عالم السياسة والثقافة الإخباري .. صالح الذنيبات

الحالة الأردنية المعتلة والمشروع اليهودي الطامح

    بداية ليس في السياسة فعل بريء - وكذلك ليس فيها فعل أو قول مقطوع عن سياقه العام - إن عدنا للبدايات وعلى الأقل نهايات العهد التركي - والتي كان بعدها سايكس بيكو - والمراد من استثناء الضفة الشرقية من وعد بلفور لعلمنا أن المراد من تشكيل هذه البقعة بكل مكر إبداعات ذلك المقص لفسرنا ما حدث وما يحدث وما ستؤول اليه الأمور - المندوب السامي البريطاني قال سنة 1918م ( وكنا نعد هذه الصحراء لإيواء اللاجئين )وكان التهجير القصري والطوعي تبعه التوطين والتجنيس . ثم توالت الأحداث المصنوعة بكل مكر وذكاء - جاء الوقت الذي تكون هذه البقعة - الأردن - والذي قد يتوسع مستقبلا - ليكون دولة المهجرين من كل جنسيات البلاد العربية .. والسياسات الممنهجة باتجاهين , أن يأتي المشروع بصيغته النهائية وكل فئات السكان مخدرة لا تقوى على فعل - والاتجاه الآخر أن لا يكون فيها أغلبية سكانية فكل المكونات المجتمعية أقليات - أقليات لا هَمَّ لها إلا تأمين لقمة عيش , يتمنى كل فرد فيها وكل تجمع أن يحيا أي حياة وبأي شكل من الأشكال وتحت أي مضلة من المضلات - وفي الطرف الآخر كانت المؤامرة على الجانب الفلسطيني - الأرض والسكان - وتم نزع القضية الفلسطينية من سياقها الاسلامي وبعدها العربي , لتكون قضية الشعب الفلسطيني ثم قضية منظمة التحرير الفلسطينية - وحتى ذلك الجسم المصغر المفتت ( المنظمة ) كان له امتداده الشعبي وشبه تمثيل لشتات الفلسطينين ، حانت قبل سنوات مرحلة الأنقضاض عليه وإنهائه - فأنشأت حماس - لتتكون ثنائية التمثيل الفلسطيني , ويدخل الجسد الممزق في صراعات داخلية تصل حد الحروب - وتُعزل غزة عن الضفة ويقام كيانين تحت سلطات الأحتلال .. إذن عندنا سلطتان متناحرتان على أرض محتلة (غربا) , وتجمعات سكانية مشتتة تعيش كل أصناف الشقاء - فقر , تجهيل , نزاعات حول هوامش وتفصيلات لا تتجاوز مقعد في مجلس نواب (شرقا). وفي الجانب الآخر دولة قوية مدججة بكل أسلحة الدنيا . أساطيل ، فكر وعقول - إنتاج إقتصادي ضخم - تماسك مجتمعي , ديمقراطية متقدمه جدا , فكر تلمودي استعبادي , مساندة دولية , تخاذل عربي يصل حد المؤامرة , جيوش عملاء في كل تفصيلات المجتمع شرقا وغربا .
    في هذه الظروف المعتلة ستأتي المرحلة القادمة ومسمار النعش الأخير , وتُطرح صيغة الفدرالية الأردنية الفلسطينية الأسرائيلية - وعندها لا يهم اليهود من سيكون موظفا على رأس الضفة أو الاردن -ليُفضي ذلك كله للمرحلة القادمة من المشروع اليهودي الكبير في التهام المنطقة العربية كاملة والسيطرة التامة على كل المقدرات العربية وبعدها التقرب من الشرق - ( والمركز الاستراتيجي المتقدم هو هذه البقعة ) أو على الأقل تقاسم النفوذ مع دول محورية في المنطقة مثل إيران وتركيا -- لا نقول أن هذا قدرا محتوما ولكن المخططات تسير تجاه ذلك ولا شك أنها تصطدم بالمصالح الأمريكية من جهة والمصالح الروسية من جهة أخرى , وكذلك بعض الدول كالصين مثلا .
    ولكن لمعرفتنا التامة بالسياسات العالمية وأن ليس هناك مبادئ فيها إنما هي تبادل مصالح فيتفقون على إحدى الطاولات المستديرة ويخرج مشروع تقسيم مصالح سرا أو علنا ونحن ليس لنا مقعد على تلك الطاولة ، فهل يعي الأرادنة بداية , ويتململون علّهم يلتقون ويحجزوا على الأقل مقعدا صغيرا على تلك الطاوله ؟؟ أم يتماهون بكل سذاجة الدنيا مع المخطط فيكونون رأس حربة لذلك المشروع ؟؟

صالح حماد الذنيبات