عالم السياسة الإخباري .. اية مازن المعايطة
بين الميلادِ والميعاد..
المسافةُ بينهما كالمسافةِ بين جفنين..
بإغماِضهما تثورُ أحداثٌ... وتسكنُ أحداث..
المسافةُ بين المولد والموت.. ليست سوى عِراكٍ بين القلب والعقل..
وخوفٌ يسكنٌ الفؤاد .. خوفٌ تجاوزَ أُلوفاتِ السنين.. في غمضةِ جفنين..
والجرحُ.. ما هو إلاّ قشَّةً حذفتها رياحُ السنين فاحتاست بها العين..
كلما حاول الجفن إبعادها.. ترقرقت المقلة بالدموع.. وازداد توهُّجها .. وازداد ألمها..
المسافةُ بين القشةِ والجفن بعيدةً جداً... فلا إغماضةَ جفنٍ ستُخرجُ القشّةَ.. ولا الدموعُ المنسابةُ ستحذِفها خارج العين... فهي شوكةُ انغرست في داخلها.. كلما حاولت أن تتفتّح على واقعٍ جميلٍ.. عادت تلك القشّة تؤلِم وتوجِع فيها..
فتراها مغمضةً لا تعرف النّور..
المسافةُ بين الميلاد والميعاد.. ما هي إلاّدمعةً انسابت من العين فوق الوجنتين..
ورحلت إلى حيثُ شاءَ لها القدر..
فبين الميلاد والميعاد.. قصصٌ وحكايات.. ممزوجةً بالحزن بالفرح , بالدمعةِ والضحكات..
حافلةً بتناقضات الحياة.. وغرابة المفاجئآت...
سخريّة الزمان تارةً...
وعلاقةً حميمةً أقمناها مع الأيّام..
فخانت... وبنا استهانت..
لحظاتُ لا تعرف الإشفاق ولا الرحمة.. ولا تملّ ولا تكلّ..
تستنزفُّ منّا كلّ خفقة صالحةً للحياة.. تمضي بنا نحو النّجاة..
وتارةً أُخرى ,, نجدها تُربّتُ على أكتاف شقائِنا..
وتمسحُ دمعات حنيننا..
وعلى صدرها نُلقي همومنا.. كدرنا .. تعبنا..
ومع كل مساءٍ نقتاتُ حبّها وعطفها..
تلك هي المسافةُ بين الميلاد والميعاد..
دنيا عاشت فينا .. ولم نعش نحن فيها..
أخذت منا الكثير .. وما زلنا نعطيها..
المسافةُ بين الميلاد والميعاد رحلةً تقابلنا بها..
تحاببنا.. تباغضنا..
منّا من غادر وارتحل ...
منّا من ظلّ يحتسي حسراتِ من غادر دون وداع..
ويرقب يوماً سيأتي ..
لعله يأتي.. فتنتهي تلك الرحلة..
المسافةُ بين الميلاد والميعاد...
ما هي إلاّ شدُّ رحالِ وجمعُ زاد..
فما بينهما سوى صيحةَ مولودٍ ... فرحةَ الدنيا به ...
وشهقةَ خروج الروح وصياح الكونِ عليه...
( آية )