يَوْمياتُ عابر سَبيـل..
********
1)..
شاخ الزّمان على عتبات النّزل.. وتورّدت وجنات الخجل.. والحياء..في باحاتها وأروقتها..
وغزا الشّيب شابّا نشأ وترعرع في طاعة الله.. من فرط حيرته إزاء ما رآه في شواطئ البحر.. وحافات المسابح التّرفيهيّة..وتحت المظلاّت الواقية من لهيب الشّمس الحارقة.. وخلف أبواب غُرف المصائف والجولات..
إنّه.. خريف العمــر.. في عزّ الصّيـف.. يا ..متأبّطا قرطاسك.. وقلمك.. في بُرجـك العــاجـيّ..
***
2)..
"..كما تكونون.. يُوَلّى عليكم.."
جاب الفيافي.. والبراري.. وتاه زمنا في شوارع المدن.. وأزقّتها الضّيقة.. واحتسى ألف قهوة .. وقهوة.. وشايا.. وعصيرا..
لم يبق في ذاكرته سوى سؤال واحد:
لماذا تختلف الخدمات والحريف واحد؟..
ففي مُدنهم.. الحريف.. أمير مُؤمّر.. والنّادل.. خادم.. خَدُوم..
وفي بلدتي.. الحريف.. مهموم.. مأزوم.. مذموم.. والنّادل.. مُقذع.. لَجوج..
يتهادى.. يتمطّى.. يتمايل.. يظنّ أمثاله في الدّنيا قلائل..
تطلبُه.. فلا يُـلبّي.. وتسأله.. فلا يُجيب.. وإنْ ألحَحْتَ.. يخاصمك.. ويؤذيك..
.. إنّه القهر.. يا تائها.. في مدن السّراب..
***
3)..
''شاف قمح النّاس...''**
حلّ فصل الصّيف.. فكان موسم الهجرة إلى الشّمال.. والشّرق.. الكلّ اتّجة إلى السّواحل النّاعمة.. والشّواطئ الحالمة.. والمدن المزدحمة.. إلا من رُفِعَ عنهم القلم..
مرّت أيّام.. وأسابيع.. وبدأت قوافل المصطافين تتقاطر.. جماعات.. جماعات..
الكلّ عاد.. وفي قلبه.. شيء من حتّى..
الكلّ يُمَنّي النّفس ببيْع الغالي والنّقيس..
والاستقرار .. هناك.. بلا رجعة..
إنّه الطّمع.. يا سادة.. بل إنّه الغُبن.. إنّها.. مرارة قهْر السّنين.. وظلم .. مَنْ مَيّزوا دهْرا بين الجهات.. وأهدَوْنا- بدل التّنمية- ألوَانا من الإفك والتّفقيــر.. والتّدجيل.. والتّهميــش..
..
(يتبع)..
ــــــــــــــــ
''شاف قمح النّاس...بزّع شعيراته''**: (مثل شعبي تونسي..بمعنى عندما رأى ممتلكات غيره الثّمينة.. ألقى بأمتعته جميعها..).
******
منير صويدي..