السلفية هي تيار إسلامي ومدرسة فكرية سنية ظهرت في منطقة نجد تدعو إلى العودة إلى "نهج السلف الصالح" كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القران الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الاسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف وأبرز ممثلي هذا الالتزام بآراء السلف في العصر الحديث الحركة الوهابية. ومن أهم أعلامهم:محمدعبدالوهاب ,عبد العزيزبن باز وابن عثيمين .
السلفية لغة واصطلاحاً
في اللغة العربية: السَّلَف -بفتح السين واللام- يكشف عنها في مادة (س ل ف) وهوما مضى وانقضى، والقوم السُّلاَّف: المتقدمون، وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون. جمع سالف وهوكل مَن تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أوالفضل، وقالوا: إنَّه كل عمل صالح قدمته.1
أما مصطلح السلف الصالح فهو تعبير يُراد به المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعى التابعين. الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولى من الإسلام، جاء الثناء عليها عن رسول الإسلام محمدفي قوله:
«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي من بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويكون فيهم الكذب.2»
ويستثنى من ذلك أهل البدع كالخوارج , والمعتزلة ,والقدرية ,والجهمية وغيرهم من الفرق حسب معتقد السلفية.
والمذهب أو المعتقد السلفي بحسب مفهومهم: هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأئمة الدين ممن شُهد له بالإمامة وعُرف عظم شأنه في الدين وتلقي الناس كلامهم خلفًا عن سلف. ومن هؤلاء الأئمة الأربعة وسفيان الثورى والليث بن سعد وابن المبارك وابراهيم النخعى والبخارى ومسلم وسائر أصحاب السنن.3
والسلفيون أو السلفية: يقدم السلفيون أنفسهم على أنهم هم الذين يعتقدون معتقد السلف الصالح، وينتهجون منهج السلف في فهم الكتاب والسنة.4
نشأة السلفية
يعتقد السلفية أنهم امتداد لمدرسة أهل الحديث والاثرالذين برزوا في القرن الثالث الهجرى في مواجهة المعتزلة في العصر العباسى تحت قيادة احمدبن حنبل أحد ائمة السنة الاربعة ، فكان المعتزلة يتخذون مناهج عقلية في قراءة النصوص وتأويلها واستمدوا أصولهم المنطقية من الحضارة الاغريقية عن طريق الترجمةوالتعامل المباشر، ورأى أهل الحديث في هذه المناهج العقلية خطراً يهدد صفاء الاسلام ونقاءه وينذر بتفكك الأمة وانهيارها. وانتهى هذا النزاع حين تولى الخليفة المتوكل أمر الخلافة وأطلق سراح ابن حنبل وانتصر لمنهجه ومعتقده. يعتبر الكاتب حسن ابوهنية محنة ابن حنبل في فتنة خلق القرآن بأنه: «كان حاسما في بلورة وعي سلفي عمل على بلورة موقف سلفي واضح ومتميز لأول مرة».5
يقول محمد أبو زهرة أنه في القرن الربع هجرياظهرت جماعة من أهل الحديث تنسب آرائها لابن حنبل في إثبات بعض صفات لله بدعوى أن الله أثبتها لنفسه في القرآن والسنة، وذلك الأخذ بظواهر النصوص ثم تفويض الكيف والوصف.6 ثم أقر هذا المنهج كمنهج رسمي للدولة العباسية في زمن الخليفة القادرباللة بناء على منشور العقيدة القادرية الذي كتبه الخليفة وأمر أن يتلى في المساجد يوم الجمعة وأخذ عليه خطوط العلماء والفقهاء.7وبحسب ما ذكره ابن الجوزى في المنتظم؛ فقد أقر هذا المنهج كمنهج رسمي للدولة العباسية عام433 ه في زمن الخليفة القائم بامر اللة بناء على منشورالعقيدة القادريةالذي كتبه الخليفة القادر.8
بعد ذلك شهدت السلفية انحسارا ملحوظا. إلى أن ظهر ابن تيمية في القرن السابع بالتزامن مع سقوط عاصمة الدولة العباسية بغداد على أيدي التتار سنة656ه فعمل على إحياء الفكر السلفي، وقام بشن حملة على من اعتبرهم أهل البدع داعيا إلى إحياء عقيدة ومنهج السلف من أجل تحقيق النهضة. ولقد أثارت دعوته جدلاً في الأوساط الإسلامية حينها، فاستجاب بعض العلماء وطلبة العلم لأفكاره مثل الذهبى وابن قيم الجوزية والمزى 9
ومن أفراد الطبقة الحاكمة مثل الأمير المملوكي سلار نائب السلطنة.10
ثم شهدت السلفية انحساراً كبيراً مرة أخرى بعد ذلك. لتعاود الظهور مرة أخرى في القرن الثامن عشرالميلادى متمثلة في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبة الجزيرة العربية ، والتي واكبت عصر انحطاط وأفول نجم الدولة العثمانية وصعود الاستعمار الغربي. وأحدثت هذه الدعوة تأثيرأً كبيراً في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وأحدثت لغطاً كبيراً بين مؤيديها ومعارضيه.5
مفهوم البدعة وموقفهم منها
يعتقد السلفية بأن البدعة هي:طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالسلوك على الطريقة الشرعية11.
وبحسب هذا التعريف؛ فمن معالم العقيدة السلفية كراهيتهم لما يعتبرونه بدعًا. كما يبغض السلفيون من يعتبرونهم أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم. ويحذرون منهم ومن بدعهم، ولا يألون جهداً في نصحهم وزجرهم عن بدعهم.12