كتبت / صفاء جلال

 

 

في أحد أعياد ميلاد «سيد مكاوي»، واحِد منهم لا تتذكر ابنته «إيناس مكاوي» هو أيهم بالظبط، ولكنه في العقد الخامس من عمره، وكان قد اعتاد أن يقيم احتفالاً كبيرًا تحضره أهم وجوه مصر وفنانيها ومبدعيها، ليظل «مكاوي» في انتظار «جاهين» الذي لم يحضر، بينما أرسل مظروفًا بالنيابة عنه، عرض الفنان «فريد شوقي» أن يقرأ محتوياته لشيخ سيد، ليرفض مكاوي بشكل قاطع قائلاً «ماحدش يقرا حاجة صلاح كاتبها إلا أنا»، ليغادر من فوره بعد انتهاء الحفل، مردفًا «أنا رايح لصلاح أحتفل معاه».

صداقة عُمرها من عُمر اشتغال كُل منهما بالفن، ومعرِفة كل منهما بالآخر، واختبارهما سويًا للأحداث الجِسام في عمر الوطن، ولم تتوقف برحيل أحد الصديقين، وتستعرض المصري لايت مقتطفات من سيرتها، في هذا التقرير، بمناسبة ذكرى وفاتهما التي صادف أن تكون في نفس اليوم 21 أبريل.

8. اللقاء الأول: «أنا في انتظارك مليت»

على مقهى «النشاط» بالمُنيرة، كان أول لقاء للصديقين الباحثين عن بعضهما قبل اللقاء الأول، وجده جاهين على المقهى بعدما تعرف إليه عبر أثير الإذاعة بطريق أغنيته «ما تيالا يا مسعدة نروح السيدة»، فداعب أحدهما الآخر «أنا في انتظارك مليت».

7. أول كلامنا: «حدوتة»

https://soundcloud.com/haitham-el-wazery/uhzhxajmc4ze

كان التعاون الغنائي الأول للثنائي في أغنية هي الأخف والأبسط على قلوب المُستمعين، ومن ثم الاسرع نفاذًا إلى قلوبهم، ليتجسد التعاوُن على نغم حنجرة «محمد قنديل» في أغنية «حدوتة» التي كتبها جاهين، ولحنها مكاوي، معيدين تعريف الابتهاج على طريقتهما.

توالت بعد ذلك الأعمال بين الرفيقين، كان من بواكيرها صرخة الثنائي بعد النكسة «هنحارب» مستعيدين الأمل سويًا سريعًا، تلتها أعمال متعددة رسخت في وجدان الجمهور بإمضاء الثنائي، في مقدمتها الليلة الكبيرة، والرُباعيات، والدرس انتهى لموا الكراريس، ومسرحيات  العرائس الغنائية، والبيانولا وغيرها.

6. الصهبجية: توثيق الشلة الزكيّة

«قعدة هزار» بين الرفيقين، وآخرون من الشلة المُبدعة، كتب فيها صلاح جاهين مُرتجلاً الشعر «ياملتقى الصُحبة، يالالالي، ياوردة في الصحبة يالالالي، منورين في القعدة تملّي.. يا صهبجية»، ولحن سيد مكاوي في نفس اللحظة، لتخرُج الصهبجية كلسان حال وتوثيق موسيقي لشلة الأصدقاء التي أفرزت فكرًا ونضحت وطنية وحُبًا للوطن، وحبًا للإصدقاء، وإخلاصًا للإبداع والفلسفة، ليتمم الصُحبة حسن فؤاد، وراجي عنايت، وفؤاد حداد، وأحمد بهجت.

5. رحلات الخامسة فجرًا

بعيدًا عن الجلسات المطولة المخلِفة إبداعًا فنيا يعتبر إرث للثنائي الموسيقي الشعري، تحكي «إيناس مكاوي» عن شطحات مجنونة للثنائي الإنساني الذي لم يُبالي بحسابات العقل كثيرًا، ومن هذه المواقف، رحلة قاما بها سويًا إلى مدينة بني سويف، عبرا فيها شريط السكة الحديد للجانب الآخر بكُل مُخاطرة وجنون، ليصلا إلى بني سويف قبل أن تشرق الشمس، ويطرقا باب رجُل هو خال صلاح جاهين، يفيق من نومه متوقعًا أن يكونا طارقا الفجر «بس يا سيد.. حاضر يا صلاح».

4. جنازة جاهين على وجه مكاوي

في اليوم التالي لوفاة جاهين 22 أبريل 1986، كتبت الصحافية نعم الباز «لم ألحق بجنازة صلاح جاهين من بدايتها، ولكنني عندما رأيت وجه سيد مكاوي، حضرت الجنازة بأكملها».

عن الجنازة والموت على مشاعر وكيان وحضور الصديق الأقرب، تحكي إيناس مكاوي كيف تلقى الأب الخبر بمزيد من الإنكار من شريكة عُمره وكأنما لم يسمعه، لتتأكد هي أنه أدركه تمامًا، فيقول هو «ماله صلاح تعبان يعني..»، ثم يحاول الفكاك «طب أنا عندي حاجة عاوز أعملها..» فلا يسعه الفكاك، ليضطر لحضور الجنازة، ويسافر من فوره اليوم التالي وحيدًا مع ابنته للأسكندرية ليتعامل مع حُزنه منفردًا بغير أن ينبس ببنت شفة، سوى التمتمة بكلمات محدودة تنقلها ابنته «كدة طيب يا صلاح؟!».

وعندما يضطر لتأبين رفيقه في برنامج تلفزيوني، تحدث طوال الحلقة غير مدركًا لحقيقة رحيل الرفيق، أو يبدو كذلك متحدثًا عنهما في زمن الحاضر، والمُستقبل، وكأنما لم يمُت، لينهار باكيًا أمام الكاميرا بعد طلبه وقف التصوير متعلللاً «أرجوك كفاية كدة؛ الناس ماتعودتش غير تشوفني بضحك».

3. «مفيش حاجة في الدُنيا أكبر مني أنا وصلاح»

عندما سئل الشيخ سيد عن علاقته بجاهين، أجاب مكاوي «أنا وصلاح كنا زي ما تقول كده سميط ودقة، جبنة وزيتون، عسل وطحينة»، وبالرغم من أنه ليس الطرف الشاعر في هذه العلاقة، إلا أن كلماته عنها بها من الصدق ماجعلها تخلِد في وصف صداقتهما، ومنها ماقال في موضع آخر «مفيش حاجة في الدُنيا أكبر مني أنا وصلاح».

أما جاهين، فكان مهتمًا بتقييم مدى طغيان محبة مكاوي على محبته لذاته فعبر ذات مرة «أنا أحبك أحبك، أكتر من نفسي لأ»، ليعود ويتراجع مرة أخرى أنه يجوز أنه يحب مكاوي أكثر من نفسه.

2. بعد عام من الفراق«وحشتني»

تحكي «إيناس مكاوي» ابنة الشيخ سيد مكاوي أنها قامت بتسجيل برنامج إذاعي مدته ساعة واحدة كمشروع تخرُج لها، بعد عام من رحيل جاهين، عنوانه «جاهين… رباعية لم ولن تكتمل»، وسألت والدها «سيد مكاوي» ماذا كان ليقول لصديقه «جاهين» إذا كان إلى جواره ساعتها، فأجاب مكاوي «لو كان جنبي مكونتش هقول حاجة، ولكن بما إنه مش جنبي، أحب أقوله وحشتني».

1. عمل مُشترك بعد الرحيل

قبل عام من الرحيل فقط، أطل مكاوي على جمهوره بأغنية مصورة أولى في مشواره هي «كان في زمان يا حبيبتي»، واختار لهذه الإطلالة الأولى له، أن تكون بإمضاء جاهين الراحل قبل عشرة أعوام، فلا يُصدق مستقبلي الأغنية على الراديو وشاشات التلفاز أن كتبت قبل عشرين عام، ولم تخرج للنور، ليجترها الصديق سيد مكاوي من سجلهما المشترك ويقوم بتصويرها، قبل وفاته بعام في 21 أبريل عام 1997.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2016 بواسطة akherkalam

موقع اخر كلام

akherkalam
موقع اخر كلام صحافة حرة والخبر فور حدوثة رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير :محمد الصبروت /ت 01225288308-01004211282 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,780