-
عالم السياسة الإخباري .. Blooming Rose
حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية رؤية إسلامية
بسم الله الرحمن الرحيممقدمة الكتاب
لقد جمع الإسلام الأمة الإسلامية على خمسة جوامع توحدها وتؤلف بينها وهي:العقيدة والشريعة والحضارة والأمة ودار الإسلام .
وعندما كانت وحدة الأمة هي الإطار الجامع لشعوبها وقومياتها وأجناسها وأقطارها كانت جامعتها الإسلامية جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..وكانت صحيحة "واسلاماه" تجد الاستجابة في ديار عالم الإسلام.
وفي ظل تلك الجامعة الإسلامية فتح المسلمون في ثمانين عاماً أوسع مما فتح الرومان في ثمانية قرون وشتان بين فتح التحرير وفتح الاستعباد .وقهر المسلمون أشرس الغزاة وأخطر التحديات من الصليبيين الذين شنوا حرباً عالمية غربية على الإسلام والمسلمين دامت قرنين من الزمان(489-690ه)(1096-1291م)
إلى التتار الذين كسر المسلمون شوكتهم ثم هداهم الإسلام فأصبحوا قوة ضاربة مدافعة عن ديار المسلمين.
ومع هذه الفتوحات والانتصارات ـ التي تحققت بوحدة أمة الإسلام- مثل المسلمون – في هذه لأكثر من عشرة قرون.... بينما كان الغرب يغط في سبات عصور الجهالة والظلام.
فلما جاءت الغزوة الاستعمارية الأوروبية الحديثة التي بدأت بسقوط "غرناطة" (897ه-1494م) والالتفاف حول عالم الإسلام....ثم ضرب قلبه بحملة "بونابرت" (1213ه/1798م)والتهام أقاليمه إقليماً وراء إقليم وحتى إسقاط الخلافة العثمانية(1342ه-1924م).... وعمت بلوى هذه الغزوة الاستعمارية الحديثة فأحل الغرب التشرذم الوطني و القومي والقطري محل رابطة جامعة الإسلام وانشغل كل شعب وكل قطر بتحرره الوطني عن قضايا غيره من الشعوب أمة الإسلام .
ولتكريس هذا التشرذم ولتأبيد هذه القطرية ولإعاقة أية محاولة للنهضة التي تعيد الحياة والتكامل إلى أعضاء جسد الأمة الإسلامية أقام الاستعمار الكيان الصهيوني على أرض فلسطين سرطاناً عنصرياً غريباً يقطع وحدة أرض الأمة ويهدد كل مشاريع النهضة والوحدة للعرب والمسلمين.
لكن إذا كانت النزعات الشعوبية والقطرية قد استوعبت الشرائح التي تغربت من مثقفي الشعوب العربية والإسلامية تلك التي استخدمتها الدول القطرية في أجهزتها الإدارية والسياسية والثقافية فلقد ظلت جماهير الأمة على ولائها الفطري لرابطة الجامعة الإسلامية ...وكانت "مركزية " القضية الفلسطينية التي تجسدت فيها وحدة دوائر الانتماء : الوطنية الفلسطينية والقومية العربية والعقيدة الإسلامية كانت بمثابة الرباط الإسلامي الجامع لأمة الإسلام على امتداد عالم الإسلام كما كانت هذه القضية المركزية هي الطاقة المفجرة للمشاعر الإسلامية تجاه التحديات "الصهيونية-الاستعمارية" المحدقة بالمسجد الأقصى والقدس الشريف والوطن الفلسطيني الذي ربط الله بينه وبين الحرم المكي الشريف. لقد أحيت القضية الفلسطينية ببعدها الإسلامي ومركزيتها بين قضايا الأمة – الرباط الإسلامي الجامع بين أعضاء جسد الأمة الإسلامية...وكما جعل الإسلام المسجد الأقصى واحداً من المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها...فإن القضية الفلسطينية قد غدت محور القضايا الإسلامية على امتداد أقطار وقارات عالم الإسلام مغالبة بذلك معوقات النزعات القطرية التي تغل أيدي الأمة عن الانتصار لهذه القضية المركزية.
ولان هذا الكتيب الذي نقدم بين يديه قد نجح في استخلاص الحقائق الأساسية لهذه القضية المركزية وفي تقديم هذه الحقائق الأساسية في إطار الوعي السياسي والفكري والحضاري المتميز... فقد غدت صفحاته بمثابة "المتن" الذي يجب أن تستظهره وتعيه وتفقهه ذاكرة كل عربي وكل مسلم بل وكل إنسان شريف ينشد الحقيقة والعدل والإنصاف... وبمثابة "الهيكل العظمي" الحامل لكل تفاصيل هذا الصراع المحتدم على أرض فلسطين.
إن هذا الكتيب "الصغير والنفيس" الذي كتبه الأستاذ الدكتور/محسن محمد صالح هو"دفتر أحوال" قضية المسلمين الأولى...فالخطر الصهيوني إنما يستهدف كل عالم الإسلام من"غانة" إلى "فرغانة" ومن حوض نهر الفولجا إلى جنوب خط الاستواء ولذلك كانت هذه القضية رمزاً للصراع بين كل المسلمين وبين كل أعداء الإسلام.... وكان الصراع التاريخي حول القدس والأقصى كما هو اليوم بوابة الانتصار الإسلامي على كل الأعداء وسائر التحديات. لقد وعى هذه " الحقيقة ـ الاسترتيجية " عماد الدين الكاتب (519ـ597ه/1125ـ1201م) عندما خاطب صلاح الدين الأيوبي فقال :
وهيجت للبيت المقدس لوعةًـ يطول بها منه إليك التشوق
هو البيت إن تفتحه,والله فاعل ـ فما بعده باب من الشام مغلق !
وتلك هي المهمة ,مهمة الوعي بمركزية واستراتيجية القضية الفلسطينية ,وطناً وعربياً وإسلامياً وإنسانياً أيضاً ,تلك هي المهمة التي تقدمها صفحات هذا الكتاب الصغير ... الذي ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسنات كل من يشيع ويذيع الحقائق الواردة فيه ... وإن –يجزي كاتبه خير الجزاء ... إنه ,سبحانه,أفضل سؤول وأكرم مجيب .
_ الدكتور محمد عمارة
مقدمة الطبعة الأولى
جمادي الأخر 1422هـ
آب /أغسطس 2001م - Blooming Rose
(مقدمة المؤلف )
الحمد له رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
يسعى هذا الكتيب إلى تقديم قاعدة بيانات مختصرة تصلح أن تكون منطلقاً للفهم الإسلامي للقضية الفلسطينية .وهو يجمع بين دفته مجموعة من المعلومات والحقائق والثوابت والمفاهيم التي يرى أقرب إلى "المتن" الذي لا تصلح معه التفصيلات والهوامش ,ومع ذلك فقد حرص المؤلف على الاستناد إلى المصادر العلمية الموثوقة في انتقاء المعلومات الواردة فيه .وإن تسمية الكتيب ب"حقائق وثوابت ..." لا تعني بالضرورة أنها حقائق مطلقة , فهو جهد بشري قابل للخطأ والضعف والنقصان , والباب مفتوح لكل نصح وتوجيه .
ونحمد الله سبحانه أن ييسر لهذا الكتيب من يعتني بنشره ,فطبعت منه مئات الآلاف من النسخ في مصر والإمارات والكويت ولبنان وماليزيا , كما ترجم ونشر بعدد من اللغات الأخرى .
نسأل الله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم .
د_محسن محمد صالحنلتقي الأسبوع القادم بالحلقة الثانية ان شاء الله .. وكل جمعة وانتم الى الله أقرب .