علاء الأديب...الموقع الرسمي

الموقع الرسمي للشاعر والناقد والباحث العراقي علاء الأديب


قبل عام 1979 ..وأيام حكم الشاهنشاه محمد رضا بهلوي لأيران ..كان الجلوس على كرسي أشبه بعرشه على الحدود العراقية الإيرانيّة يستهوي الرجل كثيرا وهو يشاهد طائراته الحربيّة وهي تخترق الأجواء العراقيّة وتعود اليه . وهذا ماكان قد عوّد نفسه عليه أيام حكمه وحلمه باحتلال العراق وإعادة أمجاد دولة فارس .وكانت المخابرات والاستخبارات العسكريّة ترصد ذلك والقيادة آنذاك على علم بتفاصيل هذه الشعائر التي يقيمها الشاهنشاه.وقد علق الرئيس البكر آنذاك على إحدى بلاغات الاستخبارات بهذا الخصوص بما معناه إنّ هذا الرجل ويقصد به ملم ملوك ايران مصاب بداء العظمة ولوثة التوسع وهذا داء ابتلاه به الله ولا يصلحه الا الله. وما أراد الرجل حينها أن يفتح جبهة الحرب مع ايران .لأنه كان يعي ويدرك جيدا مدى خطورة تلك الحرب على العراق والعراقيين.ومع ذلك بقيت ايران تطمح بما كان يطمح به الشاهنشاه حتى بعد قيام الثورة فيها.بل إنّه أخذ يتسع حتى تم توريط الرئيس صدام حسين بالدخول معها بحرب استنزاف دامت اكثر من ثمان سنين يعرف القاصي والداني ما تركت من آثار سلبية على العراق وشعب العراق . وقد اعترف الرئيس صدام حسين شخصيّا بدور أميركا ومن حالفها من العرب الذين يعرفهم الجميع بهذه الحرب لاستنزاف قدرات العراق العسكرية والمالية . ولكن هذا الاعتراف جاء متأخرا رغم هزيمة ايران عسكريا فيها . و ما كان هذا الاعتراف ليخرج الا بعد أن أدرك بأنّ من قاموا بالتحالف على بغداد إذ بان دخول العراق للكويت هم ذاتهم الذين تحالفوا عليها في توريط العراق بحربه مع ايران..هذه الحقائق يحتفظ لنا بها التاريخ . وما من سياسي يمكنه أن يتجاوز الحقائق التي يحتفظ بها التاريخ خاصة إذا كانت له خطوات ما تخص جانبا من جوانب تلك الحقائق.السؤال هنا ...هل يحقّ لإيران أن تحلم بماضي الحضارة الفارسية ونفوذها وبسطها ؟وهنا نقول إذا كان لها الحق بذلك فليس لغيرها الحقّ بأن يبسط لها السبل لتحقيق مآربها في بلاده على حساب تأريخها وشعبها .لأن تأريخ الأمم والشعوب ومصير الدول مسؤولية اصحاب السلطة فيها.وعليهم أن يدركوا اولا بأنحجم الفائدة الآنيّة من التعامل مع دولة ذات مطامح وأحلام توسعية لا يمكن أن تكون بحجم الخسائر التي سينجم عنها هذا التعامل في المستقبل.إيران وعلى ألسنة قادتها ومسئوليها منذ قيام الثورة فيها إلى يومنا هذا وهي تسعى جاهدة لإعادة أمجاد فارس في كل بقعة من الأرض يمكن أن يصل اليها نفوذها من خلال مواطئ القدم التي تحصل عليها بهذا الأسلوب أو ذاك . وخير دليل على ذلك ما يحصل بسوريا اليوم والعراق واليمن ولبنان .وعلى الأخوة في تونس على مستوى السلطات والمنظمات أن لا يغيب عنهم بأن تاريخ الدولة الفاطمية فيها يمكن جدا أن يكون مثيرا لرغبة ايران بإعادته من جديد بصورة حديثة يتلائم وسياستها الحديثة ومبتغاها السياسي.إنّ مسألة عقد الاتفاقات والصفقات بمختلف أنواعها يعتمد ابجديات أولية منها مبدأ الربح أو الخسارة ويحسب هذا بطبيعة الحال على معايير متفق عليها عالميا ومعمول بها في كل دول العالم وهناك دائما دراسات تدعى بدراسات الجدوى تعتمد نتائجها في بناء القرار ولايمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الإقرار على أي اتفاقية او صقفة دون هذه الدراسة والوقوف على نتائجها ومعطياتها. ولا أعتقد بأن من أقر هذه الاتفاقية قد اعتمد مبدأ دراسة الجدوى المسبقة لها ..وإن كان قد اعتمدها فعلا فمن غير الممكن أن تكون دراسة جديّة مبنيّة على مدخل معلوماتي صحيح أو متكامل.فالخسائر غير المنظورة اليوم ستكون واضحة غدا . وما يمكن أن يعتبره البعض اسرافا في التوجس من المستقبل هو بالذات ما يمكن أن يكون حقيقة الغد.إن حجم الفائدة مهما يراه الموقعون على هذه الاتفاقية بالنسبة لتونس لا يمكن أن يكون بحجم الفائدة التي تتوخاها ايران منه.والأسباب أكثر مما يمكن أن يقال على الورق.حتى لو اعتبرنا جدلا بأن ايران ليست عدوة للعرب لكنّنا لا يمكن أن ننكر بأنها ذات احلام توسعيّة وأهداف بعيدة الأمد من خلالها تستعيد هيبة حضارتها . وهذا كما اسلفنا هو ما يذكره العديد من قادتها وساستها بصورة دائمة وعلى الملأ.إنّ ايران اليوم ليست ايران الأمس التي لا تعرف كيف تدير شؤون سياستها الخارجية وكيف ترسم لنفسها خارطة طريق لمآربها وهذا ما يحسب لها كدولة أخذت بالتطور سياسيا وعسكريا .وهذا ما يفترض أن يدعونا دائما للتعامل معها بحذر شديد . وليس لزاما علينا أن نناصبها العداء لنفقد علاقاتنا بها كدولة صديقة . لكن الواجب علينا أن نكون أكثر حرصا في التعامل معها من خلال التمحيص والتدقيق ودراسة الأبعاد الى ما يرتقي لمستوى هذا التعامل ومدى خطورته لو لمسنا منه ولو بعض ما يثير الشك .لقد وقعت الحكومة العراقية بعهد الرئيس صدام حسين بخطأ كبير يوم أرسلت العديد من طائرات العراق الحربيّة والمدنيّة الى ايران للتأمين عليها وحفظها من قصف دول التحالف الثلاثيني على العراق إذ بان حرب الخليج الثانية. وكان الخطأ آنذاك بظن القيادة بأن مجرد انتهاء الحرب مع ايران واعادة العلاقات بين البلدين قد انهى مشكلة الصراع النفسي الذي تعاني منه هذه الدولة . ولكن العراق كان يبحث عن مأوى لما يملك من قدرات عسكرية ليحافظ عليها فلم يجد غير ايران سبيلا لها . متناسيا حجم ما ترك لها من هزيمة في حربه معها ولم تحسب للقضية حساباتها الصحيحة والمنطقية .فما الذي حال بطائراته ؟ كلكم يعرف ولقد حدثكم عنها التاريخ بما يكفي.الى يومنا هذا وانا اتساءل إلى متى يبقى العرب محدودي البصر والبصيرة ولا يتعظون من دروسهم ومن دروس غيرهم عبر التأريخ . نسأل الله السلامة والأمن والأمان لتونس العظيمة واهلها النجباء .وأن يمنّ عليها بالاستقرار ونأمل أن يعاد النظر بهذه الاتفاقية وفقا لمعايير تخدم اصحاب القرار خدمة من شأنها أن تؤمن لهذا الشعب ما يصبو له كل الأشراف في كل العالم .والله من وراء القصد .

 

المصدر: مقلات علاء الأديب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 182 مشاهدة
نشرت فى 15 مارس 2016 بواسطة alaaaladeeb

علاء الأديب

alaaaladeeb
هنا ننثر الحروف زهورا . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

45,174