الشّاعر
يمشي ..
مهيباً ومُتوّجاً
بإكليل الغار .
إنّهُ هُوَ..
حَبيبُ الْمَرايا
والْهُموم ..
ويَدّعيهِ الحِبْر.
هُدْهُدٌ خَجولٌ
في غُرْبة الأُمَمِ.
لا يخْلو مِن
حَديقَةٍ أوْ شُبّاك.
لا ينْزِلُ
عَنْ مِئْذنَةٍ وَلا
يُبارِح ُبرْجَ كَنيسَة.
لَمْ توجَدْ فَسيلَةٌ في
الْبالِ لَمْ يسْقِها..
مُنْحازٌ لِلماءِ
أبَداً مِثْل مَرْجٍ
وما فَتِئ يرْسِفُ
في الّليْل ..
حَتّى يجْلب
لِلأعْتابِ الشّموس.
اَلْحَدائِقُ تَقولُ
إنّهُ مَطَرُنا ..
أنا أخْشى سِحْرَه
النّهارِيَّ ولا
أسْتَطيعُ الاقْتِرابَ
مِنهُ أكْثَر.
رَمادُ تَعاويذِهِ
مَوْصوفٌ لِلأحْقادِ
ويُشْفي دونَ بَسْمَلة.
مَن غيْرُهُ يُزْهِرُ
في يدَيْه الياسَمينُ ؟
حَيْثُما حَلّ يَكونُ
الْهُدوءُ وسيماً
أكْثَرَ كَالإغْراء
ولَدى مُرورِهِ
تنْدى الطُّرقاتُ..
زُهورُ الأكاسْيا
تبْدو ذَهبِيّةً أكْثَرَ
والسّفَرْجَلُ ..
يتَكاثَفُ لِيَمْنَحَهُ
كِفايَةَ الظِّل.
إنّه طِفْلٌ بيْن
الفَراشاتِ ونَهْرٌ
في حضْنِ الغابةِ.
شيْخٌ في القُرى
حَكيمٌ في الْمُدنِ
وشائِعٌ بيْنَ
الّناسِ كالْفَضائلِ .
يَعْتِبُ عَلى الْجوعِ
والظُّلْم مِثْل نَبِي
وإذْ يُنْذِرُ هَمّاً
أوْ هَوْلاً يُدَمْدِمُ
كَانْهِيارِ الصّخور.
هُوَ الْبَدَوِيُّ ..
في كُلّ حال.
مهْما كانَتِ
العَواصِفُ لنْ
تَنالَ مِن ريشِهِ.
ومَهْما كانَ
الرّصاصُ شرِساً
لَن تحْتلّه الجُنود .
تَحْلُمُ بِوَجْههِ
كلُّ النّوارِس..
كُلّ الوُعولِ
وفَراشاتِ الغاب.
مِنْ كفّيه يحْثو
الياسمين أريجه
ومِن عَيْنيْهِ يَمْتَحُ
زهْوَه النّارنْج .
إنّه البحر ..
و في أحشائِه
الحبّ كامِنٌ .
مَنْ يَحْنو
علَيْنا غيْرُهُ في
هذا الغُبار ؟
محمد الزهراوي
ابو نوفل