ثَمِلٌ
دعني وكأسِ النّوى فالقلبُ ذا ثَمِلُ
فقد دهانيَ حِملٌ دونَهُ جَبَلُ
عالَجتُ في مُهجَتي نارًا فَبِتُّ لها
مثل الصّريعِ بحُزنٍ حينما ارتحلوا
ضَنّوا عَلَيَّ بدمعٍ من سماحتِهم
وعينُ قلبيَ دمعٌ بَعضهُ الهَطِلُ
ساروا بعيدًا وولّى إثرَهم كبدي
والرّوحُ تَلحَقُهم والنّفسُ والمُقَلُ
مَرّوا كما سُحُبُ الأيامِ في عَجَلٍ
فما رُويتُ بغَمرِ الطَّلِّ إن هَطَلوا
شَدّوا رِحالًا وخَلّوا فيَّ بِذرَتَهم
فأنبتَت هَلَعًا يُرمى بهِ رَجُلُ
ما أسرعَ الهجرَ في تجهيزِ قاتلةٍ
وأبطئَ الوَصلَ في إحياءِ مَن قَتلوا
ماذا جَنيتُ بعِشقٍ غيرَ حُرقَتِهم
إني ابتُليتُ فصَبرٌ خَصمهُ الأملُ
ضَيَّعتُ في عَسَلِ الأوهامِ أزمِنةً
واليوم يَختِمُها من لَسعِها الأجَلُ
خاطَبتُ مِن عَتَهٍ أطلالَ ناكِرةٍ
وما أراهُ يُجيبُ الأحمقَ الطَّلَلُ
قَبَّلتُ مِن عِلَّةٍ لَحدًا بهِ ولِدَت
وهل تَطيبُ بلَثمِ المَيِّتِ العِلَلُ
قالوا جنونٌ بمَسِّ العِشقِ خاتِمَتي
وهل شُفيتُ و حُبّي بَدؤهُ الخَطَلُ
أبكيتُ قوميَ من إشفاقِهم فغَدَوا
كالأمِّ حانِيَةٍ مِن بعدِ ما عَذَلوا
ما تُبتُ مِن وَلَهٍ مازالَ يَنهَشُني
إن جاءَ يَنحَرُني فالرّوحُ تَمتَثِلُ
مصطفى محمد كردي