احمد عبد المقصود

when i want see u i look to the moon

 عقب اشتعال معركة الرسوم الدانماركية المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام في يناير 2006، نجحت مجموعات كبيرة من نشطاء الإنترنت في توحيد جهودها لشن حملة مقاطعة عربية وإسلامية ضخمة على الشركات الدانماركية أدت لخسارة هذه الشركات تجارتها مع الدول العربية من منتجات الألبان، وغلق مصانع نتيجة هذه المقاطعة. وعندما نشرت عدة صحف أوروبية وأمريكية استطلاعات رأي خبيثة تسأل فيها قراءها بوضوح إذا ما كانوا يرون أن على هذه الصحف أن تعيد نشر الرسوم المسيئة مرة أخرى، وبدأت الكفة تميل في البداية لصالح من يوافقون على إعادة نشر الرسوم، سارع العديد من النشطاء والمجموعات البريدية بحملات رصد وتحريض ضخمة على الإنترنت للمسلمين للدخول على مواقع هذه الصحف للتصويت، فانقلب التصويت تمامًا في عدة مواقع صحفية لصالح رفض النشر. تجاهل فرضوخ وفي فبراير الماضي 2006 نشر "جوجل" على موقعه على الإنترنت إعلانًا لشركة سيارات ألمانية شهيرة يصور شخصًا عربيًّا يلبس الكوفية الفلسطينية ويركب سيارة الشركة لينفذ بها عملية إرهابية ضد تجمع من الأطفال والنساء، فتنفجر السيارة من الداخل فقط ويموت الإرهابي وتظل السيارة سليمة، وعندما احتج قراء عرب على هذا الإعلان السيئ تجاهلتهم إدارة الموقع!. ولكن عندما شدّد عدد من نشطاء الإنترنت العرب والمسلمين حملتهم على الموقع، وأبلغوا إدارة الموقع أنهم سيقومون بحملة ضده وضد شركة السيارات الألمانية، وهددوا بوضوح بتحويل هذه الحملة إلى حملة مقاطعة شعبية عربية وإسلامية على غرار ما جرى للمنتجات الدانماركية، رضخت إدارة الموقع والشركة وأوقفوا الإعلان في اليوم الثاني مباشرة. وفي إبريل 2006، نشر موقع إلكتروني متخصص في مكافحة الحملات الإلكترونية حملة ضد فضائيات عربية للغناء متهمة بترويج العري والفحش والإباحية، ونشر قائمة سوداء بهذه الفضائيات ومن يروجون لهذا العري من المطربين أو المنتجين أو أصحاب المحطات الفضائية، ودفع هذا بعض المسئولين في مواقع للتواصل مع هذا الموقع ونفي أنهم يشجعون أغاني العري والإباحية، وطلب رفع اسمهم من القائمة السوداء، فيما انبرى مسئولو محطات فضائية أخرى لتبرئة أنفسهم من هذه التهمة، وتأكيد أنهم لا يبثون سوى الأغاني المحترمة. مقومات النجاح والحقيقة أن تجارب الحملات الإلكترونية تشير بوضوح إلى أن نجاح أي معادلة للضغط الإلكتروني وجعل الحملات تنجح، يعتمد أكثر على 3 عناصر مهمة هي: (الأول): هو الإصرار والإلحاح، بمعنى مواصلة الحملة دون يأس، ومواصلة الاتصال المباشر بمن تستهدف الحملة التأثير عليهم، سواء كانوا أصحاب محطات فضائية أو رؤساء شركات إعلانية أو منتجين أو غيرهم. (الثاني): هو التواصل بين نشطاء الإنترنت ووسائل الإعلام والصحافة التي تقوم في هذه الحالة بدور الموصل بين هذه الحملات والجمهور الأعرض والأكبر غير المهتم بالإنترنت، بمعنى نقل الحملة من شاشة الكمبيوتر إلى صفحات الصحف والمجلات، وبالتالي إلقاء الضوء عليها بصورة كبرى. (الثالث): قدرتها على توصيل احتجاجاتها أو أفكارها للمسئولين. ويضاف لهذا عنصررابع مهم، هو المبادرة بشكر من يتجاوب مع الحملات، وليس فقط مهاجمته في البداية، كي يشعر بأهمية الأمر ومدى قوة الطرف الآخر، ويدفعه هذا مستقبلا لمراعاة مشاعر هؤلاء الرافضين. وتشير تجارب عديدة للحملات الإلكترونية منذ حملات مقاطعة السلع الأمريكية على خلفية الانتفاضة الفلسطينية ثم غزو العراق، وحتى حملات مكافحة العري أو التصدي للإساءة الدانماركية وغيرها، إلى أن هذه الحملات نجحت؛ لأن القائمين عليها تميزوا بالصبر والإصرار الشديد أو "الزن" المستمر والثبات على الموقف لإجهاض خطط الخصوم في اللعب على وتر الإرهاق أو الزهق الذي سيصيب القائمين على الحملات بعد فترة. والأهم أنهم تواصلوا مع وسائل الإعلام المختلفة وبعثوا بأخبار حملاتهم إلى الصحف ووسائل الإعلام المختلفة بحيث شكلوا معا فريق عمل يقوم من خلاله النشطاء بقيادة الحملات، وتقوم الصحف ووسائل الإعلام بإلقاء الضوء على هذه الحملات والتعريف بها على نطاق واسع. أيضا هذه الحملات -التي تقوم على جهد عدد قليل من الأفراد- ينبغي ألا تقاس بمدى نجاحها أو عدد المشاركين فيها، ولكن بقدرتها على توصيل الاحتجاج إلى المسئولين والتعبير عن الجماهير وحقوقها وحرياتها. وبالتالي فجوهر نجاح الحملات الإلكترونية في الاستمرار والإصرار من مديريها وعدم اليأس من تحقيق إنجاز أو أثر أو توصيل الاحتجاج؛ ففي الكثير من الحملات التي قام بها بعض النشطاء خمد الاهتمام وفتر حماس القائمين عليها بعد فترة فانتهت الحملة إلى لا شيء، وعلى العكس نجحت ناشطة مثل إيمان بدوي أكثر من مرة في تغيير مواقف شركات محلية ودولية نتيجة إصرارها على المتابعة. وفي كثير من الأحيان كنت أشفق على القائمين على بعض الحملات وأهمل متابعتها خصوصا لو كانت حملات صعبة التحقق، وأستغرب عدم يأس أصحابها وإصرارهم على إرسال تفاصيل حملاتهم الإلكترونية لي على بريدي حتى يمتلئ، ولكن فجأة تبدأ ثمار هذا الإصرار في الظهور وتبدأ خطوات النجاح. صبر وإصرار وكمثال على الصبر، ظلت الناشطة "إيمان بدوي" تتفاوض مع إدارة موقع جوجل بشأن إعلان السيارة المسيء قرابة 3 أسابيع دون جدوى، وعندما استمر نشر الإعلان، عادت الناشطة لترسل "رسالة أخيرة" مستفيدة من زخم حملات المقاطعة ضد الإساءة الدانماركية تقول فيها: "حسنًا.. مر 24 يومًا وأرى أنكم لا تبالون بالموضوع.. لقد أرسلت لكم أطالب بأقل شيء وهو تغيير هذا العنوان القبيح ولم أتلق أي رد...!!! حسنًا... كما تعلمون فهناك حملة ضخمة للغاية هذه الأيام على مستوى العالم العربي والإسلامي ضد الصحيفة (يولاندز بوستن التي نشرت رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول) والحكومة الدانماركية.. أعتقد أنني سأنتهز هذه الفرصة وهؤلاء الناس في قمة الغضب فعلا وأرى ما يمكن عمله معكم.. شكرا على عدم ردكم وعدم اهتمامكم، ولكن لا تقولوا إنني لم أحذركم". ولم تكتفِ بهذا، وإنما وضعت لهم، لتأكيد مصداقية التهديد، رابطة عريضة بالتوقيعات ضد الدانمارك يتم فيه جمع التوقيعات بشكل كبير للغاية "لأريهم فقط ماذا يمكننا عمله"، فجاء الرد بسرعة هذه المرة بالاستجابة. وهنا جاءت فكرة الشكر، بإرسال رسائل شكر لموقع جوجل على هذا الموقف، خاصة أن له (جوجل) موقفا آخر يحسب له وهو رفضه طلب الحكومة الأمريكية التجسس على زائريه ومتابعة من يدخلون ويبحثون عن أشياء محددة. وسبق أن نجح نشطاء الإنترنت في وقف بعض الإعلانات التلفزيونية الخليعة في المنطقة العربية للإعلان عن سلع ومشروبات، بعدما شنوا حملة رسائل بريدية لمسئولي هذه الشركات يهددونها بمقاطعة منتجاتها؛ وهو ما اضطر أصحاب هذه السلع لوقف هذه الإعلانات. وهناك أيضا أمثلة عديدة أخرى لحملات قامت بها مجموعة "قلوب في واحد" أو هارتس أون وان التي تشرف عليها "فريدة فراولة"، ومجموعة "حوار" التي يشرف عليها "أحمد مخيمر"، أبرزها حملات مقاطعة شركة التليفونات المصرية الأرضية بسبب رفع أسعار فاتورة التليفونات، ونجحت هذه الحملات في إجبار الشركة على مراجعة خطط رفع الأسعار، عندما انتقل الأمر من حيز الإنترنت إلى الإعلام والفضائيات وعقدت ندوات عديدة للجمهور. وطبيعي أن التجاوب يكون أكبر في حالة مس هذه الحملات لأمور تهم غالبية فئات الشعب واحتياجاته الضرورية أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا. ضد الرقابة! بل إن هناك تجربة طريفة للفنان خالد الصاوي في منع الرقابة على المصنفات الفنية من حظر بعض أعماله المسرحية لأنها تمس مساحات سياسية جريئة، وذلك عن طريق الانضمام للمجموعات البريدية وتفعيل حملات محددة كان أهمها حملة المساندة لمسرحيته الجريئة "اللعب في الدماغ" والتي قدمها في مطلع عام 2004 على مسرح الهناجر، وكان يتوقع تعرضها لمقص الرقيب لولا وقوف الجماهير ومساندتهم لهذا العرض؛ إذ نجح النشر الإلكتروني والمساندة للمسرحية في الترويج لها على نطاق واسع وخلق شعبية كبيرة لها، ولفت أنظار الجمهور لها لحضورها بشكل مكثف. والحقيقة أنني عندما فكرت في بداية انتشار هذه الحملات الإلكترونية منذ بداية هذا القرن الجديد عام 2000، لاحظت أن القائمين عليها نشطون للغاية، ففكرت في اختراع مصطلح يجمع بين النشاط والإنترنت، وكان اسم "نشطاء الانتفاضة" منتشرا في ذلك الحين، ففكرت في إطلاق مصطلح "نشطاء الإنترنت" عليهم؛ لأن نشاطهم بالفعل غير عادي وربما يشجع على حريته أن الإنترنت نشاط جديد واسع وحر يسمح بحرية التعبير. وقد أصبح المصطلح شائعا الآن في الصحافة العربية والأجنبية وهناك اهتمام به من قبل باحثين غربيين التقيت بهم للحديث عن هؤلاء "النشطاء"، والمقصود بهم الشباب العربي العادي الذي يستغل الإنترنت في التعبير عن نفسه كحزب سياسي، أو تثقيف باقي الشباب عبر نقل موضوعات وتقارير وتحليلات أو معلومات، أو مطالبتهم بنصرة قضية عربية ما في الغرب عبر التصويت الإلكتروني، وهكذا. وأهمية هؤلاء النشطاء أنهم يتحدثون عبر الإنترنت بحرية دون قيود بحيث باتوا يشكلون أحزابا عربية على الإنترنت أكثر جرأة في طرح الأفكار والانتقادات والاقتراحات. نتائج وثمار وتبقى الإشارة إلى رصد أهم هذه النتائج وردود الأفعال المترتبة على انتشار هذا المصطلح على النحو التالي: - أصبحت الصحف التي بدأت رصد هذه الظاهرة، أشبه بوسيلة اتصال بين هؤلاء النشطاء والصحافة العربية لنقل أفكارهم الإلكترونية إلى الصحافة المطبوعة؛ وهو ما فعّل وقوّى دورهم على الإنترنت وخلق رابطة بين العمل الإلكتروني والصحافة المطبوعة، بل وأصبحت هناك لاحقا صحافة إلكترونية. - أدى نشر عدد من أفكار وخطط هؤلاء النشطاء لنتائج إيجابية، وعلى سبيل المثال أدت دعوات النشطاء في إحدى المرات لمقاطعة سلع وبضائع شركات تنشر الرقص والخلاعة في إعلانات التلفزيون الخاصة بها لقيام هذه الشركات بمنع نشر هذه الإعلانات الخليعة (مثال: إعلان عصائر إيزي موزو في مصر)، وقيام رئيس الشركة بالكتابة إلى هؤلاء النشطاء بأنه أوقف الإعلان. كما أدت حملات المقاطعة عبر الإنترنت لمحال الأغذية السريعة مثل ماكدونالدز وغيرها لتوضيح هذه الشركات -في حملات إعلانية ضخمة- أنها شركات وطنية ولكنها تأخذ فقط الاسم الأجنبي وتقدم منتجات من السوق الوطنية؛ وهو ما ساهم في تقبل المجتمع لها تدريجيا، كما سعت هذه الشركات للمساهمة في مشاريع خيرية لتبرئة نفسها. - أصبح من المعتاد أخذ رأي نشطاء الإنترنت -الذين قد يكونون أحزابا سياسية محظورة أو قوى اجتماعية لا تجد فرصة للتعبير عن نفسها بحرية- في العديد من القضايا العربية، وباتوا رقما في معادلة الرأي العام المصري وجزءا من المجتمع المدني. - اهتمت مراكز أبحاث عربية وأجنبية بفكرة النشطاء، والتقت مع باحثين أجانب مهتمين بها، كما أصبح النشطاء يصنفون في مرتبة "المجتمع المدني الحديث" كأشكال جديدة له. هذه هى بصماتهم فأين بصماتنا

المصدر: نت
ahmed20101880

when i want see u i look to the moon

  • Currently 56/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 99 مشاهدة
نشرت فى 31 مارس 2010 بواسطة ahmed20101880

احمد عبدالمقصود

ahmed20101880
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

96,007