لمقــالــة الاولــى نــبــذة عن T.S. Eliot و الشــعر الانجــليــزى
بـــقـــلـــم
د/ طــــــارق رضـــــوان
نبذة عن حياة (1888 – 1965) T.S. Eliot
وُلد توماس ستيرنس إليوت في سانت لويس بالولايات المتحدة الأمريكية، ودرس في جامعة هارفارد، وفي جامعة السوربون في باريس، وفي جامعة أكسفورد في بريطانيا. وفي عام 1914 م، استقر في لندن. وفي عام 1927م أعلن أنه من الرعية الإنجليزية وأنه اعتنق المذهب الكاثوليكي، وناصر الملكية واعتمد الأسلوب الكلاسيكي في الأدب.
لفتت قصائد إليوت انتباه الشاعر الأمريكي عزرا باوند في الفترة التي كان فيها إليوت موظفاً إدارياً في أحد المصارف، فشجعه وأجرى بعض التعديلات على قصائده. نشر إليوت آراءه الأدبيّة في مجلته الأدبية الدستور بين عامي 1922 و 1939. عمل إليوت في دار نشر في لندن من عام 1925 م حتى وفاته.
إسم لامع في الأدب الإنجليزي .. إشتهر بقصيدته الرائعة "الأرض اليباب" أو "الأرض الخراب 1922 " التي علق عليها الشاعر العراقي "بدر شاكر السياب" قائلاً: "أنها نقد لأذع للرأسمالية على لسان أحد أبنائها". تلك القصيدة كانت صيحة مدوية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث بدت كالمرآة التي تعكس الوجه القبيح للحضارة الغربية ، والدمار الذي حاق بأوروبا إبّان الحرب العالمية. إنها تجسيد حقيقي للإنهيار الأخلاقي والروحي لتلك الحضارة.
ولكن أبلغ ما في القصيدة إضافة للمعاني التي احتوتها ، فهو التصوير الفني الذي يستخدمه "إليوت" لبث أفكاره. فقد إستهل القصيدة بصورة فيها كل التناقض والتنافر، إستهلها برغبة إنسان ظلامي ، يؤرقه فصل الربيع والأمل "أبريل" معتبراً إياه أقسى شهور العام .. فهو يبعث زهور الـ " Lilacs" الذابلة ويبث فيها الحياة ، حيث الحياة مصدر للإحباط والآلام العظيمة.
كان إليوت يستمد رؤيته الشعرية من تهاوي القيم ..قيم أوروبا التي كانت تتباهى بالثورة الصناعية ، أوروبا التي كانت تتباهى بنهضتها الفنية والأدبية .. كل ذلك كان بلا قيمة بالنسبة له. نظرته المتشائمة حيال الأوضاع السائدة من حوله جعلته يصور أوروبا أكثر قتامةً وبؤساً .. أوروبا التي تملك القوة تفتقر للحكمة التي تدير بها تلك القوة. هناك حيث جذور الاشحار كأذرع الأخطبوط ، والمعرفة ذرات مهشمة ، والأشجار لا تمنح ظلالاً ، كل ما هناك صخور حمراء بلون الدم ، ظلالها مرعبة. هناك يمكن أن ترى ما لا تتوقع .. وتسمع ما لا تصدق، الخوف.. الخوف من الفناء .. الخوف من المجهول.
كان ذلك إيذاناً بظهور مدرسة جديدة في الشعر الإنجليزي يعتبر "إليوت" أحد روادها ، ولكن الراعي الحقيقي لهده المدرسة هو الشاعر الأمريكي الأصل "عزرا باوند" ، وهو الذي مد يد العون لـ "إليوت" وكثير من شعراء المدرسة المحدثة في الشعر الإنجليزي. ومن سخرية القدر إن "عزرا باوند" وُجهت له تهمة المعاداة للسامية إبان الحرب العالمية الثانية ، حيث تم القبض عليه وهو يعمل في إحدى إذاعات البث التابعة لـ "موسليني" ، وبعد محاكمته في الولايات المتحدة أودع في مصح للأمراض العقلية.
أنواعه. يُقسَّم الشعر الغربي إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
الشعر الغنائي
والشعر القصصي
، والشعر المسرحي.
والأول هو أكثر هذه الأنواع شيوعًا، ويشمل ألوانًا عديدة، منها القصيدة الغنائية (الأود)، ومنها المرثية والسوناتة، ومنها الهيكو ذات الأصل الياباني، التي تعدُّ أقصر الأشكال الغنائية، إذ تتألف القصيدة من سبعة عشر مقطعًا.
وفي الشعر القصصي، يتميز نوعان رئيسيان. أولهما الملحمة، وهي نوع يروي عادة حكاية الأبطال، أو قصص الصراع بين الإنسان وقوى الطبيعة. ومن أشهر الملاحم الإلياذة و الأوديسة اللتان يعزى تأليفهما للشاعر الإغريقي هوميروس. والنوع الثاني من الشعر القصصي هو القصيدة القصصية التي تروي قصصا قصيرة، ويركز كل منهما على شخصية معينة.
وقــد استـُـخدم الشـعر في كتابة المسرحيات الإغريقية القديمــة وفــي مســرح عصــر النهضة في أوروبا، كما هو الحال في مسرحيات وليم شكسبير. ومن فنون الشعر المسرحي أيضًا المونولوج المسرحي، وهو قصيدة على لسان شخصية واحدة.
عناصره:
من أهم عناصر الشعر الغربي الوزن والإيقاع. والمقصود بالوزن النسق الذي يسير عليه الإيقاع في قصيدة معينة، أما الإيقاع فهو الانسياب مع التكرار. وكثيرًا ما يخرج الشاعر عن الوزن بتغيير الإيقاع في بيت من الأبيات، كما يستغني معظم الشعر الغربي الحديث أحيانًا عن الوزن استغناءً تامًا.
ويختلف الوزن باختلاف اللغة التي يستخدمها الشاعر، ففي الإغريقية القديمة، مثلاً، يعتمد الوزن على الصوائت الطويلة والقصيرة، بينما يعتمد في الشعر الإنجليزي على أحد عوامل ثلاثة: أولها عدد مقاطع الكلمات، إذ يكرر الشاعر العدد نفسه في كل بيت، أو تقسم القصيدة إلى مجموعات من الأبيات، فتتبع كل مجموعة المنوال نفسه، أي يتماثل عدد المقاطع في البيت الأول من كل مجموعة، ثم في البيت الثاني وهكذا. والعامل الثاني في وزن الشعر الإنجليزي هو عدد المقاطع المنبورة في البيت الواحد، أو في مجموعة الأبيات. أما العامل الثالث فهو عدد التفعيلات. وبما أن التفعيلة الواحدة تتكون من عدد محدد من المقاطع المنبورة والمقاطع غير المنبورة، فمــن الواضح أن هذا العامل الثالث يجمع العاملين الأولين معـًـا. وأكثر التفعيلات استعمالاً في الشعر الإنجليزي العمبقي خماسي التفاعيل.
العنصر الثاني في الشعر هو الأصوات. وتُعتبر القافية أبسط العوامل الصوتية التي تكوِّن الموسيقى الشعرية. وبسبب طبيعة معظم اللغات الغربية، قلما تستخدم قافية واحدة في القصيدة، وإنما تتعدد القوافي، وكثيرًا ما ترد وفق نسق معين يطلق عليه اسم خطة القافية، فخطة القافية (أ أب ب أ)، مثلاً، تدل على مجموعة من خمسة أبيات، يتبع الأول والثاني والخامس منها القافية نفسها (أ)، بينما يتبع الثالث والرابع قافية أخرى (ب)