قصيدة بعنوان/ من أي شيء تشتكي؟ :
يا أَيّهـَـا الشيء المُبَعثر كالفَـلَكْ
لا تَنْتَظِر مِـنْ أيّ أَحـَـدٍ يَجْمَعَكْ
قُم وَاحْتَضِن تَحْتَ المَآقِي أَدْمُعَكْ
وَاطْـفِئ فَـمَـكْ..
وَاشـْعِلْ بِحـَزْمٍ همتكْ ... إنّ السَمِيعَ سـَيَسْمَعَكْ
إِنْ قُـلْتَ "رَبّي" بَاكِيَـاً ... سَـيُجِيبُهَا إنّي مَـعـَكْ
مـِـنْ أَيّ شَيءٍ تَشْــتَكِي ؟
مِمّا مَضَىٰ ؟... مِمّا تَلاشَىٰ وَانتَهَىٰ ؟
مِــنْ أَيّ شيءٍ تَشْــتَكِي ؟
مِـنْ خَـائِنٍ لَبِسَ النِفَاقَ لِيَخْـدَعَكْ
أَمْ مِنْ حَسُودٍ جَاحِد لَنْ يَنْتَقِصَكَ وَلَنْ يَكُونَ لِيَرفَعَكْ
أَمْ مِنْ غُمُوضٍ قَادِمٍ شَيّدتهُ خلف الستار لِيُفزِعَكْ
مِــنْ أَيّ شَيءٍ تَشـْـتَكِي ؟
وَخُـلِقتَ إِنْسَـاناً وَلَـمْ تُخـْلَقْ حـجرْ .....!!
مَاذا إِذَا مَا كُنتَ عَدَماً أو نَبَـاتاً أو شَجَرْ
لو كنت حجراً لارتميت مقهقرا
أو صَاغُوا مِنْكَ بَلاطِهِمْ .. يَمْشُونَ فَوقَكَ خُمّرا
لَو كُنتَ عَـدَماً ؛ مَا خـُلقت وَلَمْ تَكُنْ مـُسْتَشْعِرَا
لو كُنْتَ شجراً ؛ لَرَمُوكَ وَكَسّرُوكَ وَأَضرَمُوكَ مُكسراً
أَوَلَيْسَ خَـلقُكَ وَوجـُودُكَ نِعـمَةً ؟
لِـمَ لا تَرَىٰ مـَا تَمـْتـَلِكْ؟
الكـَأسُ نِصفٌ مُمتَلِيءْ ... وَتَرَاهُ نِصفـاً فَارِغـَاً
إِنْ لـَمْ تَكـُنْ مـُتفـائِلاً ... إِنّ الفـَرَاغَ سَـيَقتُلكْ
مِــنْ أَيّ شَيءٍ تَشْــتَكِي ؟
أُعْـطِيتَ نِعـَمـَاً جَـمّةً...
سَـمْـعَـا وَبَصَـرَاً وَجَـمَالاً وَخـَيالاً وشـعوراً
وَلِسَــانـَاً وَمَـذاقاً وَكـَلاماً وَشـَهيقا وزفـيرا
وكـثيرا ً.. وكـثيراً .. وكـثيراً .........
فـَانـْطِـق لِمَــاذَا عـَمَـيتـَهَـا ؟
وَبَصـرتَ شَــيئَـاً غَــائِبـاً
لَو نِلتَـه لا لَنْ يكـون لـِيَـنـفَـعَـكْ
تَنسَـاقُ خـَلْفَ وَشـَائِجٍ وَالمُـوتُ خَـلفَكَ يَتبَعكْ
مـا أحـمقكْ ... مـا أجـهلكْ
مَا لِي أَراكَ مُلئتَ طـَمَـعـاً فِي قَـلِيلٍ ليسَ لكْ
لا تَشتَكِي شـَوكَ المَذَلّةِ وَالوَجَـعْ ..
إنْ كُنْتَ تَغرِسَـهُ بُذُوراً مـِنْ طَـمَعْ ..
فَالطَمَعُ في طـَلَبِ الكَـمَالِ سَـيُوجِعَكْ
لَنْ يُشْبِعَكْ...
إلا قَلِيلٌ مـن تُرابٍ في التُرابِ ، سَيُشْبِعَكْ
مـِنْ أَيّ شَيءٍ تَشْـتَكِي ؟
و"اللهُ" وَحــدَهُ مَـنْ يَرَاكَ وَيـَسـمَـعَـكْ
اللهُ وحـدهُ مَـنْ يرَاكَ وَيَسْمَعَكْ
بقلم/ حامد حفيظ/ ليبيا