صرخة مغترب
بقلم: د. شيماء سمير
مما لاشك فيه أنه لايوجد إنسان يرغب في أن يعيش وحيدا بعيدا عن وطنه وأهله وأحبابه، فدفئ الأسرة لا يمكن ان يضاهيه أي شعور أخر مهما كلفه الأمر، ولكن في بعض الأحيان يجبر الإنسان علي الرحيل لأسباب متعددة أهمها الرحيل بغرض العمل او بغرض الدراسة، ففي ظل ظروف المعيشة الصعبة ولصعوبة توفر فرص عمل كافية ولقلة المرتبات التي لا تتماشي مع الارتفاع المتزايد في الأسعار يقرر الكثير الرحيل، فيرحلون بعيدا عن أهلهم وأحبابهم ووطنهم، يرحلون مودعين أغلي مالديهم تاركين خلفهم أحلي الذكريات متألمين من لوعة الفراق راحلين بعيدا عن أوطانهم لبلد لا يعرفون عنها أي شئ وحينها تتصارع في أذهانهم مئات الاسئلة التي لا يستطيعون حتي الإجابة عنها، هل سيحققون الهدف الذي تغربوا من أجله؟ هل سيستطيعون التأقلم علي كل ماهو جديد من حولهم؟ هل سيكونون بأمان في هذه البلد الغريبة أم سيتربص لهم وحوش الغربة أعداء النجاح؟ هل سيستطيعون تحمل معاناة وألام الغربة بمفردهم أم ستكون الغربة بالنسبة لهم كسهم قاتل يخترق قلوبهم؟ هل سيعودون مرة اخري إلي أوطانهم سالمين أم وأم وأم ......؟
اسئلة كثيرة لا حصر لها تتبادر إلي أذهانهم تدخل في علي الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي، ولقد التقيت بالكثير من هؤلاء المغتربين وأثناء حديثي معهم أكتشفت أن مايعانوه من ألام في الغربة لا يضاهيه أي ألام اخري، فعن الغربة يتحدث حازم المصري الذي أجبرته ظروف الحياه ان يغترب لدولة الإمارات المتحدة الشقيقة معبرا عن مدي معاناته طيلة سنين الغربة التي تغربها لأجل العمل فيقول" تغربت لأجد فرصة عمل أفضل مما كنت عليه، فصعوبة المعيشة في ظل الارتفاع المتزايد في الأسعار هي التي أجبرتني علي ذلك، وعلي الرغم من أنني وجدت فرصة عمل أفضل وعملت بها لسنين طوال وبذلت أقصي جهد لأوفر لي ولعائلتي حياه كريمة إلا أنني عانيت من الوحدة كثيرا فألمها لا يضاهيه أي ألم أخر، يكفي ان شباب الانسان يسرق ويضيع في دوامة الغربة، يكفي انك تصبح وحيدا وتجبر انك تخدم نفسك بنفسك دون مساعدة أحد وإذا مرضت يوما ما لاتجد من يساندك ويقف بجانبك حتي تتعافي من مرضك وألمك، ويا ألمااااه عندما تفقد عزيز عليك من أسرتك ولا تستطيع حتي توديعه، وهناك الكثير والكثير من ألام المعاناه التي نشعر بها في الغربة ولانستطيع حتي ان نصفه".
وأيضا عن معاناة الغربة تتحدث أمل محمد التي أجبرتها الظروف لتسافر الي زوجها الذي تغرب ليعمل بالولايات المتحدة الأمريكية قائلة" تغربت مع زوجي في أمريكا لسنوات طوال وكان يعمل مجتهدا في عمله طيلة اليوم ولكننا عانينا كثيرا من التنمر هناك وتأذينا كثيرا من أعداء النجاح وكنا نجد صعوبات بالغة في مواجهة معظم مشاكلنا بمفردنا فنحن في غربة بعيدا عن الأهل والأصحاب، فلا أعلم كيف أصف معاناتنا بالوحدة هناك، ولهذا قررنا أن نعود ثانية لأرض الوطن ونعمل ببلادنا حتي ولو تقاضينا نصف ماكنا نأخذه هناك"
ومن هنا نستطيع القول ان للغربة وجهين، وجه مادي ووجه معنوي وعلي كل إنسان مغترب أو ينوي أن يغترب لابد أن يضع في إعتباره هذين الوجهين وبعدها يقرر ماذا يريد، هل يريد فرصة مادية أفضل ويتخلي عن مشاعره وانسانيته في بلده ويغترب، أم يقبل بالعمل في بلده حتي ولو بمقابل مادي أقل ولكنه سيفوز بكينونته كإنسان وبراحته النفسيه وسط أهله وأحبابه في وطنه.
وفي كل الأحوال لابد أن نؤمن بوجود الله سبحانه وتعالي في كل مكان وزمان وأن الرزق سيأتي للإنسان مهما كان.
فإلي متي سننتظر.....إلي مدي سننتصر.