نَصِيحَةُ مُرَبّ

التربية : تكريس شعور أو قيمة . [ حامد عبد الحميد ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ،هو الخالق البارئ المصور ، لا شريك له ،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ؛ أما بعد :
إن مسألة التصوير من المسائل المتنازع فيها عند أهل العلم لا في حرمته لاكن في التنزيل على أفراد المسألة (!)
تنبيه : إن اللفظ الوارد في التحريم عام ، ومن يخصص يأتي بدليل .
فمن أخرج ما لا ظلّ له ، أو ما كان ممتهنًا ، أو غير المرقوم باليد والنحت ، أو الفوتغرافية والفيديو ... الخ يحتاج إلي دليل على هذا التخصيص ، وأغلب من جوز هذه الصور فبمفهومه لألفاظ الأحاديث لا بنص !

وهم مجتهدون بين أجر وأجرين ..
والعبرة ليست بشخوص العلماء ، إنما بالدليل ؛ فينظر إلى دليلهم واستدلالاتهم بهذه الأدلة على وفق القواعد العلمية المعتبرة .
وتخطئة العالم لا يلزم منها الحط من قدره ..
ويعذر العالم في زلته ، ولا يتابع عليها ، ويُدْعَى له بالتوفيق حيًّا وبالرحمة حيًّا وميّتًا .
ونحن نسير على دَرْبِهم ونستعينُ بفمهم للأدلَةِ ، ونختارُ الأقربَ لها .

ومع ظهورِ التصوير الفوتوغرافي والفيديو ، وتجويزِ بعض أهل العلم له - من باب الضرورة ! أو المصلحة .. الخ - حصل ( تساهل ) كبير في هذا الباب عند العامة والخاصة ..
وما قصد واحد من أهل العلم المجوزيين - ممن يُتَمَسَّكُ بكلامهم ! راجعه هنا - هذا الانفتاح ، والتساهل !
صور المشايخ تجاوزت المصلحة والحاجة والضرورة -المزعومة - فهي منتشرة على صفحاتهم في مواقع التواصل (اللا)اجتماعي ، ومواقعهم ، وغيرها ...
فالأمر كأنه نُسِيَ أصلُهُ ، وكيف ، ولماذا خُرِجَ منه !!
وإنا لله وإنا إليه راجعون

أقولُ مستعينًا بالله :
إنه من المسائل المترتبة على حرمةِ التصويرِ : ( دخول الملائكة في البيت الذي فيه صورة محرّمة )
فقد جاء في الصحيحين عن أبي طلحة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلاَ صُورَةٌ تَمَاثِيلُ )

وعند مسلم عن عائشةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ( إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ ) .

ومن هذين الحديثين يعلم أن ملائكة الرحمة والاستغفار - كما ذكره النووي في شرح حديث أبي طلحة وابن الأثير في النهاية - لا تدخل بيتًا فيه صورة - هكذا بالعموم ! - ، ومن خصص دخولهم لبيت فيه صورة - مخصصة - أو العكس يحتاج دليل (!!)
ومن الصور الخارجة عن هذا العموم ( عرائس البنات )
كما جاء في الحديث في الصحيحين عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : ( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ...الحديث ) رواه البخاري ومسلم .
و(البنات) أي : العرائس .


قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات وَاللُّعَب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَاتبِهِنَّ , وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر , وَبِهِ جَزَمَ عِيَاض وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُور , وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْع اللُّعَبلِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرهنَّ عَلَى أَمْر بُيُوتهنَّ وَأَوْلادهنَّ وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان : الإِبَاحَةُ لِصِغَارِ النِّسَاء اللَّعِب باللُّعَب ...."

وإذا كان الاتفاق على حرمة كل صورة لعموم الأحاديث الواردة في ذلك ، وأن الملائكة لا تدخل بيتا في كلب أو صورة ..
فما الدليل على جواز دخولهم في بيت فيه صورة - لضرورة - أو كلب - لحاجة - والأحاديث عامة وليس دليل على هذا التخصيص ؟!

ونعلم أن " الضرورات تبيح المحظورات " ، فهذا في الإثم من عدمه ، فالمرء لا يأثم إذا فعل المحرّم مضطرا ، ولا يتعلق هذا بوجود الملائكة من عدمه (!) ، فهذا شيء ، وهذا شيء آخر !! والله
أعلم .

فمن قال : ( يجوز اقتناء كلب الحراسة بالمنزل ، وهذا لا يمنع دخول الملائكة ، لأن الحاجة دعت لذلك فلا إثم على المقتني ، وما دام الإثم مرفوع ، فلا مانع من دخول الملائكة ... وكذك الإمر في الصور التي تقتنى للضرورة )
نقول له :

1- ما الدليل على هذا التخصيص .. فلا يوجد دليل .
2- المقدمة - وهي عدم الإثم - لا علاقة لها بالنتيجة - وهي جواز دخول الملائكة - .

3- أن عدم دخول الملائكة أمر متعلق بالصورة والمكان ، لا بطاعة أو عصيان صاحب المكان !
كما جاء عن أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع جبريل - عليه السلام - من دخول بيته حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كان امتناعه بسبب وجود جروكلب تحت السرير ..
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعلم بوجوده ، ومع ذلك لم يدخل جبريل - عليه السلام - البيت !

وهذا الكلام موجه لمن سلّم بحرمة كل صورة ويقتنيها بدعوى الضرورة أو الحاجة (!!)
وأمّا من رأى عدم حرمة صورة معينة فليس داخلٌ معنا في الكلام ، فهذا يحتاج إلى ما تقدم من بيان حرمة التصوير وأنه يشمل كل صورة .

فعود حميد إلى الأصل المَنْسِيّ ، خير من التمادي في مسوغاتٍ بان عوارها ، ولمسنا نتائجها ( الحلوة ظاهرًا ) (المُرَّةَ حقيقة ) ..
لا مزيد من ( التساهل ) ، ولنتذكر - إن نُسِّينا - أن الأمر من الكبائر ، ونتيجته على البيوت منع دخول ( الملائكة ) ..

 فأقول وبالله التوفيق : الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة محرمة إلا ما كان لضرورة ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم باقتنائه الدراهم والدنانير وإقراره عليها ...فإن الدراهم والدنانير التي كانت على عهد النبوة والصحابة هي دراهم فارس والروم، ومعلوم أنها كانت لا تخلو من صور ملوكهم، كما قال ابن القيم في "الإعلام":

.. وكإِقرارهم على لبس ما نسجه الكفار من الثياب وعلى إِنفاق ما ضربوه من الدراهم، وربما كان عليها صورُ مُلوكِهم، ولم يَضربْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤُه مدةَ حياتِهم دينارا ولا درهما وإنما كانوا يتعاملون بضَرْبِ الكفار. اهـ.

 

 

اللهم احفظ بيوتنا وبيوت المسلمين ، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ، واغفر لنا إن نسينا أو أخطأنا إنك أنت أنت الغفار ..

ahmedalazhry

أبو صفيّ أحمد راغب البرمشتي [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 99 مشاهدة
نشرت فى 29 يناير 2016 بواسطة ahmedalazhry

ساحة النقاش

دار حراء

ahmedalazhry
رسالتنا : أن نكون مرجعية استشارية وبيئة تعليمية تربوية في الوطن العربي والإسلامي ، ومساهمين في تحسين ورفع كفاءة المؤسسات التعليمية الأخرى ... »

عدد زيارات الموقع

24,959

تسجيل الدخول

ابحث

احذر الجاهل كما تحذر العاقل ..

نَصح أحدُ السلَف ولدَه-قائلاً-:(اِحذر الجاهلَ-وإن كان لك ناصحاً-كما تحذرُ العاقلَ إذا كان لك عدوّاً-؛فيوشك الجاهلُ أن يورِّطك بمشورته-في بعض اغترارك-؛فيسبق إليك مكرُ العاقل...)..