أن يحصل عليها  وله هدف يريد تحقيقه . وهذه الحاجة وذلك الهدف تخلق صراعا ؛ لأن البطل لا يعيش بمفرده فى الدنيا يفعل فيها ما يريد ، ويأخذ ما يريد ، دون أن يعترضه أحد ، وحتى إن كان لا يعترضه أحد فلا بد أن نصنع له من يعترضه ويقف فى طريقه ، وإلا بالعقل كيف يكون بطلا إذا لم يجابه ويصارع ويحارب آخرين من أجل الفوز بما يريد؟ وألا تحصل جميع الشخصيات وجميع الناس على ما تريد بدون عناء ولا صراع ولا تعب  وكلنا أصبحنا أبطالا ولكن على من؟!  إذن لا بد من خلق صراع ، أولا لأنه قدر من الله على جميع خلقه ، وثانيا لا قصة بدون صراع ، والصراع هو أساس كل عمل قصصي ، ولكي توسع القصة وقد رسمت ملامح الشخصية البطل ، وحددت ما تريده تلك الشخصية ، وتكشف ما هدفها حينئذ بوسعك أن تخلق له عقبات وراء عقبات أمام تحقيق الشخصية حاجتها وما تريد الوصول إليه ، لأن الحاجات تولد الصراع ، فما من شىء ستجده سهلا ولا يتنازع عليه آخرون ، وإلا كان هذا الشيء معدوم القيمة  وما دام معدوم القيمة لك ولى فما حاجة الشخصية له.؟!

 

 عليك أنت أن تكون بارعا فى خلق الصراع بين شخوص قصتك - إذ لا قصة أصلا  بدون صراع - فألقى فى طريق الشخوص عقبات شديدة أمام حاجاتهم وأهدافهم  فكلما استطعت أن تخلق عقبات أمامهم أجج ذلك من  نار الصراع ، ونار الصراع هى وقود محرك القصة ودفعها نحو الأمام بتأزم وتشويق وغموض نحو خاتمتها ، والصراع بمثابة البنزين للعربة ، فهل هناك عربة تسير من غير وقود !!؟؟

أنواع الصراع

أولا : صراع داخلى  

صراع فى الشخصية متخف ذاتي بين الشخص ونفسه ، قلبه ومشاعره ، ضميره وعقيدته ، ضعفه وقوته ، كرمه وبخله ، شجاعته وجبنه ، أخلاقه ونوازعه ، قيمه وشهواته ، إحساس وتبلد ، نبل ووضاعة ، تفاؤل وتشاؤم ، ذكاء وتبلد ، حب وكره ، خير وشر.

ثانيا :صراع خارجى 

 ظاهر جمعي بين الشخص ، وجميع من يصارعونه ، أى جبهتان ، جهتان.

قواعد الصراع:

بين الأقارب من الدرجة الأولى:

ممن تربطهم صلة الدم وهو أقوى أنواع الصراع وأفضله على الإطلاق ؛ لأنه أكبر خالق للخوف والشفقة والتعاطف والمشاركة الوجدانية التى تنتج العلاج النفسي والعظة والتعلم والنصيحة وهم من أهداف القصة ، 

 

مؤثرات الصــــراع:

1- إثارة الخوف والشفقة والتعاطف والتشويق والإثارة.

2- إظهار النبل والقوة والقضية والمكانة بين الشخصيات ، أو عكسها ، ونعرف البطل.

3-  يمد القصة بمادتها  وبسر وجودها ،ووقود سيرها وانطلاقها ؛ لأن الصراع هو روح الجسد من القصة والشخصية قلبها .

4- هو المقياس الحقيقي لنبل البطل من عدمه.

5- إحدى أدوات ووسائل المؤلف لجذب وشد جمهوره.

6- إظهار حقيقة المتصارعين من عدمه ، أو جديته ، أو هزله.

7- خلق المشاركة الوجدانية مع البطل.

8- إلغاء الهامش الوهمي بيننا وبين شخصيات القصة ، أى إدماج ما هو متخيل مكتوب بما هو فعلى وواقعى.

9- التمسك بما هو فاضل وخير وجميل .

10- الإمتاع

11- إرضاء الغرور النفسي والتفوق النوعي .

12- شحن العواطف والمشاعر .

نتائج الصـــــراع:

1- تحديد أى من المتصارعين أقوى ، ويفضل أن يكون البطل هو المتفوق والمنتصر.

2- الراحة النفسية أى العلاج النفسي وهو المطلوب والأهم على الإطلاق، فإن الشعور بالفرح والسعادة والاطمئنان لانتصار البطل الذي كان يعانى ويقاسى وهو الأضعف بمواجهته قوى أكبر وأشد وأفتك منه وانتصر، فإنما تحدث بداخلنا نوعا من العلاج ؛ لأن البطل عندما تغلب وانتصر وهو واحد مثلنا ، أظهر وآكد على قوتنا الذاتية الكامنة بداخلنا ، وقد انتصر بها واحد مثلنا فى معركة حامية الوطيس ، فنعرف ونتأكد أن بداخلنا قوة هائلة تشعرنا بالأمان ، والأمان يمد الإنسان بالراحة النفسية وراحة البال والاطمئنان، وعندما يحدث ذلك أو حتى يثار فإنه يحدث بداخلنا العلاج مما نتوجس منه ونرهبه  0

3- التفوق والنجاح ووصول البطل إلى تحقيق حاجته ونيل مراده وغايته وهدفه ، كل ذلك يمدنا بنوع من التفضيل والخصوصية والميزة .

 

4-الحبكة

 إنَّ كل شيء خلقناه بمقدار قدرناه وقضيناه  وسبق علمنا به ، وكتابتنا له في اللوح المحفوظ 0 هذا خلق الله 0 ونحن وأنت من خلقه ، فنتعلم منه الإجادة وحسن الصنعة بالضبط والربط والحساب الدقيق فى كل تصرف وكل قول وفعل ، عندما تنفذهم فى قصتك فتكون تلك هى الحبكة . 

    فى الواحات نقول نحبك السقف ونعنى نصنع السقف ، وحبك السقف من جريد النخيل أن نضع واحدة بجوار أخرى ، ونربط بينهم بحبل رباطا قويا ونشده عن آخره  بترتيب فائق بحيث لا يمر أى شىء من خلالهما ، حتى يكتمل السقف ، ويكون وحدة واحدة قوية ، مستندا على أعواد خشبية  قوية تحمله ، وحوائط من اللبنات ترفعه0

     وهى مادة غير مرئية ، ولكن لها مفعول السحر، حيث هى الرابط بين الأجزاء والأحداث والأقوال والأفعال  برباط قوى متين ، وهى بمثابة الحبل من السقف الذي يربط بين الأشياء المتفرقة 0وهى المعللة والمعقبة والمفسرة والمحللة والمنتجة لما يحدث او يقع ، وهى المقنعة لعقل وقلب الجمهور 0

   هى الإجادة التامة فى حسن بناء بتعقيد الأحداث والحوادث والشخوص وربطها برباط قوى متين بمقدار أى تكون رغم التعقيد لها حل محتمل 0

   هى تمحيص التدبر وإمعان الفكر فى كيفية البناء لتجويد وتعقيد وبناء الأحداث وربطها وكيفية حلها ، وفك غموضها بإقناع يوافق العقل ويرضى عنه القلب ويؤيده0

     هى المبررة لما يتسرب لنا من فك طلاسم مجريات الأحداث ولكن بالقدر الذي لا نتمكن من كشف كل خيوط أحداث القصة ، ولكن أنت الذي يجب أن يعرف ؛ لأنها قصتك تملك أسرارها0

   هى إجادة صنع  التعقيد  وكيفية حله بأسباب ملزمة ، وأدوات مقنعة ، لقيامها على السبب وإلزامها بنتيجة محتملة0

     إذن هى حسن البناء والترتيب الفائق الذي يحافظ على غموض الأحداث ، ويقدم مبررا مقنعا لما يحدث يوافق العقل0

     هى إجادة صنع الأسباب والأحداث ، وحسن توليد المحدثات والنتائج  ، وهى النسق الجامع ، والترتيب الفائق ، وحسن التدبير والترتيب للأحداث و الحوادث 0

    الحبكة تعنى الإجادة ، وربط العقد فى خيط خط الأحداث ، و تقوية عقدها وتوثيقها وحسن تدبيرها .

 

5-التغير

     ينطبق على ثلاثة أنماط  لشخوص ، يفصل بينهم  العقيدة والإيمان والفضيلة والقيم  ، وذلك التفصيل على عموم الناس فى الحقيقة وفى القصة أيضا :

1- صاحب النفس المطمئنة ، وتخص الأنبياء والرسل والصالحين وأتباعهم منا0

2- صاحب النفس اللوامة ، وتخص طائفة كبيرة منا نحن0

3- صاحب النفس الأمارة ، وتخص فئة معينة ، ونسأل الله ألا نكون منها.

وينتجون تغيرا فى حال حياة الشخوص إلى نوعين وهم الأفضل على الإطلاق :

1- من الشقاء إلى السعادة للأول عند العقدة ، حال جميع الأنبياء والصالحين0

2- من السعادة إلى الشقاء ، بسبب زلة 0 ثم من الشقاء إلى السعادة ، بسبب توبة  للثاني عند الانفراجة ، حال التائبين0

3- من الشقاء إلى السعادة للثالث بسبب توبة نصوح عند الانفراجة0

التغير الأفضل والأجود والأحسن على الإطلاق:

1- صاحب النفس المطمئنة الذي يتغير حال حياته من الشقاء إلى السعادة  حال جميع الأنبياء والصالحين 0

    2- صاحب النفس المطمئنة الذي يتغير حال حياته من السعادة والنجاح، إلى حال التردي و الشقاء ، ثم من التردي والشقاء إلى السعادة والنجاح 0 وهذا النوع أروعهم وأفضلهم على الإطلاق ؛ لأنه أكبر باعث على الخوف والشفقة والتضرع والصبر والاستغفار والصلاة على النبي0 وهم الباعثون بداخلنا على الإمتاع  والعلاج النفسي من المخاوف وغيرها 0ولا يكون إلا فى القصة القولية الملحمية أو القومية  المأسملهاة ، أو فى القصة الفعلية  الدرامية المأسملهاة الملحمية والقومية ايضا0

التغير الأسوأ و الأضعف لعدم صلاحيته  0

    تتفق النفس المطمئنة والنفس اللوامة  فى الزلة غير المقصودة ، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة ؛ لأنها قدر من الله على جميع خلقه 0 ويأتى تأثيرها المطلوب المؤثر ومنافعها ونتائجها الصحيحة ؛ لأنهم غير متردين فى الرذيلة والعصيان والكفر0

1- أما النفس الأمارة فالزلة فيها لا تنتج أى تأثير يذكر ؛ لأنها متردية في الرذيلة أصلا ، إلا إذا تاب فله زلة غير مقصودة بشرط عدم رجوعه للرذيلة مرة أخرى إنما لو عاد إليها أو زاوج ما بينها ، فهذا مكروه ومنكر تماما ، لماذا؟  لأنهم دخلوا في الإيمان ، ثم رجعوا عنه إلى الكفر، ثم عادوا إلى الإيمان ، ثم رجعوا إلى الكفر مرة أخرى ، ثم أصرُّوا على كفرهم واستمروا عليه0

     حكم الله واجب التنفيذ ولا يقبل التأويل ولا التحريف – الحكم : لم يكن الله ليغفر لهم ، ولا ليدلهم على طريق من طرق الهداية ، التي ينجون بها من سوء العاقبة0

فلا تتجاسر أنت على مخالفة حكم الله ، ولا تستعمل صاحب النفس الأمارة إلا أن تجعله  يتوب مرة واحدة ويبقى له زلة ، ولا ترجعه إلى الرذيلة والمعصية مرة أخرى طوال القصة.

2- صاحب النفس المطمئنة  ويتغير حال حياته من السعادة إلى الشقاء . فهو مستقبح ومرفوض   لأنه لا يرضى ضمائرنا ولا نفوسنا ولا مشاعرنا ولا أخلاقنا ولا إيماننا بل يؤذيهم و يصدمهم ، ويجعلنا نشك ونستريب فى أفعالنا الخيرة وعقيدتنا السامية ، ومن نقتدي به  ، لأنه لا يستحق ذلك المصير التعس المؤلم على الإطلاق0 لأننا سنشفق ونخاف ونتأثر ونبكى معه وعليه  ولكن لن يخلصنا ولن يطهرنا من مخاوفنا وآلامنا وأمراضنا بل العكس ، لأننا لن نشعر بالأمان ولا بالاطمئنان ولا بالراحة النفسية ، ولن يكون هنا إمتاع ، بل اشمئزاز وغضب ونفور وحزن وكآبة وهى عوامل تصيب بالمرض وتهدم الأمل والسعادة والفرح والتعلم والنصيحة والاقتداء ، وتحقق التنفير ، وهى بذلك أبعد ما تكون عن روح القصة الحسنة على الإطلاق ، حتى ولو كانت مطابقة للواقع لا مشابهة له ، فتبا للمؤلف الذي يأتى بمثلها ويقول إنه الواقع وإن الشر فى بعض الأحيان ينتصر على الخير ويقهره ويذله ، وإن كان ذلك صحيحا ، ولكن أنت مخطئ لأنك لا تنقل الواقع بحذافيره ، بل تجمله فى عيوننا حتى يكون لنا القدرة  والاصطبار على تحمله فنحن نعيشه ،

الإثارة و التشويق

مسببات الإثارة والتشويق:

1- الغموض ،المؤامرة ، الشك ، الجنس ، الشجن ، العواطف الجياشة ، الواقعية من الحياة التي نعيشها ، المفاجأة التي تقع من غير ترتيب ، المباغتة  الانقضاض ، الصراع ،الفزع ، الرعب ، تفاوت القوى بين شخص قوى ضخم وبين شخص ضعيف نحيل ،مثال جالوت قائد العماليق و كان عملاقا قوى البنيان وخرج ليبارزه داود وهو الصغير الشاب ، التهديد المباشر أو المستتر. الإثارة هى المسببة للتشويق ، والتشويق يسبب الإمتاع ، والإمتاع يسبب التسلية ، والتسلية هى أحد أهداف القصة.

 2- من المستحيل الممكن.

   

المصدر: فتحي حسان محمد
aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 697 مشاهدة
نشرت فى 16 مارس 2010 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

125,262