شآم
شآمُ قلبي وقلبي اليوم مُحتَرِقٌ
أنَّى الحياةُ إذا ما قلبيَ احترَقا
رَضَعتُ منها عُيونَ الشِّعرِ في دَنَفٍ
واليوم جَفَّت مآقي البَوحِ فاختَنَقا
طُوبى لأهلٍ بأرضٍ كلُّها عَبَقٌ
يَشتاقُ ساحتَها ما أَنّ و انسحَقا
تهدي مساجِدُها عُميًا إذا نَهَلوا
معنى السَّماحَةِ مِن أجراسِها انطلَقا
يا ويحَ نفسٍ إذا مِن مائِها حُرِمَت
معنى الشُّموخِ لها في مائِها غرقا
فيهِ الحياةُ وهذا الدَّهرُ يَشهَدُهُ
والموتُ فيهِ إذا ما أَمنُها اختُرِقا
أعطَت دروسًا لها في العلمِ مَنبعهُ
نَبعُ الصَّفا والهدى مِن شامِنا انبثَقا
يا دُرَّةً ما لها في البحرِ مِن صَدَفٍ
والبحرُ يَخجَلُ من عِزٍّ لها سُرِقا
هذي دمشقُ لأرضِ العُربِ عاصمةٌ
قد صَانَها ربُنا زادَ البها ألَقا
فيها النُزولُ لعيسى كي يكونَ بها
نَهجُ البدايةِ ... مما ضاعَ وانخَرَقا
لو يعلم الناسُ ما في الشامِ من حِكَمٍ
لاجتازَ عاقِلُهم في حُبِّها طُرُقا
والياسمينُ شعارُ الشامِ نَعشَقُهُ
تَهفو إليهِ نفوسٌ زادَها عَبَقا
تحكي الحجارةُ في أسواقِها قِصَصًا
لو خَطَّها المَجدُ كُتبًا رَقَّ وانعَتَقا
مَن حَبَّها مِن صَميمِ القلبِ لانفجَرَت
منهُ العيونُ وجادَ الصخرُ وانفَلَقا
يا حَبَّذا لَثمَةٌ مِن تُربِ شامَتِنا
تروي فؤادًا ولولا الشوقُ ما نَطَقا
لو كان لي أحرُفٌ قَدرَ النُّجومِ لما
قد زادَ في شامِنا مِن قَدرِها طَبَقا
قد بُحتُ بالجَلَلِ المَخزونِ في كَبِدي
اما الكثيرُ لها في مُهجَتي عَلِقا
يا شامنا مالنا لم نَصفُ مِن كَدَرٍ
هل غَرَّنا طامِعٌ فانفَكَّ ما رُتِقا
أجدادُنا صَنعوا أمجادَ أمَّتِنا
ما بالُنا نَنتَقي أجلافَ مَن سَبَقا
يا ربَّنا بالذي أرسلتَهُ حَكَما
أدرِكِ فَذي فِتَنٌ مَن أَمَّها انزَلَقا
واحفَظ لنا شامَنا ياربَّنا أبدًا
واختِم لنا بالهُدى واهديهِ للرُّفَقا
مصطفى محمد كردي