دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ:
قالَ تعالى (المنافقونُ والمنافقاتُ بعضُهم مِنْ بعضٍ يأمُرونَ بالمُنكَرِ ويَنْهَونَ عنِ المعروفِ ويَقْبضونَ أيديَهم نَسُوا اللهَ فَنَسيَهم إنَّ المنافقينَ همُ الفاسقونَ) التوبة67.
وقالَ تعالى (والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعضٍ يأمرونَ بالمعروفِ ويَنْهَونَ عنِ المُنكرِ ويُقيمونَ الصّلاةَ ويؤتونَ الزّكاةَ ويُطيعونَ اللهَ ورسولَهُ أولئكَ سيرحمُهُمُ اللهُ إنَّ اللهَ عزيزٌ حكيمٌ) التوبة 71.
يخبرُنا الله تعالى عن صفاتِ المنافقينَ والمنافقاتِ بأنّهم يأمرونَ النّاسَ بالكفرِ والفسوقِ والعصيانِ ويَنْهَونَهم عنِ العباداتِ والطّاعاتِ ومكارمِ الأخلاقِ ولا يُنفقونَ أموالَهم في أبوابِ الخيرِ واتّخَذوا اللهَ تعالى وراءَهم ظِهْريًّا فَوَصَمَهمُ اللهُ بالفِسْقِ في أعمالِهم وأقوالِهم. ويخبرُنا تعالى عن صفاتِ المؤمنينَ والمؤمناتِ بأنّهم يأمرونَ بالمعروفِ منَ الأقوالِ والأعمالِ ويَنهونَ عنِ المنكرِ منهما ويأتونَ ما أُمِروا بهِ من العباداتِ والطّاعات فأولئكَ سيدخِلُهمُ اللهُ في رحمتِهِ فهوَ العزيزُ الّذي لا يُغْلبُ الحكيمُ في تصريفِ الأمور. ولكنّنا عندَ التّمَعُّنِ في الآيتينِ أعلاهُ نجدُ أنَّهُ تعالى قالَ عنِ المنافقينَ والمنافقاتِ (بعضُهم مِنْ بعضٍ) وقالَ عنِ المؤمنينَ والمؤمناتِ (بعضُهم أولياءُ بعضٍ) فما السّرُّ في ذلكَ؟!!
والجوابُ عنهُ أنَّ المنافقينَ والمنافقاتِ بعضُهم من بعضٍ في التّشابهِ بالصّفاتِ القبيحةِ منَ الكفرِ والفسوقِ والعصيانِ لا يجمعُهم إلّا ذلكَ قالَ تعالى (تحسَبُهم جميعًا وقلوبُهم شتّى ) الحشر 14 فتراهم يتبرّأُ بعضُهم مِنْ بعضٍ في أوقاتِ الشّدّةِ والمِحَنِ فلا يتوَلّى بعضُهم بعضًا ولهذا قالَ عنهم (بعضُهم من بعضٍ) . وأمّا المؤمنونُ والمؤمناتُ فيَتَوَلّى بعضُهم بعضًا أيْ يتعاونونَ ويتحالفونَ ويناصرُ بعضُهم بعضًا في الدّفاعِ عنِ الأسلامِ والأمرِ بالمعروفِ وإزالةِ المنكراتِ ومساعدةِ الفقراءِ والمحتاجينَ منهم بتقديمِ زكاةِ أموالِهم إليهم وغيرِها من أعمالِ البِرِّ والطّاعةِ في جميعِ الظّروفِ منَ الرّخاءِ والشّدّةِ ولهذا قالَ تعالى عنهم (بعضُهم أولياءُ بعضٍ) . فانظرْالى الدّقةِ في استخدامِ الألفاظِ منَ الّذي لا يعزبُ عنهُ مثقالُ ذرّةٍ في الأرضِ ولا في السّماءِ وقلْ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلْما .
المهندس خليل الدّولة
29/9/2017