د.علاء الدين محمد مدين والشهرة (د. علاء مدين)

مقدمـــــــــــة

تشير الإحصاءات العالمية إلى أن نحو 25 -30% من الغذاء العالمى يفقد نتيجة لعوامل التلف والفساد المختلفة (Donnell, 1993). ففى القارة الأفريقية مثلا نجد أن نسبة الفاقد فى محصول البطاطس تصل إلى 15 -60% وفى محصول الأرز تصل إلى 6-24% وتصل فى الأسماك الطازجة إلى 20-40% وفى كل من المانجو والطماطم تصل إلى 25-50% وفى محصول البصل تصل إلى 16% . ولذا زاد الاهتمام فى السنوات الأخيرة بعمليات حفظ الغذاء بصورة أكبر من الموجودة حاليا سواء عن طريق تطوير الطرق التقليدية أو استحداث طرق مبتكرة تعمل على إنتاج أغذية على درجة عالية من الأمان من الناحية الميكروبيولوجية مع المحافظة على الخواص الغذائية والحسية الطبيعية لها بقدر الإمكان .

الطرق التقليدية لحفظ الأغذية Traditional methods

الطرق التقليدية لحفظ الأغذية والتى تستخدم فعلا على النطاق التجارى منذ فترة طويلة يمكن تقسيمها على حسب ثلاثة أسس رئيسية :

أولا : تقييد حرية وصول الكائنات الحية الدقيقة للغذاء .وذلك عن طريق عمليات التغليف وبخاصة استخدام طريقة التغليف المعقم Aspetic Packaging  للأغذية المعاملة حراريا .

ثانيا : تثبيط الكائنات الحية الدقيقة فى المنتجات وتشمل طرق التثبيط :

1- المعاملة الحرارية (البسترة والتعقيم التجارى) .

2- الإشعاع irradiation  .

ثالثا : تأخير أو منع النمو للكائنات الحية الدقيقة وذلك عن طريق :

1- خفض درجات الحرارة بالتبريد والتجميد .

2- تقليل النشاط المائى للأغذية (aw ) وذلك بالتجفيف ، التمليح والمعالجة curing ، التركيز العالى فى السكر Conserving.

3- رفع الحموضةAcidification.

4- التخمرات Fermentation.

5- التعبئة تحت تفريغ وفى جو معدل Vacuum and modified atmosphere packaging 

 رغبات المستهلك والاتجاهات المطلوبة لحفظ الأغذية :

تغيرت احتياجات المستهلك فى السنوات الأخيرة بالنسبة للغذاء المحفوظ وزادت متطلباته لأنه لم يكن راضيا عن الكثير من الأغذية المحفوظة بالطرق التقليدية حيث إنها تغير كثيرا من صفاته الجودوية . وقد لخصGould (1996)  متطلبات المستهلك للغذاء المحفوظ فى النقاط التالية:

1- له درجة عالية من الأمان بمعنى سلامته من عوامل الفساد عند الاستخدام والتخزين .

2- له درجة جودة عالية من حيث المظهر والقوام والنكهة بمعنى أن يكون مقاربا ومحتفظا بخصائص الغذاء الأصلى .

3- أن يكون طبيعيًا ويعتمد عند إنتاجه على إضافات طبيعية .

4- له درجة حفظ Shelf life  جيدة .

5- من الناحية الغذائية صحى ومفيد .

ولتحقيق ذلك لابد من مراعاة الاعتبارات التالية :

1- استخدام معاملات معتدلة  Mild treatment

2- تجنب المعاملات الحرارية الشديدة والتى تأخذ وقت طويل .

3- تجنب حدوث تسخين زائد Over-heating بقدر الإمكان .

4- تقليل أضرار التجميد Freeze damage  .

5- تقليل استخدام المضافات الكيميائية الصناعية بقدر الإمكان .

6- استخدام وسائل حفظ طبيعية أى يعتمد على المواد الحافظة الطبيعية بصورة أكثر.

7- استخدام مستويات منخفضة من الملح ، الدهون والسكر فى الغذاء.

8- منع الكائنات المسببة للتسمم الغذائى من تلوث الغذاء أو المواد الخام .

الطرق الحديثة والمتطورة لحفظ الأغذية New and improved techniques  :

الطرق الحديثة لحفظ الأغذية بعضها يكون مبنيا على أسس قديمة أى عبارة عن تعديلات للطرق المتبعة وبعضها يكون بالكامل تكنيكا جديدا وكلها تهدف لتحسين جودة المنتج مع المحافظة على نفس الدرجة من مستوى الأمان من عوامل الفساد إن لم يكن أحسن. ويمكن تقسيم الطرق الحديثة لحفظ الأغذية على نفس الأسس الثلاثة المتبعة فى عمليات الحفظ كالتالى :

أولا : تقييد حرية وصول الكائنات الحية الدقيقة للغذاء . انتشرت بصورة كبيرة تجاريا طريقة التغليف المعقم Aspetic Packaging وقد لاقت عدة تطورات فى عملية التعقيم واستخدام معقمات حديثة ومواد التعبئة الجديدة والمبتكرة .

ثانيا : تثبيط الكائنات الحية الدقيقة فى الغذاء .

معظم الطرق الحديثة تتجنب استخدام المعاملات الحرارية التقليدية للمحافظة على جودة الغذاء (Ohlsson , 1997; Manvell,1997 ) وتشمل :

1- انتشار الطريقة التسخين على درجات حرارة عالية لفترة قصيرة ( HTST ) فى خط متوازى مع تطور أسلوب التغليف المعقم Aspetic Packaging .

2- التسخين بطرق جديدة :

أ- الميكرويف .

ب- المقاومة الكهربائية ( ohmic)  .

3- استخدام طرق طبيعية للحفظ بديلة عن التسخين :

أ- الأشعة المؤينة ionising radiation  استمر انتشارها على مستوى العالم وثبت مأمونيتها وفاعليتها فى حفظ الغذاء .

ب- الضغط الهيدروستاتيكى العالى High hydrostatic pressure.

ج- استخدام الموجات فوق الصوتية  Ultrasonication .

د- استخدام الذبذبات الكهربائية عالية الفولتelectric pulses  High voltage.

4- استخدام وسائل تثبيطية جديدة مثل تطهير اسطح ذبائح وقطعيات اللحوم والدواجن بالأحماض .

ثالثا : تأخير أو منع النمو للكائنات الحية الدقيقة . وتشمل الطرق الحديثة المستخدمة فى هذا المجال :

1- استخدام معاملات مشتركة أو ما يطلق عليه Hurdle technology .

2- التطورات الحديثة لطريقة التعبئة فى جو معدل وبخاصة التى تحتوى على ثانى أكسيد الكربون بالنسبة للأغذية التى تخزن تحت تبريد .

3- مواد حافظة طبيعية جديدة وتكون إما :

أ- مستخرجة من كائنات حية دقيقة  Bacteriocins  .

ب- مستخرجة من مصادر حيوانية Antibiotic peptides .

ج- مستخرجة من مصادر نباتية وأهمها الزيوت العطرية Essential oils  ، والمواد الفينولية .

الحفظ باستخدام الحواجز أو المعاملات المشتركة

Hurdle technology

الثبات الميكروبى ودرجة الأمان للغذاء عبارة عن محصلة للعديد من العوامل . فهى تعتبر تداخل معقد للحرارة ، النشاط المائى، درجة الـpH وقوة الأكسدة والاختزال . فى هذه الطريقة يتم التحكم فى بعض العوامل المحيطة بالميكروبات microenvironmental parameters وجعلها غير ملائمة للنمو . ولذلك تعزى هذه الطريقة إلى استخدام عدة حواجز بيئية Hurdles تعيق نمو الكائنات الحية الدقيقة بحيث أنها لا يمكن أن تتغلب عليها كى تحدث الفساد أو التسمم الغذائى.هذه الطريقة تعمل على توفير بيئة معادية hostile environment  للكائنات الحية الدقيقة عن طريق عدة معاملات مشتركة ولذلك سميت أيضا بطريقة الحفظ المشترك Combination techniques (CM technology) . هذه المعاملات المشتركة تعمل معا بطريقة تعاونية Synergistic  وبالتالى تؤدى إلى اضطراب التوازن الطبيعى homeostasis  للميكروبات .

وأهم الحواجز Hurdles المستخدمة :

1- الحرارة العالية  High temperature ( F value )

2- الحرارة المنخفضة  low temperature ( t value )

3- خفض النشاط المائى water activity ( aw )  

4- زيادة الحموضة  acidity ( pH)  

5- قوة الأكسدة والاختزال  redox potential ( Eh)

6- ميكروبات منافسة ( بكتريا حمض اللاكتيك)

7- مواد حافظة ( نترات ، سلفات ، سوربات ) .

هذا بالإضافة إلى الطرق التى ظهرت فيما بعد مثل الضغط الهيدروستاتيكى العالى ، الإشعاع، الموجات فوق الصوتية وغيرها التى تستخدم أيضا كـ Hurdles  لتقوية طريقة الحفظ. وقد تم تحديد خمسون نوعا من الـ Hurdles بواسطة منظمة HACCP Hazard Analysis Critical Control points)) (Pierson & Corlett ,1992) .

- لابد من عمل تصميم بالنسبة للـHurdles  المستخدمة عند إنتاج نوع جديد من الغذاء بهذه الطريقة. ويجب تحديد أى نوع من هذه الـ Hurdles سوف يتم استخدامه للحصول على درجة أمان وثبات ميكروبى عالى . وبالتالى يتم وضع سلسلة من هذه الحواجز أو العقبات لا تستطيع أن تتجاوزها الكائنات الحية الدقيقة .

- طريقة الـ Hurdles تؤدى إلى استخدام جرعات معتدلة من المعاملات المختلفة ، فهناك حفظ تكميلى لكل معاملة بمعاملات أخرى أى أنه لا داعى بالضرورة إلى استخدام جرعات عالية تؤثر على خصائص المنتج لأن هناك وسائل متتالية توفى الغرض . عند حفظ الغذاء بنظام الـ Hurdle technology  ، إذا كان عدد الميكروبات أو الحمل الميكروبى قليل يستخدم عدد قليل من الـ Hurdles أو معاملات منخفضة من كل منها .أما إذا كان الحمل الميكروبى عالى فيرفع بعض مستويات الـ Hurdles .

تطبيقات لاستخدام معاملات الـ Hurdles المشتركة فى حفظ الغذاء .

1- فى عمليات التخمرfermentation  مثل السجق المتخمر Salami ، الجبن المعتق ، يستخدم فى الصناعة سلسلة من الحواجز Hurdles. فيلاحظ عند صناعة السجق المتخمر Salami إنه يستخدم الملح والنترات ( مواد حافظة ) فى المراحل المبكرة من التعتيق ثم يتم توفير الظروف اللاهوائية فتثبط الأحياء الدقيقة الهوائية وتشجع انتخاب بكتيريا حامض اللاكتيك التى تعمل على خفض الـ pH ولذا  فإن المعاملات المشتركة  للـ Hurdles المتتالية تؤدى إلى عملية تعتيق ripening  منتظمة للمنتج .

ويعتبر التحكم فى التركيب الدقيق microstructure أثناء التصنيع من ضمن الحواجز Hurdles المستخدمة والتى تؤدى أيضا إلى ثبات سجق السلامى . فيلاحظ أن عملية التعتيق للسلامى عبارة عن عملية تخمر فى الحالة الصلبة solid state fermentation . فعجائن السجق التى تتكون أثناء تصنيعها فجوات صغيرة nests ومتساوية تتواجد فيها البادئات بانتظام وتتغلب على أنواع البكتريا الأخرى الموجودة نظرًا لتحملها الظروف المحيطة ، فالتوزيع الجيد لبكتريا البادئات يؤدى إلى الحصول على منتجات متجانسة . التركيب الدقيق microstructure يلعب دور هام فى ثبات المستحلبات من الناحية الميكروبيولوجية . فوجود البكتريا فى مستعمرات صغيرة فى حالة مستحلبات الزيت فى الماء ، ووجود قطرات ماء صغيرة مشتتة فى مستحلبات الماء فى الزيت لا تشجع نمو البكتريا بشكل جيد ولذلك فإن تأثير التركيب الدقيق microstructure  من العوامل الهامة لتقييد فرصة الكائنات الحية الدقيقة فى النمو فى الغذاء وذلك عن طريق التحكم فى عدد وحجم والمسافة بين التجاويف التى يتواجد بها الميكروبات (Leistner , 1995).

2- استخدام معاملات الـ Hurdles المشتركة لإنتاج منتجات غذائية ثابتة عند التخزين         (Shelf stable products , SSP ). فبالنسبة للأغذية مرتفعة الرطوبة يستخدم معاملات حرارية معتدلة        ( 70 -110 °م) مع تعديل النشاط المائى  ، درجة الـ pH وقوة الأكسدة والاختزال  .

يوجد أربع معاملات :

أ -   SSP aw -  وفيها يتم تقليل النشاط المائى لأقل من 0.95 .

ب- pH-SSP وفيها يتم زيادة درجة الـ pH .

ج- Combi- SSP وفيها يستخدم معاملات مشتركة متساوية .

د - F-SSP وفيها يستخدم درجات حرارة أقل من تلك القاتلة للجراثيم . واستخدمت هذه المعاملات لإنتاج أنواع مختلفة من منتجات اللحوم ( Shimokomaki et al ,1998 ) .

الباستا الإيطالية ( Tortellini ) يستخدم فيها تقليل النشاط المائى ، معاملة حرارية معتدلة مع الحفظ بالتعبئة فى جو معدل أو فى بخار الإيثانول أثناء التخزين بالمشاركة مع درجة تبريد معتدلة.

3- تستخدم طريقة المعاملات المشتركة الـ Hurdles مع الأغذية متوسطة الرطوبة والتى يكون درجة النشاط المائى لها ما بين 0.6 - 0.9 لإنتاج أغذية سهلة التحضير وتخزن بدون تبريد . يستخدم عدة معاملات مشتركة : معاملة حرارية قليلة ، مواد حافظة ، خفض الـ PH ، قوة الأكسدة والاختزال . تحفظ بها اللحوم ، الأسماك ، الخضراوات والفواكه . يعيب هذه الطريقة وجود بعض التغيرات فى المذاق نظرا لاستخدام كميات عالية من المواد المعدلة للرطوبة Humectants  ونسبة المواد المحافظة المضافة إليها .

استخدامات الحفظ بالمعاملات المشتركة Hurdles  فى الدول النامية :

فى بعض الدول النامية ، حيث يكون استخدام درجات حرارة التبريد عند الحفظ فى الثلاجات مكلفا تستخدم معاملات الـ Hurdles لإنتاج غذاء آمن عند التخزين بدون اللجوء إلى التبريد .

ففى دول أمريكا اللاتينية يتم حفظ الفواكه التى لها درجة نشاط مائى عالى ( أكبر من 0.92) عن طريق المعاملات المشتركة للـ Hurdles . فيتم إجراء معاملة حرارية معتدلة ( سلق بالبخار المشبع لمدة     1-2دقيقة ) ، ثم خفض النشاط المائى بدرجة بسيطة ( 0.93-0.98 ) بإضافة الجلوكوز أو السكروز ثم خفض الـ pH ( 3-4.1 ) باستخدام  حامض الستريك أو الفوسفوريك ثم إضافة مواد حافظة ( سوربات البوتاسيوم ، بنزوات الصوديوم ، بيكبريتيد الصوديوم ) مما يؤدى إلى حفظ الفواكه للاستهلاك المنزلى أو لصناعة الحلويات والفطائر لفترة تتراوح ما بين 3-8 شهور على حرارة 25-35 ° م .

التأثير على الميكروبات :

المعاملات المشتركة للـ Hurdles المستخدمة تطرق فى نفس الوقت عدة مواقع للكائنات الحية الدقيقة ومن بينها الغشاء الخلوى ، DNA و الأنظمة الأنزيمية ، بالتالى تعمل على الإخلال التام بالتوازن الخاص بالكائنات الحية الدقيقة . وهى أساسا تعمل على تثبيط النمو للكائنات الحية الدقيقة وأقل تأثيرا على عمليات القتل لها ( Leistner , 1995) .

حفــــظ الأغذيــــــــــة بالإشعـــــــــــاع

Food Irradiation

إن حفظ الأغذية بالإشعاع يعتبر وسيلة حفظ طبيعية حيث يتم تعريض الأغذية لواحدة من أنواع الإشعاعات  المؤينة الثلاثة : أشعة جاما أو الأشعة السينية أو الإلكترونات المسرعة high speed elctron beam ويتم إجراء ذلك فى وحدات خاصة لتلك الأشعة ولفترة زمنية محددة. تتميز هذه الإشعاعات بأن لها قوة اختراق عميقة وأن لها طاقة كافية لتكسير الروابط الكيميائية وتأين الجزئيات عند مرورها بدون رفع لدرجة الحرارة .يعمل التشعيع على توقف أو اضطراب العمليات الحيوية العضوية لمسببات الفساد للأغذية.

ومن خلال البحوث على الأشعة المؤينة وجد أن أشعة جاما تعتبر من أحسن الوسائل المؤثرة فى حفظ الأغذية . أشعة جاما هى أشعة مؤينة موجية كهرومغناطيسية يتم إصدارها من نظير الكوبالت -60 . وهو من أحسن النظائر المشعة لأشعة جاما وله فترة نصف عمر 5.3 سنوات ويشع أشعة جاما بطاقة مقدارها 1.17 ، 1.33 Mev . وطاقة أشعة جاما الصادرة من نظير الكوبلت -60 تعمل على تخلل المواد الغذائية دون أن تترك بها متبقيات مثل المعالجة الكيميائية كما تعتبر "معالجة على البارد " لأنها لا تزيد من درجة حرارة الغذاء وينعكس ذلك على المحافظة على لون ونكهة وصفات الجودة للغذاء الخام الطازج. ومنتجات الأغذية المعالجة بالإشعاع يمكن استهلاكها أو تصديرها أو تخزينها مباشرة بعد إتمام العملية .

وقد كان حفظ الأغذية بالإشعاع تحت الدراسة والبحث المكثف لأكثر من أربعون سنة . وتوصلت هذه الدراسات إلى أن عملية التشعيع ( تحت الظروف المحكمة) لا ينتج عنها تكوين مواد ذات فاعلية أو نشاط إشعاعى فى الأغذية radiological safety وليس لها تأثير يذكر على القيمة الغذائية للأغذية المعاملة ولا تؤدى إلى تكوين أى مركبات سامة أو لها تأثير سرطانى للأغذية .كما ثبت خلو هذه الأغذية المعالجة بالإشعاع من الميكروبات المرضية والسموم الميكروبية الضارة بصحة الإنسان . وقد وجد أن منتجات التحلل الإشعاعى radiolytic products  كالجلوكوز وحامض الفورميك والاستالدهيد وثانى أكسيد الكربون منتشرة وشائعة وموجودة فى الأغذية بصورة طبيعية وتتكون أيضا بفعل المعاملات الحرارية . وقد أولت منظمتى الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO ) والصحة العالمية (WHO) الاهتمام بنتائج هذه البحوث وأشارت إلى أن الغذاء المعالج بالإشعاع هو غذاء " آمنا صحيا " بالإضافة إلى أن القيمة الغذائية لتلك الأغذية وجد أنها جيدة مقارنة بالطرق الأخرى . وقد قرر مجلس الخبرة المشتركة فى مجال تشعيع الأغذية JECFI  تحت إشراف منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد فى عام 1980 أن المعلومات العلمية والبيانات المتاحة لديه تثبت وتؤكد أن الأغذية المشععة حتى جرعة متوسطة ( 10 كيلوجراى ) لا يترتب عليها مشاكل أو آثار سامة ويسمح باستعمالها بواسطة الإنسان بدون اختبارات زائدة للنواحى الصحية (WHO,1981) . وهناك واحد وأربعون دولة من دول العالم صرحت على مدار الأعوام الماضية منذ 1984 بحفظ الأغذية بالإشعاع حيث تصل المواد الغذائية المصرح بها إلى 55 مادة غذائية من حبوب وخضراوات وفاكهة ودواجن وتوابل وأعشاب وغيرها . وقد انضمت جمهورية مصر العربية إلى مجموعة هذه الدول حيث وافقت وزارة الصحة عام 1997 على تشعيع التوابل الجافة ومسحوق كل من البصل والثوم المجفف . ويقدر حاليا حجم الأغذية التى يجرى تشعيعها وتسويقها على المستوى الدولى 500.000 طن سنويا .

ومنذ التسعينات زاد الاهتمام العالمى بتنشيط التقبل الجماهيرى للأغذية المشععة والرقابة عليها إلى جانب التجارة الدولية فى الأغذية المشععة . ومن المتوقع أن تسهم عملية حفظ الأغذية بالتشعيع إسهاما ملحوظا فى تقليل معدلات الفاقد من الأغذية وضمان سلامتها الصحية ويشكل هذا أهمية كبرى لدول العالم الثالث حيث تتصاعد معدلات الفاقد بعد الحصاد وترتفع حدة تلوث الأغذية من الميكروبات الضارة . وقد أصدرت اللجنة الدولية المشتركة بين هيئات الأمم المتحدة توصية فى 19/9/1997 بقبولها بمبدأ تشعيع الغذاء دون حدود للجرعة ، حيث تحدد الجرعة طبقا لنوع الغذاء وليس هناك أى أضرار بصحة الإنسان .

- ومن أهم مميزات التشعيع الجامى هو قدرته على إبادة الميكروبات ويساعد قدرة الإشعاع للنفاذ إلى أماكن نمو الميكروبات بين أنسجة المادة الغذائية إلى تثبيط نموها بالقدر الذى يسمح بإطالة فترة تسويقها وتقليل الفاقد منها .

هذا ويقسم التشعيع إلى عدة جرعات على حسب الغرض منه وهى :

1- التعقيم Radappertization  : وهى عملية تعقيم كاملة للمادة الغذائية بواسطة الإشعاع وتحتاج جرعات إشعاعية مرتفعة ( 45-50 كيلوجراى) لتحطيم جميع الكائنات الدقيقة المفسدة للغذاء والضارة لصحة الإنسان بما فيها بكتريا Clostriduim botulinum( أكثر الكائنات مقاومة للإشعاع ) . هذه المعاملة قد تسبب تغييرا فى لون ورائحة المادة الغذائية خصوصا إذا كانت من النوع الذى يحتوى على نسبة مرتفعة من الرطوبة.

2- الاستئصال Radicidation  : يهدف هذا النوع من المعاملة إلى إزالة الكائنات الحية الدقيقة التى لها علاقة مؤكدة بإحداث الضرر لصحة الإنسان . ويستخدم فى ذلك جرعات إشعاعية أقل من تلك التى تستخدم فى عمليات التعقيم وبالقدر الكافى لتحطيم الميكروبات الممرضة مع تخفيض الحمل الميكروبى للحد الذى لا يسبب مشاكل غير عادية للغذاء ولا تستطيع التكاثر لفترة من الوقت بعد التشعيع مما يساعد على إطالة فترة تخزين المنتج الغذائى. وحيث أن السالمونيلا هى أكثر الكائنات الدقيقة حساسية للإشعاع وهى من الميكروبات المفسدة للغذاء والضارة بصحة الإنسان ، لذلك فإن الهدف الأول لـ Radicidation  هو تحديد الجرعة اللازمة للتخلص من السالمونيلا . وأثبتت التجارب أن الجرعات من 0.75 - 1.05 كيلو جراى كانت كفيلة للتخلص من 90% من العدد الكلى للسالمونيلا . هذه العملية الإشعاعية تعتبر حلا جزئيا من أجل إطالة فترة تخزين المنتج الغذائى، ولذلك يستلزم استخدام وسائل أخرى مكملة مثل التخزين البارد ليساعد على إطالة فترة التخزين .

3- البسترة Radurization  : يطلق عليها البسترة الإشعاعية ويستخدم لها جرعات تصل إلى 5 كيلو جراى لتخيف الحمل الميكروبى بوجه عام ولكنها تسمح ببقاء بعض الكائنات الدقيقة حيا ومن ضمنها البكتريا المنتجة للجراثيم ولذا فإن الغرض منها مضاعفة فترة بقاء الغذاء باستخدام جرعات إشعاعية بالقدر الذى لا يسمح بحدوث تغير فى صفات جودته مع خفض ملحوظ فى الحمل الميكروبى . وتكون البسترة الإشعاعية مناسبة لحفظ الأسماك والصدفيات والدواجن واللحوم ومنتجاتها بجانب العديد من ثمار الفاكهة        (Crawford & Ruff, 1996).

تأثير التشعيع على الكائنات الحية الدقيقة :

يرجع التأثير المميت للأشعة المؤينة على الخلايا الحية إلى التأثير المباشر على المواد الوراثية أو التأثير غير المباشر على محتويات الخلية . وتسبب الأشعة المؤينة تكسيرا فى جزئيات الحمض النووى DNA وهو ما يسمى بالتأثير المباشر. ووجود جزئيات الماء بالخلية يزيد من إحداث الضرر للحمض النووى DNA وغيره من محتويات الخلية، ويكون التأثير هنا راجعا إلى تفاعل الشقوق الحرة الناتجة من تحلل جزئيات الماء مع مكونات الخلية وهو ما يسمى بالتأثير غير المباشر. ويعتبر التأثير غير المباشر هو الأكثر فاعلية لوجود الشقوق التى تنتشر داخل الخلية أثناء وعقب التشعيع حيث تتفاعل هذه الشقوق مع الجزئيات الحيوية بصرف النظر عن وزنها الجزئيى أو نشاطها الحيوى داخل الخلية . يؤدى تأثير الإشعاع عادة على الحامض النووىDNA   إلى موت الخلية وتكون للظروف المحيطة أثناء التشعيع دور هام فى إظهار هذا الأثر. فالتشعيع فى غياب الأكسجين يؤدى إلى زيادة مقاومة الكائنات الدقيقة ، كما أن تخفيض نسبة الرطوبة أو تجميدها يزيد مقاومتها أيضا ( Monk et al ,1995 ) .

العوامل التى تؤثر على كفاءة التشعيع :

1- نوع الكائنات الدقيقة :

أ- البكتريا : تختلف أنواع وسلالات البكتريا فى قدرتها على تحمل الأشعة المؤينة . وبوجه عام فإن البكتريا سالبة الجرام تكون أكثر حساسية للتشعيع من البكتريا موجبة الجرام ، كما أن الجراثيم تكون أكثر مقاومة من الأطوار الخضرية . ويتضح فيما يلى مقدار التباين فى الجرعات اللازمة لقتل الأنواع المختلفة من البكتريا :  Staphylococci أقل من 0.5 إلى 20 كيلوجراى ، Salmonella أقل من 0.5 إلى 3 كيلو جراى  Clostridium من 1 إلى 20 كيلوجراى ، acillus  من 5 إلى 20 كيلو جراى . ومن حسن الحظ أن معظم الميكروبات الممرضة غير مقاومة للتشعيع، فجرعة إشعاعية قدرها 5 كيلو جراى تستطيع أن تقضى تماما على الميكروبات غير المكونة للجراثيم والموجودة فى الأغذية ولها أهمية خاصة كممرضات للإنسان وهى:

Campylobacter jejuni, Yersinia enterocolitica, Aeromonas hydrophilla, Shigella, Vibrio species, E. coli and  Brucella.

كما أن هذه الجرعة ذاتها يمكنها أن تخفض أعداد ميكروبات السالمونيلا بمقدار 6 دورات لوغارتيمية على الأقل . أوضح Andrews et al (1995)  أن Listeria monocytogenes يكون أكثر البكتريا الممرضة مقاومة للإشعاع مقاومة بالأنواع السالبة للجرام مثل أجناس Salmonella  ، Vibrio . كما ذكر Byun et al (1998) فى دراسة حديثة أن التشعيع بأشعة جاما بجرعة مقدارها 1.5 كيلو جراى كافية بالتغلب على E. coli 0157: H7  . وعلى النقيض من ذلك نجد أن بعض البكتريا المكونة للجراثيم والمسببة للتسمم الغذائى مثل  Clostridium botulinum , C. perfringens and Bacillus cereus تكون مقاومة للإشعاع عن معظم البكتريا الأخرى .

ب- الفطريات  : تماثل فى حساسيتها للإشعاع الطور الخضرى للبكتريا ما عدا تلك الأنواع المقاومة للتشعيع مثل فطر Alternaria citri  .

2- كثافة الحمل الميكروبى : يلاحظ عند قياس تأثير الجرعة المستخدمة من الأشعة المؤينة على الميكروبات وجود علاقة طردية بين شدة الجرعة وبين لوغارتم العدد الأساسى للميكروبات. ويعبر عن الجرعة اللازمة لقتل 90% من الميكروبات الموجودة بالاصطلاح D10  . وبطبيعة الحال تتوقف قيمة D10  على العدد الابتدائى للميكروبات ودرجة الحرارة والبيئة المستخدمة لنموها وحجم الجرثومة .

3- حساسية الفطر والعائل :  تعتمد المعاملة الإشعاعية المؤثرة على الأمراض الفطرية التى تصيب الثمار على الحساسية النسبية لكل من العائل والميكروب للإشعاع . ولذلك يجب أن يكون العائل مقاوم للمعاملة الإشعاعية التى تؤثر على الفطر دون أن تظهر أى تأثيرات جانبية غير مرغوبة على العائل .

4- حجم الجرعة الإشعاعية : يسبب الإشعاع تغيرات مورفولوجية ووراثية وفسيولوجية فى الكائنات الدقيقة . وقد تكون التغيرات المورفولوجية كبيرة خصوصا إذا استخدمت جرعات إشعاعية صغيرة منشطة تسبب انباتا سريعا مكثفا ، بينما يؤدى استخدام جرعات إشعاعية مرتفعة إلى موت الكائنات الدقيقة، ويتوقف ذلك على مستوى الجرعة الإشعاعية ونوع الكائنات الدقيقة والظروف البيئية المتوفرة بعد التشعيع فمثلا الجرعة 5 كيلو جراى تكون مناسبة لإيقاف نمو مستعمرات فطر Rhizopus stolonifer بينما تستخدم الجرعة 15 كيلوجراى لإيقاف إنبات الجراثيم .

5- شدة الجرعة: لوحظ أن شدة الجرعة وحجم الجرعة الإشعاعية لهما تأثير واضح على معدل نمو الكائنات الحية الدقيقة . حيث وجد أن الجرعة 0.8 كيلو جراى وشدتها حوالى 10 كيلو جراى/ساعة كانت كافية لقتل ميسليوم فطر Penicillium expansum  بينما استخدام نفس الجرعة بشدة أقل
 ( 200جراى /ساعة) لا يعطى نفس الأثر .

6- مكونات الوسط المحيط: تؤثر الظروف البيئية المحيطة بالثمار أثناء التشعيع  على حساسية الميكروبات . فاستبعاد الاكسجين يزيد من مقاومة الكائنات الدقيقة مما يستلزم زيادة حجم الجرعة الإشعاعية للحصول على نفس الأثر . ويرجع ذلك إلى أن توفر الأكسجين يزيد من تكوين البيروكسيدات فى الأنسجة الحية والتى لها آثار ضارة على الفطريات وتسبب موتها .

7- الرطوبة : انخفاض نسبة الرطوبة فى المادة الغذائية يزيد من مقاومة الكائنات الدقيقة للإشعاع مما يستلزم زيادة حجم الجرعة الإشعاعية للحصول على نفس الأثر . يرجع ذلك إلى تخفيض أثر الشقوق الحرة مع انخفاض الرطوبة وبالتالى إلى تخفيض التأثير الغير مباشر .

8- درجة حرارة التخزين : درجة حرارة التخزين من العناصر البيئية الهامة التى تؤثر على إنبات الجراثيم ونموها .

الطفرات الميكروبية : 

تعمل الجرعات الإشعاعية التى تستخدم فى تعقيم الغذاء على قتل نسبة كبيرة من الكائنات الدقيقة الموجودة عليه وتصبح الكائنات الدقيقة المتبقية بعد التشعيع والتى استطاعت تحمل هذه الجرعات الإشعاعية المستخدمة لها صفة المقاومة ضد هذه الجرعات . وإعادة نشاط ونمو هذه الميكروبات وتكاثرها بصفاتها الجديدة يعتبر أمرا خطيرا ، إذ تكون لها صفة الطفرات التى تتحمل مدى معين من الجرعات إلا شعاعية . وتظهر هذه الظاهرة فى البكتريا التى تعيش بعد معاملة الاستئصال Radicidation  أو معاملة البسترة الإشعاعية Radurization . ويؤدى تكرار تشعيع البكتريا الخضرية بجرعات تحت المميتة sub-lethal  بينها فترات كافية لإعادة نشاطها إلى إنتاج طفرات بكتيرية مقاومة للإشعاع أكثر عدة مرات من السلالة الأصلية .

تطبيقات لاستخدام الأشعة المؤينة فى مجال الأغذية :

حفظ الأغذية بالإشعاع تعتبر عملية حفظ باردة لأنه يوجد فقط ارتفاع طفيف فى درجة الحرارة فى الغذاء أثناء عملية الحفظ . هذه الصفة تجعل هذه الطريقة لها جاذبية خاصة مع المواد الغذائية ذات الحساسية للحرارة .

وهناك أيضا مميزات أخرى من الممكن أن تلاحظ خلال عملية حفظ الأغذية بالإشعاع وتشمل :

1- من الممكن أن يعبأ المنتج فى حالة جافة .

2- التشعيع من الممكن أن يستعمل لحفظ أنواع مختلفة من الأغذية فى مدى من الأحجام والأشكال المختلفة مما يعطيه صفة المرونة . فممكن أن يستعمل مع الأغذية ذات الأحجام الكبيرة .

3- يمكن أن يستخدم لتجهيز منتجات ذات درجة حفظ ثابتة مثل اللحوم المملحة أو المتبلة وكذلك السجق .

4- المحافظة على الخصائص الحسية والقيمة الغذائية للعصائر الطبيعية أثناء عمليات التشعيع بدرجة عالية .

هذا وقد استخدمت الأغذية المعقمة بالإشعاع بنجاح خلال رحلات رجال الفضاء كما تستعمل فى وجبات المستشفيات كغذاء معقم وخاصة بالنسبة لمرضى فقد المناعة المكتسبة ( الإيدز) .

وعامة فقد استخدم الإشعاع فى تطبيقات عديدة فى مجال التصنيع الغذائى كما ذكر
Neijssen (1995) ومنها :

1- تثبيط الإنبات أو التزريع لبعض المحاصيل كالبطاطس والبصل وبالتالى إطالة فترة التخزين لها وذلك باستخدام جرعات ما بين 0.05 - 0.15 كيلو جراى .

2- التشعيع يمكن أن يستعمل بدلا من التدخين الكيماوى للتحكم فى مهاجمة الحشرات التى تحدث للحبوب والدقيق والفواكه الجافة والطازجة والمنتجات الغذائية الأخرى التى تكون ملائمة لغزو الحشرات .

3-  تقليل التلوث أو تطهير التوابل والأعشاب من الكائنات الدقيقة حيث أن الحرارة لا يمكن أن تستعمل لإزالة التلوث فى هذه الحالة لأنها سوف تفقد المواد الطيارة المسئولة عن النكهة والرائحة
(Kiss and Farkas , 1988 ) .

4- المعاملة بالإشعاع استخدمت كى تحل محل بعض الإضافات الغذائية أو تقليل الكمية المستخدمة منها حيث استعمل الإشعاع فى إنتاج بعض اللحوم المصنعة باستخدام كمية قليلة جدا من النتريت عن تلك الكمية المستعملة فى حالة اللحوم المصنعة بطرق تقليدية .

5- يستخدم لتطهير أسطح اللحوم التى يمكن أن تتلوث خلال عمليات الذبح والسلخ والتقطيع فهو يستعمل لتدمير الميكروبات الحساسة وخاصة السالبة الجرام مثل Pseudomonas ،  Achromobacter ،  Flavobacterium والتى يمكن أن تسبب الفساد .

6- يستخدم لبسترة بعض الأغذية كالألبان والعصائر واللحوم والأسماك والفواكه والخضراوات الطازجة .

7-  كما يستخدم فى أغراض أخرى مهمة للتصنيع الغذائى مثل تعقيم محاليل الأنزيمات وتحليل المركبات ذات الجزئيات الكبيرة كالنشا والسليلوز وتطرية اللحوم وغيرها .

تأثير الأشعة المؤينة على الأنزيمات :

الأنزيمات  لا تتأثر كثيرا بالجرعات المستخدمة من الأشعة المؤينة وذلك حتى فى التعقيم الإشعاعي. ولذا فإن عملية تثبيط الإنزيمات الداخلية تكون أسهل بمعاملة حرارية أولية .وقد ثبت عدم تأثر الإنزيمات المحللة للبروتينات فى حبوب القمح المشعة حتى جرعة مقدارها 0.5 كيلوجراى ، بينما تنشط هذه الأنزيمات فى الدقيق المشعع بجرعات من 0.5 - 5 كيلوجراى وتنشط الجرعات من 0.1 -0.2 كيلو جراى إنزيم الأميلز فى الحبوب . كما وجد أن تشعيع القمح بجرعة 0.5 كيلوجراى لا تؤثر على نشاط إنزيم الليبوكسيديز بينما تسبب الجرعة 5 كيلوجراى انخفاضا واضحا فى نشاطه .

وفى دراسة حديثة ذكر Gautam et al (1998) أن معاملة المشروم بالإشعاع بجرعة مقدارها 2 كيلو جراى يقلل من نشاط إنزيم polyphenol oxidase  الذى يسبب ظهور اللون البنى عند التخزين على 10° م وبالتالى يزود الفترة التخزينية إلى أكثر من عشرة أيام .

تأثير الأشعة المؤينة على القيمة الغذائية  ومكونات الغذاء :

أوضحت الدراسات والبحوث أن التشعيع لا يؤثر على القيمة الغذائية للأغذية بأكثر مما تحدثه طرق التصنيع والحفظ الأخرى المتبعة لتحقيق الغرض ذاته . فالعناصر الغذائية الرئيسية كالبروتينات والدهون والمواد الكربوهيدراتية ثابتة نسبية للجرعات التشعيعية حتى 15 كيلو جراى (Solar, 1995) .

1- الدهون : الإشعاع يؤدى إلى حدوث تغيرات اكسيدية (غير مباشرة) وغير اكسيدية (مباشرة) فى الليبيدات . فالتغيرات الغير اكسيدية ترجع إلى انشطار أو تشقق جزئ الدهن ، فبعض الروابط يسهل تكسيرها عند التعرض للإشعاع وينتج أيدروجين ، ثانى أكسيد الكربون ، الدهيدات ، alkanes ، alkenes. أما الأكسدة الذاتية للدهون فهى من التغيرات الغير مباشرة للإشعاع حيث تتكون شقوق حرة وينتج البيروكسيدات ، المواد الكربونيلية ، hydroxy and Keto acids ، lactones  ، polymers . وقد وجد أن تعريض دهون اللحوم بجرعة إشعاعية مقدراها 20 كيلو جرام يؤدى إلى إسراع ظهور رائحة التزنخ المميزة له .

2-البروتينات :  يحدث تغيرات طفيفة للبروتينات نتيجة عمليات التشعيع ( وخاصة لتلك المحتوية على نسبة عالية من الكبريت ) هذا ولا تتأثر الأحماض الأمينية أو القيمة الغذائية للبروتينات نتيجة لعمليات التشعيع ، أما الأنزيمات فتظل محتفظة بنشاطها عند التعريض للإشعاع حتى 10 كيلو جراى .

3- الكربوهيدرات : التشعيع قد يحدث انحلال تحللى أو أكسيدى لجزئيات الكربوهيدرات. السكريات البسيطة يمكن أن تتأكسد فى نهاية الجزيئ لتكوين أحماض أما بالنسبة لجزئيات الكربوهيدرات الكبيرة فإنها تنشطر إلى وحدات أصغر نتيجة لانحلال الروابط الجليكوسيدية. كما تقصر الروابط الخاصة بالبكتين نتيجة لهذا الانحلال مع فقد فى القوة الجيلية .

4- الفيتامينات :  الفيتامينات حساسة للمعاملة بالإشعاع . عملية إتلاف الفيتامينات بواسطة الإشعاع تكون عادة بطريقة غير مباشرة وتتوقف على المحتوى من الماء والأكسجين . بالنسبة للفيتامينات الذائبة فى الدهون يكون فيتامين هـ أكثرها حساسية للأشعة المؤينة بينما يكون فيتامين د أقلها . فيتامين أ يكون أيضا حساسا للإشعاع نظرا لأن نشاطه يقل عن طريق Cis-trans isomerization  الثيامين يكون أكثر الفيتامينات على الإطلاق حساسية للإشعاع وكذلك فإن pyridoxine  يكون حساسا جدا للمعاملة بالأشعة المؤينة . أما الريبوفلافين ، النياسين ، ح البنتوثنيك ، البيوتين ، وح الفوليك تكون ثابتة نسبيا عند التعرض للإشعاع .        حامض الاسكوربيك يتحول بالإشعاع إلى حامض ديهيدرواسكوربيك .

5- المعادن : المعادن لا تتأثر بالمعاملة بالإشعاع . وعامة فإن محتوى المعادن فى الأغذية المعقمة بالإشعاع يكون أعلى من تلك المعقمة بالحرارة .

المعاملات المشتركة :

اهتم كثير من الباحثين بدراسة تأثير المعاملات المشتركة مع الإشعاع للتغلب على مقاومة الكائنات الحية الدقيقة للإشعاع و لتجنب استخدام جرعات إشعاعية مرتفعة قد تسبب أضرارًا للغذاء . ومن أهم المعاملات المشتركة مع الإشعاع هى :

1- الحرارة :   فى دراسة على جراثيم Aerobic bacilli وجد أن التشعيع يؤدى إلى زيادة حساسية الجراثيم للمعاملة الحرارية التى تلى التشعيع ، بينما المعاملة العكسية لم يكن لها تأثير.

فطر Rhyzopus stolonifer  يعتبر من الفطريات المقاومة للحرارة والإشعاع .وفى دراسة على هذا الفطر لإضعاف مقدرته على تكوين مستعمرات ، وجد أن أفضل معاملة لجراثيمه الغير نابتة هو تعريضها للجرعة 1.25 كيلوجراى يتبعها معاملة حرارية عند درجة 46°م  لمدة خمسة دقائق ، بينما هذه المعاملات لا تناسب الجراثيم النابتة التى يستلزم لها أن تعامل بالحرارة أولا ثم الإشعاع . وجد Grant and Patterson (1995) أن المعاملة بالإشعاع (0.8 كيلو جراى) تقلل من المقاومة الحرارية لكل من Listeria monocytogenes ، Salmonellae typhimurui فى اللحم البقرى المطهى ويتضح ذلك من انخفاض قيم D, Z  على درجات حرارة 60-80 ° م بعد التشعيع.

وفى دراسة حديثة ذكر Shenoy et al (1998) أن التشعيع بأشعة جاما بجرعة مقدارها 1 كيلوجراى يؤدى إلى موت كل خلايا Yersinia entorocolitica  فى لحم الخنزير المفروم الذى سبق أن عومل بالحرارة على 45 °م لمدة 60 دقيقة .

2- الكيماويات :  من الدراسات لوحظ أن الجرعة 2.5 كيلو جراى كان لها تأثير بسيط فى مقاومة فطر Aspergillus niger  الذى يصيب ثمار التفاح ويسبب لها العفن الأسود . وبغمس الثمار فى محول 1000 جزء فى المليون من مركب captan  أوBenomyl  ثم تجفيفها وتشعيعها بالجرعة 2 كيلو جراى ثم حفظها عندى درجة 21 °م يؤدى إلى حماية 80-85% من الثمار لمدة ثلاثة أسابيع وتؤدى إلى وقف نمو فطر A.niger ومنعه من تكوين الجراثيم (Thakur & Singh,1995) .

3- الضغط العالى : Crawford et al  (1996)  وجدوا أن قيمة الـ D10  لجراثيم Clostridium sporogenes  عبارة عن 4.1 كيلو جراى وذلك عند معاملة صدور الدواجن بالإشعاع. وعند استخدام الضغط العالى بمقدار 6800 atm على 80 °م لمدة عشرين دقيقة كمعاملة مشتركة  يقلل قيمةD10  لهذه الجراثيم إلى 2 كيلو جراى  لذلك فقد أشاروا بأن الضغط العالى يقلل الجرعة اللازمة لتشعيع الدواجن لإطالة العمر التخزينى بالنسبة لها . Paul et al (1997) ذكروا أن معاملة لحم الحمل المفروم بأشعة جاما ( بمقدار 1 كيلو جراى) وبالضغط الهيدروستاتيكى العالى (200MPA لمدة 30 دقيقة) ثبطت البكتريا الممرضة وبخاصة Staphylococcus spp. وبكتريا القولون ، كما أن هذه المعاملات المشتركة نجحت فى إطالة العمر التخزيى للحم المفروم لمدة ثلاثة أسابيع على صفر - 3 °م .

4- التبريــد : Fu et al (1995)   وجدوا أن المعاملة بجرعة متوسطة من الإشعاع
(1.5- 2كيلو جراى ) المتبوعة بالتخزين على 7 °م تكفى لتثبيط البكتريا الممرضة مثل Listeria monocytogenes , Yersinia enterocolitica , Escherichia coli. فى اللحم البقرى المفروم أو شرائح اللحم البقرى. وبالمثل  وجد Gursel and Gurakan (1997) أن تشعيع الدواجن بجرعة مقدارها 2.5 كيلو جراى يقلل من نمو Listeria monocytogenes خلال التخزين على 4 °م .

استخـدام طاقــة الميكـرويــــف فى حفـــظ الأغذيــــــــة

Microwave processing

عرف الميكرويف من عام 1950. الميكرويف عبارة عن أشعة كهرومغناطيسية تغطى مجال واسع من الترددات الإشعاعية تتراوح من 300 MHz ( مليون دورة فى الثانية ) إلى 300GHz ( بليون دورة فى الثانية ) وترجع إلى أطوال موجية ما بين 1 ملليمتر إلى 1 متر وفقا للمعادلة التالية :

                                  سرعة الضوء ( سم / ثانية )

الطول الموجى  ( سم ) =      ــــــــــــــــ

                                       التردد   ( Hz )

أشعة الميكرويف تستخدم فى اتصالات الراديو والرادار وفى التسخين والأخيرة هى الهامة بالنسبة للأغذية . بالنسبة للتطبيقات الصناعية يستخدم تردد مقداره 915 MHz فى أمريكا و 896 MHz فى بريطانيا و 2450 MHz فى باقى دول العالم . معظم إن لم يكن كل أفران الميكرويف المستخدمة تجاريا تعمل على 2450 MHz حيث أن الطول الموجى عند هذا التردد يكون ملائما لأبعاد الغذاء مما يؤدى إلى تسخين جيد .

أجهزة توليد الميكرويف :

 أشعة الميكرويف تتولد داخل الأجهزة من أنابيب مفرغة ويوجد منها نوعان: Magnetrons و Klystrons . النوع الأول هو الأكثر استخداما فى المجال التطبيقى ويتواجد على مستويات من الطاقة تتراوح من بضع مئات من الواتات إلى 50 كيلووات.

ميكانيكية التسخين بواسطة الميكرويف :

أشعة الميكرويف تخترق بعمق المواد الغذائية وأثناء اختراقها فإن الطاقة التى تحملها تتحول إلى حرارة بواسطة المادة الغذائية نفسها عن طريق نظام التوجيه القطبى للأيونات Ionic polar orientation  (شكل1).  فجزئيات الماء من الجزئيات ثنائية القطبية الشائعة فى الغذاء تتواجد فى اتجاه عشوائى ، وعند وجود مجال كهربائى عند وضع الغذاء مثلا ما بين الكترودين فإن جزئيات الماء تحاول أن تصطف تبعا للمجال الكهربائى . وعندما يزاد المجال الكهربائى فإن الجزئيات تعمل على الرجوع إلى النظام العشوائى . أما حينما يتم تعديل المجال الكهربائى بسرعة حوالى مليون مرة فى الدقيقة على سبيل المثال 2450 MHz فى فرن الميكرويف فإن الطاقة الحركية تزداد نتيجة أن الجزئيات ثنائية القطبية تحاول متابعة المجال  وهذه تظهر على هيئة حرارة ناتجة عن احتكاك الجزئيات بعضها البعض. لذلك كلما زادت نسبة الماء فى الغذاء فإنه يسخن بسرعة ويسمى التسخين فى هذه الحالة dielectric heating  .

أشعة الميكرويف تنعكس بواسطة المعادن وتنفذ خلال المواد متعادلة الشحنة الكهربائية مثل الزجاج ومعظم أنواع البلاستيك والسيراميك والورق وتمتص خلال المواد ذات الشحنات الكهربائية .

 

فوائد الميكرويف : استخدام الميكرويف فى مجال التصنيع الغذائى له عدة مزايا :

1- معاملة تصنيعية جافة مستمرة .

2-  تسخين وتجفيف سريع ومشاكل الجفاف السطحى تقل خاصة بالنسبة للمواد الغذائية التى لها درجة توصيل حرارى قليل .

3- توفير للطاقة .

4- توفير للوقت اللازم للتشغيل نتيجة زيادة وسرعة معدل التصنيع .

5- بداية التشغيل لا يحتاج إلى فترة تحضيرية طويلة ، وفى النهاية يحدث التبريد سريعا.

6- يوفر سيطرة دقيقة على التصنيع حيث أن الحرارة تحدد وبدقة يتم ضبطها والعملية يمكن أن يتم تعديلها وبسهولة .

مشـاكل الميكرويف :

 1- عملية التسخين للمادة الغذائية تكون غير متجانسة بمعنى أن درجة الحرارة لا تصل بمقدار متساوى إلى جميع مناطق الغذاء uneven heating .

2- التكلفة العالية حيث أن أسعار الوحدات المولدة للميكرويف ( Magnetrons ) مرتفعة

3- احتياطات الأمان تختلف عن طرق التسخين الاعتيادية .

4- التسخين بالميكرويف لا يعمل على تكوين القصرة الخارجية أو التلون البنى لأسطح الأغذية مثل الطرق الاعتيادية الأخرى.

تأثير الميكرويف على الكائنات الحية الدقيقة :

الميكرويف ليس له تأثير مباشر على الكائنات الحية الدقيقة والتأثير القاتلLethal  يرجع إلى فعل الحرارة خاصة إذا وصلت إلى درجات عالية . وطاقة الميكرويف تكون أقل فاعلية فى تقليل الميكروبات الملوثة للغذاء عن الطرق الاعتيادية للمعاملة الحرارية وذلك للاسباب الآتية :

1- التسخين الغير متساوى لكل أجزاء المادة الغذائية  uneven heating مما يؤدى إلى عدم تعريض الميكروبات الموجودة فى بعض المناطق إلى نفس المعاملة الحرارية .

2- الفترة القصيرة جدا من التعرض للحرارة اللازمة للقتل lethal temperature.

3- التبريد نتيجة عملية التبخير فى حالة الأغذية الغير مغلفة ، ولتقليل ذلك يفضل التغطية بأفلام بلاستيكية .

وهناك جدال كبير بين العلماء حول عدم نفاذية الكائنات الدقيقة للاشعاع الحرارى                athermal effect ومنهم (Fung & Cunningham,1980; Cleary, 1977; Lorenz,1976) فالبعض يؤيد ذلك وآخرون يعارضون هذا الاتجاه . وعامة لا يستخدم الميكرويف بأمان فى حالة الأغذية شديدة التلوث بالكائنات الحية الدقيقة ولكن ما ذكر فى المراجع عن مقدرته على تقليل بعض حالات التلوث يرجع إلى فعل الحرارة خاصة إذا ما وصلت إلى درجات عالية .

Dessel et al (1960)  لم يجدوا أى فرق بين استخدام طاقة الميكرويف عن الطرق الاعتيادية فى عدم القدرة على القضاء على جراثيم Bacillus Cereus .

Blanco & Dawson (1974)  درسوا تأثير الميكرويف 915، 2450 MHz على جراثيم Clostriduim perfringens فوجدوا أن معدل التثبيط كان قليلا حوالى 2 دورة لوغارتيمية كما أن المعاملة ممكن أن تساعد على تنشيط وإنبات الجراثيم .

Crespo et al (1977) درسوا تأثير الميكرويف على بعض سلالات البكتريا ووجدوا أن Pseudomonas putrefaciens  أكثرهم حساسية بينما وجد أن Lactobacillus plantarum  اكثرهم مقاومة .

Gundavarapu et al (1995)  ذكروا أن Listeria monocytogenes  الموجودة فى الجمبرى يمكن أن تثبط بالكامل بعد دقيقتين من  البقاء بعد الطهى بالميكرويف لمدة 48 ثانية على 800 وات .

  Papadopoulou et al (1995) ذكروا أن المعاملة بأشعة الميكرويف تكون كافية بالتأثير القاتل على enterobacteria مثل Escherichia coli ،  Salmonella sofia ، Pseudomonas aeruginosa عند تواجدها فى البيئات السائلة .

استخدام الميكرويف فى تصنيع الأغذية :

1- يستخدم الميكرويف ف

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 9217 مشاهدة
نشرت فى 23 يونيو 2013 بواسطة alaamadian

د.علاء مدين

alaamadian
بيانات عامة الاسم: د. علاء الدين محمد مدين محمود أحمد. تاريخ الميلاد: 6/5/1977. السن: 38 سنة. الحالة الاجتماعية: متزوج وأعول (أحمد ، محمد، عمر) العنوان : 25 ش علاء الدين متفرع من ش 6 اكتوبر , كفر المنصورة, المنيا E-mail: [email protected] [email protected] الخبرات: خبرة خمس عشر سنة في مجال البساتين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

579,938