بعد أيام قليلة من تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، ركبت مترو الأنفاق من محطة جمال عبد الناصر، وبعدها بمحطة واحدة فقط، فوجئنا بعمال شركة المترو يقطعون الطريق، ويقفون على القضبان، ويشلون الحركة، وهم يطالبون بإقالة رئيس شركتهم.
هذا المشهد تقريباً يتكرر بشكل يومى فى كل أنحاء مصر، خذ مثلاً إضراب العاملين بهيئة النقل العام، صحونا من النوم لنجد الأتوبيسات اختفت من شوارع القاهرة، وأنها فى جراجاتها ممتنعة عن العمل مع السائقين الذين يطالبون بمطالب مالية، لإصلاح وضعهم المزرى.
ومن يراجع وضع السائقين سيجد معهم كل الحق فى الإضراب والتوقف عن العمل، لحين تصحيح أوضاعهم المالية، لكن ما يقوم به العاملون فى النقل العام وغيرهم، ليس له علاقة بحق الإضراب من قريب أو بعيد.
مثلاً ما معنى أن يقطع العاملون بهيئة النقل شارع القصر العينى ويمنعون المرور فيه، ويسدونه بأتوبيس يقف فى عرض الشارع، فى تصورى الشخصى هذا ليس إضراباً ولا مطالبة بالحقوق، وإنما بلطجة وتعدٍ على حقوق الآخرين.
مشكلة معظم المصريين أنهم لا يعرفون الحد الفاصل بين الحرية الشخصية وحرية الآخرين، حريتى تنتهى حين تبدأ حرية الآخرين، لكن عند الكثير من المواطنين، حريتى وبعدى الطوفان، لذلك لا مانع من أن أعترض كما أشاء وأضرّ الآخرين الذين لا ذنب لهم وربما مظلومين أكثر منى.
الإضراب فى أى مكان فى العالم ليس فوضى، ولا بلطجة، وإنما قمة الحرية وممارسة الديمقراطية، وفى القطاعات التى تتعامل مباشرة مع المواطنين، يتم الإعلان عن الإضراب قبلها بفترة كافية حتى يستعد الناس، ويرتبوا أمورهم.
وفى الغالب تبدأ الإضرابات بشكل محدود، أى عدد محدد من العاملين، أو عدد ساعات محدد، ويتوسع الإضراب إذا لم يستجب أصحاب العمل، سواء كان الحكومة أو القطاع الخاص.
وفى معظم الأحيان يصدر المضربون والمعتصمون بياناً للرأى العام يعتذرون فيه عما قد يكونوا تسببوا فيه لأناس ليسوا طرفاً فى المشكلة، لكن لو فكّر أحد فى مصر أن يقول للسائقين المضربين إنهم لم يتبعوا الإجراءات القانونية، وإنهم يؤثرون على مصالح الناس، فغالباً سينهال عليه المضربون ضرباً، لأننا فى مصر نجيد البلطجة، ولا نعرف كيف نستخدم الحق فى الإضراب
المصدر: صوت دارالسلام
نشرت فى 3 أكتوبر 2011
بواسطة akhbar
شبكة ساقية دار السلام الإليكترونية
تسجيل الدخول
ابحث
عدد زيارات الموقع
58,934