في فبراير مِن عام 1984 وكُنتُ في الثلاثين مُقيمًا في مأدبا بالأردن ، وحينَ كُنتُ أستَقِلُّ الحافِلَةَ مِن عمَّان إليها ، راحت طِفلَةٌ جَميلَةٌ في نحو الرَّابِعَة تَقِفُ على المقعدِ الأمامي ، فلا تكادُ تَبينُ - لِقِصَرِها - تداعِبُني فتَرفَع رأسها مرَّةً وتَخفِضُه مرَّةً وتميسُ ذاتَ اليَمينِ وذاتَ اليسار وتُخرِجُ لسانَها وتَتَلَمَّظُ بشَفَتَيها وتُرَأرئُ لي بعينَيها الخضراوَين ، فبادَرتُ بنَظمِ هذه الأبيات قبلَ أنْ تَتَفَلَّتَ فورَ نزولي :
رَفرِفي كالشَّمـسِ لا
بَـــلْ كَضَوءِ القَبَـــسِ
شَدَّ ما يَحلـــو السَّنا
بَيــــنَ جَهمِ الغَلَــسِ
طِفـــلَةً يا قَلــبُ هــا
كالحَيــــا المُنْبَــجِسِ
فَوقَ قَعقـاعِ الصَّفــــا
تَحتَ عَينِ السُّندُسِ
رِقَّــــةُ الأنـــْــداءِ في
فَمِهــــــــا المُقْتَبَـسِ
واختِـــلاجاتُ السَّنـَــا
في دَدَاهــــا المُؤنِسِ
مـــــا أُحَيـــْــلاهــا إذا
أخلَـــــــدَتْ لِلْمَنَــسِ
واستَباحَتْ طفـْـــــرَةً
لِلظِّبــــَـــاءِ الشُّمَّـسِ
كالفَــــراشاتِ فَـــدَت
لَــمسَةَ المُلتَـــتـمِسِ
أو مُوَيجــــــاتٍ نَــــزَت
هائِجــــــاتِ الهَـــوَسِ
أينَــــــــعَ الــوَردُ علَى
خَـــدِّهــا لِليَـــــــبَسِ
شَعْــــشَعَتٍ صَهبـاءَهُ
وَقـْــــــــــدَةٌ لِلَّـــعَـسِ
وِظِــــلالُ الـــدَّوْحِ في
طَــــرفِهـا المُختَلِــسِ
قَد صَبـــا النَّسمُ إلى
شَعـــرِهــا المُرتَـعِسِ
مُسْتـــثَارِ المُهـْـرِ في
ضَبــــْـــحِهِ لِلفَــــرَسِ
وَمُحَيـــَّــاهـــا حِمَــى
خِفَّـــــــةِ المُبْتَــــئِسِ
يَـــجْثمُ الـرِّجْسُ لَـدَى
طُهـْــــــرِهِ بالبَـلَــــسِ
كُـــــلُّ مَـــأزومٍ مَــدَى
رَمْقِـــــــهِ لِلسَّلَــــسِ
رُبَّ جِــــــرْمٍ يُــــزْدَرَى
قَـــــــدرُهُ بالــــشَّوَسِ
فــــــــاقَ في إقلالِــهِ
راسِخـــــاتِ الأسَــسِ
إنَّنــِـي في ظِلِّــــــــها
مُسْتَطـارُ النَّــــــــفَسِ
كُــلَّـــــــــما زِدتُ رَوًى
مِنْ رَناهــــــا أمتَسي
(محمد رشاد محمود)
.........................................
الدَّدا : اللَّهوُ واللَّعِب .
المَنَسُ : النَّشاط .
اللَّعَس : سوادٌ مُستَحسَنٌ في الشَّفَة ، واللعساء التي في لونها أدنَى سوادٍ مُشَرَّبَةٌ مِن الحُمرَة .
المُرتَعِس : المُرتَعِشُ .
البَلَس : مَنْ لا خَيرَ عِندَهُ .
الشَّوَسُ : النَّظَرُ بِمؤخِر العَينِ تَكَبُّرًا أو تَغَيُّظًا .
الرّنا : إدامَة النَّظَرِ بِسكون الطَّرف .
أمتَسي : أعْطَشُ .
نشرت فى 25 نوفمبر 2015
بواسطة ah-shabrawy
أ/أحمد الشبراوى محمد
نريد أن نرتقى بالشعر العربى وموسيقاه ونحمى لغتنا العربية من التردى فى متاهات عولمة اللغة تحياتي الشاعر والاديب / أ.أحمد الشبراوي »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
401,997