لغتنا الجميلة
في علم العروض و القافية
في عيوب القافية
لا شك أن شعراءنا على علم كامل و تام بعيوب القافية ، الا أنه يبقى هناك العديد أو الكثير من الشعراء المبتدئين و الشباب الذي قد يفوتهم الكثير من علم القافية و شروط البناء عليها أو بناء القصيدة .. لذا فقد توجهت اليهم لتبيان هذه العيوب في مقالات علها تفيدهم و تكون طريقا لهم في تبين السلوك الصحيح في قرض الشعر .
و أول هذه العيوب
" الا قواء "
كنا تحدثنا في بحوث سابقة ، عن القافية و الأحرف التي تتألف منها ، و أنواعها و الشروط الواجب توافرها ، لتكون خالية من العيوب المكروهة .
و سنتحدث اليوم عن ما لايجوز للشاعر ، و عن العيوب التي قد تقع في القافية ، و التي يتوجب على الشاعر الابتعاد عنها .
تقسم القافية الى ثلاثة أشياء : أصول و حروف و حركات .
فالأصول هي : المتكاوس , المتراكب ، المتدارك ، المتواتر و المترادف . و سميت كذلك وفقا لحركات حروفها ( و قد تحدثنا عنها تفصيلا في بحوث سابقة )
و الحروف هي : الدخيل و التأسيس و الردف ، و الخروج و الوصل و الروي . ( تكلمنا عنها أيضا سابقا )
و الحركات : التوجيه و الاشباع و الرس و الحذو و النفاذ و المجرى
أما العيوب التي ترد على القافية ، و هو ما يهمنا في هذا البحث فهي أربعة ، وهي : الاقواء ، و السناد و الايطاء ، و الاكفاء ، و أضيف اليها خامسا وهو التضمين ، وهو أن البيت لا يتم معناه ، الا بالبيت الذي يليه ‘ وهو من عيوب الشعر المكروهة .
وقد أورد أحد الشعراء هذه العيوب في أبيات :
القوافي مخمسات ثلاث ... حركات و أحرف وفساد
فابتداها رس وحذو و اشبا...ع و مجرى و في النفاذ العتاد
و الحروف الروي و الردف و التأ... سيس و الوصل و الخروج العماد
و العيوب الايطاء و الاقواء والاكــ ... ــفا و فيها التضمين ثم السناد
و سنتحدث اليوم عن الاقواء ، وهو عيب يقع في حرف الروي من القافية ، و قد علمنا ما هو حرف الروي في مقال سابق .
و الاقواء هو تغيير حركة حرف الروي بين بيت و الأبيات اللاحقة ، و هو عيب كان يقع قيه العديد من الشعراء ، حتى فحولهم ، ومنهم النابغة الذبياني في قصيدته المشهورة " المتجردة " و التي يقول في مطلعها :
أمن آل مية رائح أم مغتدي ... عجلان ذا زاد و غير مزودِ
زعم البوارح أن رحلتنا غد .. و بذاك خبرنا الغداف الأسودُ
و الغداف : هو الغراب .
ونلاحظ أن البيت الأول ، جاء حركة حرف الروي فيه على الكسر ، بينما في البيت الثاني جاءت حركته على الضم .
و قد نُبه النابغة الى ذلك مرارا ، فلم ينتبه ، حتى دخل يثرب ، فطلبوا من قينة أن تغني له هذه القصيدة ، على أن تبطئ في غنائها للبيت لدى وصولها الى هذا العيب ، فانتبه الى ذلك ، و قام بتصحيح البيت كما يلي :
زعم البوارح أن رحلتنا غد ... و بذاك تنعاب الغرابِ الأسودِ
و قال :
دخلت يثرب و أنا ألحن في الشعر ، و خرجت منها و أنا أشعر الناس .
و هذا ما حدث أيضا للفرزدق حيث يقول مادحا الخليفة عبدالملك بن مروان :
مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصب كنـديف القطن منثورِ
على عمائمنا تلقى و أرجلنا ... على زواحف تزجى مخها ريرُ
و كلمة رير : تعني رقة في المخ .
نلاحظ أن لفظة " منثور " جاءت في البيت الأول ( على الخفض ) و أن لفظة " رير " جاءت في البيت الثاني ( على الرفع )
قال ابن أبي اسحق للفرزدق مشيرا الى لفظة رير : أسأت ! فموضعها رفع .. وان رفعت ، أقويت ( مشيرا الى عيب الاقواء ) .
عندها قام الفرزدق بتغيير عجز البيت على الشكل التالي :
على زواحف تزجيها محاسيرِ
حيث أتي بلفطة مخفوضة الروي لتتناسب مع روي البيت الأول .
لذا لم يعد يسمح للشعراء ، بوقوع هذا العيب في أشعارهم ، مع أنه قبل ذلك ربما كانوا يتجاوزون عنه .
اذن فان الاقواء ، هو اختلاف حركة الروي بين بيت و آخر ، وهو من عيوب القافية .
....
خالد ع . خبازة