عالم السياسة والثقافة الإخباري .. سليمان أبو الخيل
ادعاء الوصاية على الوطن
التقيت بالصدفة في يوم من الأيام مع أحد ضباط الأجهزة الأمنية الحساسة أثناء زيارتي لأحد الأصدقاء ، وفي سياق الحديث أخذ الرجل يتكلم عن دورهم في حفظ الأمن وإنهم لولاهم لانزلق الوطن في مدارج الهلاك ، وأن الوطن يقوم على أكتافهم ، وإنهم فقط من يحمل هم الوطن ، وعن طبيعة عملهم ادعى أنهم لا يخطئون ولا يمكن أن يكون هناك خطأ في مصادرهم ، ولا في تحليلاتهم ولو واحد بالمليون ، وإنهم يعرفون كل شيء حتى كيف يفكر الشخص ، وكان الرجل يتكلم من موقع الوصي على هذا الوطن ، ويتحدث لي وكأني قادم من جزر الواق واق ، حينها رجعت بذاكرتي الى الوراء فتذكرت أني سمعت مثل هذا الكلام عندما كنت في الخدمة العسكرية من أحد كبار جنرالات الاستخبارات في ذلك الوقت ، وتذكرت أنه ما أن أحيل على التقاعد وفشل في أول انتخابات حتى أصبح يقول في أجهزة الدولة ما لم يقله مالك في الخمر ، وتذكرت أن أكثر من شخص من قادة هذه الأجهزة انحرف عن رسالة هذه الأجهزة فلفظته فورا ، حينها حمدت الله أن عمل هذه الأجهزة عمل مؤسسي لا يعتمد على أشخاص وهذا سر نجاحها ، فإلى متى يدعي البعض الوصاية على الوطن وينظر الى المواطن بأنه لولا الخوف والمراقبة لما كان لديه ولاء ولا انتماء (على الأقل هكذا شعرت أنا أمام ذلك الرجل ) .
أقدر دور الأجهزة الامنية وأنا ابنها ابتداء ، لكنني أقول أن مواطنا بطبيعته منتميا ومواليا يكفي في شأنه التوجيه والتوعية ، لا أن نجرح كبرياءه ونشعره بأنه مراقب حتى في ما يفكر ، فعلينا أن نعلم أن الأردني مثل الجمل يهيج إذا ماجرحت كرامته ، وهو بطبعه لا يقبل المزايدة عليه في وطنيته وولاءه الذي لم يرغمه عليه أحد .
وهنا أقول إن قيمة رجل الأمن تكمن في العمل بمهنيه خالصة فإذا ما خرج من مهنيته وضميره أصبح عبئا على تلك الأجهزة وعلى الوطن وأصبح ضرره أكثر من نفعه .
والله من وراء القصد
سليمان أبو الخيل