انتقد الخبراء تصريحات الدكتور أحمد البرعي، وزير القوى العاملة والهجرة، عن أن الوضع الاقتصادي متدهور وأننا على وشك الإفلاس، واصفين تلك التصريحات الحكومية بأنها مبالغة وغير موضوعية. بل إنها كذلك غير مسئولة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، عميد البحوث والدراسات بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن تلك التصريحات غير موفقة ومبالغ فيها وغير مسئولة، معتبرا إياها مجرد "إنطباعات خاطئة من مسئول حكومي"، مضيفا "كما أنها من الأساس غير ملائمة في تلك الفترة، لأن الشارع المصري فى حالة توتر وقلق ، وتصريح كهذا يؤثر بقوة على الآداء الاقتصادي".
وأشار إلى أن التصريحات الخارجية في هذا الصدد كانت أكثر إيجابية، موضحا "يعني البنك الدولي قال: إنه لو أحسنت إدارة البلاد بعد استقرار الأوضاع فى مصر، وخلال 5 سنوات ستحقق مصر أعلى معدلات نمو " ، مضيفا "والمسئول المصري يعطي تصريحات سلبية وقاتمة".
وأكد "عبد الحميد" أن الوضع الاقتصادي ليس بهذا السوء ولن يؤدي إلى إفلاس ، قائلا "نحن فى مرحلة انتقالية، وطبيعي أن تشهد تلك المرحلة بعض القصور السلبي ، وانخفاض معدل النمو، وزيادة الطاقات المعطلة كما هو كائن، لكن أيضا هناك أشياء إيجابية مثل تحويلات العاملين في الخارج التى وصلت لأول مرة إلى 12 مليار دولار، ومازالت مصر تسدد ديونها الخارجية بانتظام برغم الأوضاع الحالية" .
وقال إنه لا مجال للحديث عن الإفلاس، ومعترفا بأن الاقتصاد ليس في أفضل حالاته، لكنه فى حاجة، فقط، إلى بعض الإصلاح، موضحا "المفترض أن نبحث عن زيادة الإيرادات ، ونرشد الإنفاق، مشيرا إلى أن الإصلاح مهمة الحكومة التي ستتولى بعد إجراء انتخابات مجلس الشعب لتنقل الاقتصاد من وضع سيء إلى وضع أفضل، مؤكدا أن كل قدرات النمو موجودة في الاقتصاد المصري لو أدير بشكل جيد.
في حين أكد الدكتور ياسر كمال، الخبير بمركز دراسات الإستثمار والتخطيط وإدارة المشروعات بمعهد التخطيط، أن مصر بالفعل على وشك الإفلاس، مفسرا: "الموازنة العامة للدولة تنقسم إلى موارد واستخدامات، والدولة تقرر الاستخدامات قبل أن تحصر الموارد، لأن تلك الاستخدامات تكون مهمة وأساسية " ، مضيفا "على سبيل المثال أهم بند في الاستخدامات الأجور، والأجور تكون محددة سلفا، لكن ما حدث من مطالب فئوية جعل الأجور تزداد، والموارد قلت، فأصبح هناك عجز كبير لتسديد استخدامات أكبر من الموارد المتاحة، والطبيعي نتيجة لهذا التطور أن تقف الدولة على باب الإفلاس" .
وأشار "كمال" إلى أنه لا خوف حقيقي من وصول الدين الداخلي إلى تريليون جنيه ، موضحا "الدين الداخلي طالما يسدد في ميعاده فلا يشكل أي أزمة، ويدخل فى إطار الدين الداخلي المعاشات والتأمينات، كما أن الدين الداخلي عادة يكون لبنك حكومي فلا يشكل أزمة حقيقية" .
ومن جانبه، قال الدكتور عيسى فتحي ،الخبير الاقتصادي، أن تلك التصريحات تفتقر للدقة، موضحا "أولا: الدين الداخلي يقارن بالناتج الإجمالي، والناتج الإجمالي المصري ارتفع ووصل إلى تريليون و 300 مليار جنيه، والمعروف أن الدين الداخلي إذا لم يتعدى 100% من الناتج الإجمالي نكون فى حالة آمنة، ووهو بالفعل لم يتجاوز الـ100% ، بل حتى لم يصل إليها"، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي لمصر أفضل من الوضع الإقتصادي لأمريكا التي تخطى الدين الداخلي لديها نسبة الـ100% ، قائلا "لا جدال أن الوضع الاقتصادي لدينا سيء نظرا للظروف الحالية، لكنه ليس سيئا تماما ولا يصل لدرجة الخطورة" .
وأوضح "فتحي" أن سبب سوء الوضع الإقتصادي هو قلة تحصيلات الدولة نتيجة الظروف الحالية، مضيفا "وكان المفروض أن الدولة توقف التعامل مع المطالب الفئوية فى الوقت الراهن حتى إصلاح الإقتصاد لأننا نمر بمرحلة انتقالية دقيقة"، مؤكدا أن الاستقرار السياسي وانتخاب سلطة تشريعية قوية هي الضمانة الحقيقية للنهوض بالاقتصاد المصري وتماثله للشفاء التام ،على حد قوله.