( أوجــــاع شاعـــر صعيدي )
ذهبتُ إلى الطبيبِ أبثُّ حالي
وأشكو ما أجدْهُ من الليالي
أراني يا طبيبُ كلَّ يومٍ
أسيلُ الدمعَ من عيني الشمالِ
أُعانى من آلامٍ مبرحاتٍ
وقلبٍ باتَ مفتونًا بسالي
وعقلٍ صارَ مجنونًا برضوى
وفاطمةٍ كبدْرٍ منْ هلالٍ
أُنَادِى بطَّةً تأْتيْكَ رضوى
كأنَّ العشْقُ منْ وحْى الخيالِ
أهيمُ بحبِّها عنْدَ التلاقي
وأخْشى فراقَهَا عندَ السِّجالِ
وإنْ مالتْ لِحُمِّصَ ذاتَ يومٍ
دفنْتُ القْلبَ في بطْنِ الرِّمالِ
وأصواتٍ تقعْقِعُ في مُخَيْخِي
أراها الآنَ قدْ قفزتْ ببالي
وهمٍّ لا يفارقني بتاتًا
ووسواسٍ يحطّمُ في آمالي
وأنفٍ لا يشمُّ رحيقَ زهرٍ
ولا يدرى القبيحَ من الجمالِ
ومرِّيءٍ يردِّدُ منْ صليلٍ
ويلْفظُ دائمًا دمَّ السُّعَالِ
وتنْميلٍ بأطرافِ الأيادي
كأنِّي قدْ قربْتُ من المآلِ
ولو أدركتَ ما يجرى بصدري
لغيَّرْتَ التَّخصُّصَ في مجالي
خصوصًا بعْدَ أنْ تَدْرى بأنِّي
كرهْتُ الطبَّ في أيدي الرجالِ
فقلْ لي يا طبيبُ جُزِيْتَ خيرًا
أكيفَ .. تُجيبُ مثْلى عنْ سؤالي ؟
فقالَ ليَ الطبيبُ وكادَ يبكى
لقدْ أمسيتَ في مرضٍ عُضَالِ
فَداؤكَ ما درسْتُ لهُ علاجًا
وإنْ وُجِدَ العلاجُ فذاكَ غالى
فخذْ أوزانَ قافيةٍ لبحرٍ
مُفَاعَلتنْ مُفَاعلتنْ فِعَالٍ
وكفَّرْ عنْ ذنوبِكَ يا مَرِيْضِي
بحفْظِ جميعِ ما كَتَبَ الغزالي
وإيِّاكَ القطيعةَ والتجافى
وهتْكَ العِرْضِ في نصفِ الليالي
وحاولْ يا مَرِيْضِي كسبَ قوتٍ
تكدُّ عليهِ منْ رزقٍ حلالِ
فواظبْ ثمَّ واظبْ ثمَّ واظبْ
وقدِّمْ كلَّ جُهْدٍ للْمَعَالي
وناضِلْ في هَذِى الدُّنْيَا كثيرًا
ولا تخْشَ الصعودَ إلى الجبالَ
( أتهْزأُ يا طبيبُ وتزْدريني )
وتأْخذُ جَدَّ أمْرِي بالتسالي
وقدْ عَلِمَتْ جميعُ الخلْْقِ أنِّى
أبيْتُ الليلَ لَمْ أُطْعِمْ عيالي
كأنِّي في الحياةِ رفيقَ سُوءٍ
يحاولُ قطْعَ أوصالَ الحبالِ
شفائي يا طبيبُ ... أَبَاتَ لُغْزًا ؟
أتقْبلُ أنْ أعيشَ على الضَّلالِ؟
أتقْبلُ أنْ أذوقَ الذُّلَ دومًا ؟
لأنَّ الفقرَ يقْبعُ خلْفَ مالي
فدعْكَ .. أيا طبيبُ .. منْ علاجي
فعلْمُ اللهِ لا يتلوهُ تالٍ
وخذْنِي يا طبيبُ بقدْرِ عقْلِي
فقدْ أخْطأْتُ في طَلَبِ المُحَالِ
شعر/ حمودة سعيــــد محمـــود
الشهير بحمودة المطــــيرى