تقرير : امل فكري كامل
الشائعات من أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمعات والأشخاص على السواء، فكم أقلقت الشائعة من أبرياء، وكم حطمت من عظماء، وكم تسببت الشائعات في جرائم، وكم فككت من علاقات وصداقات استمرت طويلًا، وكم هزمت الشائعات من جيوش، وكم أخرت في سير أقوام نحو التقدم والإزدهار.
ومن هنا تتضح أهمية دراسة الشائعات والتحذير من خطورتها على الأفراد والمجتمعات، وقد تزايدت هذه الأهمية لدراسة الشائعات في عصرنا الحالى، حيث النمو المستمر والهائل للمعلومات، وخاصة على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) والتى تعتبر من أقوى الوسائل في ترويج الشائعات، فالناس فى العصر الحالى يستغلون التقدم التكنولوجى الهائل والرهيب الذى حظيت به هذه الشبكة في الإساة للغير سواء عن حق أو باطل، حتى غدا (الإنترنت) منبرًا لترويج الشائعات الباطلة داخل المجتمع، وهذا بدوره أدى إلى انتشار الشائعات بشكل أسرع مما كانت عليه من قبل.
كذلك ساهمت تكنولوجيا الاتصال الحديثة متمثلة في استخدام الهواتف المحمولة في نشر الشائعات بسرعة فائقة ومذهلة، ولِمَ لا وهناك بعض الناس لا يهدأ له بالاً الإ بعد أن يتغذى على لحوم إخوانه من البشر كل يوم، سواءً كانوا أصدقاء له أو أقرباء أو جيران، فتراه يتتبع أخبارهم ويتصنت عليهم وينقل أخبارهم إلى غيره بصورة فيها مبالغة، وربما يضيف على هذه الأخبار من خياله المريض ما لا أصل له فى الواقع، وغيره ينقلها إلى أخر وأخر إلى أخر وهكذا، حتى تصبح هذه الأخبار عبارة عن شائعات لا أصل لها من الصحة، بل ويتداولها الناس بشكل يومى سواءً على المستوى الضيق بين الأصدقاء أو الجيران أوحتى فى مؤسسات العمل أوعلى المستوى الأوسع داخل المجتمع اذا كان الشخص المستهدف من الشائعة من مشاهير المجتمع، أو يشغل منصباً مرموقا داخل البلاد..
وتتوقف سرعة انتشار الشائعة وتداولها داخل المجتمع على توافر عوامل عديدة، وعلى ضوء الدراسات والبحوث التى تناولت عوامل انتشار الشائعة يمكننا أن نحدد أهم هذه العوامل على النحو التالى:
1- أهمية الشائعة: وتتحدد بمدى تقدير الفرد للنتائج المترتبة على موضوع الشائعة، وبالنظر إلى طبيعة الأفراد والمجتمعات ومبدأ الفروق بين البشر، فإنه يمكن التأكيد على أنَ أية شائعة ستجد من يهتم بها ويشعر بأثرها عليه، وستمسه من قريب أو من بعيد، ومن ثَم فإن الأهمية لا يمكن أن تصل أبدًا لدرجة الصفر وبخاصة في عصر المعلومات الذى نعيشه الأن.
2- الغموض: فالموقف الغامض الذى تنتشر فيه الشائعة يعنى نقصان المعلومات الرسمية أو عدم توافرها أساسًا. كما يرتبط الغموض أيضا ًبوجود مشكلات خطيرة تؤرق المجتمع ووجود أزمات خانقة يصعب السيطرة عليها، وكذلك العجز من قِبَل الجمهور الذى يستقبل الشائعة عن فهم ما يجرى من أحداث مع تضارب الأنباء حول مصير الأشياء أو الأشخاص.
3- حب الفضول: دافع فطرى لدى الإنسان يدفعه للحصول على المعلومات من البيئة المحيطة به حول الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الخ، ولذلك ترى الإنسان ينقل الشائعات بدافع إرضاء الميل الفطرى لتبادل الهمسات والتسلى بالكلام وتفخيم الأكاذيب التى تُحدِث بلبلة وتوترًا داخل المجتمع الذى يعيش فيه.
4- درجة الوعى: تؤثر درجة الوعى لدى الأفراد والجماعات بمخاطر الشائعات على درجة انتشارها بصورة عامة، كما تتأثر بما يستهدفه مروجوا شائعة معينة من أضرار تصيب المجتمع أو فئة من فئاته أو حتى فرد ما، مما يجعله يمتنع عن تداولها.
5- المضمون: يؤثر محتوى الشائعة على درجة انتشارها بدرجة كبيرة، فالشائعات الإجتماعية مثلًا والتى تتناول الأفراد والجماعات من أكثر الشائعات انتشارًا، ولا يكاد يخلو منها أى مجتمع، وهى شائعات تلقائية تنتشر بالطريق الشفهى من خلال التسلية في الأحاديث اليومية.