مجلة موسيقى الشعر العربى للشاعر/أحمد الشبراوى محمد

امرأةٌ من دُخان

 

ما أبلغنيه هُدهُد

ولا ذكّرني به نوحُ حمامة 

أنَّ لي وطناً آخرَ من دُخان . . . 

خارطةً داكنةً تلتهمُها مجامرُ 

كُلّما خَبتْ 

أطعموها ما خُلقَ بأحسنِ تقويم . . .

دانيةً . . .

داراً للخلدونيّة !

يتصاعدُ ستراً لبقايا ما تركهُ التّتار . . .

نهاياتٌ أستنشقُها 

داءَ زمنٍ في داخلٍ

باتَ طَللَاً يستجدي وقوفاً بدموع . . .

تصبغُهُ شكوى ناءتْ بها أجنحةُ الرّياح . . .

أيُّها الدُّخانُ الروحُ

كنتَ قبلَ هذا هبةً من الله على أرضِه . . . 

أنتَ مقبرةُ أرواحٍ 

نسخةُ بلدي المُحترقة . . .

دونَها نارُ النمرود 

الأخدودُ 

روما 

ستانليغراد . . .

لا تقرأُها إلآ عيونُ الرّب !

الذين وِلدوا على كفِّ الطّين

تنفّسوا رائحتَهُ السّمراء . . .

عيونُ القَتلةِ لا تَقْرَأ

لها أنْ تُبصرَ العالمَ مقلوباً تجرُّهُ سَلَقُ الشّيطان . . .

شاهدٌ أنت

ليس لحمّالةِ حطبٍ أنْ تخفي وجهاً تعرفُه . . .

أي هذا

ماذا أردتَّ أنْ تصنعَ بضليلٍ لا يحملُ في جنبيهِ إلأ الذي هو عِشق 

سلخوا جلدي 

وما سلخوه . . .

عِرْقٌ يجتثّهُ ملكُ الموْتِ وينبتُ في يدِه . . .

يكون . . .

إذا الشّمسُ وِلِدتْ بيومِها مرّتين !

تقولينَ ما غرّني منكَ يوماً بيتُ غزل . . .

حبيبتي 

عيناكِ 

ليلٌ يغرَقُ بظمأِ سنين عِجاف . . .

هُما استفهامٌ

أفقدُ في جوابهِ مجاديفي 

أغرق . . .

ما كانَ للكَرَزِ أن يتناهى لوزتيْنِ إلأ هُنا . . .

هل لما بعدَ الحُسنِ أن يتكوّرَ قبّتيْنِ لا تتمُّ في محرابٍ بينَهما لراءٍ صلاة ؟

أتنفّسُكِ هوْراً سومريّاً 

يعزفُ للنّشوء . . .

‌أجنيكِ رَطباً من باسقةٍ على شطِّ العَرب . . .

حينَ تخطرينَ بين بساتينِ جيكور 

أخالُكِ تُحيينَ ميّتَ الفَنَن . . .

أشمُّ فيكِ ألفَ شهرزاد

لولا ديكُها الذي لا يسمحُ بمزيد . . !

تميلُ بكِ الهوادجُ على نغمِ الحُجازِ بمنعرجاتِ روحٍ مُتعبة . . .

أُحُسُّكِ قصيدةً تشقُّ دمي طفولةً 

تَرقَبُ هلالَ عيدٍ 

سلبَهُ الإخشيدي من عيونِ (مُحسّد) !

أسمعُكِ لحناً يخرجُ من أوتارِ (منير بشير) ضوءاً مسموعاً

صَدحَاً فيروزيّاً في سلّةِ الصّباح . . .

كنتُ أرى

وأرى

وأرى . . .

لكنَّني الآنَ لا أرى سوى امرأةٍ من دخان 

حالَ بيني وبينَها سيْلُ العَرْم !

لا أستودعُكِ بغدادَ كما ابنِ رشيقٍ فَعَل . . .

بغدادُ تعضُّ على شفتيْها آلامَ طَلْق

أخفتْ وجهَها بحُضنِ العبّاسة . . .

أتقبلينَ أن يّكونَ هذا المُعنّى لكِ داراً ؟

فقد دارَ دورتَهُ المريرةَ واستقرَّ باليمين . . .

رُبَما ستريْنَني يوماً في سماءِ بلدي سحابةَ دُخانٍ

ليس لها في مقبرةٍ قَبْر !!

. . . . .

عبد الجبار الفياض

17/1/2017

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 24 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2017 بواسطة ah-shabrawy

أ/أحمد الشبراوى محمد

ah-shabrawy
نريد أن نرتقى بالشعر العربى وموسيقاه ونحمى لغتنا العربية من التردى فى متاهات عولمة اللغة تحياتي الشاعر والاديب / أ.أحمد الشبراوي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

402,126