يوم الأسير الفلسطيني..ذكرى ومعان.
بقلم : علاء الأديب
تمرّ علينا اليوم ذكرى الأسير الفلسطيني الذي يقبع في سجون الإحتلال الصهيوني .ومن الجدير بالذكر بأن عدد الأسرى الفلسطينين القابعين في سجون الإحتلال تحت وطأة التعذيب اليومي قد بلغ المليون اسير بين عامي 1969 و2016 وفق آخر احصائيّة لهيأة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني .ومن بين هؤلاء الأسرى عدد كبير من النساء والأطفال.
إنّ مرور هذه الذكرى ازاء صمت عربي مطبق ولا مبالاة غريبة يدلّ على تقزّم الحكومات العربية وضلوعها بالعمالة مع الصهاينة بحجة التطبيع الذي تنتهجه أكثر هذه الحكومات للحفاظ على سلامتها وسلامة عروشها.
ومن غير هذا وذاك وبعيدا عن السجون ومن يقبع فيها . ذلك القتل الممنهج بالدم البارد للفلسطينين وخاصة الشباب منهم والشّابات والذي يعمد الصهاينة على قتلهم بالرصاص عن قرب على الرغم من تأكدهم بأنهم عزّل من السلاح الأبيض الذي لجأ اليه عدد من شبّان المقاومة بديلا عن الحجارة التي كانت سلاحا لأنتتفاضتهم السابقة .
إنّ أصعب مايمرّ به المرء في حياته أن تسلب بلاده وأن يسلب حقّه في مقاومة المحتل وبمباركة من ألأهل وأبناء العمومة. فلقد صرحت عدد من الزعامات العربيّة بالجنسيّة لا بالأنتماء مرارا وتكرارا بأن اسلوب الشباب الفلسطيني في مقاومة المحتل بالسكين لايعدّ من اساليب المقاومة التي ترضي الإنسانيّة أو بالإحرى بأنها من الأساليب الهمجيّة.
متناسين بأن الصهاينة قد تفننوا طيلة سنين الأحتلال بأساليب الإبادة الجماعية والفرديّة لأبناء الشعب الفلسطيني.
إنّ محاولات الأنظمة العربيّة الهزيلة لقتل القضيّة الفلسطينيّة في ضمائر العرب الشرفاء من خلال التقليل من قيمة المقاومة والمقاومين وإن كانت قد حققت شيئا من اهدافها عند بعض الشعوب العربيّة التي لانعتبرها تأريخيّا عربيّة وليس لها امتدادها العربي الأصيل لايعني أنّها قد نجحت مع شعوب دول عربيّة اخرى لها عمقها وابعاد الشخصيّة العربيّة الحقة فيها. ولا اريد هنا أن أتطرق لتلك الشعوب او هذي واترك ذلك للقارئ الذي يميّز بين الغث والسمين في أمة العرب.
لقد عاشت فلسطين ومازالت بشعبها أكبر نكبة عرفها التاريخ وغدت ومازالت ابشع مسرح من مسارح الجريمة والإضطهاد . ولقد عانت من خيانة الأهل وابناء العمومة بقدر ماعانت من المحتل أو ربّما يزيد .ومع ذلك فإن شعبها لم ييأس ولم يرضخ . مازال الأطفال فيها يؤمنون بإن الوطن وطنهم والتراب ترابهم . ومازالت الأمهات فيها تنجب للشهادة الرجال .
مازالت الأرض تحتضن رفات العشرات منهم يوميا وتطيّب بأجسادهم الطاهرة ثراها. بينما يرتع ابناء الملوك والرؤساء العرب بالمفاسد بأموال الشعوب العربيّة غير آبهين بما يحلّ بفلسطين من كوارث انسانيّة يندى لها جبين العالم.
ربّ سائل يسأل عمّا يجعل هذا الحرف ينساب نارا هنا وأيّ دور له فيما تعاني منه فلسطين؟وربّ سائل آخر يسأل وما شأنك انت بفلسطين أليس بلدك احرى في أن تكتب عن مأساته. ؟ لقد خطرت ببالي اسئلة كهذه لأنّي أعلم علم اليقين ماتركته سياسات الحكومات العربيّة من آثار سلبيّة على العلاقات بين الشعوب المتآخية في أمة العرب. وهيأت اجوبتي لها . فقلت أنّ العراق وما وصل له لم يكن نتيجة صدفة . وإن العراقيين بما يعانوه اليوم يدفعون ثمن مقتهم للكيان الصهيوني ومجابهتهم له في كل الأحيان والظروف . وإنّ العراق يدفع ثمن صواريخه التي دكت حصونهم في تل ابيب وديمونة. ولست الا عراقيّا مؤمنا بحتمية عروبة فلسطين . ولا يمكن أن يكون للتطبيع مكان في ضميري او معتقدي وهذا ماينطبق على أغلب العراقيين وخاصة المثقفين منهم .
لم يكن العراق يوما ولن يكون بعيدا عن فلسطين روحا وقضيّة . وإن كنّا اليوم لانملك مانضرب به عدو فلسطين ومحتلها من السلاح فليس علينا أن نسلّم أو نستسلم وأن نذعن لمن أراد لنا الإذعان ورفع علم الإستسلام والبراءة من قضيّتنا الأم.
إذا كانت للسيوف أغماد تصدأ بها.. فليس للأقلام أغماد تلوذ اليها.
سنبقى نذكرّ الجيل من أولادنا بأن هناك بلد عربي محتل وغتصب أسمه فلسطين .
وسنبقى نلقنهم دروس الفتوة العربيّة ونذكرهم بواريخنا التي تحدت كلّ منظومات الدفاع المتطورة لتصل اهدافها في الكيان الصهيوني.
وسنبقى نرضع صغارنا معنى أن يكون المرء عربيّا شكلا وجوهرا.
وسنبقى نلعن من هان ومن خان ومن باع ومن تآمر على الأمة وقضاياها.
وسنبقى نذكر الجيل بأن الخونة الذين تآمروا على فلسطين هم ذاتهم من تآمروا على العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول العربيّة التي يحاول الأوغاد سفك دم ابنائها بواسطة تنظيمات داعش الإرهابيّة.
وختاما سنقول لأبنائنا لايصحّ الا الصحيح . وكلّ شيء لابدّ أن يكون بمكانه كي لا تختل موازين الكون.
فصبر جميل .... والله من وراء القصد.
علاء الأديب
تونس
17-4-2016