أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

أسس الأدب

1- المخ ، عقل المخ :

  عقل المخ الذي هو خلاصته وشرفه وتشريفه ؛ لأن المخ فى الحيوانات أيضا ، وموجود فى الجمجمة والعظام ، العقل هو خلاصة المخ ومهمته تتوجه للإنتاج والتوجه الخارجي ، وما يتبقى من مخ يتوجه إلى المنتوج الداخلي الذي يسير حركة الجسم 

 لقد ذهب بعض المفسرين والعلماء بمعنى الأمانة إلى معان كثيرة ، ولى منها بعون الله معنى آخر، أبدؤه بسؤال يوضح ما أذهب إليه ، ما الشيء الظاهر لكل البشر فى الفرق بين الإنسان وباقي المخلوقات وأخص منها الحيوان؟! سيجيب الجميع إنه العقل ، ولكن أى عقل – عقل المخ بالطبع  فعقل المخ خصه الله للإنسان دون سائر مخلوقاته ، وهو الذي به يطيع أو يعصى 0 وما الشيء الذي رفضته جميع المخلوقات ؟ من أكبرها طولا وعرضا مثل السماوات والأرض ، ومن أشدها تمكنا وقوة ورسوخا إنها الجبال!  وغيرهما مما لم يذكره الله ورفضوا حملها ! عدا الإنسان كثير الظلم لنفسه ولغيره ؛ لعدم تمام علمه ، فلا إنسان يستطيع أن يعرف كم من السنين يعيش  ومتى يموت ؟ ومن أين سيحصل على رزقه المكفول والمضمون له من الله ؟ وبما أنه أكثر المخلوقات ظلما وأكثرها جهلا بكمال العلم والمعرفة ونتيجة لظلمه لنفسه ولعدم كمال علمه فيما هو معلوم له أو غير معلوم قبل حمل الأمانة من الله عندما عرضها تعالى على من قدر عليه الاختيار، إذن الأمانة هى عقل المخ ، ولذا عقل المخ مناط التكليف للحساب واستحقاقا للثواب وللعقاب ، والدليل على ذلك أن الله أعد الجنة والنار للناس لا إلى شىء من مخلوقاته غيرهم ؛ لأن المخلوقات جميعا عدا الإنسان ، بما أنها ليس لها عقل فى المخ فلن يحاسبها الله ؛ ولذلك خلقها مسيّرة وليست مخّيرة ، وتخيير الإنسان دون سائر المخلوقات يرجع إلى الأمانة التى هى عقل المخ مناط الحساب ، لأن المخلوقات الحية الدواب كلها لها قلب وعقل فيه وتتساوى مع الإنسان فيه وهى تسير به ، وعندما يفقد الإنسان عقل مخه يسير بعقل قلبه مثل المخلوقات الحية وصار مسيرا ورفع عنه الحساب 0 ودليل ثالث لقول الرسول فى حديثه ، محققه الشيخ الألباني وقال إن سنده صحيح ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبى حتى يكبر " والابتلاء هنا ذهاب عقل المخ لا عقل القلب ، وما دام الإنسان سيعمل مسترشدا بعقل مخه مهتديا بعقل قلبه ، له أن يفعل ما يشاء ووجب عليه الحساب 0 إن مكمن الحساب والجنة والنار هو ما قبله الإنسان من أمانة أى عقل المخ ، وهى فى حقيقة الأمر صعبة ؛ لأن السماوات والأرض والجبال خافت ولم تقبل حملها ، وحملها الإنسان ، فلو كان كامل العلم ما قبل حملها 0 والدليل الثاني بما أن الإنسان قبل الأمانة وصار له عقل مخ ويمتلك حرية نفسه وحرية كل شىء ، أوجب الله على نفسه إرسال الرسل برسالات وعقائد تنظم لمن لا علم كاملا عنده فتنظم حياته وتهديه إلى الحق من الباطل والمفيد من الضار والحرام من الحلال   لأنه سيحاسبه ومادام سيحاسبه والإنسان حر، وضح الله له ما يريده أن يفعله وحلله له ، ومالا يفعله وحرمه عليه ، واستوضح وأبان واظهر له كل ما يريده  ما بين حسن وسيئ وغيره ، كلفه بعقائد وعبادات لا بد له أن يؤديها  ومن لا يؤديها بعد أن اختار الأمانة وعرف ماله وما عليه فلا يلومن إلا نفسه 0 ودليل رابع وهو معتقد وافق عليه البشر جميعا من قانون وضعي أعفى المجنون من الحساب ، لأنه صار غير مسئول عن تصرفاته وهذا معتقد صحيح لم يرفضه أو يعترض عليه علماء الدين ، وصدق من قال إن الأزهر قلب المسلمين فى العالم ، وأضيف أن الأزهر الشريف هو قلب من لا قلب له من الذين يبدعون ويكتبون ويؤلفون0

   عقل المخ هو مركز تفكير فى تلك العضلة الرخوية الكائنة والمحفوظ فى ذلك المكان الحصين فى قلعة الجمجمة وهى المخ الليّن الرخوي ، وهو الصانع والمنتج للفكر والفهم مع أنه لا يرى ولا يسمع ولا يحس ، فهو ليس مركز إحساس بل مركز إنتاج للفهم والفكر ...

لكي نفكر بعقول أمخاخنا لأن عقول قلوبنا  ثابتة الإيمان مطمئنة لا يشكك فى قدرة الله فى إحياء الموتى والبعث وغيره لأن فيه العقيدة السليمة ، ولكن عقل المخ لا يكتسب علمه ومعلوماته ومعرفته من قوته الذاتية ، وإنما يكسب معرفته وعلمه من خلال السمع والإبصار والقلب التى تحصل المعلومات والمعرفة ، ثم بدوره يقدم القلب هذه المعلومات ويرسلها إلى عقل المخ الذي يعيد تدويرها وهضمها وفهمها ، ثم يخرجها بمنتوج جديد يسمى الفكر الذى يحكم عليه عقل القلب 

   ونفهم من ذلك أن الإنسان مسئول عما استعمَل فيه سمعه وبصره وفؤاده  فإذا استعمَلها في الطاعة والخير نال الثواب ، وإذا استعملها في المعصية والشر نال العقاب  وهنا لم يضم الله عقل المخ واستثناه من المسئولية كالسمع والبصر والقلب ؛ لأنها هى المسئولة عن نقل وتوصيل هذه الحقائق والمعلومات لعقل المخ الذي يعمل على هذه البيانات وهذه المعرفة التى وصلته وأدركها ، وبالتالي يخرج منتجه منها ويرده إلى عقل القلب ليصدر عليها حكمه بصلاحها من عدمه وحلالها من حرامها ، وهذا يدل على أن القلب هو الذي يتحكم فى منتوج المخ ، فله أن يأخذ به وله أن يرفضه ، وإن لم يأخذ به فوجب الحساب على عقل المخ لأنه يمتلك قرار نفسه وقد نصحه وأبان واستوضح له عقل القلب ما يتوجب عليه أخذه وما يتوجب عليه تركه0 والقلب هو المؤتمن على العقيدة ، فماذا نسمى ما ينفلت من عقل المخ إلى ما هو ليس حسنا ويخالف شرع الله ؟! لأنه ليس كل قلب مؤتمن أمين ، فإذا كان صاحب هذا القلب لم يدخل الإيمان قلبه فماذا تنتظر منه ؟ وإذا كان به عقيدة ولكنه لا يُفعِّلُها  ولا يعمل بها وبما فيها من أوامر ونواهٍ وعبادات هو لا يؤديها ، فهل تنتظر من قلبه أن يراقب عقله أو أن يسيطر عليه ؟ لا ؛ لأن من القلوب ما هى اشد قسوة من الحجارة وأجهل عقلا من الدواب ؛ لأنه بعد كل هذه المعجزات الخارقة اشتدت قلوبكم وغلظت ، فلم يَنْفُذ إليها خير ، ولم تَلِنْ أمام الآيات الباهرة التي أراها إياهم ، وكانت قلوبكم مثل الحجارة الصمَّاء ، بل هي أشد منها غلظة ؛ لأن من الحجارة ما يتسع وينفرج حتى تنصبَّ منه المياه صبَّا فتصير أنهارًا جاريةً وغيرها0 إذن مَنْ قلبه مثل الحجر ليس به عقيدة ولا حتى معتقد فليس منتظرا أن يراقب قلبه منتوج عقله ، بل سيكون ما ينتجه عقله سيخرج للناس دون أن يعيه صاحبه سواء كان صوابا أم خطأ ، ويأتي الحكم على منتجه الفكري منا نحن ، ومن القلب البديل الذي هو قلب من لا قلب سليما له ، الأزهر الشريف هو قلب من لا قلب له0 أو من آخرين أصحاب القلوب السليمة المؤتمنة إيمانا كاملا على ما فيها من عقائد سماوية  أو معتقد قد شهد له من مبتكره ومن الآخرين بصوابه وصلاحه.

 

2- القلب و عقل القلب :

 إذن القلب مركز الإحساس والشعور ، وهو الوعاء الأمين والخزانة القوية الحارسة للمواجيد الربانية بما وضعه فيها من دستور ، بادئة من الفطرة السليمة ، ثم أمدها بالعقائد التى أتى بها الرسل واستأمنه عليها ، وبما أبدعه العقل الإنساني (عقل المخ ) من معتقد صدق على صلاحه وحسنه فريق كبير من البشر0 لذلك جعل الله القلب هو المشرف على المخ ، بينما منتجه يحكم عليه عقل القلب 0وهو الذي يدركها من خلال العلم والمعرفة التى تصله من السمع والإبصار والقلب ، فلولا وجود هؤلاء ما وعى عقل المخ وما أدرك شيئا لينتجه .

 

إن الله يخلق الإنسان كاملا فى أحسن صورة ، تاما متمتعا بالسمع والبصر والفؤاد ، ويدخل المولود إلى الدنيا بهم ، ومع ذلك لا يفهم ولا يعرف شيئا لماذا ؟؟ لعدم تمام الوعي ، والوعي هو الفهم الذي يصنعه عقل المخ فقط ، برغم وجود أدوات الإدراك ، والإدراك هو المعرفة ، والمعرفة أدواتها من إدراك السمع وإدراك البصر وإدراك القلب ؛ ولذلك لا يكلف الله الرضيع ولا الطفل حتى يكبر، وفى الحديث عن الرسول - صلى الله عليه - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الأسْوَدِ عَن عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ "[ سنن النسائى – كتاب الطلاق - برقم 3378 ]  من ضمن الذين رفع عنهم القلم أى التكليف والحساب منهم الطفل حتى يكبر برغم وجود القلب ووجود المخ ولكن عقل المخ لم ينضج بعد ، وعليه يكون العلم غير المعرفة ، فالمعرفة تخص القلب ، بينما العلم يخص المخ ، والمعرفة أشمل وأعم من العلم ؛ لأن العلم جزئي ، بينما المعرفة كلية  لأن المعرفة أنواع شتى من العلوم0 فالفهم  - من خلال ما يرسله له القلب - والتفكير والتدبر والإبداع والإنتاج من سمة عقل المخ  ،  بينما يظل اليقين والإدراك - المشبع  من الحق من خلال العقائد السماوية  سمة القلب ، واليقين هو الطاعة ، والطاعة هى تمام الإيمان ، وتمام الإيمان جاء من القرآن ، ولذلك جاء الحق الذي هو القرآن أولا ليوضع ويؤتمن عليه القلب   . ثم بعد تمام اليقين فى القلب يأتى الإيمان ومن الإيمان يأتى الحق الذي هو الطاعة ، والحق هو ما فى القلب  لذا هو المهذب الحاكم الحكم – فى بعض الأحيان – فى منتوجات عقل المخ  المناور الهائج الذي لا تحده حدود لا معقولة ولا ممنوعة ولا مدركة وليست لها نتائج مضمونة، إن لم توضع على الميزان الحق أى توافق مواجيد القلب الربانية  (عقل القلب)  إذن القلب هو الذي يعلى من منتوج العقل قيمة وفائدة ويجعله أكثر إدراكا وأشد نفعا ، و نتائجه موثوق منها مؤكدة مقبولة ومستساغة طيبة مباركة بإذن الله  لأنه غير ذي عوج ، مما يتوافق مع نفوس وعقول وقلوب البشر0 فلو كان عقلا لقبله عقل مثله وما مس شغاف القلب فى شىء ، ومن لا يوافق شغاف القلب تجد به قصورا فى الإقناع والقبول ؛ لأنه غير مميز ، غير محسومة نتيجته من قبل من هو موكل له بالحكم بعد الله فى الإنسان وهو عقل القلب الذي فيه نور الله نموذج الإجابة الصحيح ، الحق من القرآن الحكم والحاكم  ولما كان منتوج عقل المخ ليس محكوما عليه إن كان نافعا أم ضارا ، إن كان حلالا أم حراما ، فجاءه النصب وأصابه القصور وضعف الإقناع 0 القلب فى الجسم بمثابة الملك أو الرئيس لدولة الإنسان – فى الدول العربية -  وعقل المخ بمثابة رئيس الوزراء ، ولا يعيب عقل المخ فى شىء إن كان عليه رئيس أو ملك العقل ( عقل المخ) أعمى وأصم وأبكم لا يحس ولا يشعر ولكنه يدرك معلوماته من خلال السمع والأبصار والأفئدة ، ولكنه يفهم ويرسم الخطط ويضع القواعد وإدارة شئون الدولة ويبقى للرئيس أن يوافق على هذه الخطط أو يرفضها – حال الدول الاشتراكية بينما فى الرأسمالية لرئيس الوزراء أن يأخذ برأي الرئيس أو لا بمثابة عقل المخ المنفلت- ما يؤكد أن القلب والسمع والبصر هى المعنية من الله بالدرجة الأولى لا العقل ؛ فلا حساب على العقل إن لم يقدم له البصر والسمع والقلب العلم الصحيح والمعرفة الموثوق منها ، ولذلك هم مناط العناية من الله ؛ لأنه بضمان صلاحهم سيصلح عقل المخ ؛ لأنه سيبنى فكره ومنتجه على أساسهم هم 0 إن الله أنزل القصص فى القرآن لتثبت به قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعند تثبيت القلب ووضع العقيدة فيه تصبح فى مأمن وأمان من أهواء وتقلبات عقل المخ ، فلا خوف على عقل المخ  إن فكر وتدبر ووعى وهاج وماج وتقلب وأوجد وأبدع ، فإن هنالك بوصلة و من سيرشده ويلجمه ويهذبه ويعلمه 0 عندما سأل سيدنا إبراهيم ربه أن يريه كيفية البعث ، فقال الله له: أولم تؤمن؟ قال: بلى ، ولكن أطلب ذلك لأزداد يقينًا على يقيني ، ولم يقل ليطمئن عقلي ؛ لأن العقل يأخذ إدراكه ووعيه واطمئنانه من القلب السليم هذا إن أراد الاطمئنان أصلا ، فالعقل لا يعي شيئا من المعلومات إلا من خلال القلب والأذن والعينين ، والكل يعرف أن المعلومات هى أساس إعمال العقل ، وأساس لكل علم ، إذ لا يبنى علم فى العالم إلا من توافر المعلومات ، إذ عقل المخ مثل رئيس المخابرات فى مكتبه الحصين يجلس ينتظر المعلومات من رجاله وعملائه واستخباراته ليخرج منها بقرار أو بناء خطة أو تنفيذ عملية حتى ولو كانت قذرة من تصفية شخصية مهمة أو هدم هدف لعدو ، إذ لا أخلاق تحكم عمل المخابرات وكذا السياسة كما يقول العالم كله وهو يعنى إبعاد حكم القلب تماما ؛ لأن وجود وإعمال عقل القلب حتما سيرفض لهم الكثير من التصرفات والأفعال ، والدليل على ذلك عندما تريد دولة ما ظالمة شن حرب على دولة أخرى، أول ما يبحثون ليقنعوا المجتمع الدولي يبحثون عن غطاء أخلاقي – لاحظ أنه تعبير سياسي لا ديني - لشن هذه الحرب حتى ولو كانت ظالمة وهى من المؤكد جائرة وإلا ما بحثوا عن ذلك الغطاء الذي يطيرونه فى كل وسائل الإعلام شهورا وربما سنين  محاولين إرضاء عقل القلب الذى هو الضمير واستلاب موافقته .

 

    من أين يأتى عقل المخ باليقين ؟

من خلال حكم عقل القلب على منتجه ، ودليل آخر عند موت الإنسان فبذهاب العقل - عقل المخ - لأى سبب من الأسباب لا يموت الإنسان  ولكن يموت بموت القلب ، ولذلك لم يوافق شيوخنا وعلماؤنا على إنهاء حياة الإنسان الميت إكلينيكيا أى ميت المخ ومعهم كل الحق  لأن الله سيحاسب القلب لا العقل مع أن العقل سبب الحساب ، وما دام القلب ينبض فليس من حق أحد أن يقتله ويزهقه0  كذلك ذهاب العقل لا يحرم الإنسان من إدراك شهوات الفرج والطعام والشراب أو ما يقابله من مخاطر، فلم نر المجانين الذين يسيحون فى الشوارع تقتلهم السيارات مما يؤكد أن قلوبهم المؤتمنة على المواجيد الربانية ( عقل القلب) هى التى تتحكم فى تصرفاتهم رغم ذهاب العقل (عقل المخ) وتحافظ له على الحقوق الدنيا أن يعيش ويعي ويدرك بعقل قلبه الكثير من حاجياته الضرورية ، فنراه يشعر بالبرد وقت البرد والحر وقت الحر  ، ويدرك ويطلب الطعام عند الجوع وهكذا ، مما يؤكد أن القلب هو الذي يمد العقل والمتحكم فيه لا العكس ؛ ولكن وجود علم ومعلومات متفرقة مهما كانت غزيرة تصبح كما هى بدون إنتاج فائدة ترجى إن لم يعتمل فيها العقل (عقل المخ) ويهضمها ويخرج منتجه الجديد من تلك المعلومات السابقة المحشو بها 0 مع أن هذا القول فيه سبة من الغرب للمسلمين بأنهم ينحون العقل جانبا فى التفكير والتدبر وهو قول مغلوط تماما  فهم الذين لم يدركوا ويعرفوا حقيقة العقل وحقيقة القلب والفرق بينهما ، لأن المقارنة مغلوطة من الأساس ومفترض أن تكون بين المخ والقلب أى بين الأكبر الأعم ( القلب) مع الأكبر الأعم مثله ( المخ) وخلاصة القلب عقله ، وخلاصة المخ عقله  ولكن الأول حكم (عقل القلب) بينما الثاني لاعب (عقل المخ) واللاعب هو الذي ينتج ، بينما يظل الحكم مراقبا 0 إذ إن القلب هو الذي يأتيه  العلم والمعلومات ونموذج الإجابة فى عقل القلب التى يمد العقل (عقل المخ) بها ليفكر فيها  وبعد أن يفكر وينتج يحكم عليه القلب (عقل القلب ) بصوابها أو خطئها ، وما هو مفيد منها وما هو دون ذلك  0

فهل للإنسان عقلان ؟!! نعم

    عقل المخ  المنتج اللاعب ، ويظل عقل القلب الحكم ، وعليه نعود إلى الأصل فى المقارنة بين القلب والمخ ، كلى مع كلى  لا كلى مع جزئي ، بمعنى لا لمقارنة القلب والعقل ؛ لأن القلب كلى والعقل جزئي 0 وللقلب خلاصته وذروته وفخره ، وللمخ خلاصته وذروته وفخره أيضا ، فلو قلنا خلاصة المخ عقله ، وخلاصة القلب عقله أيضا ، وبذلك يستقيم التوضيح ،  ولكن من المتسيد ؟! إنه القلب  لما فيه من عقل حكم ، و لأنه الأشمل والأعم  فهو الذي يمد المخ بالغذاء والدم والأكسوجين وغيره وكذلك يمده بالمعلومات  0 الدليل الثالث على صحة وصواب ما ذهبت اليه 

 ومعنى الآية أنها تسقط الفروض والعبادات حال غياب الأمانة التى أثبتنا بالدليل القاطع والبرهان الساطع  أنها عقل المخ ، والبرهان أنه فى حالة غياب عقل المخ لأى سبب يسقط الله الفروض حتى ولو كان هذا الغياب وقتيا آنيا لحظيا  ولكن الله سيحاسب عليها لأن الشخص نفسه – شارب الخمر -  هو الذي غيب الأمانة وضيعها وقد قبلها من قبل فحق عليه الحساب ووجب عليه العقاب0

     نصل إلى النتيجة والبرهنة أن للإنسان عقلين لا عقلا واحداَ ، وإليكم الدليل مرة أخرى :

     جميع ما جاء فى القرآن من عقائد وعبادات وفروض مفروضة لا تقبل النقاش ولا الجدال بل جوهرها يكمن فى الطاعة لا إلى غيرها ، خص الله بها عقل القلب والقلب نفسه ، وما دعوته جل شأنه  أن نتدبر أو نعقل أو نفهم ما يريد الله إخبارنا وإعلامنا عن هذه الفرائض والحدود والشرائع والعبادات ،  لا هى دعوة منه تعالى لنفكر فيما نأخذه وما نتركه من هذه العبادات وتلك الفروض لا وألف لا ، الفروض فروض واجبة التطبيق دون جدال ولا حتى سؤال فلا حق مطلقا لإنسان مهما كان ، فسؤال  لماذا نصلى ؟ أو نسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ؟ لماذا نصوم شهرا؟ وغيرها الكثير من أسئلة محرمة  0 إن هذه العقائد التى يؤتمن عليها القلب هى المرجع وهى نموذج الإجابة الصحيح السليم مناط حكم عقل القلب على منتوج عقل المخ  فإن دلك عقل المخ ولم يأخذ بحكم عقل القلب وجب عليه الحساب واستحق العقاب ، وإن دلك على العمل بحكم عقل القلب وجب الحساب واستحق الثواب0 

     جميع ما جاء يحض على التدبر والتفكر والتعقل والفهم تخص عقل المخ ، فأراه الآيات التى يراها ويعيها وهى شاخصة أمامه ينقلها له البصر والسمع والقلب بأمانة حتى يفكر ويتدبر ويعيها فينتج منتجه الحتمى إن فهم الفهم الصحيح – أنتج أن خالق هذه الأشياء هو إله واحد أحد ويجب طاعته ، فيحكم عليه عقل قلبه أن النتيجة حسنة صواب 0وإن أدرك وفهم غير ذلك وأخرج منتجه سيحكم عليه عقل قلبه أن منتجه خطأ وفاسد ، وفى حالة القلوب التى كالحجارة فلا يوجد حكم ، ولذا يخرج المنتج غير مضمون النتائج 0

    دليل عقلي على أن الإنسان له عقلان ، مستنبط مما وهبنا الله إياه والحمد لله من قلب سليم وعقل ، أسأل الله أن يكون سليما ،  فقد أطعت الله وها أنا أتدبر آياته وأفكر - قلبي ثابت العقيدة والحمد لله - فيها كما أمرنا  ، واستخرج واستدل منها على أن جميع الدواب  فى الكون لها قلب ومخ وعقل فى القلب ، والمخ موجود فى الجمجمة ومن الدواب التى لا مخ لها فى الجمجمة لها مخ فى العظام ، وهذا يقودنا إلى ماهية تفضيل الله الإنسان عن باقي المخلوقات والدواب خصوصا ، لن تجد إجابة شافية ساطعة غير عقل المخ هو الذي يتميز ويزيد به الإنسان عن باقي الدواب ، وعليه يكون للإنسان عقلان.

 

     لذلك ما ينفلت من عقل المخ  دون رقابة وغربلة القلب وحكم عقل القلب وعدم الأخذ بهذا الحكم ، قلما تصدقه الناس وتأخذ به مثل إبداع الفلاسفة الذي  لا يفعل إلا للفلاسفة أنفسهم وللنخبة المتحررة ، كأن الفلاسفة يكتبون لأنفسهم  لا للناس جميعا ليوسعوا مداركهم بخلقهم طرقا جديدة يسلكها العامة فتفيدهم فى تدبير شئون حياتهم وتربية أولادهم مثلا ، فيشعرون بجهد الفلاسفة وقيمة إبداعهم ويلقبونهم جل الألقاب مثل نجوم التمثيل مع أن العكس هو الصحيح ، ولكن الممثل الذي يحمل فكر المؤلف ويوصله للناس بيسر صار يحتفي به  ، وترك صاحب الإبداع الذي يظنونه أنه أبدع خلاصة العقل البشرى ولكنه لم يمس شغاف القلوب ويأخذ الموافقة منها ، ولذلك لم يصل منتجه إلى الناس بسهولة ويسر ولم يصل إلى العامة ، ولذلك هم لم يخلعوا عليه أجل الألقاب ، وأعظم المديح ، وأحسن الثناء0 كمثل الممثل الذى قلما تجد فكرا عنده يبدعه وينشره0

    إن المنتج الخالص لعقل المخ من يأخذ به ولا يخضعه لحكم عقل القلب هم أصحاب القلوب الميتة التى ران عليها الصدأ ، وجعل الله عليها أغلالا لا تعي ولا تدرك الصواب من الخطأ ، والحرام من الحلال ، والنافع من الضار، وأعمى أبصارهم وأسماعهم وأفئدتهم فلم يعد لديهم حُكْم ولا حَكًم رشيد 0

   للقلب عقيدة من الله ، ومعتقد من المفكرين و العلماء الأخيار من كل جنس ولون وعرق ودين سماوى0

العقيدة : لا تنصرف إلا على العقائد السماوية من الرسالات الإلهية فقط.

المعتقد : هو المنتوج الفكري للعقل البشرى – عقل المخ - ويصادق ويوافق عليه - عقل القلب – القلب السليم لا المريض ، ويصبح معتقدا نتيجة فى اعتقاد صوابه وصلاحه وفائدته وجدواه لنفسه ولغيره من مجموعة من البشر، هم أيضا يصادقون عليه باعتقادهم فى صوابه وصلاحه ، بعد تطبيقه فترة طويلة حتى يثبت جدواه وصلاحه لمجموعة كبيرة من البشر يفضل أن يكونوا متعددي اللغات والعقائد والجنس والعرق ، فيصبح معتقدا سليما صحيحا  مطمئنا بإذن الله ،  لأن الله أولا وأخيرا هو الهادي للبشر جميعا ولم يشترط لمن تكون هدايته - جل شأنه وعلا قدره- يؤتي الله الإصابة في القول والفعل مَن يشاء من عباده ، ومن أنعم الله عليه بذلك فقد أعطاه خيرًا كثيرًا ، وما يتذكر هذا وينتفع به إلا أصحاب العقول المستنيرة بنور الله وهدايته.

     المعتقد من المؤكد يختلف عليه الناس ، بينما العقيدة  لا يمكن الاختلاف عليها   ولا يجوز لأنها من الله ، ولأننا مأمورون بها ، وجوهر الإيمان الطاعة بدون سفسطة ولا أسئلة ولا اعتراضات ، أولهم صاحب المعتقد نفسه مثال ذلك للمعتقد الحسن ، ما فى الاشتراكية من عدالة ، وما فى الرأسمالية من ديمقراطية وحرية – مع أنه لا توجد حرية تامة كاملة على الإطلاق وإلا ما قيمة الرسالات السماوية !! ولماذا نزلت وفرضت وقرنت بالثواب والعقاب والجنة والنار ومعتقد سيئ ، ما فى العلمانية من فصل تام بين الدين والدولة مثلا ولك ولغيرك  أن تختلف معى لماذا ؟ لأن ذلك معتقد عقل بشرى (عقل المخ)

3 - الأهداف : وهى كثيرة منها التعليم والتسرية والعظة والإرشاد والتطهير من الشرور والمفاسد بإثارة الخوف والتضرع إلى الله بالترهيب والترغيب ،  والإمتاع الذهني المتخيل الذي يوسع المدارك  ويحسن ويجود الأسلوب والكلام ، وينمى القدرات الاعتمالية المُعينة للفرد على إدراك وفهم ما يدور حوله ، وأن يكون منهجا للحياة ، ومسلكا لطرق جديدة تسلكه العامة من الناس ليمكنهم من اتباع سبل يسيرة تعينهم على درب جديد للعيش الكريم ، فهذا واجب المفكر أيا كان تصنيفه ، أن يقود الناس وراءه فى مسلك جديد مبتكر يسهل عليهم حل مشكلاتهم ويعينهم علي كيفية كسب لقمة عيشهم والحصول على حقوقهم بتعريفها لهم أولا ، وثانيا تعريف الطريق إليها، ونجملها فى : التعلم.

 

المصدر: شخصي
aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 140/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
46 تصويتات / 762 مشاهدة
نشرت فى 12 مارس 2010 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

128,933