كتبت / رانده عصام الدين الجمل
العائلة هي اللبنة الأساسيّة في بناء المجتمعات، والأساس الذي تقوم عليه تربية الأبناء والبنات، فهي رمزُ الاستقرار والأمان، والحضن الذي يضم جميع أفراد الأسرة، والكيان الذي أسسه الأم والأب، ليكونا رأس الهرم فيه، مما يُضفي على العائلة جواً من الشعور بالحب والحنان المبني على الفطرة. تُعتبر العائلة مدرسةً للتربية والأخلاق، وصلاحها يعني صلاح الأجيال وتقدمها وازدهارها، وفسادها يعني فساد المجتمع بأكمله، لذلك تحظى العائلة بمفهومها الواسع بكل الاهتمام والرعاية، وجاء تأكيد أهميتها في جميع الشرائع السماويّة، وخصوصاً الإسلام، الذي جعل رباط العائلة مقدساً، مبنياً على العدل بين أفرادها، وقائماً على الحب والتفاهم وتوزيع الأدوار كما ينبغي، ولا يجوز المساس بأي مبدأ من المبادئ الأساسيّة التي تقوم عليه العائلة أبداً، كي يظلّ المجتمع قوياً ومتماسكاً، يربي أفراداً أسوياء وصالحين. وجود العائلة نعمة كبيرة لا تقدر بثمن، خصوصاً أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يفتقدون وجود عائلة، ويعيشون بمفردهم، فيشعرون بالكثير من النقص، وكأنهم يفتقدون إلى سقفٍ يحميهم، وإلى حائطٍ يسندهم، كما يفتقدون إلى الحب والحنان؛ ففي كثيرٍ من المواقف يحتاج الشخص مشاركة أفراحه وأحزانه ونجاحه وفشله مع عائلته، ويحتاج إلى من يشعر به في المرض والحزن، ومن كان بلا عائلةٍ فلا يمكن أن يعيش جميع التفاصيل الجميلة والحزينة مع أي شخصٍ آخر مهما كان، ومن الصعب أن يعبر عن كل ما يعتريه بحريّةٍ، لأن إحساس الغربة سيظلّ متعمقاً في نفسه وقلبه، فالعائلة من النعم التي لا يمكن تعويضها أو الاستغناء عنها. يشعر الشخص بقيمة عائلته في كثيرٍ من المواقف التي يمرّ بها، كأن يسافر ويعيش وحيداً بعيداً عن أهله وعائلته، أو أن يرحل والداه ويتركاه وحيداً، أو أن يحدث شرخٌ في العلاقات فتتعرض العائلة للانهيار والتمزق، ويتفرق أفرادها بإرادتهم، وغيرها الكثير من المواقف والظروف التي تجعل الشخص يفتقد جو العائلة، لذلك لا يعرف قيمة العائلة إلا من جرب العيش دونها، وذاق مرارة الحرمان منها. يتوجب على كل فردٍ أن يؤدي الكثير من الواجبات تجاه عائلته، كأن يحترم كبارها ويُجلّهم، وأن يعطف على صغارها ويقدّرهم ويحنو عليهم، وأن يساعد أفرادها في إدارة شؤونهم، وأن يقدم المساعدات الماليّة والمعنويّة لهم، ضمن حدود الاستطاعة، وكذلك تقديم النصائح لأفرادها، والأخذ بيدهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والحرص على بقاء الروابط الأسريّة في أفضل حال، سواء في وجود الأم والأب، أو بعد رحيلهما.