رائِحَة الصَّنَوبَر ...
بقلم : الشاعر إحسان الخوري
دَعَوْتُهَا إِلَى غَابَةِ الشَّربينِ والصَّنَوْبَرِ ..
اِبْتَسَمَتْ ..
هَزَّتْ رَأْسَهَا مُوَافِقَةً ..
أَمْسَكَتُ يَدَهَا ..
جَرَّبَتْ مَعَي بَعضَ الخُطُوَاتِ ..
ثُمَّ تَوَقَّفَتْ ..
هَمَسَتْ أَُحِبُّكَ ...
كانت عَيْنَاها لَا تُشْبِهَانِ الأَلْوَانَ ..
هُمَا بِلونِ رَائِحَةِ الصَّنَوْبَرِ ..
تَسَمَّرَتْ الأبْجَديَّةُ عِندَهُما ..
ربما نَسَينا النُطقَ وحُروفَهُ ..
فاجَئَتْ يديَّ كُلَّ مُفرَداتي ..
دَاعَبْتْ بِلُطفٍ خَدَّيْهَا ..
لَامَسَتْ أَصَابِعي شَفَتَيْهَا ..
تَوالدَتْ نَظراتُنا بِسُرعَةِ الألفِ ..
جَسَدَيْنا إقتَربا الى نُقطَةِ الصِّفرِ ..
أَغْمَضَتْ عَيْنَيْهَا ..
رَاحَتْ تَربَتُ بِأَصَابِعِهَا عَلَى ظَهري ..
فأطبَقَ الصَّمْتُ هُنَيهاتٍ ..
هَمَسَتْ بَعدَها بِشيءٍ مِنَ اللمَسَاتِ ..
تَدَفَّقَتْ أُنوثَتُها ..
سَالتْ كَالنَّبِيذِ المُعَتَّقِ ..
عَضَّتْ على اللهَبِ ..
قَبَّلْتُهَا بِشَوقِ كُلَّ الأَيَّامِ ..
غَرِقَتْ القًبلاتُ ..
لَمْ نَحسُبْ الزَّمَنَ ..
حَتَّى تَخَدَّرَتْ أشْياؤنا ..
ومَلأَ السُّكونُ كلَّ التَّفَاصِيلِ ...
خُصُلَاتُهَا رَاحَتْ تُودِّعُنِي ..
تُشَيِّعُها نَظَراتي الوَدودَةِ ..
فَخَبَّئتُ الزَّمَنَ بِسِيجَارِي ..
نَفَثْتُ الدُّخَانَ أهمِسُ لِنَفْسِي ..
أَتَعْرِفِينَ ... ؟
يُؤْلِمُنِي جِدَّاً حُضُورُ الفِرَاقِ ..
هل سَأَفْقِدُ كُلَّ أَحَاسِيسِي ..!
فَتُصبِحُ جُثَّةً عَلَى الطَّرِيقِ ..
تُرَى هَلْ سَيَأْبَهُ المَارُّونَ ..!
أو رُبَّما الجُثَّةُ مابَرِحَتْ حَيَّةً ..!
لِتَروِيَ لهم حِكَايَةَ العِشقِ ..
حكايةَ تِلْكَ القُبْلة عَلَى عُنْقي ..
وَالَّتِي سَأُمَرِّرُهَا طَوِيلاً فِي ذَاكِرَتِي ..
وَأُحَمِّلُهَا عَلَى كُلٍّ ذِكْرَيَاتِي .....
من ديواني الرابع : نِسَاءٌ من شَمعِ