كتب: خالد محمد عبد المجيد
زادت فى الآونة الأخيرة معدلات جريمة قتل الزوجة لزوجها والزوج لزوجته، وأصبحنا نرصد كل يوم العديد من حالات القتل العمد بين الأزواج، كنتيجة للخلافات المنزلية والأسرية، خصوصا حين يشتد الخلاف وتتعثر العشرة بينهما، ويصبح عش الزوجية مهددا بالخراب والانهيار.
نسمع ونقرأ يوميا أخبارا مفادها أن بعض النساء تخلصن من أزواجهن وكذلك الحال بالنسبة للرجال، فهل غفل الاثنان أن الزواج نظام عظمه الله تعالى فى كتابه الكريم، فجعله سكنا ورحمة ومودة وألفة ومحبة، حيث إن العدل فى المعاملة يورث الحب ويجمع الشمل ويقوى الأواصر ويبنى علاقات متينة وقوية بين الأفراد، أما العكس فيولد الحقد والشقاق والضغينة والكراهية، وهو ما يشتت الأزواج ويفكك الأسر التى تعتبر الدعامة الأولى والأساس القوى لمجتمع سليم وفاضل.
لقد اتفقت الشرائع السماوية كلها، وكذلك القوانين والتشريعات الوضعية فى كل بقاع الأرض على حرمة قتل النفس إلا بالحق، وعلى تجريم كل من حاول النيل من الروح الطاهرة بفرض العقاب والقصاص، فقد لا ترتكز جرائم الإنسان فقط فى قتل النفس بل كذلك فى تعذيبها والاعتداء عليها، تلك المظاهر المعيبة والغريبة على المجتمع الإسلامى تجعل العديد من التساؤلات تبرز فى الواجهة أهمها البحث عن حلول مجدية ومعمقة لجذور المشكلة للحد من هذا المسلسل الدموى.
ليس سهلا على الإنسان إراقة الدماء، ولكن عندما يدخل الشيطان الصدور ويبدأ عمله تجد الأمور ميسرة لارتكاب الجريمة، ويجد الإنسان نفسه أمام محاولة إنهاء حياة كائن حى بإرادته سواء باستخدام أدوات حادة أو قوية أو ثقيلة أو سلاح نارى أو مواد سامة، وينتظر عقوبة تصل للإعدام شنقا ويصبح مجرما فى نظر الجميع، وقد يكون بدون أسباب أيضا.
الأمثلة عديدة لا تحصى فى هذه القضية، فعندما لم تشفع عشرة العمر ولا الأطفال الصغار لزوج لدى زوجته، التى سيطرت عليها شهوتها فتغلبت على قلبها، وعطلت عقلها، لتستضيف عشيقها على فراش الزوجية كل يوم، وترتكب معه الموبقات، وتضع المنوم له حتى لا يشعر، ولم تكتفى بذلك، وإنما تخلصت منه برفقة عشيقها وقضت ليلتها بجوار جثته بعدما أغلقت على أطفالها حجرة مظلمة لمدة 24 ساعة دون طعام أو شراب.
تلك الزوجة اعترفت فى تحقيقات النيابة قائلة: "بدلاً من أن أصون زوجى وأحفظ له الجميل بأن صان عرضى وتستر على فضيحتى، قررت التمادى فى الخطأ، فتعرفت على زوج شقيقة زوجى، وتبادلنا أرقام الهواتف، ونشأت بيننا علاقة غير شرعية فى ظل غياب زوجى، الذى كان يخرج منذ الصباح الباكر يعمل سائقا".
وأضافت فى اعترافها: كان عشيقى قلقاً من زوجى، فاشتريت له بـ3 آلاف جنيه منوم كنت أضع له منه يومياً أقراصا فى الشاى، يشربه وينام وأستضيف عشيقى فى حضرة بناتى وأمارس معه الرذيلة، وهددت البنات بالقتل حتى لا تتكلمن، ونصحنى عشيقى بالتخلص منه.
وتقول: "ليلة الجريمة انتظر عشيقى زوجى خلف باب الشقة وبمجرد أن فتح الباب ضربه بقطعة خشب على رأسه ليسقط مغشياً عليه، وعندها لم أتمالك نفسى وشعرت بالخوف ينتابنى، فنصحت عشيقى بسرعة التخلص من زوجى، واتصل بصديق له وطلب منه الحضور بسيارة لحمل الجثة والذهاب بها إلى مكان نائى بالقرية، وسكب البنزين عليها وحرقها، حتى لا يعلم أحد عنا شيئاً، ووضعنا الجثة داخل جوال حتى يحضر السائق لحمله والتخلص منه، وخلال دقائق الانتظار فوجئت بعشيقى يداعبنى لممارسة الجنس معه، لكن هذه المرة بجوار الجثة، فأبلغ السائق الشرطة بالواقعة، وتم القبض علينا".
وعلى طريقة ريا وسكينة، فى الغربية قتلت "صباح.س.ع" زوجها وشقيقيه ووالدته، وكانت تحاول قتل شقيق زوجها الثالث وزوجته بـ"الزرنيخ"، من أجل الاستيلاء على الميراث هى وعشيقها، وكشفتها العناية الإلهية بعد اعتراف طفلتها، فقررت النيابة الجثث للكشف عليهم وإثبات قتلهم بالسم على يد المتهمة".
وفى حاثة أخرى غريبة من نوعها، قتلت عروس زوجها بعد أقل من 3 شهور من عقد قرانهما فى 6 أكتوبر، حيث نشبت بنهما مشادة كلامية فاستلت سكينا وسددت لزوجها عدة طعنات، وسكبت عليه كمية من البنزين وأضرمت فيه النيران، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وفى شهر يوليو الماضى، صدقت محكمة جنايات الزقازيق بالشرقية، برئاسة المستشار خالد عبد الرحمن، على قرار فضيلة مفتى الديار المصرية، بالإعدام شنقا للزوجة المتهمة بقتل زوجها بمساعدة شقيقها ونجل عمهما، حيث تلقى مأمور مركز شرطة أبو حماد، بلاغا بالعثور على "محمد.هـ.س" 25 سنة، عامل مقيم عزبة أبو سيف وادى الملاك دائرة المركز، وهو عريس فى شهر العسل مشنوقا بغرفة نومه ويرجح وجود شبهة جنائية.
وتبين من تحريات المباحث أن وراء ارتكاب الواقعة زوجته "بشاير.س.ذ" 23 سنة، وشقيقها "و" 22 سنة، ونجل عمهما سائق، وأنها متزوجة منذ شهر من المجنى عليه كرها عنها، وأنها تخلصت منه بشنقه بمساعدة شقيقها واختلقت قصة كاذبة لإخفاء جريمتها الشنعاء، وساعدت شقيقها بإخفاء مصوغاتها الذهبية ثم قام شقيقها بتوثيقها لتقوم بعد ذلك بالصراخ والعويل أمام أم زوجها، لخداعها بأن ملثمين قاموا بالسطو عليهما وسرقة الذهب وتخلصوا من زوجها ووثقوها حتى لا تصرخ، وبعرضهم على النيابة أحالتهم محبوسين إلى محكمة الجنايات التى أصدرت حكمها المتقدم.
وتجد ربة منزل قتلت زوجها بسبب معاشرتها من "الدبر" فى الخصوص، وسيدة قتلت زوجها وحماتها لارتباطها بعلاقة غير شرعية مع شقيق الزوج فى الشرقية، وزوجة وعشيقها يقتلان زوجها بعدما شاهدهما أثناء ممارسة الرذيلة بالدقهلية، وربة منزل تقتل زوجها وتدفنه أسفل السرير بإمبابة، بسبب محاولته الاعتداء عليها بالضرب واتهامها بالخيانة، ثم هربت لدى عشيقها بمحافظة السويس.
وفى المقابل تجد عاملا يقتل زوجته ويحطم رأسها بشومة بسبب خلافات عائلية فى قنا، وآخر فى مدينة نصر عاد من عمله لتناول الغداء ثم التوجه للقاء شخص فى أمر مهم، وعندما سأل زوجته عن الملابس التى سوف يرتديها للمقابلة أخبرته بأنها غير نظيفة، فاستشاط غيظا وتعدى عليها بالضرب ثم ألقاها من الطابق الخامس، ثم نقلها إلى المستشفى والتى لم تصل إلا جثة هامدة، وفلاح بالدقهلية يتخلص من زوجته بإطلاق النار عليها، ما أدى إلى مصرعها فى الحال بسبب خلافات زوجية، وضابط شرطة فى طنطا يقتل زوجته بسلاحه الميرى بسبب خلافات أسرية، وموظف يقتل زوجته طعنا بـ"سكين" بسبب خلافات أسرية فى الهرم، وسائق يقتل زوجته فى الفيوم بسبب سبها له.
ويعترف "قهوجى" متهم بذبح زوجته فى الجيزة بتفاصيل جريمته قائلا إنه ترك العمل منذ فترة بسبب شعوره بأن زوجته تترك المنزل لفترات طويلة وتعود فى أوقات متأخرة ليلا دون إبدائها أى أسباب للخروج، وأثناء وجوده بالمنزل كانت زوجته تتركه وتخرج لزيارة إحدى السيدات المشهور عنها أنها سيئة السمعة، وهو ما دفعه لضرورة اتخاذ قرار لوقف أفعال زوجته خاصة وأنه شعر بأنها سيئة السلوك، ويوم الحادث عاتبها على تكرار خروجها، ونشبت بينهما مشادة كلامية، فأسرع إلى المطبخ وأحضر سكينا وسدد لها عدة طعنات برقبتها وصدرها حتى فارقت الحياة.
وتجرد عامل بمدينة قويسنا فى المنوفية من مشاعر الإنسانية، حيث قتل زوجته طعنا بالسكين، بسبب خلافات مادية على مصروف البيت، وتخلص شخص بقرية شوبك سبطة مركز الزقازيق فى الشرقية، من زوجته خنقا بسلك التليفون، بسبب خلافات زوجية، وقاتل زوجته ببورسعيد يسلم نفسه للشرطة ويعترف بالواقعة، وشاذ جنسيا فى البحيرة يقتل زوجته أول أيام رمضان الماضى بعد أسبوعين من الزواج لاكتشافها حقيقته، وتجد عاطلا يقتل زوجته لمطالبته بالعمل للإنفاق على أطفاله الأربعة فى الهرم.
ويتبين لنا من الأمثلة السابقة أن جريمة القتل لا يمكن أن يرتكبها إنسان طبيعى وسوى، وسلاح المؤمن الصبر الذى يجتاز به كل بلاء وينجح به كل اختيار، للزوج حقوق عند زوجته وعليه واجبات تجاهها، كذلك الزوجة عليها نفس الحقوق من زوجها ونفس الواجبات تجاهه، وعليهما تحكيم العقل، وتوطين النفس على الصبر ومسايرة الخلافات أيا كانت، والبحث المشترك ولو بإدخال وسيط من ذوى القربى للطرفين من أجل إيجاد حلول لما قد يقع بينهما إن عجزا على الحل بمفرديهما، وبهذا ينجحا فى كسب وتحقيق الكثير من رضا الله والمجتمع، وحياة هانئة كريمة فى ظل أسرة مترابطة سعيدة حالمة بحاضر جميل ومستقبل أجمل تبشر بصلاح المجتمع كله وتقدمه، فينعكس أمنا وحبا وسلاما على الجميع.