بسم الله الرحمن الرحيم

 

المقدمه

عزيزي القارئ : شكرا على اقتنائك هذا الكتاب ، والذي يبرهن على رغبة صادقة بداخلك للتميز والتقدم والارتقاء بشخصيتك .

 

قرار شرائك هذا الكتاب يضعك في مصاف الباحثين عن تطوير ملكاتهم ، الراغبين في أن يكون لهم دور بارز في دنيا الناس .

 

فأهلا بك رفيق درب ، وأخ نقاسمه الحلم والأمل والخير إن شاء الله .

 

- وإن كانت هذه المادة مهداة لك من صديق ، فأنت امرؤ يتوسم فيك الآخرون الخير ، ويرونك شخصية لديها ملكات التطوير ، ودوافع الانطلاق .

 

 

.. ويسعدني عزيزي القارئ أن أصحبك وعبر صفحات هذا الكتاب كي نسبر أغوار الشخصية الساحرة ، ونتعلم المبادئ والصفات الأساسية التي يتمتع بها صاحب هذه الشخصية ..

 

 

دعونا أولا نصيغ عنوان رحلتنا في سؤال .

 

 

من هو صاحب الشخصية الساحرة ؟؟

 

 

هو رجل ملهم ، يأخذ بنواصي القلوب ، ويدفع الآخرين إلى احترامه وتبجيله .

 

 

يعرف جيدا أنه يتعامل مع أنفس لها متطلبات .. فتراه يبسط لها كف الجود . ويعطيها من كريم طباعة ، وأصالة معدنه ، لذا تراه ساكنا في دروب أرواحنا وأزقة قلوبنا بعذب حديثه تارة ، وبرهافة شعوره تارة أخرى .

 

 

 

لا يمله الناس . بل هم في لهفة لمجلسه ، وفي شوق لوصاله .

 

 

وكتابنا هذا :

 

 

يأخذ بيدك إلى اكتشاف تلك الشخصية ، والتأمل في جوانبها المختلفة ، وإفراد خصائصها ، وسرد السبل التي تساعدك على التحلي بشخصية ساحرة جذابة .

 

 

.. ولا استطيع أن أدعي أنني سأسر لك بسر الجاذبية ، أو أنني سأعطيك ترياقا أو تعويذة تجعلك شخصية ساحرة .

 

 

كلا فكل ما أدعي أنني سأهديك إياه هو السلوك المنطقي الواقعي ، والمهارات والعادات التي ثبت أنها من خصائص العظماء ، وأن تمثل الإنسان بها تزيد من جاذبيته ، وتجذب القلوب نحوه .

 

 

لا يوجد في هذا الكتاب قالب يدعى الشخصية الساحرة ولا قميص إذا ارتداه المرء صار نجما اجتماعيا .. كلا .

 

 

هذا الكتاب محاولة جادة لثقل شخصيتك ..و تعريفك بكوامن القوة ، وبواطن الداء التي بداخلك .

 

 

وما عليك قارئي العزيز إلا أن تتأمل في تلك الخصائص والسلوكيات ، وتنظر في مدى واقعيتها من وجهة نظرك .. ثم بعد ذلك تبدأ التطبيق على بركة الله .

 

إشارتان هامتان :

 

 

 

 

الأولى : أن الواحد منا لا يولد من رحم أمه محبوب أو مكروه ، فنحن الذين ندفع الناس إلى حبنا والقرب منا ، أو بغضنا والبعد عنا من خلال مجموعة من السلوكيات و الممارسات ، والتي يسهل مع قليل أو كثير من الجهد والتعب تعلمها والتدرب عليها .

 

والثانية : أن أكثر الأخطاء شيوعا في تعاملنا مع الآخرين ، والسبب الأول في فشل الكثيرين منا في إقامة علاقة طيبة مع الغير هو في مطالبتنا الآخر أن يكون كما نحب نحن ، لا كما هو .

 

 

 

إن أكثرنا يريد أن يتعامل مع الآخر وفق ما يتراءى له ويعجبه ، فتراه يكثر من توجيهه ونقده ومحاولة تغييره ، مما يفشل عملية التواصل ويجعل الطرف الآخر يتبنى موقف المدافع عن ذاته وشخصيته ، الرافض للوصاية التي تأتيه من الخارج .

 

لذا كان من الأهمية بمكان أن ندرك أن للآخر كيانا مستقلا ،له الحق في الاحتفاظ به ، ومن حقه كذلك أن نعامله كما هو ، بدون أن نحاول تغييره ، أو المساس بذاته .

أرصدة في بنك الشخصية الساحرة :

بامتلاكك شخصية ساحرة تزيد في رصيدك الشخصي ميزتان هامتان :

 

1. تقوية علاقاتك مع الآخر : فالشخصية الساحرة ترتبط بعلاقات مع الغير يغلب عليها طابع الحميمية والدفء والمودة ، وترى الآخرين يخطبون ودها نظرا لما لديها من رصيد إنساني راقي ، ومهارات في التشجيع والتحفيز والاحتواء مميزة .

 

2. التأثير في الآخر : عندما يحبك الآخر ، وينبهر بك سيكون مستعدا لتنفيذ ما تقول بلا ضيق أو تململ ، بل يكونوا على استعداد لتقديم تضحيات في سبيل رضا صاحب الشخصية الساحرة ، يضاف إلى ذلك أن الشخصية الساحرة بما تمتلكه من لباقة ومصداقية وشفافية تكون أكثر قدرة على إقناع الآخر والتأثير فيه .

وهاتان الصفتان ( توطيد العلاقات مع الآخرين والتأثير عليهم فيهم ) هم أهم صفتين من صفات القادة وصناع القرار في العالم ، ولن تجد زعيما أو قائدا يفتقر إلى أي من هاتين الصفتين ، اللهم إلا الطغاة والمتجبرين

قوانين الاتصال الجذاب:

إذا ما راقبت آراء الناس فستجد أنها تسير طبقا لقانونين :

 

1 – أن الناس ترى وتحكم بعواطفها .

 

2 – ثم تدافع عن آرائها بعقولها .

 

بنفس هذه الطريقة يتكون رأي الناس عنك . فإما أن يحبوك أو ينفروا منك . ثم بعد ذلك يبررون رأيهم هذا بكل ما يصدر عنك من أفعال وأقوال .

فاحرص على أن تكون اتصالاتك مباشرة وصريحة وموقوتة . لا تترك أي فجوات اتصالية بينك وبين الآخرين ، فهذه الفجوات سرعان ما تمتلئ بالإشاعات وسوء التفاهم .

إن الناس ورغم تظاهرهم بالعقلانية إلا أنهم يرون ويحكمون بعواطفهم ، ويؤكد علماء النفس أن أكثر من 90% من قراراتنا تبنى على أساس العاطفة وليس العقل والمنطق، و هذا ينطبق على الرجال والنساء .

فنحن نفكر بعقولنا ونقرر بقلوبنا وبعواطفنا كما يقول وليم جيمس.

 

إشارات مهمة :

انتبه ..

 

 

إن التواصل وبناء العلاقات وسيلة لا غاية .

 

وهل يغنيك شيئا حين تكون وجيها في أعين الناس ، صغيرا في نظر الله ..؟!

وهل يستشعر المرء منا نجاحا إذا علا اسمه ، وتردد ذكره وقلبه خال من محبه الله وتوقيره ..؟؟؟

 

 

بئسَ الزعامةُ إِن تكنْ أهدافَها حُبُّ الظهورِ وبئسَ من يتزعمُ

 

هزلَ الزمانُ فسادَ كلُّ مهرجٍ بالسيفِ واعتزلُ الأصيلُ الأكرمُ

الله هو الذي يعطي ويمنع .. ويخفض ويرفع .. منه نستمد العون .. وعليه اتكالنا .. فإذا سولت لنا أنفسنا شيئا من الغرور والاعتزاز بالنفس كان لزاما علينا أن نلجمها بلجام العبودية ، ونضبط عجلاتها على قضبان الطاعة ، ولله در الإمام أبو يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة إذا يفشي سر نفسه ويقول : ( والله ما جلست مجلسا أنوي فيه أن ارتفع إلا لم أقم حتى يفضحني الله ) .

إننا كثيرا ما نغتر إذا جادت الألسنة بمدح شيء فعلناه ، أو عمل قمنا به ، ويفقدنا كثرة الثناء والمديح رويدا رويدا حقيقة كوننا تحت مصيدة الأقدار ، وأننا بفضل الله وتوفيقه حينا وبستره وعفوه أحيانا أخرى نحيا ونتألق ونتفاخر بين الناس .

وما الفخر .. وما التميز .. وما إعجاب الناس إلا هباء منثورا إذا لم يكن لك من الله سند ..

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله : (إن الخطبة البليغة المُعجبة ، والكتاب المبين الذكي ، والجماهير العاشقة المتعصبة لا تساوي كلها قشرة نواة ، إذا كانت علاقة المرء بربه واهية .) .

ومن جميل حكم لقمان الحكيم قوله :

احذر واحدة هي أهل للحذر ، أن يرى الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر .

فجدد النية قبل أن تركب معنا أيها الهمام ..

واعلم أن محبة الناس ، والفوز بقلوبهم ، معقود بمحبة الله ، ونيل رضاه

، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل: إنَّ الله قد أحب فلاناً فأحِبَّه، فيُحِبُّه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إنَّ الله قد أحب فلاناً فأحِبُّوه، فيُحِبُّه أهل السماء، ويوضع له القبول في أهل الأرض" رواه البخاري .

شيء آخر لا يقل أهمية ، وهو أن التأثير في الآخرين وكسب قلوبهم ، يظل محدودا ، حينما يكون هدفا وغاية في حد ذاته ، أي أننا حينما نتمثل سلوكيات معينة ـ كالتي ستمر عليك في هذا الكتاب ـ كالتبسم والأناقة ، وتقبل وجهة نظر الآخر ، فقط كي نكسب ود الآخرين فإننا قد نتعب بعد فترة ونستشعر ثقل ما نقوم به ، أما حينما نؤمن بما نقوم به ونجعله خالصا لله سبحانه وتعالى ، فإنا حينها سنتحرك من منطلق القيم الخلقية التي نتبناها وستتجلى هذه القيم في صورة السلوك الطيب الذي نقوم به ، وسوف يتسلل هذا السلوك بخفة ومهارة في نفوس الآخرين ويداعب ( اللاوعي) لديهم فيتأثرون بها وهم لا يشعرون .

القيمة والمبدأ خير دافع للسلوك الإنساني ، فإنهما تكسبان السلوك متانة وقوة ، وينفخان فيه من روحهما الحارة ما يجعل تمكنه من قلوب الآخرين شديد .

يقول الرافعي : (لو قام الناسُ عشر سنين يتناظرون في معاني الفضائل ووسائلها،ووضعوا في ذلك مئة كتاب،ثم رأوا رجلاً فاضلاً بأصدق معاني الفضيلة ،وخالطوه وصحبوه لكان الرجل وحده أكبرفائدة من تلك المناظرة وأجدى على الناس منها وأدل على الفضيلة من مائة كتاب ،ومنألف كتاب ) .

 

 

 

 

قبل أن نمضي نحو غايتنا ..

 

 

 

مهلا .. تعرف على نفسك أولا ..

 

تـــــــــــأمل نفســــــك ..

 

 

 

 

 

اجب بنعم أو لا

.. اختر ما تطبقه في حياتك فعليا .. لا ما تستحسنه .

 

1. هل تؤمن بقدرتك على إضافة سلوك إيجابي ( كالصبر ، والحلم ، واللباقة ) أو التخلص من سلوك سلبي ( كالغضب ، والتهور ، الفشل في التواصل مع الغير) لحياتك ؟ نعم إلى حد ما لا

 

 

2. في معاركك الفكرية ، هل يكون هدفك هو إثبات رأيك ، وتغليب حجتك ، بغض النظر عن الطريقة التي تحاول بها ذلك ؟ نعم إلى حد ما لا

 

 

3. هل تُسلم على من تقابلهم في الشارع بغض النظر هل تعرفهم أم لا ؟ نعم إلى حد ما لا

4. إذا أهمك أمر شخصي ، فهل يلاحظ هذا الأمر زملائك في محيط العمل ؟ نعم لا

 

5. هل قرأت كتابا عن الإتكيت أو فن التعامل مع الآخرين ؟ نعم لا

 

6. هل أنت راض عن علاقتك مع من حولك ( زوجتك ، والديك ، أبنائك ، أصدقائك ،

زملائك في العمل ، مرؤوسيك ؟ نعم لا

 

7. هل تعتذر دائما حال خطئك ؟ نعم لا

 

8. هل تستطيع خلال دقيقة أن تذكر عشر أشخاص لا تتمنى رؤيتهم أبدا ؟ نعم لا

 

9. هل تقول ( شكرا) إذا أحضرت الخادمة ، أو أحد أبنائك ، أو زوجتك ، أو العامل في مكان عملك كوب ماء لك ؟ نعم لا

 

10. هل ترى أن معاملة الرؤساء ، والمديرين ، والشيوخ ، والرموز معاملة خاصة شيء من النفاق ؟ نعم لا

 

11. هل تشعر أن بعض أصدقائك يتجنبون الحديث معك ، ويتهربون من أي نقاش تكون موجودا به ؟ نعم لا

 

12. هل تحاول البحث وبإخلاص عن نقاط الاتفاق مع محاورك ؟ نعم لا

 

13. هل تعامل الناس على انهم مختلفون ولكل شخص طبيعته المستقلة ، حتى وان كانت هذه الطبيعة عكس ما تحب ؟ نعم لا

 

14. هل تطالب الاخر دائما بدفع الثمن ، كان يقابلك باحترام كما قابلته ، يقرضك كما أقرضته ، يساعدك كما ساعدته ؟ نعم لا

 

15. هل يتهمك الآخرين بالغرور وحب التفاخر ؟ تعم لا

 

16. هل تعتني بمظهرك وهندامك ؟ نعم لا

 

17. هل تشعر أنك مقصر في زيارة اهلك وأصدقائك .. والسؤال عن الغائب من معارفك ؟ نعم لا

 

18. هل تشعر أن شخصيتك كالأسفنجة ما انإن ترى شخصية وتعجب بها حتى تتشبع بخواصها وطريقة حديثها وتقلدها ؟ نعم لا

 

19. هل تؤمن بان وجهة نظرك هي مجرد جانب واحد من الحقيقة ، وانه ربما ثبت عدم صحتها يوما ما ؟ نعم لا

 

20. هل تنسى دائما اسماءأسماء الأشخاص الذين تتعرف عليهم ؟ نعم لا

 

النتيجة :

 

أعط لنفسك 5 درجات لكل سؤال أجبت عليه بنعم من الأسئلة الآتية ، رقم ( 1، 3 ، 5 ، 6، 7 ، 9 ، 13 ، 16 ، 19 )

 

أعط لنفسك 5 درجات لكل سؤال أجبت عنه بلا الأسئلة أرقام ( 2 ، 4 ،8، 10 ، 11 ، 12 ، 13 ، 14 ، 15 ، 17 ، 18 ، 20 )

 

أعط لنفسك درجتان لكل سؤال أجبت عنه ب إلى حد ما .

والآن :

إذا حصلت على درجة من (100:86) فنستطيع أن نقول لك تهانينا أنت بالفعل شخصية ساحرة ، وقراءتك لهذا الكتاب ستعد بمثابة ثقافة عامة لا أكثر .

 

إذا حصلت على درجة ( 85:76) فتهانينا كذلك أنت تقف وبثقة على العتبة الأخيرة التي تلي الشخصية الساحرة ، أنت فقط بحاجة إلى أن تنمي بعض المهارات البسيطة .

 

إذا حصلت على درجة ( 65: 75) فأنت شخصية طموحة ، لكن ينقصها تعلم بعض المفاهيم في عملية التواصل الجيد ، هذا الكتاب سيضع يديك على أماكن ضعفك ، وسيرشدك للعلاج إن شاء الله .

 

إذا حصلت على درجة ( 65 : 50) فأنت شخصية عادية ،وتقع للأسف في كثير من الإشكاليات في تواصلك مع الغير ، وإن كانت ليست بشكل متكرر ، مما يجعلك بحاجة كبيرة إلى معرفة أصول التواصل الجيد ، والمهارات الاجتماعية ، أنصحك بالإضافة إلى هذا الكتاب أن تقرأ كتابي ( خلق المسلم ، جدد حياتك ) للشيخ محمد الغزالي .

 

إذا حصلت على اقل من ( 50) فأنت بالفعل تواجه مشكلة ، وتحتاج إلى إعادة النظر في كثير من سلوكياتك ، أنصحك بإعادة التمرين بعد قراءتك للكتاب كاملا ، إذا لم ترتفع النسبة ، أنصحك بقراءة كل من ( كيف تؤثر في الآخرين وتكسب الأصدقاء لديل كارنيجي ) بالإضافة إلى الكتابين السابق الإشارة إليهما ، ويفضل حضور دورة تدريبية في فن التواصل .

 

أول صفتين من صفاة الشخصية الساحرة :

 

 

 

الصفة الأولى : كن نسيج وحدك ..

 

يقول كريم الشاذلي :

أجمل ما فيك هو أنك أنت ..

إذا وثقت بما حباك الله به من نعم ومقومات وشخصية . فستصل تلك الثقة إلى الجميع . وتدفعهم إلى احترام شخصيتك واستقلالها .

نعم هناك بعض المهارات الاجتماعية التي تساعدك كي تحسن من تواصلك مع الغير .

بيد أن هذا لا يعني أبدا الانسلاخ من شخصيتك ..

.. فالله سبحانه وتعالى خلق الناس متفاوتون في الطباع والأمزجة والميول .. لم يخلقهم نسخ مكررة ولا فئة واحدة ..

فمنا الجاد العملي ومنا خفيف الظل المرح ..

فينا الحيي الهادئ .. وفينا الجريء المقدام ..

وكل هذه الأصناف خير .. وكل ميسر لما خلق له ..

ما كان أبا بكر شبيها بعمر..

ولا عثمان كعلي .. ولا أبا ذر كخالد .. عليهم رضوان الله جميعا..

كل له طبيعته التي جبله الله عليها .. كما أن لكل رجل مهمة خلقه الله لها ..

يقول ربنا جل اسمه : { ولو شاء ربّك لجعل الناس أُمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين } ، مختلفين في الطبائع .. مختلفين في الأهواء .. مختلفين في الأمزجة ..مختلفين في الميول .. مختلفين في كل شيء .

ذلك لأن اختلافهم سنة ربانية .. المقصود منها هو التعارف و التعايش والتكامل والتعاون .

يجب أن تفقه هذا أيها الهمام .. وتدرك أن لك شخصية مستقلة ومختلفة عن الآخرين .. والسقوط يبدأ حينما تتمرد على تلك الطبيعة .

السقوط يبدأ حينما تقلد و تكون امعةإمعة .. ليس لك شخصية مستقلة ..

يقول ديل كارنيجي : 'علمتني التجربة أن أسقط فورًا من حسابي الأشخاص الذين يتظاهرون بغير ما هم في الحقيقة'. فهولاءفهؤلاء المقلدون ، المتظاهرون بعكس حقيقتهم ، ابرز خصائهمخصائصهم عدم الثقة بالنفس ، والتذمر من تكوينهم النفسي والوجداني .

نعم .. قد نهذب بعض الصفات .. أو نتعلم بعض المهارات ..

أما أن نحاول أن ننسلخ من طبيعتنا ونلبس وجه آخر يعجبنا .. فلن ينطلي هذا الدلال على أحد .. ولله در الشاعرفهذا هو السقوط .. يقول الشاعر :

كل امرئٍ راجعٌ يوماً لشميتِهلشيمته * وإِن تخلَّق أخلاقاً إِلى حينِ

سُلت أمنا عائشة رضي الله عنها عن عمر بن الخطاب فأجابت:

كان والله أحْوَذيّاً نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعَدَّ للأمور أقْرَانَها.. (جاء في النهاية في غريب الأثر لابن الأثير أن أحوذيا تعني الجاد المسرع . )

فهو فريد ليس له مثيل أو شبيه .. تماما كالثوب الذي من شدة إتقانه يصعب تكرراه ..

وهذا يعود في المقام الأول إلى عظمة المربي الذي صاغ هذه الشخصية .. فدلاله عظمة قائد من القواد .. أو زعيم من الزعماء ، هو أن يحيط نفسه بالعظماء أمثاله ، والنابهين الأذكياء .

ولذلك كان الحبيب صلى الله عليه وسلم صانع الرجال بحق ، فكان يؤيد لين أبا بكر .. وكذلك شدة عمر .. وبلاغة وحكمة علي .. وحياء وهدوء عثمان رضوان الله عنهم أجمعين .

 

أخي الكريم .. إن التقليد طمس للشخصية .. وضياع للهوية .. فحاذر أن تعيش في ثوب غيرك مهما أعجبك هذا الثوب ، بل كن علامة بارزة في دنيا الناس ، ونجم مميز يعرفه القاصي والداني لتفرده واستقلاليته

 

الصفة الثالثة : الرجل النحلة والرجل الذبابة

 

يقول كريم الشاذلي :

هناك أشخاص يعشقون التحليق مع أسراب النحل .. وآخرون ذو خصائص نفسية يشتركون فيها مع الذباب .

الرجل النحلة : يرى الجانب المشرق في كل شيء ، يبحث عنه بعين شفافة ، وإن لم يجده يصنعه . يؤمن بأن كل إنسان مهما كان فظا أو منفرا توجد فيه صفات خيرة تحتاج فقط إلى من يظهرها .

الجميع يحبونه ويشتاقون لرؤيته .. إذا زرناه في بيته وجدناه يغض الطرف عن هنات زوجته وأبنائه ، لا يعلق على كل كبيرة وصغيرة يمتدح جميل الفعل وان كان صغيرا . وإذا نقد نقد بشكل لا يجرح من أمامه .

وفي عمله كالشمس تشع بشر وحبور لا يرى إلا طيبا ولا يقع إلا على طيبا .

والرجل النحلة وصف للمؤمن بشكل عام قال سيد الخلق وحبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم ( والذي نفس محمد بيده إن مثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد)(صحيح) السلسلة الصحيحة للألباني . ‌

الرجل النحلة لا يجد صعوبة في حب أي شخص ، لأنه ببساطة بارع في اكتشاف الايجابيات ، ولا تعوزه القدرة على رؤية الجمال .

أما الرجل الذبابة : تراه يبحث بلا كلل عن عيب هنا أو تقصير هناك .. لا يرى إلا كل ما هو قبيح ولا يقع إلا على السيئ .

يرى العالم تكسوه العيوب .. ويصر على أنه لا أمل في الإصلاح .

لا يحب الجمال ويمقت التسامح حتى وإن لم يعترف بذلك .

إن أخطأ يوما وقال كلمة تشجيع أتبعها بـ ( لكن) .

الجميع يتحاشى انفعالاته .. ويستثقل انتقاداته .. ولا يبش لرؤيته .

ووصفنا له بالذبابة وصف لا تجني فيه ولا مبالغة ، فكما أن الذبابة تتبع مواضع الجروح والدمامل فتنكأها ، وتتجنب المواضع السليمة والصحيحة ، فكذالك هذا الصنف من البشر يتتبع معايب الناس وسقطاتهم وزلاتهم فيذكرها ، ويحوم حولها ، ويتجاهل متعمدا حسناتهم وجميل فعالهم .

وهو يحاول جاهدا أن يداري عيوب نفسه بإظهار عيوب غيره ، ومحاولة إفهام نفسه ومن حوله أن العيوب أكثر من الايجابيات ، يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله مفسرا هذا السلوك : ما إن تكتمل خصائص العظمة في نفس أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى ، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم ويعيش منغصا لا يريحه إلا زوال النعمة ، وانطفاء العظمة ، وتحقق الإخفاق ، والسر أن الدميم يرى الجمال تحديا له ، والغبي يرى الذكاء عدوانا عليه ، والفاشل يرى النجاح إزراء له ، وهكذا!!!! .

إذن فالرجل الذبابة رجل معتل النفس ، مريض القلب ، قد لاكت قلبه أنياب الحقد والحسد .

فهو يعيب على كل شيء .. بل ويتمنى العيب !!!.

وهؤلاء ( المعيبون ) هم شرار الناس يقولوقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفئة بأنها من شرار الناس يقول × (شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب ) قال الألباني حسن انظر ( غاية المرام ) .

 

فاربأ بنفسك عزيزي القارئ أن تكون من هؤلاء ، غالب نفسك وشيطانك ، بل غالب عقلك الذي لا يفتأ يقارن ويصنف ويضع الدوائر حول الأخطاء التي يرتكبها الآخرون من حولك .

عقلك الذي أثبت علماء النفس بأن قدرته أخي الكريم : يقول علماء النفس بأن قدرة العقل البشري على اكتشاف السلبيات أعظم من قدرته على اكتشاف الإيجابيات ، لذا كان فمن الأهمية أن نجاهد أنفسنا ، ونبرمج عقولنا على اكتشاف ورؤية الأشياء الجيدة ، وإبراز الجانب الخير الكامن في نفوس الناس .يجب أن نجعل بداخلنا دائما شحنه من التشجيع والتقدير

وأن نثني على الجميل إن كان صغيرا ، وأن نعذر ونتغاضى عن الأخطاء ما استطعنا لذلك سبيلا ..

 

 

 

احترم وجهة النظر الأخرى

كثيرا ما نشتكي من أولئك الذين يسفهون آرائنا ، ونغضب بشدة من أن يصادر أحد حقنا في إبداء رأي أو تبني منهج أو وجهة نظر معينة . لكننا ـ كي نكون منصفين ـ نمارس نفس الخطأ مع الآخرين ، فما أن يهم أحد بمخالفتنا أو إبداء رأي مخالف لرأينا حتى ننتبه فجأة ونشحذ الهمم لدحضه وتسفيه رأيه .

إن إشكالية تبادل الرأي في مجتمعنا العربي سيئة للغاية ، وكثير ما نخسر أناس فقط لأنهم يؤمنون بعكس ما نؤمن به أو لأن تفكيرهم يتعارض مع تفكيرنا .

لقد قضت مشيئة الله تعالى خلق الناس بعقول ومدارك متباينة ، إلى جانب اختلاف الألسنة والتصورات والأفكار ، وكل تلك الأمور تفضي إلى تعدد الآراء والأحكام ، وتختلف باختلاف قائليها ، وإذا كان اختلاف ألسنتنا وألواننا ومظاهر خلقنا آية من آيات الله تعالى ، فإن اختلاف مداركنا وعقولنا وما تثمره تلك المدارك والعقول آية من آيات الله تعالى كذلك ، ودليل من أدلة قدرته البالغة ، وإن إعمار الكون وازدهار الوجود ، وقيام الحياة لا يتحقق أي منها لو أن البشر خلقوا سواسية في كل شيء ، وكل ميسر لما خلق له ( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) ( هود : 118 ـ 119) .

كان صلى الله عليه وسلم ينهى ويشده عن الاختلاف الذي يجر شقاق وخصام يقول صلى الله عليه وسلم (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم) (صحيح) انظر صحيح الجامع للألباني . ولقد حدث أن اختلف رجلان من الصحابة في آية وسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج في وجهه الغضب فقال : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب . رواه مسلم . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رجلا قرأ وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية فقال : كلاكما محسن فلا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا . قال الألباني (صحيح) انظر مشكاة المصابيح .

هذا النهي ليس نهيا عن اختلاف الآراء أو وجهات النظر ، كلا فرسول الله rكان اشد الناس حرصا على أن يقول كل شخص كلمته ، بل كان يستمع من أصحابه لآراء ربما كان فيها ما يخالف وجهة نظره ، وكان يؤكد r دائما أنه على استعداد للنزول على القول الحق فنراه يقول r : (لا أقسم على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني ) (صحيح) انظر صحيح الجامع.‌ .

بيد أن نهيه وتحذيره r من أن يكون خلافنا في الرأي مجلبة لشقاق في العلاقة وقسوة في القلب وإيغار في النفس .

نهيه r أن يكون خلافنا خلاف للنفس لا للحق ، وللهوى لا لله .

يقول صاحب الظلال رحمه الله : ( ليس الذي يثير النزاع هو اختلاف وجهات النظر ، انماإنما هو الهوى الذي يجعل كل صاحب وجهة نظر يصر عليها مهما تبين له وجه الحق في غيرها ، وإنما هو وضع الذات في كفه ، والحق في كفه ، وترجيح الذات على الحق ابتداء )

 

 

ففي غزوة بدر سبق النبي فى جيش مكة إلى موقع المعركة وما إن بدا يعكسر حتى أتاه الحُبَاب بن المنذر كخبير عسكرى وقال يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلًا أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه‏؟‏ أم هو الرأي والحرب والمكيدة‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏(‏بل هو الرأي والحرب والمكيدة‏)‏‏.‏

قال‏:‏ يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ـ قريش ـ فننزله ونغوّر ـ أي نُخَرِّب ـ ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضًا، فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏لقد أشرت بالرأي‏)‏‏.‏

 

فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى أتى أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من القلب‏.‏

هكذا كان رسول الله r ، وهكذا يجب أن نكون ، تقبل r الرأي الآخر ، ونزل عليه حينما تبين له أنه حق ، ولا يعيبه ذلك ، ولا يقلل من مقداره.

إن اختلاف وجهات النظر ، ظاهرة صحية ، ودليل على قوة المجتمع الذي يرحب به ، لأنها تغني العقل وتخصبه ، وتفتح له الزوايا ليرى الأمور من أبعادها المختلفة ، ويضيف إليه عقل ثان وثالث .

(5) أفشوا السلام بينكم

طريقة سهلة وميسرة

خمس كلمات تقولها تعود عليك بالفوائد الجمة ، فهي إرضاء لله ، وإتباع للرسول ، وجلب لمحبة الناس ، وإسعاد للروح ،و تدريب على التواضع .

يقول سيد خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم (إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض فأفشوا السلام بينكم ، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم ) ( صحيح )السلسة الصحية للألباني .

وقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) قال الشيخ الألباني : صحيح .. سنن أبي داوود .

فضلا عن كون إلقاء السلام سنة وفضيلة حثنا عليها رسول الله ، فإنها أيضا سببا لحب الناس ، ومجلبة لودهم ، فعلى كل من يسعى لكسب حب الناس ألا يغفل إلقاء السلام ، ولا اقصد أن تلقي السلام على من تعرف فهذا لا يحتاج لبسط مقال ، بل على من لا تعرفهم من الناس ، ولقد اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدم إلقاء السلام علامة من علامات يوم القيامة فقال عليه الصلاة والسلام (من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف) (صحيح) انظر صحيح الجامع للألباني .

فهي دلاله على سوء الخلق وقلة الإيمان .

.. ومن الأخطاء الشائعة في مجتمعاتنا تمسكنا ببعض الأمثال البالية التي لا تستند إلى أصل شرعي ولا عقلي ، بل تتضارب معهما ، من ذلك المثل القائل ( كتر السلام يقل المعرفة ) ، ولا ادري حقيقة أي ذهن هذا الذي تفتق وأخرج لنا ذلك المثل الذي يصطدم بنصوص شرعية ، وقواعد اجتماعية ذات قيمة وثقل ؟! .

إن رسول الله حثنا أن نلقي السلام إذا قطع سيرنا حائل ففرقنا لبرهة من الوقت يقول × : (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ) (صحيح) انظر صحيح الجامع للألباني.

ولقد بدا الرسول دعوته المدنية بثلاث فضائل كان منها إفشاء السلام ففي الحديث : ( كان أول شيء تكلم به أن قال يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) رواه بن ماجة وصححه الألباني . بهذه الخلال الثلاثة والتي منها إفشاء السلام وضع رسول الله لبناته الأولى لأعظم مجتمع في تاريخ الإنسانية .

كذلك فإن السلام هو تحية لأهل الجنة يقول تعالى عن لأهل الجنة :({تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44]، ويقول سبحانه وتعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً} [الواقعة:26]، وقال: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [إبراهيم:23].

مما سبق من الآيات والأحاديث يظهر جليا أهمية إلقاء السلام وإشاعته بين الناس ، ولكي تصل تحيتك إلى القلوب يجب ان تراعي ما يلي :

1. أن تلقيها وأنت باش مبتسم ، لا تقلها وكأنك تلقيها في الوجه كالحجر ، لتكن نابضة بمشاعر الود والحرارة القلبية الخالصة .

2. لا تقتضب في التحية ، قلها بهدوء ، وبأحرف واضحة .

3. لا تكتفي بهز الرأس أو الكتفين ، فقد يدلان على استهتارك ، وعدم تقديرك للشخص .

4. كما يجب أن تلتزم بهدي رسول الله في التسلسل ، فعن رسول الله انه قال : يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير . متفق عليه .

5. لا باس في أن تقول ( صباح الخير ، الله يعطيك العافية ، حياك الله ) بعد رد التحية الواردة عن رسول الله .

دفء المصافحة :

المصافحة إحدى الإشارات العالمية التي تدل على الترحيب ، فجل المجتمعات اليوم تقابل بعضها بعضا بأذرع ممدودة بالمصافحة .

وكثير منا لا يقدر هذا السلوك قدره ، بالرغم من أن التقاء الكفين ينبئ كل طرف بما يجول في قلب الطرف الآخر من مشاعر وأحاسيس !! .

فالمصافحة الحارة ، المليئة بالدفء والحب ، والمتبوعة بتمتمات تعبر عن الشوق والسعادة و تخبر الطرف الآخر انه يسكن في موضع مميز في القلب ، بعكس مصافحة مملة ، تُهز فيها الأيدي هزا فاترا كأرجوحة اصطدم بها طفل أثناء مروره !!.

فانتبه قارئ الهمام لمصافحتك ، وتأكد من أنها تنبض بأحاسيس ومشاعر إيجابية ، واحذر كل من :

 

المصافحة القوية الشديدة :

لقد صافحت أناس فكأني بهم يريدون تحطيم كفي ! ، هذه المصافحة تنقل للآخر مشاعر الكبر والفخر المبالغ فيه ، وتعمل عملها في صد الطرف الآخر ، ونفوره منك .

 

المصافحة الرخوة :

والتي هي اقرب بمصافحة النساء ، كثير من الناس يستاؤن منها ، ويفسرونها بتفسيرات كثيرة سلبية .

المصافحة الجافة :

منزوعة الحرارة ، والتي يشعر المرء من خلالها باللامبالاة والاستهتار .

لذا أنصحك صاحبي الهمام أن تكون مصافحتك فيها شيء من القوة المعتدلة ، وأن تحتوي على كف الطرف الآخر بلا رخاوة أو شدة ، ولتكن حريصا أن تبث في كفك شحنة من الحب والدفء والحرارة ، وزين كل هذا بابتسامة مشرقة ، وشفتين تتمتمان بعبارات الحب والترحيب .

غرائب :

في عهد يوليس قيصر كان الصديق حين يلتقي بصديقه ، يمد ذراعيه ويقبل نحوه ، ويفعل الصديق المثل ، حتى إذا اقتربا أحدهما من الآخر ، امسك كل منهما بساعدي زميله .

لا لم تكن العاطفة الجياشة وراء هذا السلوك ، بل كان السبب الأكبر للشك والتوجس المتوارثين من عهد الكهوف والمغاور ، ومن ثم كان إمساك الصديق بساعدي صديقه على سبيل التأكد من أنه لن يهاجمه غدرا وغيلة !!!! .

 

 

(6) احذر فخ ( الأنا) !!!

الكبر لا تخطئه عين ، والمتكبر معروف بين الناس ، الكل يعلمه وربما كان هو المخدوع الوحيد .

المتكبر

يحترف بناء الجدران العازلة التي تجعل بينه وبين الناس أمدا طويلا ، فهو بمعزل عن الصحبة الطيبة والنصيحة الخالصة والمحبة الصافية ، ولقد عرف رسول الله الكبر فقال (الكبر من بطر الحق وغمط الناس ) قال الألباني صحيح أنظر سنن أبي داوود . إذن فالمتكبر هو امرؤ لا يقبل الحق ، ويتكبر على من هم دونه .

والمتواضع

شخص عالي المكانة ، طيب المعشر ، بسيط في تعامله ، هادئ في تناوله للأشياء ، يقبل النقد ، بل ويساعدك على نقده ، فتراه يبني أسوار من التواصل ، ويمهد لك الطريق للوصل إلى قلبه . فهو رجل يقبل الحق بغض النظر عمن قاله ، ويرى نفسه اقل من الناس ، و يؤمن بأن أكرم البشر اتقاهم لله ، ورب ضعيف مسكين هو عند الله أعلى وأعظم من ملك أو وزير .

والله سبحانه وتعالي يوفق أصحاب النفوس المتواضعة ، يقول رسول الله r (ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته وإذا تكبر قيل للملك دع حكمته ) (حسن) أنظر صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني . فالله سبحانه وتعالى هو الذي يرفع ويضع ، وإن ظن المتكبر عكس ذلك وتوهمه . يقول رسول الله r (ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) صحيح .. صحيح وضعيف الجامع الصغير .

يقول الإمام علي بن أبي طالب :

 

حقيقٌ بالتواضعِ من يَموتُ ويكفي المرءَ من دُنْياهُ قوتُ

فيا هذا سترحلُ عن قريبٍ إِلى قومٍ كلامُهمُ سكوتُ

إنك أخي الحبيب لن تكسب قلب ، ولن تهنأ بصديق ، أو صاحب ، مالم تتواضع وتخفض جناحك لإخوانك .

فالله سبحانه وتعالى لا يحب المختال الفخور ، ويقذف في قلوب عبادة عدم الميل إليه حتى يدع ما به من كبر وتغطرس ، يقول سبحانه وتعالى على لسان لقمان لبنيه ({ولا تمش في الأرض مرحا) ويفسرها قتادة بقوله (قال: لا تمش فخرا وكبرا، فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال، ولا أن تخرق الأرض بفخرك وكبرك) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي. وأخرج ابن أبي الدنيا، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رأى رجلا يخطر في مشيه فقال: إن للشيطان إخوانا .

فحري بالمؤمن أن يتواضع و أن يخفض جناح الرحمة للناس .

الكِبر تبغضُهُ الكرامُ وكل من يبدي تواضعَهُ يَحبَّ ويحمَدُ

خيرُ الدقيقِ من المناخلِ نازلٌ وأخسُّهُ وهي النخالةُ تصعدُ

لقد عرف ربنا جل وعلا صحابة نبيه الكرام بأنهم رحماء بينهم فقال سبحانه (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ) (29) الفتح . ويقول النبي r(الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . السلسلة الصحيحة للألباني .ويقول أيضًا r ('إنما يرحم الله من عباده الرحماء) صحيح ( صحيح الجامع للألباني) .

الرحمة هي نبض العلاقات الإنسانية ، والوريد الذي يغذي البشرية بأنبل معانيها .

وهل قست الحياة علينا إلا بعد أن ر

ahmedasmey

ahmed asmey

  • Currently 34/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 243 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2011 بواسطة ahmedasmey

ساحة النقاش

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,045