حول الحب
قالوا عن الحبِّ الكثيرَ وإنما
أصلُ الهوى ماكان في الأحشاءِ
نارٌ بها يذوي الوجودُ بلحظةٍ
نورُ الحياةِ وبهجةُ الأحياءِ
لولا الحرارةُ ماتَ بردُ شعورِنا
فالحاءُ تحلو باقترانِ الباءِ
سِرٌّ به تحيا القلوبُ كأنما
سِرُّ السّعادةِ في اتحادِ الرّائي
لا شأنَ للعقلِ الجليلِ بقُدسهِ
جَلَّ الخفيُّ عن اعتقالِ النّائي
فالحبُّ قُربٌ والعقولُ بعيدةٌ
شتانَ بين مُلّوَعٍ ومُرائي
من كان في كَرمِ الحبيبِ فقلبهُ
كأسٌ يدارُ بخمرةِ الأسماءِ
فالحكمُ للسُّكرِ الذي فيه البقا
أما الكؤوسُ فحكمُها لفناءِ
في جنّةِ الفردوسِ منشأُ حُبِّنا
فالروحُ راحَت عند صَبِّ الماءِ
شَهِدَت بعينِ بصيرةٍ شمسَ الأنا
فتوحّدَت أنُّاتُها بإنائي
وتبخّرَت سُحُبُ القطيعةِ جُملةً
وتجمّلَت بعد النّدى بنِدائي
ففهمتُ أنّي لم أزل في ظِلِّها
وعرفُت كوني فانيَ الأفياءِ
هذي المحبةُ في الضلوعِ ضليعةٌ
أما التي صفةُ الغِوى بحِذائي
لا تستوي دُرَرُ الغرامِ بشهوةٍ
تلك الثّريا والسِّوا بثَرائي
الصّدقُ في بَذلِ النّفوسِ سبيلُها
والنّفسُ في ذُلٍّ مع الإغراءِ
آفاتُ وهمٍ في الورى لمّاعةٌ
لِينُ الأفاعي بَدؤها لبلائي
ثم اجترارٌ فارغٌ لسَفاسِفٍ
في خَتمهِ عَضُّ اللَّمى ببُكاءِ
وخِتامُ أهلِ الحبِّ صفوةُ خُلّةٍ
وصَفيّةٌ بعد الهدى بحِرائي
مصطفى محمد كردي