مضت ستون من عمري
د زهير الزميلي
مضت ستون من عمري ومازالت
أماني العمر بالأوهام تغشاني
كفى يا قلب إشعالا لأوردتي
كفى إنّي لنور الله أشجاني
فكم قلّبت أياماً حوت لهبي
وكم سافرت في بحرٍ بأحزاني
تناديني قوافي العمر صاخبةً
وتحسب أن في الرغبات تحناني
أنا يا عُمْرُ قد فارقت أهوائي
وفي ذِكْري لغير الله خُسراني
وحسبي بعض خلّان أُسامرهم
بحالي أو بأحوالٍ لأقران
مضيت بدرب من كانوا على هَدْيٍ
وسرت بكلِّ إصراري وإيماني
وكنت أجول في دربٍ بدا وَعِراً
وأمضي عاليَ الامالِ والشانِ
فأحمل هَمَّ إنسانٍ إذا يكبو
وأحمل همَّ أوطاني وإخواني
و لي فخرٌ بأني في الهدى نجمي
وأن ساهمت في حفظٍ لقران
وأن داويت مكروباً ومحزوناً
وأن أسلمت ناصيتي لإحسان
وأن أحببت أقواما لوجه الله
لم أقصد بحبي غير ديّان
وحب الله لي زادٌ بلا نضبٍ
وحبُّ محمّدٍ في الطهر أحياني
مضيت ولم أزل أمضي بلا كللٍ
فدرب الحق موصول بأكوان
رأيت الحق في شمسٍ وفي قمرٍ
جعلت منازل الإصرار تهواني
وفي الأفكار كم أحرقت ساعاتي
بها أرجو تراقي كلّ إنسان
فكان الوهم في نَهَمٍ يلاحقنا
وكان الجَورُ ممزوجاً بألوان
نعم قد كانت الأيام أوجاعا
ولا زمنٌ بها يكفي لعَتبان
سأرحل لست في جزعٍ ولا هلعٍ
برحمة رب هذا الكون إيماني
وأمضي نحو موعودي على أمل
بأن منازل الجنات عنواني
فلا تنسوا صحاب الدرب صحبتنا
ولا يا صاح بعد البون تنساني
وتنسى حاجةً في الغيب أطلبها
دعاءً منك أن أحظى بغفران